بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

السبت، 3 ديسمبر 2011

السكوت من ذهب!

صرح السيد برهان غليون، رئيس ما يسمى "المجلس الوطني السوري" في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية بان حكومة سورية جديدة بقيادة المعارضة في البلاد، ستقطع العلاقات العسكرية لسوريا مع إيران وتنهي إمدادات الأسلحة للمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط مثل "حزب الله" وحركة المقاومة الاسلامية "حماس"... وأكد أن سوريا ستواصل التزامها استعادة هضبة الجولان المحتلة من إسرائيل، لكنها ستركز على مصالحها من طريق المفاوضات عوض اللجوء الى النزاعات المسلحة.
كان تشكيل "المجلس الوطني السوري" خطوة بإيقاع مختلف عن تطور حركة المعارضة السورية الداخلية. فقد تدخلت دول عديدة حتى جمعت مختلف مكونات هذا المجلس. أو بعبارة أخرى، فتشكيل هذا المجلس هو نتاج تآلف قوى عربية ودولية معادية للنظام السوري القائم حالياً. وليس لها علاقة (هذه القوى) لامن قريب ولا من بعيد بأي مطالب يرفعها الشعب السوري الذي يتعرض للإرهاب على أيدي أجهزة قمع النظام. كما وأن ردود فعل المعارضة الداخلية بأكثريتها لم تكن مؤيدة لهذا المجلس للأسباب التي سبق ذكرها إضافة إلى سبب جوهري هو معارضة أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية. فما أن تشكل هذا المجلس حتى بادر إلى طلب التدخل الخارجي، وكأني به قد شُكل من أجل تشريع التدخل الخارجي. ولم توافق المعارضة الوطنية الداخلية على هذا المطلب. من أجل ذلك، فليس من المستغرب أبداً أن يسارع غليون إلى إعلان عدائه لإيران التي تساند المقاومة الفلطسينية والتي تساند حزب الله. وكيف يقدم غليون أوراق اعتماده للغرب إن لم يكن بإعلانه العداء للمقاومات التي أعادت الأمل إلى شعوبنا باستعادة حقوقها من مغتصبيها. أما عن الجولان فهو يريد استعادته كما استعاد عباس الضفة الغربية!؟ ولم يكن غليون بحاجة لهذه الإعلانات لأن طريقة تشكيل المجلس الوطني الذي يرأسه لن تفرز إلا هكذا مواقف. فليت أنه سكت، لأن السكوت من ذهب.

لقد اعتبرنا أن تشكيل المجلس السوري يستدعي خطوة من النظام اتجاه المعارضة الداخلية. فتذكَر التجربة الليبية يستدعي الحذر من تشكيل المجلس السوري، خاصة وأن المجلس الإنتقالي الليبي كان الممر للتدخل الخارجي والذي أدى إلى المجازر المعروفة بحق الشعب الليبي والتي أودت بحياة عشرات الآلاف على أيدي قوات الناتو السيئة الذكر. أما التفرج على ما يحصل من دون القيام بأي عمل سوى القمع، لن يساهم في حل الأزمة السورية حتى مع الدعم الروسي المرهون بسعر مؤات لتغيير مواقفه.

المطلوب الآن، ومن دون إبطاء، المسارعة إلى الإفراج، من قبل النظام، عن جميع المعتقلين على خلفية الإنتفاضة السورية، والمسارعة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة أحد رموز المعارضة، والمباشرة بمباحثات جادة ما بين النظام والمعارضة الوطنية السورية على الخطوات التي ينبغي القيام بها من أجل تأمين السلم الأهلي، ومحاكمة جميع المجرمين الذين قتلوا الشعب السوري. كما وأن من واجبات هذه الحكومة المسارعة إلى إصلاح الإقتصاد السوري بحيث يؤمن مصلحة الناس وليس مصلحة حفنة من المتاجرين بعرق الشعب. إضافة إلى قانون عصري للأحزاب وقانون عصري للإنتخابات يؤمن الإصلاح الذي يطالب به المواطنون السوريون...

إن خطوات كهذه سوف تساهم بإعادة الأمن والإستقرار إلى القطر السوري. أما الإعتقاد أن الوصول إلى تفاهم من دون تنازل من مختلف الأطراف، فهذا يعني الإستمرار باللعبة الجهنمية التي لن تنتهي إلا بتهشيم جميع الأطراف بدون أدنى شك. والخاسر الوحيد سوف تكون سوريا.

3 كانون الأول 2011 حسن ملاط