بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 30 سبتمبر 2010

الفرصة الأخيرة

الفرص لا تنتظر أحداً

كان الرئيس رفيق الحريري، عندما يختلف مع سورية أو مع حزب الله ينكفىء، أي يعود إلى المشهد الخلفي، من غير أن يعلن على الملأ عن الخلاف مع هؤلاء أو أولئك. لأنه عندما كان يعود إلى المشهد الخلفي كان يعمل بتؤدة على ترميم التباين حتى ينطلق من جديد. كان الرئيس رفيق الحريري يعلم أن حكم لبنان يتطلب علاقات مميزة مع سوريا وتعاون مع المقاومة وحزب الله. وفي الفترة ما قبل العملية الإجرامية التي أودت بحياته، كان الرئيس رفيق الحريري على نقاش مستمر مع السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله. وكان موضوع النقاش كيفية حكم البلد. وكلنا يعلم أنه ترك الحكم نتيجة خلافه مع سوريا وحزب الله. ومع هذا لم تسؤ علاقاته لا مع سوريا ولا مع حزب الله. ما من أحد إلا ويعلم أن الرئيس رفيق الحريري كان يلقب وزير خارجية سوريا، لدفاعه عن سوريا في الأوساط الدولية التي كانت علاقاته فيها ممتازة.

الرئيس سعد الحريري يعلن على الملأ أنه لن يتخلى عن حلفائه. هذا الإعلان يبدو للوهلة الأولى صحيحاً، ولكنه ليس كذلك. فالشعار الصحيح أنه لن يتخلى عن حلفائه ما دام هذا التحالف يخدم البلد. ولكن عندما يتبين أن هذا التحالف يشكل خطراً على الوطن فعلى الرئيس سعد الحريري أن ينصح حلفائه السير في الإتجاه الذي يخدم الوطن وإلا سيضطر للتخلي عنهم لمصلحة العباد والبلاد. فالشعار الأول ليس شعاراً سياسياً يحمله سياسي من الطراز الأول، أي رئيس حكومة البلاد.

المحكمة الدولية تريد أن تصدر قراراً سياسياً باتهام عناصر من حزب الله باغتيال الرئيس المغدور رفيق الحريري. كما وأنها لم تناقش ولا هي أرادت أن تناقش القرائن التي أتى بها السيد حسن نصر الله، علماً أن العدو قد أقر بصحة هذه القرائن. وهذا الأمر بات بشبه المؤكد بعد أن أعلن عن ذلك السيد وليد المعلم وزير خارجية سوريا. هذا الاتهام لا تتحمله الساحة اللبنانية. ولنسلم جدلاً أن الرئيس سعد الحريري ليس فاعلاً على صعيد المحكمة الدولية، أي أنه لا يمكنه لا أن يؤجل هذا الإتهام ولا أن يلغيه. ولكن بإمكانه أن يفعل الكثير من أجل المحافظة على الساحة اللبنانية الداخلية من غير توترات. وبوصفه رئيساً لحكومة لبنان، عليه أن يحافظ على هدوء هذه الساحة لما فيه مصلحة الوطن بأكمله. ليس هذا وحسب، بل عليه ايضاً ان يحافظ على التفاهم على صعيد الحكم أيضاً.

إن الرئيس سعد الحريري، عندما لا ينظر إلى الأمور التي تحافظ على الإستقرار على الصعيد الشعبي وعلى الصعيد الحكومي، يغامر بمستقبله السياسي، علماً أنه غير مضطر لذلك. إن المحافظة على التحالف مع جعجع وسعيد وسمير فرنجية وعطا الله لا تستأهل المقامرة على مستقبل البلاد والعباد. والأمر في غاية البساطة، إما أن يلتزم هؤلاء بما يؤمن مصلحة البلد، إما التخلي عنهم. ولن تذرف السماء دمعة واحدة عليهم. نحن لا نقيم موازنة بين المصلحة الشخصية ومصلحة البلد. ولكن يبدو الآن أن هناك تماهياً بين المستقبل السياسي للرئيس سعد الحريري والهدوء في البلد على المستويين الشعبي والحكومي.

لماذا لا يكون موقفاً تاريخياً للرئيس سعد الحريري يعلن من خلاله أنه كولي لدم الرئيس رفيق الحريري وكرئيس لحكومة لبنان وجميع اللبنانيين، أنه لا يتهم حزب الله و عناصر من حزب الله بالجريمة المنكرة. إن من تولى تحرير الأرض لا يمكن أن يقتل من شرعن عمل المقاومة في سنة 1996 . هذا أولاً ثم يطلب ثانياً من المحاكم اللبنانية محاكمة شهود الزور، الطريق إلى معرفة المجرمين الحقيقيين لمحاكمتهم . وبعدها يجتمع الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله لتنفيس جميع الاحتقان التي سببته وتسببه المحكمة الدولية وأولياؤها الأمريكان.

هذه هي الفرصة التاريخية. اللبيب هو من يحسن اقتناصها. الفرص لا تنتظر أحداً مهما علا شأنه.

30 أيلول 2010 حسن ملاط

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

خيارات

خيارات ما قبل الانفجار

لقد كان لافتاً دخول السفير الفرنسي في بيروت السيد دوني بييتون على خط الخلاف الداخلي اللبناني من خلال تصريحه لجريدة النهار البيروتية والتي نفته الخارجية الفرنسية. ونفي الخارجية هو الذي أضفى أهمية إضافية على هذا التصريح، كما وأعطاه مصداقية مضافة.

ماذا قال بييتون؟ جاء في صحيفة "النهار"نقلاً عن السفير الفرنسي: "أن توجيه الاتهام إلى عناصر من "حزب الله" لن يغير شيئا في تعامل فرنسا معه ولا لجهة رفض وضعه على لائحة الإرهاب الأوروبية، وهو ما اعترضت عليه في الماضي (فرنسا) وستعترض عليه في المستقبل إذا ما طرح مجددا".

لقد كان التعامل مع هذا التصريح مقتصراً على جانب واحد منه، وهو الجانب الذي يتحدث عن القرار الظني. وتم إغفال الجانب الآخر وهو الجانب الأخطر في التصريح، والذي يركز على استمرار التعاون مع "حزب الله"، ولكن أي حزب الله؟

إن دخول المحكمة الدولية في بازار تصفية المقاومة المسلحة للكيان الصهيوني كان هو التطور اللافت بعد انتصار المقاومة الاسلامية على الكيان الصهيوني في حرب تموز 2006 . لم يتمكن تحالف أمريكا والكيان الصهيوني مع أطراف لبنانيين من تحقيق انتصار ما على حزب الله، فكان لا بد من التفتيش عن مكان آخر يمكنهم فيه تحقيق انتصار محقق على الحزب والمقاومة. فكانت المحكمة الدولية. تم اختيار الضحية الأولى وهي سوريا(بحيث أنها حليفة للمقاومة) بعد أن تم سحب جيشها من لبنان، على افتراض ضعف موقفها. ولكن هذا الخيار لم ينجح فتم تحويل الاتهام في وجهة أخرى تريح الكيان الصهيوني أكثر بكثير من اتهام سوريا. وكان اتهام حزب الله. وتم تسريب هذا الكلام عبر جريدة ال"لوفيغارو" الفرنسية و ال"دير شبيغل" الألمانية، وذلك لرصد ردود الأفعال. إن اتهام حزب الله يؤمن مكاسب مضاعفة للعدو. هذا الاتهام يؤدي إلى فتنة داخلية ويؤدي بالتالي، إن أمكن، لاسمح الله، إلى القضاء على سلاح المقاومة. وهذا ما تريده إسرائيل. إن أهم عامل في نجاح المقاومة في انتصارها على إسرائيل هو الوحدة الداخلية. فالقضاء على هذه الوحدة يكاد يوازي انتزاع سلاح المقاومة.

يريد المجتمع الدولي أن يضع المقاومة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التخلي عن السلاح من خلال القبول بالذهاب إلى المحكمة الدولية، أو التخلي عن السلاح بالقبول بأن الجناح المسلح في الحزب هو المتهم في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والخياران كما نرى ليسا قضائيين، إنما سياسيان بامتياز.

ما هو المطلوب إذن؟

هناك ثابتان، الأول هو الحفاظ على المقاومة وسلاحها. والثابت الآخر هو الحفاظ على السلم الأهلي. أما تقديمنا للمقاومة وسلاحها فهو تأكيد للمؤكد. فالمقاومة هي التي حافظت على لبنان وجوداً وكياناً، في مجابهة العدوان الاسرائيلي الذي يريد الكثير من لبنان. فهو يريد مياهه ويريد توطين الفلسطينيين فيه ويريد أيضاً فكفكة اللحمة القائمة بين أبنائه حتى يصبح كياناً مفككاً يمكن القضاء عليه ساعة يشاء الكيان الصهيوني. ولكن المقاومة الاسلامية بنجاحها بدحر العدو تمكنت من القضاء على جميع هذه المخططات كما وتمكنت أيضاً من الحفاظ على الكيان اللبناني.

أما السلم الأهلي فهو جوهر وجود لبنان، وهو الذي يساعد المقاومة ويمكنها من الانتصار مجدداً على العدو الصهيوني عندما يريد هذا الأخير أن يعتدي على لبنان.

هل من إمكانية تؤمن الحفاظ على المقاومة وحماية السلم الأهلي في نفس الآن؟

ما من أحد في لبنان إلا ويريد معرفة الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما ويريد أيضاً محاكمة قتلته أيضاً وإيقاع العقاب الذي يستأهلونه. ولكن كل ما تقدم يتطلب أن تكون المحكمة التي تقوم بمحاكمة هؤلاء محكمة نزيهة، محكمة يفرضها الشعب اللبناني. لامحكمة يهربها حفنة ممن يُشك بولائهم للوطن. إن المحكمة الدولية جاءت لاتهام الطرف الذي يعيق مخططات الادارة الأمريكية وإسرائيل. هذه المحكمة، المسماة دولية غير مؤهلة لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري. من هنا وجب التفتيش عن خيار آخر.

إن الرئيس سعد الحريري هو رئيس حكومة لبنان. وهو بصفته هذه، عليه أولاً الحفاظ على لبنان، ومن ضمن مهامه معرفة قتلة الرئيس رفيق الحريري ومحاكمتهم. ومن يعتقد أن الرئيس الحريري في الحكم من أجل المحكمة الدولية والمحافظة عليها يكون مخطئاً. فعندما تكون مهمة هذه المحكمة القضاء على أسس الكيان اللبناني تصبح مهمة رئيس مجلس الوزراء الحفاظ على لبنان وليس على المحكمة. من هنا فالموازنة المطروحة هي معرفة الأولوية لمن للمحكمة الدولية أم للحفاظ على لبنان. من البديهي أن يكون جواب رئيس مجلس الوزراء هو الحفاظ على لبنان.

هل هذا يعني التخلي عن التفتيش عن المجرمين، قتلة الرئيس الحريري؟ بالطبع كلا!

تتسلم المحاكم اللبنانية ملف الشهود الزور وتتولى محاكمتهم وإصدار الأحكام العادلة بحقهم وبحق الذين فبركوهم وحرضوهم. هذه بداية طريق محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري. ثم تتسلم المحاكم الوطنية القرائن التي جاء بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وتدرسها باتجا معرفة المجرمين الحقيقيين وتحاكمهم وتُصدر الأحكام العادلة بحقهم. وهكذا نحافظ على العدالة وعلى الوطن.

نحن اللبنانيين، نريد الحفاظ على المقاومة، المقاومة بأظافر حادة تؤذي الأعداء. كما وأننا نريد إحقاق حكم العدالة بحق قتلة الرئيس رفيق الحريري. كما ونريد رئيساً لحكومتنا يؤمن لنا ما نطلبه.

الرجال التاريخيون هم أولئك الذين يصنعون الحدث، أولئك الذين يصنعون التاريخ. هل هناك ما يمنع الرئيس سعد الحريري من التوجه إلى اللبنانيين ويقول لهم أنه تخلى عن وهم أن المحكمة الدولية تأتي بالحقيقة، وأن القضاء اللبناني هو وحده من يؤمن العدالة لورثة الرئيس رفيق الحريري، وللشعب اللبناني. هل هناك ما يمنعه من أن يقول للبنانيين أن مهمته كرئيس لمجلس وزراء لبنان تحتم عليه أن يحافظ على لبنان، كل لبنان. هذه هي المواقف التاريخية، التي تجعل من الشخص شخصية تاريخية!

27 أيلول 2010 حسن ملاط

السبت، 18 سبتمبر 2010

مجابهة الفتنة

مجابهة الفتنة
"والفتنة أكبر من القتل"
"قرأن كريم"
مخطىء من يعتقد أن لبنان محصن ضد الفتنة. ومخطىء أيضاً من يعتقد أننا لسنا بحاجة ماسة إلى العمل الجاد لدرء الفتنة. وأسوأ مما تقدم أننا نرى أن الفتنة باتت على قاب قوسين أو أدنى.
ماذا هناك؟
لقد تمكن الرئيس السنيورة، خلال سني حكمه، أن يورط لبنان بمطبات يكاد من المستحيل الشفاء منها، وأهمها المحكمة الدولية التي أقرت تحت البند السابع التي تجعل لبنان تحت انتداب المجتمع الدولي. وأهم مفاعيل هذه المحكمة تخريب العلاقات السورية اللبنانية لمدة خمس سنوات عجاف، والأهم الثاني تخريب السلم الأهلي اللبناني بسبب اتجاه المجتمع الدولي إلى اتهام "حزب الله" والمقاومة بقتل الرئيس رفيق الحريري. وقلة قليلة من الذين لا تحركهم الغريزة المذهبية والطائفية الذين بإمكانهم الإقتناع بما تريد أن تذهب إليه المحكمة الدولية. لماذا انتقل الإتهام من سورية إلى حزب الله؟ لأن إسرائيل لم تتمكن من الانتصار على المقاومة في عدوان تموز 2006 ، فأصبح لزاماً على المجتمع الدولي إكراماً لإسرائيل وحليفتها الأساسية الولايات المتحدة الأمريكية، أن يفتش عن ذريعة ما تمكنه من التخلص من سلاح المقاومة المظفرة.
إذن الإتهام الدولي هو ذرائعي وليس قضائياً. من هنا بات لزاماً علينا التعامل مع هذا الإتهام على هذا الأساس. وحزب الله ليس مخطئاً عندما يشن معركة مفتوحة على امكانية اتهامه الذرائعي. ولكن لا بد من النظر إلى كيفية قيادة هذه المعركة المحقة وماذا جرفت معها من مشاكل.
لقد اعترف الرئيس الحريري بعد عودته من اجتماعه الرمضاني مع الرئيس السوري بشار الأسد بأن شهود الزور قد ورطوا لبنان بخلافات مع الشقيقة سوريا، ومع شعبها وقيادتها. واعترف الرئيس الحريري أن دور شهود الزور كان سلبياً على الصعيد الداخلي. كما وأن الرئيس الحريري لم يعلن أنه لن يوافق على محاكمة الشهود الزور. ماذا يعني هذا؟ إن هذا يعني أن هذه النقطة قد تُركت لمفاوضات بينية تضم الرئيس الحريري إلى السيد حسن نصر الله ينتج عنها إتفاقاً يقضي على الفتنة من جذورها. ولكن لأسباب نجهلها تم التعامل مع تصريح الرئيس الحريري لجريدة الشرق الأوسط بشكل أقل ما يقال فيه أنه لا يتناسب مع ما قام به الرئيس الحريري. واحتقن الجو أكثر بعد أن أدلى جميل السيد بحديثه الصحفي المشهور والذي "قطع فيه وشلح" بالنسبة للرئيس الحريري بشكل لا يتناسب مع ما يمثل الرئيس الحريري على صعيد مجتمع لا يعترف إلا بالطوائف. و أيده حزب الله في موقع كان عليه أن لا يتدخل بالشكل الذي تدخل فيه. هل علينا أن نخرب لبنان كرمى لعيون جميل السيد؟ ونحن متفقون أن من الخطأ خراب لبنان كرمى لعيون الرئيس رفيق الحريري.
"أصدر "حزب الله" أمس بياناً تناول فيه الاجراء القضائي في حق اللواء السيد وذلك بعد 48 ساعة من اتخاذه، ومما جاء في البيان: (...) فوجئنا باستخدام القضاء في خدمة الصراع السياسي من خلال ما أعلن عنه من قرار يتعلق باللواء السيد. اننا في حزب الله نعتبر القرار الصادر قراراً سياسياً بامتياز وعنواناً للقمع والترهيب لكل مظلوم يصرّح بالحقيقة في هذه المرحلة، نرفضه بشدة وندعو الى التراجع عنه بسرعة. أما اقامة العدالة فتقضي أن يسارع القضاء اللبناني الى وضع يده على شهود الزور ومصنعيهم الذين ادخلوا لبنان وسوريا في متاهة مظلمة كادت ان تودي بالجميع (...)".وتحدثت معلومات عن تجمع شعبي سينظم اليوم في مطار بيروت الدولي لدى عودة اللواء السيد من باريس. وفيما بثت قناة "أو تي في" التابعة لـ"التيار الوطني الحر" ان "صالون شرف صغيراً أعد" لاستقباله، نفت مراجع وزارة الخارجية التي تعطي الاذن بفتح صالون الشرف ان يكون تدبير كهذا قد اتخذ.وقد استبق السيد عودته ببيان لمكتبه الاعلامي جاء فيه انه "تقدم بمراجعة الى محكمة التمييز الجزائية لدى مجلس القضاء الأعلى لتنحية النائب العام التمييزي سعيد ميرزا عن منصبه ووضعه في التصرف نظراً الى الخصومة الشخصية بينه وبين اللواء السيد (...)".
هذا ما صرح به حزب الله في هذا الجو من الاحتقان الذي أوجده جميل السيد من خلال تهديده العلني للرئيس سعد الحريري. هذا الجو رآه تيار المستقبل مثالياً حتى يبث فيه دعاياته المذهبية: "وكان لكتلة "المستقبل" موقف من بيان "حزب الله". ففي تصريحين للنائبين عمار حوري وزياد القادري عضوي الكتلة لـ"النهار"، أبديا ملاحظات أولية على البيان. فقال النائب حوري: "أن اسلوب حزب الله يمارس التهديد فهل يبحث عن فتنة؟ وهل يدافع عن الشخص الذي هدد رئيس الحكومة بما يعنيه رئيس الحكومة في لبنان؟ وهل ان الحزب الذي له لون مذهبي يدعم من هدد الزعيم السياسي للسنة في لبنان؟ لقد بلعنا كذبة 7 ايار بأنها كانت بسبب شبكة الاتصالات، فما هو موقع جميل السيد بالنسبة الى المقاومة وحزب الله؟ نحن مصرون في النهاية على ان للقضاء دورا يجب ان يقوم به وهناك دولة يجب ان نحافظ عليها". ورأى النائب القادري "أن البيان الصادر عن حزب الله يكشف عن الجهة التي تستهدف مفاعيل القمة العربية الاخيرة في بعبدا والمنحى الايجابي الذي تسلكه العلاقات اللبنانية – السورية". وأشار الى ان هجوم اللواء السيد وبعده هجوم العماد ميشال عون "يظهران ان سوريا ليست وراءهما بل من أصدر أمس بيان الدفاع". ولاحظ "أن المستور انكشف في الاجتماع الاخير للجنة المال والموازنة عندما جرت الدعوة الى تغيير المشهد الذي نشأ بعد 14 شباط 2005. فاذا كان التغيير عبر الانتخابات غير وارد بعد نتائجها عام 2009، فهل هناك اتجاه الى اعتماد العنف وسيلة لهذا التغيير؟".وأصدرت الامانة العامة لـ14 آذار بيانا اعتبرت فيه ان بيان "حزب الله" يمهد "لانقلاب" ودعا الحكومة والقضاء الى "عدم التراجع".
إن ما جعل حزب الله يأخذ هذه المواقف الحادة التي تنسجم مع خطورة ما تمهد له المحكمة الدولية هو خوفه من تمييع قضية شهود الزور. وهذا ما أشار إليه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم: " ولفت الى ان هناك من يريد تمييع ملف شهود الزور، ويضع العراقيل أمامه، ويقدم طروحات هامشية ليؤجل موضوع شهود الزور علَّ التطورات تجعل من هذا الملف ملفا غير قابل للفائدة او للفعالية. نحن لا نقبل التأجيل ولا نقبل ربط هذا الملف بأي ملف آخر، بل نعتبر ان فتح ملف شهود الزور هو الذي يساعد على كشف الحقيقة، وبغير فتح هذا الملف لا حقيقة في لبنان حتى لو ادعى البعض أنه يمتلك معطيات يمكن ان تؤدي الى نتائج مهمة".وأضاف: "لدينا علامات استفهام كبرى. ماذا ينتيظر هؤلاء الذين يريدون تمييع ملف شهود الزور؟ وما هي الوعود التي أخذوها من جهات مختلفة دولية واقليمية من أجل الترويج لإبعاد هذا الملف عن المتابعة الحقيقية؟". وتساءل: "لماذا يقوم بعض اللبنانيين بحملة منسقة ومدروسة لابعاد التهمة عن اسرائيل؟ ولماذا لا يريدون أن تتجه الانظار الى اسرائيل كجان ومرتكب؟ أدعو بعض جماعة 14 آذار الى ان يكثروا او يبرزوا تصريحاتهم في مواجهة اسرائيل. ألا يرون الانتهاكات الاسرائيلية اليومية بالطائرات التي لا تتوقف عن اختراق الاجواء اللبنانية؟ ألا يرون مخالفة اسرائيل للقرار 1701؟ ألا يرون ان اسرائيل تهدد لبنان دائما وتشكل خطرا جاثما عليه".
هل يمكن الاستمرار في هذا الجو المتأزم الذي ينذر بأسوأ الكوارث؟ بالطبع كلا! فهناك من يستمطر تدخلاً سورياً سعودياً، ربما تبدأ تباشيره في الأيام القادمة. ولكن هل يمكن الركون إلى هذا الجو بانتظار التدخل السوري – السعودي، أم يمكن القيام بما يمكن أن يقضي على ملامح الفتنة الظاهرة؟
نحن نعتقد أن الطرفين الأساسيين في هذا الخلاف، الذي نخشى أن يكون سبباً للفتنة المذهبية، نعني حزب الله والرئيس سعد الحريري هما على حق في ما يسعيان إليه. أحدهما لمعرفة قتلة والده والآخر إلى عدم الخضوع لظلم المحكمة الدولية من خلال قرار إتهامي ظالم. هل يمكن التوفيق بين هذه المطالب: معرفة المجرمين واستبعاد المحكمة الدولية المسيسة ضد حزب الله؟
هناك عوامل عديدة يمكن أن تفيد في هذا المجال:
1 – الاهتمام بما أدلى به السيد حسن نصر الله من معلومات يمكن أن تجعل من إتهام العدو الاسرائيلي باغتيال الرئيس الحريري إمكانية ذات مصداقية على الصعيد القضائي، وعدم التعامل مع هذه المعلومات بالاستخفاف الذي قام به بلمار. من هنا ضرورة تسلم القضاء اللبناني لهذا الملف من غير إبطاء.
2 – المحاكمة الحتمية لشهود الزور الذين خربوا العلاقات الداخلية اللبنانية وخربوا العلاقة مع سوريا قيادة وشعباً. وعدم اللجوء إلى هذه المحاكمة هو بمثابة التعمية عن قتلة الرئيس رفيق الحريري، لأنه ما من أحد يفبرك شهود زور من غير مصلحة له بذلك. إذن يجب محاكمة من وراء هؤلاء من غير رأفة، وعدم التهاون في هذا الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أسوأ النتائج.
3 – حيث أن المحكمة الدولية تخضع للارادة الأمريكية كما نُقل عن مصادر فرنسية، فلا بد من تصحيح هذا الأمر محلياً وذلك من خلال لقاء يُعقد بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
وبانتظار ما يجب أن يحصل لا بد من العمل الحثيث على تبريد هذه الأجواء المشتعلة من خلال تحرك جاد ومن غير إبطاء، تقوم به المعارضة السنية. تحرك يطرح القضايا الحساسة التي ساهمت في تأزيم الجو الداخلي، تحرك يعمل على طرح محاكمة شهود الزور والعمل الضاغط من أجل محاكمة هؤلاء في أسرع ما يمكن، ومن غير إبطاء، حتى من دون انتظار مطالعة وزير العدل في هذا الشأن. إن تحركاً جاداً من قبل المعارضة السنية سوف يساهم جدياً في تبريد الأجواء وسوف تجعل حزب الله ينكفىء لأن هناك في الساحة من يقوم بالعمل الذي يجب أن يُقام به.
إن الحفاظ على الوحدة الداخلية ضروري حتى نمنع العدو الاسرائيلي من حرية الحركة داخل ساحتنا. كما أن السلم الأهلي هو أهم عامل يمنع العدوان الاسرائيلي على بلدنا. إن مسألة تفريغ المحكمة الدولية من مفاعيلها المدمرة لوحدة المجتمع اللبناني ليست مهمة حزب الله وحده، بل مهمة جميع الغيورين على لبنان ومقاومته، وعلى رأسهم المعارضة السنية. هل يتم هذا التحرك؟ أليس الصبح بقريب؟
17 أيلول 2010 حسن ملاط




الجمعة، 10 سبتمبر 2010

اعتذار الحريري

إعتذار الرئيس سعد الحريري
في السادس من شهر أيلول 2010 أدلى الرئيس سعد الحريري بحديث إلى جريدة الشرق الأوسط اللندنية جاء فيه ما يلي: «فتحت صفحة جديدة في العلاقة مع سورية منذ تأليف الحكومة». وتابع: «يجب على المرء أن يكون واقعيا في هذه العلاقة لبنائها على أسس متينة، كما عليه أن يقيم السنوات الماضية، حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة. ومن هنا، نحن أجرينا تقييمنا لأخطاء حصلت من قبلنا مع سورية، مست بالشعب السوري، وبالعلاقة بين البلدين. علينا دائما أن ننظر إلى مصلحة الشعبين والدولتين وعلاقتهما، ونحن في مكان ما ارتكبنا أخطاء؛ ففي مرحلة ما اتهمنا سورية باغتيال الرئيس الشهيد، وهذا كان اتهاما سياسيا».
وعن موقفه من قضية «شهود الزور»، قال الحريري: «حكي الكثير عن موضوع شهود الزور. هناك أشخاص ضللوا التحقيق، وهؤلاء ألحقوا الأذى بسورية ولبنان.. وشهود الزور هؤلاء، خربوا العلاقة بين البلدين وسيسوا الاغتيال».
وعن محكمة الحريري، قال: «لا أريد أن أتكلم كثيرا عن المحكمة، لكني سأقول فقط إن للمحكمة مسارها الذي لا علاقة له باتهامات سياسية كانت متسرعة».
هذا هو التصريح الذي استمطر سيلاً كبيراً من التصريحات والتحاليل. فهو من دون أدنى شك تصريح يحمل الكثير من الأهمية. وأهم ما فيه أن الرئيس الحريري يتطور أداءه في الحكم بحيث ان هذا التصريح يبين أنه قد اصبح رئيساً من الطراز الأول. فهو يتحدث عن تاريخ من الأداء السيء لجماعته بحيث أنهم لفقوا حوادث وأحداث تكاد لكثرة ما صرف عليها من المحابر تبدو وكأنها تعبر عن الحقيقة بجميع أبعادها. وقد تمكن الرئيس الحريري في تصريحه هذا من تجاوز جميع هذه العوائق.
من هو الرئيس الحريري؟
سؤال يبدو وكأنه خارج السياق، ولكنه ليس كذلك. منذ كان الرئيس فؤاد السنيورة ممثلاً لجماعة الحريري في الحكم، تمكن الرئيس المذكور من أن يورط خليفته في الحكم بأفخاخ كثيرة. من هذه الأفخاخ ال 11 مليار دولار، ومنها العلاقة المتوترة مع سوريا، ومنها أيضاً العلاقة المتوترة مع المقاومة و"حزب الله" وغيرها أيضاً. ولكن هذه أهمها. لقد تمكنت المقاومة من تجاوز مسألة شبكة الاتصالات منذ كان السنيورة لا يزال رئيساً للحكومة. ولكن مشكلة الاتهام السياسي لسورية وكل من ليس معاد لسورية بقيت. وهذه المسألة ذات ثقل وازن، خاصة أن إمكانية الحكم في لبنان تتطلب التفاهم مع سوريا، الجار الوحيد للبنان. فتصدي الرئيس الحريري، بوصفه رئيساً لحكومة لبنان، لا بد منه. وقد قام بذلك وتجاوزه إلى مقلب آخر يؤدي فيما يؤدي إليه إلى إمكانية التفاهم مع حزب الله إذا أريد لهذا الأمر أن يمشي في هذا السياق.
نعود إلى السؤال.. إن الرئيس الحريري هو الممثل الوحيد للسنة في لبنان. كما أن ممثلي الشيعة هما حزب الله وحركة أمل، كما أن ممثلي الموارنة هما الجنرال عون والقوات اللبنانية. فالسنة وحدهم عندهم آحادية في التمثيل: فالرئيس عمر كرامي لا يملك من الحيثية لتمثيل جزء من السنة، وكذلك حركة التوحيد الاسلامي وكذلك الجماعة الاسلامية. وكذلك أيضاً عبد الرحيم مراد والنواب السابقون ليس لهم من الحيثية التي تؤهلهم من تمثيل جزء من سنة لبنان. والأهم من كل ذلك أن هذا التمثيل كان برضى جميع القوى التي اجتمعت في الدوحة كممثلة لأطياف المجتمع اللبناني.
من هنا على الجميع التعامل مع سعد الحريري كممثل وحيد للسنة في لبنان. فما يزعج سعد الحريري يزعج جميع السنة في لبنان. فالتخاطب مع سعد الحريري يجب أن يراعي تمثيله الآحادي لطائفته. من هنا، على السنة أن لا تقبل أن يتقدم أحد الصحافيين بخارطة طريق للرئيس الحريري يرسم له فيها المسالك التي يجب أن يسير فيها حتى يحظى بالقبول لدى الرئيس بشار الأسد. فالرئيس الأسد لم يجد سوى فداء عيتاني حتى يسلمه مكمن سره حتى يتصدى هذا الصحفي بمهمة تعريف الطريق السوي للرئيس الحريري حتى يحظى برضى الرئيس الأسد. فعوضاً عن التحدث عن الجرأة التي تميز بها تصريح الرئيس الحريري، رأينا التعامل مع التصريح بهذا الشكل المبتذل. وهذا إن عبر عن شيء فهو يعبر عن جهل مطلق بمعرفة تحليل الأمور.
اليكم هذه العينة: "كان رئيس الحكومة في أحد الخطابات أمام المفطرين في قصره قد قال إنه لا أحد يحدّد له متى يتكلم، ومع ذلك فما إن عاد من دمشق حتى قال ما قاله لصحيفة الشرق الأوسط. وطبعاً، ما قاله لا يكفي العاصمة السورية، التي ربّما هي لا تتابع أيضاً جريدة الشرق الأوسط، وتفضّل أن يعتذر رئيس الحكومة بصيغة مباشرة عن السنوات الخمس الماضيات من التحريض الذي مورس ضدها، وعن الدعوات إلى تغيير النظام في الدولة المجاورة، وعن دوره ودور الرئيس فؤاد السنيورة (الذي أعلنه رئيس حكومتنا خطاً أحمر) في مسيرة جلب الديموقراطية إلى سوريا على الدبابات الأميركية".
واضح جداً كم هو مطلع على دقائق الأمور بحيث يتمكن من حسمها!
وهناك سياسي آخر يصرح أمام محازبين من طائفته يريد أن يشد من عزيمتهم: "سمعنا كلاماً في الايام الاخيرة ولا نرى داعياً الى الاستعجال في التعليق عليه لننتظر حتى نرى كم يصمد هذا الكلام وكيف سيترجم الى افعال في الايام المقبلة، خبرتنا تقتضي منا بعض التريث حتى لا نخطئ في الاحكام". واضاف: "اذا كان هذا الكلام قد ترك انطباعاً مريحاً لدى الناس فنحن نرى انه لا بد قبل التعليق من التريث لنرى كيف ستترجم الاحاديث التي ادلي بها والكلمات التي قيلت".
فهو يريد أن يتريث قبل التعليق إلى ما بعد إجراء الإمتحان "فعند الإمتحان يثاب المرء أو يهان". ليت أن الحريري علم مسبقاً بعدد الذين سوف يمتحنونه، ربما تحضر أكثر من ذلك، أو أنه تريث، أو أنه استشار، حتى لايقع بشر أعماله. ينصحون الناس ولا يريدون أن يستمع أحد للنصيحة. فما قيمة النصيحة إذن؟ عندما يقوم أحد الناس بممارسة صحيحة يجب تقريظه لا إنتقاده حتى يشعر وكأنه اقترف ذنباً.
أما أحد ممثلي التيار العوني، فهو مرابط على "الكوع" يريد إعتذاراً من الحريري! ألم يقترف الحريري ذنباً باعترافه أن اتهام سوريا كان خطأً. هذا الاعتراف يستدعي تسديد فاتورة طويلة.
إن من تريدون منه تسديد جميع هذه الفواتير عليكم، يا أيها السادة، أن لا تكرسوه الممثل الأوحد لطائفته، في مجتمع لا يُعترف إلا بمن ينتمي إلى طائفة. من هنا عليكم إما أن تتجهوا إلى الإعتراف بمواطنية اللبناني ليس من خلال طائفته، إنما من حيث انتماؤه إلى الوطن، أو أن تجعلوا ممثلي الطوائف فوق الشبهات (نحن لا نوافق على هذا الخيار).
إن التعليق الواعي على خطوة الرئيس الحريري هو ذاك الذي ساقه أحد الصحافيين الذين يعملون في موقع التيار الوطني الحر والذي جاء فيه مايلي: "أن رئيس الحكومة إختار جريدة "الشرق الأوسط" السعودية المعروفة للإدلاء باعترافاته البالغة الأهمية، والتي يستحق على أثرها الاعتراف له بشجاعة التراجع عن الخطأ في توجيه الاتهام السياسي المتسرّع الى سوريا "الذي انتهى"، وبإدانة من سمّوا بشهود الزور "الذين ضلّلوا التحقيق" في سياق ما يعتبر خطوة متقدمة على طريق تنقية العلاقات مع دمشق وإزالة أبرز العوائق التي تعترض مسارها، ما رأى فيه المراقبون مقدمة محتملة لخطوة جريئة أخرى في إتجاه "حزب الله" قد تظهر ترجمتها في الأيام القليلة المقبلة".
10 أيلول 2010 حسن ملاط

السبت، 4 سبتمبر 2010

المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية

المفاوضات الفلسطينية الصهيونية الأخيرة

" ولو أرادوا الخروح (الجهاد) لأعدوا له عدة"

"قرآن كريم"

الثالث من أيلول 2010 كان يوماً مشهوداً في تاريخ الأمة العربية والاسلامية. فقد شهد هذا اليوم حدثين بارزين. أولهما يوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام الخميني، زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية، تأكيداً على عروبة وإسلامية القدس وتأكيداً على مسؤولية الأمة جمعاء عن تحريرها من رجس الإحتلال الإسرائيلي البغيض، هي وما حولها من الأرض المحتلة في فلسطين والقضاء على الكيان الغاصب.

وثانيهما هو انطلاق المفاوضات الأخيرة ما بين محمود عباس وجماعته من جهة وممثلي الكيان الغاصب وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو من جهة ثانية، وتحت رعاية من باراك أوباما الرئيس الأمريكي، فرعون العصر، وشاهدي الزور حسني مبارك رئيس النظام المصري وعبد الله الثاني ملك الأردن. ولا نبالغ إذا قلنا أن عباس ومبارك وعبد الله قد جاءوا بناء لمذكرة جلب من أوباما. عباس ليوقع على صك التنازل عن معظم فلسطين لإسرائيل، بمباركة الرئيس والملك.

ما قصة هذه المفاوضات؟

المفاوضات تكون عادة بين طرفين على الأقل أو أكثر، ويكون القاسم المشترك بين مختلف الأطراف هو حاجتهم لإجراء مثل تلك المفاوضات. إذا طرحنا السؤال عن حاجة رئيس وزراء العدو للتفاوض، سيكون الجواب هو عدم حاجته للتفاوض. إذ أن إسرائيل تقوم بجميع ما تراه مناسباً لها ولمستوطنيها ضاربة عرض الحائط بعباس وجماعته غير عابئة حتى بتأمين أي مصداقية له أمام جماهير فلسطينيي الضفة الغربية الذين يرأسهم. فلماذا يفاوض نتنياهو إذن؟ إنه يفاوض لسببين. الأول حاجة الراعي أوباما لهذا التفاوض بقصد تأمين الفوز في الانتخابات النصفية التي سوف تجري بعد شهر في الولايات المتحدة الأمريكية. والثاني إمكانية حصوله على صك تنازل من قبل محمود عباس عن معظم حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين.

لماذا يفاوض عباس؟

إذا أهملنا عامل نهاية ولاية عباس منذ مدة كرئيس للسلطة الفلسطينية، نجد بأنه لا وجود لأي سبب يجعل عباس يسارع إلى التفاوض مع نتنياهو. فهو رئيس منتهية ولايته أولاً ولا يملك أياً من أسباب القوة التي تساعده على التفاوض ثانياً وبوجود إنقسام حاد ما بين الفلسطينيين سواء على الصعيد الشعبي أو على صعيد المنظمات. وحكومته برئاسة فياض تقوم باضطهاد كل مقاوم لإسرائيل (أسباب القوة). فلماذا يفاوض وعلام يفاوض. إذا وضعنا ميزان القوى ما بين عباس ونتنياهو على الطاولة ( والقرارات أو الاتفاقات تكون دائماً تعبيراً عن موازين القوى) ماذا نستنتج؟ الاستنتاج هو أن عباس ليس أمامه إلا التنازل. فلماذا يفاوض إذن؟

سوف نجيب عن هذا السؤال ولكن بعد أن نستعرض ماجرى.

أبو عمادالرفاعي، قائد منظمة الجهاد الإسلامي في لبنان، وهي منظمة مقاومة، وفي حديثه لـقناة "المنـار"، اعتبر أن " ما يجري الآن في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تأكيد لسياسية التهويد والإستيطان اليهودي في القدس"، لافتا الى أنَّ "ما يهدد القضية الفلسطينية هو استمرار اعطاء التنازلات لإسرائيل من خلال المفاوضات المباشرة من الجانب الفلسطيني".

وشدد الرفاعي على أن الجانب الصهيوني ليس في وارد أي حل، والمفاوضات الحالية لن تؤدي الى نتيجة ومصيرها الفشل والسقوط، والحل الوحيد أمام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" هو حل السلطة والتخلص من نتائج وافرازات اوسلو، والعودة الى الخيار الشعبي المتمثل بالمقاومة، والتمسك بالحقوق الفلسطينية دون أي تنازلات، مستغرباً اقتناع رئيس السلطة الفلسطينية بأن تحقق العملية التفاوضية مكاسب للشعب الفلسطيني، وسأل ماذا وراء هذه المفاوضات، هل هي تواطؤ من عباس وبعض الانظمة العربية للتغطية على تهويد القدس ومحاصرتها والتنازل عن الثوابت الفلسطينية، أم أن الاموال الغربية التي تأتي للسطة مهددة بالقطع في حال رفض عباس المفاوضات.

وأكد الرفاعي أن نتائج العملية التفاوضية لا تلزم الشعب الفلسطيني بشيء، وجميع فصائل المقاومة الفلسطينية تؤيد هذا الموضوع، لا سيما أن المقاومة هي الخيار الوحيد للدفاع والتصدي للعدوانية الصهيونية، ودعا شعوب العالم العربي والاسلامي الى دعم خيار المقاومة ومساندة الشعب الفلسطيني في همومه ومعاناته.

أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، أسامة حمدان، أن موقف الحركة واضح في رفض التسوية بإعتبارها عملية تصفية للقضية الفلسطينية وتنازل عن حقوق الفلسطينيين، مشيراً الى أنَّ توقيت هذه المفاوضات أسوأ من أي وقت مضى، إذ أنها تمس أهم القضايا الاساسية والجوهرية من حقوق الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بالقدس والارض والشعب وفي شكل السلطة الفلسطينية وطبيعيتها وسيادتها، ولفت الى أن مصير المفاوضات إما الفشل أو الاستسلام.

حمدان، وفي حديث لـ"الانتقاد"، جريدة إلكترونية تعبر عن رأي المقاومة الإسلامية في لبنان، أوضح أن المفاوضات خيانة سياسية ووطنية هدفها تحقيق مزيد من المكاسب على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية، مشدداً على أنَّ المفاوضات جاءت لحفظ ماء وجه الادارة الاميركية التي تفشل في المنطقة، سواء أكان في العراق أو أفغانستان، لا سيما انها لم تستطع إلزام رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تجميد الاستيطان، فضلاً عن فشلها في المفاوضات غير المباشرة، وأكد أن "الاسرائيلي وجد فرصة جديدة للضغط على طرف مستعد للتنازل، خصوصاً بعدما أبدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "ابو مازن" إستعداده للذهاب الى التفاوض، ولو حصل على واحد في المئة من حقوق الشعب الفلسطيني.

وقال نتنياهو، رئيس وزراء العدو، مخاطبا عباس: "ارى فيك شريكا للسلام، ونحن قادرون معا على قيادة شعبينا الى مستقبل تاريخي يضع حدا للمطالب وللنزاع". وشدد على ان السلام الحقيقي والدائم يتطلب "تنازلات مشتركة ومؤلمة من الطرفين"، وانه مستعد "للسير على هذا الطريق الطويل، خلال فترة قصيرة... وكما تتوقعون منا ان نعترف بالدولة الفلسطينية وطنا للشعب الفلسطيني، فاننا نتوقع منكم ان تكونوا مستعدين للاعتراف باسرائيل وطنا قومياً للشعب اليهودي".
وتناول نتنياهو المتغيرات في المنطقة منذ ان كان رئيسا للوزراء قبل 12 سنة، فتحدث بقلق عن "بروز قوى جديدة في منطقتنا، فقد شهدنا بروز ايران والذين يعملون لمصلحتها وبروز حروب الصواريخ". وخلص الى ان اي اتفاق سلام يجب ان يأخذ في الاعتبار التدابير الامنية ضد هذه الاخطار.

وأما محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته، فقد قال ان المفاوضات ستتطرق الى جميع القضايا المحورية مثل القدس والمستوطنات والحدود والامن والمياه وكذلك الافراج عن المعتقلين "كي ننهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967... لنضع نهاية للصراع ونهاية للمطالب التاريخية". وطالب بالحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية التي نتمسك بها". وكرر التزام الفلسطينيين تطبيق التزاماتهم "واننا ندعو الحكومة الاسرائيلية ايضا الى تنفيذ التزاماتها بوقف كل النشاطات الاستيطانية ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة ووقف كل اشكال التحريض".
ورد على طروحات نتنياهو الخاصة بالاعتراف بـ"يهودية" دولة اسرائيل قائلا انه في 1993 وقع ياسر عرفات واسحق رابين ما يسمى الاعتراف المتبادل بين الفلسطينيين واسرائيل "ووقعت هذه الوثيقة، واعتقد ان فيها الكافي من أجل ان تعرفوا نياتنا الطيبة، نياتنا في ما يتعلق بالاعتراف بدولة اسرائيل".

وافتتحت كلينتون، وزيرة خارجية أمريكا، الجلسة ( جلسة التفاوض بين عباس ونتنياهو) بتذكير المشاركين، وبينهم مفاوضون مخضرمون شاركوا في مفاوضات سابقة، باننا "عبرنا هذا الطريق من قبل، وانتم تعلمون كم هو صعب هذا الطريق امامنا، ومما لا شك فيه اننا سنواجه العقبات والنكسات". وقالت ان معارضي قضية السلام سيحاولون بمختلف الوسائل تخريب المفاوضات، واشارت في هذا السياق الى الهجوم على المستوطنين الاسرائيليين في الخليل. وكررت ما قاله اوباما قبل يومين من ان الولايات المتحدة "لن تفرض الحل"، وان المتفاوضين وحدهم قادرون على اتخاذ القرارات الضرورية للتوصل الى اتفاق. واضافت انه اذا تم التقدم بايمان جيد وحسن نية "فاننا سنكون قادرين على حل كل القضايا الجوهرية في غضون سنة واحدة".
وفي خطوة لافتة، اختتمت كلينتون كلمتها بقولها: "اود ان اتحدث مباشرة الى شعوب المنطقة. قادتكم قد يجلسون الى طاولة المفاوضات، لكنكم انتم الذين ستقررون في نهاية المطاف المستقبل. انتم تحملون مستقبل عائلاتكم وشعوبكم والمنطقة في ايديكم. وكي تنجح هذه الجهود، فاننا نحتاج الى دعمكم والى صبركم". ودعت شعوب المنطقة "الى الوقوف وراء قضية السلام الذي يحتاج الى ابطال في كل شارع وفي كل زاوية... انا ادرك كليا خيبات الماضي، وانا اشارك في ذلك، لكنني اعرف ايضا اننا قادرون على التقدم الى الامام لتحقيق مستقبل مختلف".

وبعد انتهاء جلسة التفاوض الأولى، كشف ميتشل ان الطرفين اتفقا على أن "الخطوة التالية هي في بدء العمل على التوصل الى اتفاق اطار للوضع النهائي". وقال ان هدف هذا الاتفاق هو "وضع التسويات الجوهرية الضرورية للتوصل الى تحقيق الاتفاق الشامل الذي سينهي النزاع ويقيم السلام الدائم بين اسرائيل والفلسطينيين". وبعدما أشار الى ان الطرفين هما اللذان اقترحا هذا الهدف الأولي ووافقا عليه، أوضح ما يعنيه بعبارة "اتفاق اطار"، انه "ليس اتفاقا موقتا، وهو أكثر تفصيلا من اتفاق اعلان مبادىء لكنه أقل من اتفاق سلام كامل...".
وأفاد ان ممثلين للأطراف الثلاثة اجتمعوا في قاعة أخرى تحضيرا للجلسة الثانية في 14 ايلول، وأن الاتصالات في هذا الشأن ستستمر في واشنطن وفي المنطقة خلال الفترة الفاصلة بين الجلستين الاولى والثانية. ووافق ميتشل على ما قاله نتنياهو عن دور ايران السلبي في المنطقة، قائلا ان لسياسات ايران تاثيرا على المفاوضات، ورأى ان الدور الايراني يجب ان يكون حافزاً اضافيا للتوصل الى حل. وجدد التزام واشنطن تحقيق السلام الشامل الذي يشمل سوريا ولبنان.

ومن الجدير ذكره أن محمود عباس قد أكد أنه لن يخسر شيئاً بالتفاوض إذا لم تنجح المفاوضات. في الوقت نفسه أكد الرئيس أوباما أنه في حال انسحب عباس من المفاوضات فسوف يكون هو الخاسر الوحيد.

هذه هي الصورة التي عكسها الإعلام للمفاوضات المباشرة بين عباس وفريقه ونتنياهو رئيس وزراء العدو.

كان الإنعكاس الأول لهذا التفاوض هو اجتماع الفصائل المقاومة في غزة وتوصلها إلى قرار توحيدي: وأكد أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام أن اجتماعا عقد في غزة قبل يومين ضم 13 من الأذرع العسكرية لفصائل فلسطينية تم الاتفاق من خلاله على تنسيق الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل بهدف افشال المفاوضات.

وقال أبوعبيدة في مؤتمر صحفي في غزة إن هذه الفصائل وحدت صفوفها لشن هجمات أكثر فعالية ضد إسرائيل، ولدى سؤاله هل يشمل ذلك تفجيرات انتحارية قال "كل الخيارات مفتوحة".

من ناحية ثانية استهجن ابو عبيدة في البيان المشترك الذي تلاه في المؤتمر الصحفي "حملة الاعتقالات التي تقوم بها السلطة في رام الله" وأضاف "لن نقف مكتوفي الايدي امام هذه الممارسات" وتابع "ندعو السطة لوقف هذه الحملة قبل فوات الاوان".

وقامت حماس بعمليتين في الضفة الغربية، الأولى بالقرب من الخليل قضت فيها على أربعة مستوطنين والثانية بالقرب من رام الله. وقد اعتقلت سلطات فياض حوالي 450 مقاوماً.

أما في الأرض المحتلة (إسرائيل) فقد شدد منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية اللواء ايتان دانغوت على أهمية استمرار العزلة بين قطاع غزة والضفة الغربية وأعلن في الوقت ذاته أن إسرائيل لن توافق على توسيع الصادرات من غزة من دون إعادة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية إلى المعابر بين القطاع وإسرائيل.

ومن جهة ثانية، كشف النقاب امس في تل ابيب عن انّه بالتزامن مع انطلاق قمة واشنطن لاطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية بمدينة رام الله المحتلة وبين حكومة بنيامين نتنياهو، صادَقَت ما تسمى بلجنة تخليد ضحايا الاعمال العدوانيّة في بلديّة الاحتلال في القدس على انشاء مقرّ قطري جديد لمنظّمة زاكا (التي تُعْنَى بانتشال ضحايا الكوارث الطّبيعيّة والسياسية، والعاملة بموازاة شرطة اسرائيل ونجمة داود الحمراء) في حيّ الشّيخ جرّاح، بحيث سيشتمل المقرّ على قاعة ضخمة لتبريد وحفظ جثث الضحايا، اضافة الى انشاء متحف يخلّد من وصفهم موقع صحيفة 'يديعوت احرونوت' على الانترنت بضحايا عمليّات الارهاب، على حدّ تعبير اللجنة.
يأتي هذا القرار ليوسّع من النّفوذ الاستيطانيّ المتفشّي في الاحياء العربيّة في القدس، ضمن مخطّط بلدية الاحتلال الواسع لتهويد القدس، ومحو معالمها العربيّة.

أما عن سبب المفاوضات فقد قالت أوساط إسرائيلية " لم يأت بيبي ولايته الثانية لصنع السلام بل لمنع المشروع الذري الايراني. في مقابلة الاستعدادات العسكرية التي تجري طوال الوقت، يجب عليه ان ينشىء وضعا يكون من الممكن معه انشاء تحالف دولي على ايران، أو يكون من الممكن في وقت ما تجنيد الامريكيين لذلك، او استخلاص موافقة منهم على الأقل على عملية اسرائيلية. يحتاج من أجل ذلك الى مسيرة سياسية ويحتاج من أجل ذلك الى تفاوض". معاريف

أما في الأردن فقد اكد حزب "جبهة العمل الإسلامي" في بيان تنديده بـ'انطلاق المفاوضات التفريطية بمشاركة اطراف عربية في واشنطن' داعيا الى 'دعم المقاومة لاسقاط نهج التنازلات'، على حد تعبيره. ونقل البيان عن حمزة منصور، أمين عام الحزب، قوله ان 'المفاوضات السابقة خلال عشرين سنة ومنذ مؤتمر مدريد اثبتت عقمها وعدم جدواها فلسطينيا وعربيا'.
ورأى أن 'المستفيد الوحيد منها هو العدو الصهيوني الذي نجح في شق الصف الفلسطيني وانتزاع تنازلات جديدة في كل محطة من محطات التفاوض، وشكلت المفاوضات غطاء لمزيد من الاستيطان والتوسع ونهب الأرض وايجاد واقع يصعب تجاوزه'.
وطالب منصور 'النظام الرسمي العربي بسحب ما سمي بالمبادرة العربية التفريطية والتوقف عن اسباغ الشرعية على المفاوضات العبثية' مؤكدا أن 'السبيل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه هو العودة بكل فصائله ومكوناته الى خيار المقاومة'.

وأما في لبنان حسب وكالة رويترز: قال لاجئون فلسطينيون في لبنان امس الخميس انهم يخشون ان تؤدي محادثات السلام المباشرة التي ستبدأ بين الفلسطينيين واسرائيل في واشنطن الى حرمانهم من بعض الحقوق.

هذه هي الأجواء التي رافقت المفاوضات وانطلاقتها. ولكن هل أن هذه المفوضات جاءت من دون مقدمات؟ وهل المنظمات المعادية لنهج عباس قد هيأت الأجواء المؤاتية لمجابهة هذه المفاوضات؟ أين معادلة الشعب الفلسطيني في مجابهة هذه المفاوضات؟ علماً أن الشعب الفلسطيني سيكون الخاسر الأكبر من هذه المفاوضات.

كلنا يعلم أن إسرائيل تجند جميع يهود العالم وحلفائهم للوصول إلى قرار معين. كما وأن المنظمات الصهيونية في العالم تتنافس لخدمة الكيان الصهيوني (إيباك وجي ستريت)، وقد رحب العرب بوجود "جي ستريت" لأنها تنافس ايباك، ربما سجلوا ذلك في سجل انتصاراتهم على الصهيونية العالمية!

بالمقابل ماذا نفعل نحن كعرب أو كفلسطينيين؟ يقسم الشعب الفلسطيني إلى الأقسام التالية:

1- اللاجئون في لبنان

2- اللاجئون في سوريا

3- اللاجئون في الأردن ( نحن نعلم أن ظروفهم مختلفة في كل من هذه البلدان الثلاثة)

4- اللاجئون في الخليج

5- اللاجئون في مصر وشمال أفريقيا

6- اللاجئون في الشتات

7- اللاجئون في غزة والضفة الغربية

8- فلسطينيو غزة

9- فلسطينيو الضفة

و أخيراً فلسطينيو 48 .

في حال كانت المنظمات الفلسطينية جادة بمجابهتها لإسرائيل فسوف يكون لكل فئة من هذه الفئات دور تلعبه. ما هو الدور التي تلعبه منظمة التحرير الفلسطينية في مسيرة التحرير منذ إتفاق أوسلو السيء الذكر؟ ماهو الدور الذي يلعبه اللاجئون في المخيمات اللبنانية كمساهمة في التحرير. ويمكننا طرح العديد من الأسئلة. ولكن أصبح واضحاً اتجاه الأسئلة.

إن كياناً كالكيان الصهيوني يتمتع بتأييد كل المجتمع الدولي لا يمكن مجابهته إلا بتجميع جميع قوانا والحلفاء لمجابهته. الانتصار على هذا الكيان يستدعي ذلك. نحن نعلم أن ظروف الجبهات المؤيدة للعمل المقاوم هي صعبة وصعبة جداً. ولكن هذا لا يعفيها من إبتداع أساليب للمقاومة تتناسب مع ظروفها الخاصة. الأنواع العشرة من الفلسطينيين تكاد تكون طاقات معطلة، لا نقول نهائياً ولكن تكاد تكون نهائياً.

المقاومة لا تكون رد فعل على فعل قام به العدو. المقاومة هي فعل وليس رد فعل. لأن الفعل هو الخلاق والمبدع ورد الفعل يكون تابعاً. جميع المنظمات المقاومة كانت تعلم حق العلم أن مسيرة عباس سوف تؤدي إلى التنازل عن معظم حقوق الشعب الفلسطيني. ماهو الفعل الذي قامت به حتى تمنع على عباس إمكانية القيام بذلك. هل نظمت الشعب الفلسطيني لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية على الأقل. هناك الكثير من المنظمات النقابية الفلسطينية، هل فعلت دورها؟ المقاومة منذ فترة وجيزة كانت ممنوعة في غزة، لماذا سمح بها الآن؟ رد فعل، أليس كذلك.

المقاومة، مقاومة المشاريع الإستعمارية تكون متناسبة مع المشروع الإستعماري نفسه. هل ما تقوم به المنظمات الفلسطينية المؤيدة للمقاومة يتناسب مع قوة المشروع الإستعماري الإسرائيلي؟ بالطبع لا!

لن نسأل جميع الأسئلة التي يجب طرحها، إنما نريد أن نصل إلى نتيجة تمكننا من مجابهة العدو، ونحن جميعاً معنيون بمجابهته. على المنظمات المقاومة أن تبتدع منذ الآن الأساليب التي تمكنها من تجنيد جميع طاقات مختلف فئات الشعب الفلسطيني في مجابهة العدو، وهذا لا يعني المقاومة المسلحة. فالمقاومة لها اتجاهات عديدة وممارسات لامتناهية. إنما لا بد من أن يكون برنامج عمل جميع من يريد أن يجابه العدو هو استنهاض جميع طاقات الشعب الفلسطيني أولاً والشعوب العربية والاسلامية ثانياً.

إن القيام بالعمليات الجهادية المسلحة ضد العدو تستدعي تغطية شعبية تمكنها من الاستمرار ليس بمنحى تكتيكي، إنما بمنحى استراتيجي يوصل إلى التحرير، ويبعث المتخاذلين أمثال عباس وزبانيته إلى الأمكنة المخصصة لهم حيث يزوي من يبيع مصالح شعبه لصالح العدو.

لماذا يفاوض عباس؟

بكل بساطة، حتى يرضي راعيه الأمريكي بالدور الذي حدده له: التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.

حيث يعلم حق العلم أنه قد أصبح خارج التاريخ، فهو يجاهد للبقاء حتى في مكان ما من أحد يختاره. وهذا مصير من يتخلى عن مصالح شعبه.

hassanmallat.blogspot.com 4 أيلول 2010 حسن ملاط