بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 29 أبريل 2009

مؤتمر دوربان2

المؤتمر الأممي "لمناهضة العنصرية" في سويسرا - حسن ملاط


2009-04-26

خاص لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية



عُقد في سويسرا منذ أيام عدة مؤتمر أممي لمناهضة العنصرية. وقد دعت الجهة المشرفة الرؤساء والملوك لحضوره، ولكن لم يلب هذه الدعوة الا السيد أحمدي نجاد، الرئيس الايراني. وقد كان حضوره بارزا، حيث ألقى خطابا أثار المشاعر الانسانية، وخاصة عند أولئك الذين يتمتعون بحس انساني مرهف، عنيت الدول الغربية وبعض ملحقاتها.

ماذا قال الرئيس الايراني حتى أثار امتعاض الغربيين؟

وصف أحمدي نجاد اسرائيل في خطابه في مؤتمر مناهضة العنصرية في جنيف الاثنين بانها "النظام العنصري الأكثر قسوة وقمعا" بسبب معاملتها للفلسطينيين.
وقال الرئيس الايراني الذي جعلته المقاطعة رئيس الدولة الوحيد المشارك: "بعد الحرب العالمية الثانية، لجأوا الى الاعتداءات العسكرية كي يجعلوا أمة بكاملها بلا مأوى بذريعة المعاناة اليهودية... أرسلوا مهاجرين من اوروبا والولايات المتحدة واجزاء اخرى من العالم من اجل اقامة حكومة عنصرية تماما في فلسطين المحتلة... في الحقيقة، عوضوا العواقب الوخيمة للعنصرية في اوروبا بالمساعدة في أن يأتي الى السلطة اكثر الانظمة العنصرية قسوة وقمعاً في فلسطين".
كما قال احمدي نجاد: الكيان الصهيوني يسعى للقضاء على كرامة البشرية، لذا ينبغي أن تبذل الجهود لانهاء الدعم للكيان العنصري، مؤكدا أن العنصرية موجودة بسبب غياب الوعي 'لانها نتاج الانحراف عن المسار الحقيقي لحياة البشرية والابتعاد عن الالتزامات البشرية وناتجة ايضا عن عدم عبادة الخالق وعدم فهم فلسفة الحياة وهذا لضيق النظرة البشرية وجعل المصالح الذاتية هي المعيار للنجاح'.
ان المجتمع الدولي يواجه نوعا من العنصرية اليوم أدى الى تشويه الصورة البشرية , فالعنصرية تلجأ بشكل خاطئ للدين لكي تخفي حقيقة كرهيتها ووجهها البشع ولكن من المهم جدا ان نسلط الاضواء على الاهداف السياسية لمن يسيطرون على الموارد الاقتصادية والمصالح في العالم.
ان «تعويضاً عن العواقب الوخيمة للعنصرية في أوروبا ساعد في أن يأتي إلى السلطة أكثر النظم العنصرية قسوة وقمعا في فلسطين»، متهماً "هؤلاء (الحلفاء) بالتزام الصمت إزاء کل المجازر التي ارتكبها هذا الكيان بل وقدموا له الدعم".

هذا ما قاله أحمدي نجاد. فبالنسبة للوقائع التاريخية، لا يوجد مصادر يمكنها ان تقول بأن المهاجرين اليهود لم يأتوا من خارج فلسطين من أجل احتلالها وطرد أهلها. وجميع الوقائع التاريخية تؤكد أنهم أتوا بمعونة الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا العظمى. وبلفور (الوزير البريطاني) الذي تكرم على الصهاينة بالأرض العربية الفلسطينية أعطى من "كيس" غيره. وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة رئيسة للمعسكر الغربي، تولت بنفسها امداد العدو بجميع ما أنتجته مصانعها من آلات الدمار لقتل الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية.

لماذا كانت ردة الفعل الغربية بالشكل الذي ترجمته بأن انسحب البعض مؤقتا والبعض الآخر انسحب نهائيا؟

دعونا نطّلع على بعض ما جاء في البيان الذي تمت الموافقة عليه مسبقا، في المؤتمر السابق:

في ما يلي مقتطفات مما ورد في اعلان وبرنامج عمل «دوربان 1» حول الشرق الاوسط ومعاداة السامية، الذي تم تبنيه بالاجماع خلال المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية في 2001. وأعيد تأكيده في ختام المؤتمر الثاني أمس.
وقد قررت دول عدة، منها الولايات المتحدة واسرائيل، مقاطعة «دوربان 2» بحجة ان مسودة البيان الختامي مطابقة لنص 2001. ورغم أن الإعلان الختامي لمؤتمر 2001 لم يتضمن هذه الصياغة فقد خص إسرائيل بالانتقاد وعلى سبيل المثال من خلال إشارة تقول 'نحن قلقون من محنة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الأجنبي'.

وبرر المؤتمرون اعلانهم المثير للجدل بالسعي للتخلص من تاثير انسحاب البعض من المؤتمر بسبب تصريحات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى اسرائيل بأنها "حكومة عنصرية تماما" وهو تصريح وصفه مسؤولون في الأمم المتحدة بانه "كريه" و"غير مقبول".
ــ الفقرة 63: اننا قلقون لمصير الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال الاجنبي.
نعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وقيام دولته المستقلة، وبحق جميع دول المنطقة في العيش بأمان بما فيها اسرائيل، ونطلب من كل الدول دعم عملية السلام لتفضي الى نتيجة بسرعة.
ــ الفقرة 151: يدعو المؤتمر الى وضع حد للعنف واستئناف المفاوضات سريعا واحترام حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني واحترام مبدأ تقرير المصير، وانهاء المعاناة للسماح لاسرائيل والفلسطينيين باستئناف عملية السلام والتطور والازدهار بحرية وامان.
ــ الفقرة 58: تذكر بانه علينا الا ننسى محرقة اليهود ابدا.
ــ الفقرة 61: نلاحظ ايضا بقلق عميق تصاعد نزعة معاداة السامية والاسلام في مناطق مختلفة من العالم وظهور حركات عنصرية وعنيفة مستوحاة من العنصرية والافكار التمييزية حيال اليهود والاسلام والعرب.
ــ الفقرة 150‍: تلزم الدول في محاربة جميع اشكال العنصرية والاعتراف بضرورة محاربة معاداة السامية والعنصرية ضد العرب وكره الاسلام في العالم اجمع، وتدعو كل الدول الى اتخاذ تدابير فعالة لمنع تشكيل حركات تقوم على العنصرية والافكار التمييزية المتعلقة بهذه المجموعات.

نقول لماذا تقوم الولايات المتحدة بجهود من أجل اقامة دولتين (بناء لادعائها) ان لم يكن الفلسطينيون يعيشون تحت نير الاحتلال. وحتى بالنسبة لجميع البنود الأخرى لا نجد أي مبرر لانسحاب أية دولة حتى اسرائيل. فمبرر الانسحاب يجب أن نفتش عليه في مكان آخر. وسوف نحاول ذلك ولكن بعد الاطلاع على ما أتحفنا به ممثلي هذه الدول وأتباعهم بما فيهم الأمين العام للأمم المتحدة.

أبدى الامين العام للامم المتحدة في بيان "أسفه" للكلام المناهض لاسرائيل الذي ورد على لسان احمدي نجاد، بعدما كان حذره في لقاء ثنائي من "الخلط بين الصهيونية والعنصرية". وقال: "انني آسف لاستخدام الرئيس الايراني هذا الموضوع من أجل توجيه الاتهام والتسبب بالانقسام وحتى الاستفزاز... انه لمن المؤسف تماما الا تلقى دعوتي للرئيس الايراني للتطلع نحو مستقبل موحد آذاناً صاغية لديه". ورأى في كلام الرئيس الايراني "تعارضاً مع اهداف هذا المؤتمر".
وقال بان خلال زيارة رسمية لمالطا "من المؤسف للغاية ان الرئيس الإيراني أساء استخدام المؤتمر لاغراض سياسية".

المفوضة الأممية العليا لحقوق الإنسان بجنيف قالت للصحفيين أنها لاحظت أن "ما ورد في خطاب الرئيس (الإيراني) لا علاقة له بجوهر المؤتمر، ولهذا يجب ألا يكون له تأثير على النتائج".

وأضافت نافي بيلاي أن على الوفود ألا تسمح للمؤتمر الذي يستمر خمسة أيام أن "يخرب" من قبل "شخص واحد جاء بمثل هذه التصريحات الكريهة". ووصفت أحمدي نجاد بأنه "شخص يأتي تقليديا ببيانات بغيضة".

وقالت "لقد ذهلت وشعرت بحزن عميق لكل شيء قاله، لا أعتقد مع ذلك أن تصرفه يقدم تبريرا لأي دولة عضو أخرى للانسحاب من هذا المؤتمر". ولهذا "أناشد الجميع هنا التركيز على العمل المهم الذي عقد المؤتمر من أجله".

وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) ومقرها نيويورك إن غياب رئيس الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عن جنيف ' يوجه ضربة لمساعي الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية'.

وقالت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافانيتيم بيلاي "بعد ثماني سنوات لم تنجح الوعود والتدابير (لمكافحة) العنصرية في القاء الممارسات التمييزية والتعصب في مزبلة التاريخ".
وقالت اسماء جهانجير المقرر الخاص بشأن حرية الاديان والعقيدة "انها ليست مسألة اختلاف في الرأي. انها مسألة العداء الكامن في هذه الآراء".

انه لمن المؤسف حقا أن جميع ما يسمى المجتمع الدولي يريدون أن يزوروا التاريخ أو أن يتجاهلوا وقائعه حتى يتمكنوا من تبرئة اسرائيل من جرائمها المستمرة. وعلينا أن نلاحظ جيدا أن جميع من اعترض على الرئيس نجاد لم يأت بواقعة واحدة تكذب ما ذهب اليه الرئيس الايراني. ولكن يمكننا أن نقول أن الكلام المنسوب لجميع هؤلاء يدخل ضمن خانة التهويش الاعلامي.

من جهته، اكد حائز جائزة نوبل للسلام ايلي فيزل ردا على سؤال للاذاعة العسكرية الاسرائيلية في جنيف أمس الاثنين ان 'مكان الرئيس الايراني هو السجن وليس في مؤتمر ضد العنصرية'.
واضاف 'يجب توقيفه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية لانه يدعو الى القضاء على شعب بأكمله ويهدد بالتالي البشرية برمتها'.

من المؤكد أن هذا الايلي فيزل لا يقرأ الصحف ولا يحضر التلفزيون والا لتمكن من رؤية الجرائم التي اقترفتها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة ولاتزال، والجرائم بحق المقرات التابعة للمنظمة الدولية. ولكن علينا أن لا نعجب من حمله جائزة نوبل للسلام فزميله بيريس المسؤول عن مجزرة قانا يحمل نفس الجائزة.
وقال الكاتب الصحافي السويسري بيار هازان في كتابه "الحكم على الحرب هو الحكم على التاريخ"، انه بعد مجازر رواندا والتطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة، كانت الفكرة وراء المؤتمر إرساء العدالة خصوصا بالنسبة الى العبودية.

وأضاف ان "الأمم المتحدة تطمح ان يكون المؤتمر نوعا من التكفير الجماعي" معتبرا ان الظلم الماضي وراء النظام غير المتوازن والتفاوت السائدين في العالم.
ووصف الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي كلام احمدي نجاد بأنه متطرف.

كما وصفه الفاتيكان بأنه خطاب "متطرف وغير مقبول".

جميع من تقدم لا يملكون حاملات طائرات انما بامكانهم أن يستمعوا الى بعض نشرات الأخبار. ( للاشارة فقط أن اسرائيل تقوم بهدم البيوت في مدينة القدس ولكن نشرات الأخبار العربية لا تشير الى هذا الموضوع). اسرائيل كانت ولا تزال تقوم بهدم بيوت المالكين العرب الفلسطينيين، بينما المؤتمر يتابع أعماله. ماذا نسمي هذه الممارسات؟ أليست عنصرية؟

لقد تطرف نجاد لأنه تحدث (العرب يتحملون المسؤولية، ولكن لحسن الحظ أنهم غير متطرفين) عن الممارسات الاسرائيلية في الوقت الذي تهدم فيه بيوت العرب وهي غير متطرفة! ربما لأنها لا تتحدث!

في حين قال السفير البريطاني بيتر جودرهام الذي فضلت بلاده عدم إرسال وزير إلى جنيف "مثل تلك التصريحات الشائنة المعادية للسامية يجب ألا يكون لها مكان بمنتدى للأمم المتحدة لمناهضة العنصرية".

رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون وصفه بـ"المسيء والاستفزازي". بريطانيا هي من أوجد اسرائيل فمن الطبيعي أن تدافع عنها وأن تخوض مع اسرائيل في دماء الفلسطينيين والعرب.

وزير الخارجية النروجي يوناس غارشتور اعتبره «يرقى إلى حد التحريض على الكراهية».

أما القنابل الفوسفورية التي استخدمتها اسرائيل ضد الأطفال والنساء، فيجب السكوت عنها.

ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاتحاد الأوروبي إلى «الحزم حيال الدعوة غير المتسامحة إلى الكراهية العنصرية». ووصفها بأنها "دعوة الى الحقد العنصري لا ينبغي السكوت عنها".

وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر في وقت سابق الثلاثاء ان الموافقة على نص الاعلان "ستكون هزيمة لأحمدي نجاد" الذي وصفت محققة تابعة للأمم المتحدة في شؤون حقوق الانسان تصريحاته بانها كانت تهدف للدخول في " مواجهة كاملة".

فرنسا مشهورة جدا بحفاظها على الشعوب التي استعمرتها. ففي الجزائر سقط على أيدي الحضارة الفرنسية حوالي المليون شهيد، منهم عشرات الآلاف في مظاهرة سلمية واحدة.

فيما حيا رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر انسحاب الدبلوماسيين من القاعة.

ووصف مساعد المندوبة الاميركية الدائمة لدى الامم المتحدة اليخاندرو وولف تصريحات أحمدي نجاد بانها "معيبة" و"مشينة" و"حاقدة".
إلا أن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية روبرت وود أكد أن واشنطن لا تزال راغبة في اجراء محادثات مع ايران لتحسين العلاقات بين البلدين. وقال: "نريد حوارا مباشرا مع ايران، ولكن على ايران ان تقوم بعدد من الامور كي تعود الى المجتمع الدولي... اذا كانت ايران ترغب في علاقات مختلفة مع المجتمع الدولي، عليها ان توقف تصريحاتها الفظيعة"، ذلك أن "مثل هذه التصريحات لا تساعد، وتسفر عن نتائج عكسية وتغذي الكراهية العنصرية. هذه ليست تصريحات تستخدم في القرن الحادي والعشرين".

الولايات المتحدة تنضح انسانية، فما فعله الصهاينة في فلسطين هو طرد العدد الأكبر من أهلها وقتل البقية الباقية. أما الأمريكان فلم يهجروا الهنود الحمر، أهل وسكان أمريكا وأصحاب الأرض، انما أبادوهم (حوالي العشرين مليون) من على هذه الأرض. لذلك ترى الادارة الأميركية أن الصهاينة انسانيون لأنهم لم يبيدوا الشعب الفلسطيني كما فعلوا هم مع الهنود الحمر.
وقال وزير الخارجية النرويجي يوناس جار شتور للمؤتمر بعد كلمة الرئيس الإيراني إن طهران عزلت نفسها، مضيفا أن "النرويج لا تقبل أن يختطف طرف شاذ الجهود الجماعية للكثيرين".

وفي هذا الصدد، أضاف الوزير النيوزيلاندي في بيان "شهد المؤتمر وجهات نظر معادية لإسرائيل أضرت بهدفه في التوصل إلى مبادرات حقيقية ضد العنصرية".

وواصل "لست راضيا عن صيغة البيان الختامي التي أعدت بعد نقاشات أولية وهي لا تمنع المؤتمر من السقوط بنفس النقاشات الانتقامية والعقيمة التي شهدناها عام 2001".
وقررت الجمهورية التشيكية التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي الانسحاب "نهائياً" من المؤتمر، رداً على ما حصل.
نددت اسرائيل باللقاء الذي جمع الامين العام للامم المتحدة واحمدي نجاد. وقالت: "من المؤسف ان يستحسن الامين العام للامم المتحدة لقاء اكبر منكري (المحرقة اليهودية) حالياً والذي يقود بلدا عضوا في الامم المتحدة ويدعو الى تدمير بلد اخر (اسرائيل) عضو ايضا في الامم المتحدة في يوم احياء ذكرى المحرقة... كان من الافضل ان يمتنع زعماء المجتمع الدولي عن لقاء هذا الرجل".
من جهتها اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان مقاطعة بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة للمؤتمر، يشكل 'غطاء لجرائم' اسرائيل ضد الفلسطينيين.
ومن الطريف أن أحد ضباط الاستخبارات الصهيونية كان يكشف القناع عن وجه الممارسات الصهيونية بحق المعتقلين الفلسطينييين، وخاصة الشهيد أحمد ياسين.
كشف ضابط الاستخبارات الرئيسي لمصلحة السجون الاسرائيلية سابقا تسفيكا سيلع وهو مستشار نفسي وعميد- بريغادير سابق في الشرطة، كشف النقاب عن انّه كان الاسرائيلي الوحيد الذي التقى الشيخ الشهيد احمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ضمن لقاءات اسبوعية متتالية طيلة ثلاث سنوات.
يشار الى انّ الدولة العبرية لم يهدأ لها بال حتى نفذت عملية اغتيال للشيخ احمد ياسين، والذي بلغ من العمر الخامسة والستين وذلك بعد مغادرته مسجد المجمّع الاسلامي الكائن في حي الصّبرة في قطاع غزة، وادائه صلاة الفجر في الثاني والعشرين من شهر آذار (مارس) من العام 2004، حيث شنت مروحية صهيونية غارة جوية بثلاثة صواريخ استهدفت الشيخ ياسين وعددا من مرافقيه، وقد اشرف على هذه العملية رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك ارييل شارون، وجراء هذه الجريمة استشهد الشيخ ياسين في لحظتها وجُرح اثنان من ابنائه في العملية، واستشهد معه سبعة من المواطنين ومن مرافقيه.
وقال سيلع للصحيفة الاسرائيلية انّ الشيخ ياسين تمتع بشخصية قوية جدا ويسيطر على ما يجري داخل السجون وخارجها، ويتابع: احتجزنا الشيخ ياسين في سجن هداريم بشروط قاسية جدا بل اذقناه الموت فحرمناه الزيارات، وعزلناه طيلة خمس سنوات في قبو بلغت درجة حرارته في الصيف 45 درجة، فيما ساد برد مرعب في الشتاء وامتنعنا عن تنظيف القبو، على حد تعبيره.

نختم لنقول بأن هذا العالم لايحترم الا القوي. اذا أراد العرب أن يكونوا محترمين على الصعيد الدولي، فما عليهم الا أن يفتحوا حدودهم للمقاومة التي أثبتت أنها الوحيدة التي بامكانها أن تحرر الأرض وأن تمرغ أنف العدو بالتراب. فلا ينفع لا التحدث عن المبادرات السلمية كما لا يفيد التحدث عن دعم المقاومة في الوقت الذي علينا انشاء مقاومة وفتح الحدود أمام المقاومين لتحرير الأرض من رجس الاحتلال.

الاثنين، 20 أبريل 2009

أزمة "حزب الله" مع النظام المصري

أزمة "حزب الله" مع النظام المصري

لم تهدأ الأمور حتى الآن ما بين النظام المصري والقضية التي أثارها مع "حزب الله" اللبناني. وهذه القضية بقدر ما هي عربية هي أيضا قضية داخلية لبنانية. فالهجوم المدروس على "حزب الله" في لبنان لم يهدأ يوما منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الرئيس رفيق الحريري. ولكنه أصبح أكثر نشاطا على اثر حرب تموز (الاعتداء الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006). فالنتيجة التي أسفرت عنها هذه الحرب والتي شكلت انتصارا باهرا للمقاومة الاسلامية على آلة الدمار الصهيونية، لم ترق للمعسكر المتحالف مع الادارة الأمريكية. لذلك رأينا هذا التحالف الذي يقوده ما يسمى ب"تيار المستقبل" يصر على أن لبنان لم ينتصر وراح يركز على الدمار الذي خلفته آلة الدمار الصهيونية. على سبيل التذكير فقط : مدينة ستالينغراد والتي يبلغ حجمها أكبر من لبنان دُمرت في الهجوم الألماني النازي عليها ودفع الاتحاد السوفياتي ما يقارب ال22 مليون قتيل واحتفل الاتحاد السوفياتي بالنصر."لجنة فينوغراد" تحاكم قيادة العدو لاخفاقها في هذه الحرب والفريق المعادي لحزب الله في لبنان يحاول اقناع الصهاينة بأنهم انتصروا. هذه الصورة هي "فوق التصور" ولكنها كذلك. سوف أتحدث عن بعض الأسباب والتي أدعي أنها هامة، بل دعوني أقول "مصيرية" لأنها سوف تطبع مستقبل الصراع مع العدو الصهيوني بطابعها، ان لم يُعمل على تبديلها.
1 – الطابع المذهبي للمقاومة: عند نشوء مقاومة "حزب الله" كان الصراع الداخلي الذي فُرض على حزب المقاومة هو مع حركة "أمل" الشيعية، لأن هذا الحزب الناشىء من رحمها جاء ينافسها في ساحتها. لذلك كانت أكثر الصدامات والتي كانت تأخذ الطابع العنفي أحيانا تحصل ما بين "حزب الله" وحركة "أمل". ولكن الانتصارات الباهرة التي حققتها المقاومة الاسلامية على العدو الصهيوني جعلت هذه الصراعات تتراجع لأنها أعطت كل تنظيم على الساحة الشيعية حجمه وبالشكل الطبيعي. ويمكنني أن أزعم أن الحزب تنازل عن مقادير من حصته لمنافسه حتى يحقق الهدوء شبه المطلق على الساحة الشيعية. وخيرا كان ما فعله. ولكن انعكاساته على الساحة السنية في لبنان لم تكن لها نفس الايجابية. هذا لا يعني أن ما يرضي ال"السنة" في لبنان هو التصارع الشيعي البيني. كلا طبعا. انما ما أود قوله هو أنه لو بُذل معشار ما بُذل من جهود لتوحيد الساحة الشيعية باتجاه توحيد الساحة الاسلامية، ما كنا لنصل الى ما نحن عليه في الساحة الاسلامية الداخلية في لبنان في الوقت الحاضر. وأرجو أن لا يُفهم من هذا العرض أن جميع السلبيات يتحملها "حزب الله"، ولكنه يتقاسم المسؤولية مع التنظيمات الاسلامية (السنية) التي كان ولا يزال يتعاون معها.
2 – لم يتمكن الحزب من تقدير المزاج الشعبي "السني" اثر عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري: ان الجو العام الذي أوجده الاعلام المدروس والذي ساهمت فيه قوى معادية لكل ما يمت الى الوطنية بصلة، تمكنت من اقناع المزاج الشعبي السني أن كل من لا يقول ما تقوله يكون معاديا للرئيس الحريري وللسنة في لبنان. لذلك رأينا من يقول بضرورة انتظار ما تقوله المحكمة بشأن الاغتيال، يتهم بأنه معاد للسنة في لبنان. اذا طرح أحد احتمال أن لا تكون سوريا هي من قتل الحريري يكون الجواب جاهزا:"هل تريد أن تقول أن الحريري قتل نفسه". والطبيعي أن ينتظر الانسان المحاكمة لا أن يحكم هو بنفسه، لأن هذا التصرف يخالف السنن الالهية ويخالف القانون الوضعي ويخالف شرعة حقوق الانسان. وحتى اليوم نرى بعض المسؤولين في المعسكر المعادي للحزب في الساحة اللبنانية يصرح بأنه يقبل ما تقوله المحكمة الدولية بشأن الاغتيال ويصر على أن سوريا هي التي قتلت الرئيس الحريري. وهذا المنطق مردود طبعا. لأن من يقبل عليه الانتظار، لا أن يحكم من دون قرينة.
هل على حزب الله أن يتهم سوريا حتى يصبح مقبولا سنيا؟ بالطبع لا لأن الطلب اذا أخذ هذا الطابع يكون استسخافا للعقل البشري. في الوقت الذي كان على الحزب نسج أقوى العلاقات مع الساحة السنية، حتى من دون اللجوء الى التنظيمات القائمة، أو التي ساهم بقيامها، لم يفعل ذلك. وكأنه افترض بأنه غير مسؤول عن النشاط الدعوي ضمن الساحة السنية. أو أنه لايملك الخطاب السياسي الذي يمكنه من اقتحام ساحات غير الساحة الشيعية.
أما بعد اغتيال الرئيس الحريري، لم ينشط الحزب ضمن الساحة السنية حتى يميز نفسه عن "المعسكر السوري" وكأن الدنيا ستنتهي في هذه اللحظة ولن يتمكن الحزب من شكر سوريا في وقت آخر. نحن نعلم أن شكر سوريا لم يسبب له في ساحته الطبيعية أي اشكال، ولكن كان له أثر مدمر في الساحة المقابلة نتيجة التهويش الاعلامي الذي لا يمكن أن يلجمه الا قرب الحزب من جميع الساحات. وحزب الله هو الوحيد الذي كان مؤهلا للقيام بهذا الدور، نتيجة للاحترام الكبير الذي كان يحظى به في الساحة السنية لأنه كان يحارب اسرائيل.
3 – غياب البرنامج الاجتماعي للحزب: ان عدم وجود برنامج للنضال الاقتصادي والاجتماعي للحزب، حرم "حزب الله" من امكانية الانفتاح على الكثير من الساحات. فبعض الكلام الذي كان يرد في بعض الخطب للأمين العام لم يساهم في تقديم برنامج للنضال على صعيد الساحة الداخلية والذي يمكن أن يعمل على ايجاد ساحة رديفة للحزب تساهم في جعله من النسيج الطبيعي لكامل الساحة الداخلية اللبنانية كما الحزب القومي أو الحزب الشيوعي.
على كل حال، لم تقم القيامة بعد، ونحن نعتقد أن الحزب سوف ينتقد تجربته، ولولا أنه يقوم بالنقد الذاتي ما كان له أن يحقق هذه الانتصارات. ولكن ما يؤلمنا أن تتجرأ بعض الأقلام بالتحدث عن الحزب وبالشكل الذي نراه في الاعلام اللبناني. فالانتماء الطائفي أو المذهبي هو من الانتماءات ذات الطابع الغريزي، والتي لا تسمح للمنتمي أن يفرق بين الوطني والقومي والعمالة والانتماء الى الخط المعادي للوطن أو الذي يخدم العدو. لذلك نراهم يتحدثون من دون أن يرف لهم جفن، أو لسعة من ضمير وطني أو قومي.
نبدأ بوسائل اعلام تيار المستقبل، فاذاعة الشرق تتحدث عن قضية الحزب حوالي ثلث مدة نشرة الأخبار تنقل وجهة نظر النظام المصري والمؤيدين له. وللمحافظة على الحيادية تنقل وجهة نظر الحزب بحوالي ثلاث أو أربع كلمات من دون زيادة أو نقصان. أما جريدة المستقبل (18 نيسان 2009) فحدث ولا حرج. اليكم هذا النموذج، بعد مرور أكثر من عشرة أيام على القضية: في زاوية "يقال" وهي تضم ثلاث فقرات، الفقرة الأولى تتحدث عن "حزب الله" تقول أن (دولة حماية لأمنها فرضت واقعاً جديداً على اللبنانيين وتساءلوا: أين مصلحة اللبنانيين في ما أقدمت عليه جهة معينة؟) والفقرة الثانية تقول (إستغربت أوساطٌ متابعةٌ محاولةَ حزب معين الربط بين مشكلة له في بلد عربي وبين الانتخابات النيابية المقبلة، وسألت ما اذا كان هذا الربط يضمر أمراً معيناً في لبنان.)
فهي أيضا عن "حزب الله" وهي ثلثا الزاوية كما نشرة أخبار اذاعة الشرق.
وفي مكان آخر في جريدة المستقبل تنقل الجريدة تصريحا لرئيس حزب الوطنيين الأحرار(هذا اسم الحزب وليس له علاقة لا بالحرية ولا بالأحرار) السيد دوري شمعون انتقد فيه عمل ما يسمى بـ"خلية "حزب الله" في مصر".
وقال بعد لقائه منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار والمرشح عن المقعد الماروني في جبيل فارس سعيد امس: "إن إلقاء القبض على شبكة "حزب الله" في مصر لا تبرير لها لأنه لا يجوز لأي منظمة لبنانية كانت أم غير لبنانية أن تتحرك في أي بلد آخر من دون الاحترام الكامل لسيادة هذا البلد. فلا يجوز لبلد شقيق مثل مصر مساند للدولة اللبنانية، أن يقلل أشخاص يحملون الجنسية اللبنانية من الاحترام الكامل لسيادته". (ولكن شمعون لم ينتقد ولو لمرة واحدة انتهاك الطيران الاسرائيلي للسيادة اللبنانية. كما أنه لم ينتقد اعتداء اسرائيل على الخط الأزرق، أو انتهاكها لمياه لبنان الاقليمية. نضيف أنه لم يتحدث عن انتهاك اسرائيل للأراضي المصرية والسودانية عندما قصفت القوافل في السودان).
وفي جريدة المستقبل أيضا تنقل عن السيد فارس سعيد: وأوضح "أن المشكلة ليست مع (رئيس تكتل "التغيير و الاصلاح") النائب ميشال عون كشخص إنما مع خياره الذي يؤمن غطاء مسيحيا لثورة غير لبنانية". وقال: "هذا الموضوع شهدناه في السبعينات في مقلب آخر وهذا الغطاء المؤمن اليوم من قبل فريق من المسيحيين لثورة غير لبنانية تتمثل بـ"حزب الله" في لبنان، يعرض المسيحيين لمشكلات مستقبلية". (جميع شهداء حزب الله في تحريرهم للأرض اللبنانية نزع عنهم فارس سعيد، بوصفه منسق 14 آذار الهوية اللبنانية وكذلك عن النواب في البرلمان اللبناني).
واشار(فارس سعيد) الى ان "المسيحيين لا يملكون مشاريع (فلينم في بيته) خصوصا وليسوا بحاجة الى أوراق تفاهم، فورقة التفاهم كانت تنص على أن يؤمن "التيار الوطني الحر" غطاء للمقاومة من أجل إزالة الاحتلال في الأراضي اللبنانية، لكن أصبح نشاط هذه المقاومة خارج إطار الحدود اللبنانية، فهل يجب تطوير ورقة التفاهم من أجل تأمين غطاء لنشاطات "حزب الله" في العالم العربي أيضا؟". (ميشال عون يملك أكبر كتلة برلمانية مسيحية لا يتحدث باسم المسيحيين ومن لم يملك القدرة بأن يكون نائبا في دائرة أكثر ناخبيها من المسيحيين يدعي تمثيلهم). لا أريد أن أشير الى أن المسيحيين الذين يتحدث عنهم فارس سعيد هم أولئك المسيحيين الذين يقيمون القداديس على نية فرنسا لأنها استعمرت بلدنا.
نتابع مع جريدة المستقبل مع الأستاذ سمير الجسر النائب عن مدينة طرابلس. وعن الأزمة المستجدة بين "حزب الله" ومصر، قال: "نرفض ما حدث في مصر تحت ستار دعم المقاومة، وينبغي بنا عدم الكيل بمكيالين، فكما نحن لا نرضى أن يعبث أحد بأمننا، كذلك نحن لا نقبل أن يعبث لبنانيون بأمن الأخرين، وبالأمن المصري، مهما كان الهدف نبيلا، فيجب احترام البلد الذي تود المقاومة الإنطلاق منه، والتنسيق مع سلطاته، وأن يجري ذلك برضاه، لأن كل الدول لها حساباتها الخاصة وخصوصا لجهة المحافظة على أمن شعبها"، مشددا على "أننا لسنا ضد المقاومة، كنا وما نزال مع دعمها طالما هي مقاومة". نحن نعلم أن الأستاذ سمير الجسر يحمل من الحس الوطني الذي لا يجعله يتحدث بهذه اللهجة، ولكن التطبع عند الأستاذ سمير قد غلب الطبع في هذه المرة. لو أن النظام المصري قام بواجبه في دعم الشعب الفلسطيني المقهور في غزة لم يكن هناك من داع لبعث أحد الشباب من لبنان لتهريب بعض العتاد للمقاومة في غزة. رغم كل الضجة الاعلامية والتي يساهم فيها الكثير الكثير لا يزال معبر رفح مقفلا. لا بل ان النظام المصري قد تشجع من تأييد السلطة الجديدة في اسرائيل وسيبذل قصارى جهده لاقفال الأنفاق عل الشعب الفلسطيني في غزة يموت أو يستسلم. كيف يكون التنسيق مع سلطة باعت نفسها للعدو؟ هذا مستحيل. المطلوب اذن هو التفكير بكيفية تأمين التموين لأهلنا في غزة وهذا ما فكر فيه حزب الله وحاول تنفيذه مشكورا. ونحب أن نشير بأن النظام المصري لا يحافظ على أمن الشعب المصري الذي مات أمام الأفران وهو يحاول تأمين لقمة العيش، انما يحافظ على استعباده واستغلاله لهذا الشعب المقهور.
ورئيس حزب يميني آخر "الكتلة الوطنية" يدلي بدلوه أيضا. واعتبر (كارلوس) إده في حديث الى "اذاعة الشرق"، ان "حزب الله" يتدخل في شؤون دولة عربية كبرى وفي سيادة مصر مما يعطي حججاً لأن يستهدف لبنان من اسرائيل بالاعتداء عليه مجدداً، علماً ان "حزب الله" كان وعد اللبنانيين بأن يدافع عن لبنان وجنوبه ويبقي نشاطه ضمن الاراضي اللبنانية". (النهار اللبنانية 19 نيسان 2009)
خاف السيد ادة أن تعتدي اسرائيل على لبنان دفاعا عن النظام المصري الذي انتهك حرمته "حزب الله".
ننتقل الى وسيلة اعلامية أخرى وهي الموقع الالكتروني لما يسمى "القوات اللبنانية" التابعة لسمير جعجع. فهي تنقل عن صحيفة "أوكتوبر" المصرية لأنها وجدت فيها ما يكفي من السموم لبثها. تقول الصحيفة: "، صحيح أن الحزب لعب دوراً ما في المقاومة حتى انسحبت إسرائيل من الجنوب، إلا أن الصحيح أيضاً أن ورقة المقاومة استخدمت للسيطرة على الأوضاع اللبنانية بعد إقصاء كل القوى الوطنية من مشروع المقاومة الوطنية واستخدم المشروع المقاوم نفسه كورقة سياسية في الداخل اللبناني، وفي لعبة الصراع السياسي بين طهران ودمشق من جهة وواشنطن من جهة أخرى". ثم تضيف الصحيفة متحدثة عن حادثة أيار: " كان ذلك السقوط الأول للحزب المقاوم الذي أشهر سلاحه في وجه أبناء الوطن اللبناني، والذي أعقبه اعتراف صريح وواضح بتبعية الحزب وعناصره لملالي إيران وولاية الفقيه والتزامه بثورة الخميني وتصديرها".
ثم تعود الى مصر مضيفة: "الآن لم يكتف شيخ الميليشيات بالصراخ ودعوة المصريين للانقلاب على قيادتهم الوطنية، بل أرسل مبعوثيه وعناصره للتخريب والتدمير واستكمال مشروع تصدير الإرهاب إلى مصر. وكان ذلك السقوط الأخير لشيخ الحزب وميليشياته ومن يحركهم في طهران وقم".
ثم تستنتج: " لقد تحولت فروع حزب الله في المنطقة العربية إلى أداة إيرانية تم استخدامها ضد المصالح العربية ووسيلة لإثارة القلاقل والاضطرابات فى العديد من دول المنطقة، تمهيداً لقيام الثورة الإسلامية في هذه الدول وضمها للتحالف الشيعى الفارسي في قم".
هنا لا أريد التعليق الا بأمر واحد ألا وهو اعتبار الصراع مع العدو الصهيوني وكأنه أصبح من الماضي وبدلا من تجميع القوى لخدمة هذا الصراع أصبح لزاما على هذه القوى الملتزمة بالأجندة الأمريكية تجميع القوى لتحويل الصراع الى وجهة أخرى.
أما السيد رفيق خوري فيرى: " فما هو عمل (بطولي) في المنطق القومي يضعه منطق الأمن والسيادة في خانة العمل (الجنائي الارهابي). وما فاخر به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هو تهمة تقود الى المحكمة في مصر، وتضع في لبنان علامة استفهام حول التزام المقاومة حصر أعمالها ضمن حدوده وتحرير أرضه والدفاع عنه". (الأنوار اللبنانية 18 نيسان 2009) وهذا الرأي يدخل ضمن حساب الأولويات. أي بصيغة أخرى، بما أن النظام المصري قد تخلى عن كل ما يربطه بالقضية القومية وارتبط بما يخدم موالاته للأمريكان، أضحت مسألة نصرة الشعب الفلسطيني من خارج اهتماماته. وهذا ما جعل وزير خارجية النظام المصري يصرح: "وأكد في لقاء مع المحررين الديبلوماسيين أن هذه المسألة(مسألة "حزب الله") ليست خاضعة لأي مسائل سياسية أو محاولات لاستخدام السياسة والوساطة، بل هي مسألة ستخضع للقضاء المصري، وسيتولى النائب العام المصري توجيه الاتهام واحالة القضية على القضاء المصري عندما ينتهى من تحقيقاته بشكل كامل".(نصرة الشعب الفلسطيني أصبحت قضية أمنية وليست سياسية حسب السيد أبو الغيط الذي اعطى تغطية مطلقة للعدوان الاسرائيلي على غزة وحمل مسؤولية هذا العدوان لحركة حماس لأنها رفضت الخضوع للمنطق الصهيوني. وهذا ما فعله أيضا قائد النظام الذي ينتمي اليه أبو الغيط).
هل من الممكن أن تستمر هذه المهزلة الى ما شاء الله؟
صحيح أنه يجب ايجاد مخرج ما لهذه القضية ولكن ليس من ضمن المنطق السائد. كأن يعتذر "حزب الله" لأنه تجرأ وساعد الشعب الفلسطيني في قتاله مع العدو، أو كما طرح صلاح سلام في حديثه مع اذاعة النور التابعة لحزب الله، طرح ما يشبه الاعتذار عن انتهاك حدود سايكس بيكو المقدسة، والتي لم تعلق عليها المذيعة لا سلبا ولا ايجابا. انما الحل يكون بكيفية تأمين متطلبات الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة حتى لا يضطر "حزب الله" أو أية منظمة مقاومة أخرى الى انتهاك حرمات سايكس وبيكو لتأمين متطلبات الصمود للشعب الفلسطيني المحاصر.
وأخيرا نود أن نذكر القائمين على "تيار المستقبل" أن أهم انتصار سياسي حققه "حزب الله" على العدو الصهيوني، وهو اتفاق نيسان الذي شرعن عمل المقاومة دوليا، كان بالتعاون ما بين "حزب الله" والرئيس الحريري. فأين ورثة الرئيس الحريري منه؟
19 نيسان 2009 حسن ملاط

الاثنين، 13 أبريل 2009

كتاب التلميذ

كتاب التلميذ

اعداد

حسن محمد ملاط

القلمون في 7 نيسان 2009

بَ ﺒَ


بَ بَ بَ بَ بَ بَ

ﺒَ ﺒَ ﺒَ ﺒَ ﺒَ ﺒَ

-ﺒَ -ﺒَ -ﺒَ -ﺒَ -ﺒَ -ﺒَ

-بَ -بَ -بَ -بَ -بَ

با با با با با با

بابﹶ بابﹶ بابﹶ بابَ

بابا بابا بابا با با





بُ ﺒُ

بُ بُ بُ بُ بُ بُ
-بُ -بُ -بُ -بُ -بُ -بُ
ﺒُ ﺒُ ﺒُ ﺒُ ﺒُ ﺒُ
-ﺒُ -ﺒُ -ﺒُ -ﺒُ -ﺒُ -ﺒُ
ﺒو بو بو بو بو بو

بابا بابا بابا بابا
بابﹶ بابﹶ بابﹶ بابَ
بابُ بابُ بابُ بابُ
بوبو بوبو بوبو بوبو
بابُ بوبو بابُ بوبو
بابُ بابا بابُ بابا






بِ ﺒِ

بِ بِ بِ بِ بِ بِ
-بِ -بِ -بِ -بِ -بِ -بِ
ﺒِ ﺒِ ﺒِ ﺒِ ﺒِ ﺒِ
-ﺒِ -ﺒِ -ﺒِ -ﺒِ -ﺒِ -ﺒِ
بي بي بي بي بي بي
ﺒﯿ ﺒﯿ ﺒﯿ ﺒﯿ ﺒﯿ ﺒﯿ
بابي بابي بوبي بوبي بيبو بيبو
بابﹶ بابُ بابِ
بابا بوبو بيبي
بابُ بابا بابُ بوبي بابُ بيبي
بابا بيبو بابا بوبي بيبي بابي

حزب الله والنظام المصري

قضية حزب الله والنظام المصري في بعض الصحافة

من المفيد جدا أن يطلع المرء على ما يكتبه بعض الكتاب الصحافيين في قضايا تهم أمتنا العربية والاسلامية. مفيد حتى يتأكد أنه لا يكفي أبدا أن يحمل المرء اسماً عربياً أو اسماً اسلامياً ليكون انتماءه للأمة الاسلامية أو العربية. فالانتماء والتموضع انما يتم عن سابق اصرار وتصميم، عن اختيار حر ومسؤول. وكذلك التنكر لقضايا الأمة من بعض المخلوقات يكون عن وعي منهم بأنهم يتنكرون لقضايا هذه الأمة خدمةً للمستعمرين.
ما تقدم انما هو توطئة للتحدث عن المشكلة "الأمنية" التي افتعلها النظام المصري مع "حزب الله" اللبناني. نقول "أمنية" لأن كل ما ينتمي الى قضايا أمتنا يرتدي طابع الأمن بالنسبة للنظام المصري. عندما رأى من واجبه الاطلال على المسألة اللبنانية، بعث بنائب مسؤول جهاز المخابرات. الأزمة اللبنانية بجميع تشعباتها كانت بالنسبة للنظام المصري مسألةً أمنيةً. جميع المباحثات والمفاوضات التي يديرها النظام المصري مع الأخوة الفلسطينيين تتم بقيادة عمر سليمان، أهم مخابراتي مصري، أو باشراف أحد نوابه أو موظفي جهازه. ان مسألة توحيد المنظمات الفلسطينية هي أمنية بامتياز، وليست سياسيةً. ولو كانت خلاف ذلك لكلف النظام المصري بها مسؤولاً سياسياً. فالمباحثات بين المنظمات الفلسطينية يديرها مدير المخابرات. ان نظاماً يحكمه قانون الطوارىء منذ فجر التاريخ لا يمكنه أن ينظر للأمور نظرةً مختلفةً. نظام يجوع شعبه ويهب اسرائيل، عدوة الشعب المصري، يعطيها الغاز المصري من دون مقابل، لا يمكنه الا أن يكون قمعياً. كم واحد من كادحي الشعب المصري استشهد أمام الأفران. كيف لنا أن نعجب اذا تبجح مسؤولو هذا النظام بأنهم يحاصرون غزة كرمى لعيون أقرانهم من مجرمي اسرائيل. هناك بعض السذج ممن اعتقدوا بأن نظاماً أمنياً مثل النظام المصري يحترم القضاء، رفعوا دعوى قضائية لمنع هذا النظام من اعطاء اسرائيل الغاز المصري بأسعار رمزية. حكم القضاء بمنع بيع اسرائيل هذه المادة. ولكن رغم هذا الحكم ظل الغاز المصري يتدفق الى اسرائيل وتمنعه هذه الأخيرة عن أهالي غزة كما يفعل النظام المصري. وحتى الآن لم يتمكن أحد من معرفة سعر الغاز المصري الذي يصدره النظام الأمني المصري الى اسرائيل. انها مسألة أمنية بامتياز. اذا كان بيع القمح والرغيف في مصر هو مسألة أمنية، فكيف بتأمين السلاح للمقاومة الفلسطينية في غزة.
هناك نوعان من البركة، بركة يهبها الله تبارك وتعالى لمن أو لما أراد، وبركة أخرى يهبها الشعب لمن يريد. لقد أعطى الله تبارك وتعالى بركته لفلسطين ولما حولها. والشعب العربي أعطى بركته لكل من يقاتل من أجل تحرير هذه الأرض المباركة. أما أولئك الذي يتبارون لارضاء العدو فهم ملعونون في الدنيا والاخرة. اليكم بعض هذه النماذج التي لم تر حقيقة ما يريده النظام المصري من التهجم على الحزب الذي حقق أول انتصار على العدو الصهيوني في أيار- مايو- 2000. ان جميع الهزائم التي أمنتها أنظمتنا لشعوبها لم تفل من عضد هذه المقاومة، وراحت تمرغ أنف العدو بالذل مرةً أخرى في آب – أغسطس – 2006. وكان لهذه المقاومة وهج ونور أعطى اشعاعه الى أبطال غزة الذين رغم الحصار والجوع لم يمكنوا العدو المجرم من تحقيق أي من أهدافه بعدوانه الأخير على غزة. وبدل من تكريم هؤلاء الأبطال راح النظام المصري يحاول اذلالهم قبل وابان وبعد المحرقة. هذا التصرف من النظام المصري لم يعجب كل من يملك مثقال حبة خردل من كرامة، فكيف بمن أذاق العدو طعم الذل والمهانة. فما كان من "حزب الله" الا أن بعث من بامكانه مساعدة أبطال غزة على الصمود.
سوف نرى الآن بعض نماذج من كتابات من باعوا أنفسهم واقلامهم لأعداء الأمة.
النموذج الأول: "عبد الله اسكندر" الحياة - 12/04/09
يقول صاحبنا أن سبب انعدام الود بين مصر أو على الأصح النظام المصري و"حزب الله""يكمن اولاً في نوعية العلاقة المتردية بين القاهرة وطهران، وتنسحب على ما تعتبره مصر الامتداد الايراني في المنطقة العربية. وثانياً في التعارض التام بين وجهتي نظر سياسيتين في شأن ادارة الصراع مع اسرائيل: بين معاهدة سلام ونهج ديبلوماسي وبين تحرير عبر المقاومة المسلحة". ثم يضيف مدعياً "ان الحزب منح نفسه الحق بنشاط داخل دولة عربية وخارج لبنان". ولم يكتف بما قاله بل نراه يضيف: "ان الحزب لا يعترف بالسيادة الوطنية للدول ولا يعترف لهذه الدول بممارسة سيادتها على اراضيها، ولا يعترف للدولة القائمة الحق بتطبيق قوانينها". ويفلسف الأمر فيستنتج: " وهذا يطرح قضية معنى سيادة الدول وحقها في الدفاع عن هذه السيادة، في ظل تبرير حق التدخل بظروف المعركة وتخلي هذه الدولة او تلك عن الدور الذي يطلبه الحزب منها في هذه المعركة. اي تعميم الحال الذي يجد الحزب نفسه فيها في لبنان على البلدان العربية الاخرى". ولم يكتف صاحبنا بهذا النقاش "الموضوعي" جداً بل يزيد: " وبالتلازم مع ذلك، تُطرح قضية سياسية كبيرة وهي فرض وجهة النظر الخاصة على الآخرين بغض النظر عن مواقفهم والتزاماتهم وقدراتهم". (هل الخيانة حق للمواطن؟).
نحن نعلم أن القانون الذي يحكم الكيانات الطبيعية لا يتساوى أو لا يتطابق مع ذلك الذي يحكم الكيانات الغير طبيعية. فاذا سلمنا جدلاً بما يذهب اليه السيد "اسكندر" بأن الخلاف بين مصر والحزب يعود الى الارتباط بين الحزب وايران فهذا يعني أن الحزب ليس كياناً مستقلاً، لذا ما على النظام المصري الا أن يعاقب ايران بما يقترفه "حزب الله" لأنه تابع وليس مستقلاً.
أما أن يفترض "السيد اسكندر" بأن السبب هو الاختلاف في وجهات النظر فنحن نؤيده بهذا الكلام شريطة أن يضيف شيئاً نعتبره على قدر كبير من الأهمية تتخطى امكانية "السيد اسكندر" على التسليم به. هذا الشيء هو أن الموقف من اسرائيل ليس اختلافاً في وجهات النظر انما يدخل في مجالين لا يلتقيان ولا يتقاطعان، اما أن اسرائيل مغتصبة للأرض الفلسطينية ومهمة كل من ينتمي الى الأمة العربية والاسلامية تحرير هذه الأرض، أو أن اسرائيل كيان طبيعي كما الكيان المصري أو السوري.
أما من يتبنى الموقف الأول فيرى أنه مكلف بخلق الظروف التي تتيح له القتال لاسترجاع هذه الأرض. وأما من يتبنى الموقف الأخر فيعتبر موقفه متواطئاً مع العدو ولايلزم أياً كان بهذا الموقف. وبذلك يكون "حزب الله" محقاً بأن يدخل الأرض المصرية حتى يؤمن المساعدة للمقاتلين الفلسطينيين في غزة، وهذا حق من حقوقه أي تأمين الظروف التي تؤمن له امكانية القيام بواجبه بالنضال ضد الاغتصاب الاسرائيلي لفلسطين. والخوف الذي يتلبس السيد اسكندر على الكيان المصري أو غيره من الكيانات تستوجب على السيد اسكندر العودة قليلاً الى الوراء حتى يقول لنا من الذي خلق هذه الكيانات، وهل أنه أوجدها لتأمين مصالح شعوبنا أم لتأمين مصالحه هو. ان اعطاء القدسية لهذه الكيانات انما هو اعطاء القدسية لمن أوجدها. فهل أصبح سايكس وبيكو مقدسين عند السيد اسكندر. ان كان ذلك كذلك فنقول بأن سايكس وبيكو هما الممثلين لدول الاستعمار التي أذاقت شعبنا الذل والمهانة فتباً لهما ولمن يدافع عنهما.
أما اعتراض السيد اسكندر على وضعية المقاومة في لبنان فنقول له أن من يؤمّن للسيد اسكندر وأمثاله الحرية في كتابة ما يريدون هو انتصار لبنان على الكيان الصهيوني. وعليهم أن لا يعجبوا ويقولوا في أنفسهم أنهم انما يخدمون في كتابتهم الخط المعادي للمقاومة والمؤيد للارتباط بالعدو فكيف لا يكونوا أحراراً. نقول لهم أن وضعهم سيصبح كوضع عباس وزبانيته. فهم يمنع عليهم التعبير عن رأيهم اذا لم يكن متماهياً مع رأي العدو. وأضيف أنه من يريد وضعاً كوضع لبنان، عليه أن يكون حراً، وأنتم يا سيد اسكندر وأمثالك لايمكنكم أن تكونوا أحراراً.
النموذج الثاني: داود الشريان الحياة - 12/04/09//
السيد داود الشريان محيط بخفايا الأمور (كذا!) فهو يقول: "هذا العمل الذي قام به شهاب أصبح من الصعب على «حزب الله» تنفيذه عبر الحدود اللبنانية - الفلسطينية، بعد صدور القرار 1701 الذي مكّن الحكومة اللبنانية من بسط سيطرتها على أراضيها من خلال قواتها المسلحة الشرعية، ومراقبة مرور الاسلحة والمعدات، فضلاً عن نشر قوات «يونيفيل». وبموجب هذا القرار منع الحزب من القيام بأدوار عسكرية او لوجستية نيابةً عن الحكومة اللبنانية".
ألم أقل لكم أنه يعلم خفايا الأمور! اليكم مايريده السيد شريان: أن يحمل المقاوم اللبناني السلاح الذي يريد أن يقدمه لزميله الفلسطيني من شمال فلسطين (لبنان يحاذي شمال فلسطين) الى جنوب فلسطين، الى غزة. شيء مؤلم . اذا افترضنا أن حزب الله تمكن من تجنيد نصف الجيش الاسرائيلي يظل من المستحيل الوصول من جنوب لبنان الى جنوب فلسطين. فداود الشريان يمزح في هذه النقطة.
اما النقطة الثانية التي لا يتحملها السيد شريان هو أن يقوم السيد نصر الله بنجدة الشعب الفلسطيني الذي يقتله الاسرائيلي ويجوعه، فيقول:" لكنه بالتأكيد لا يسوغ ما قام به الحزب على الارض المصرية". ويضيف: " لا جدال في ان «حزب الله» أخطأ بحق مصر". الله تبارك وتعالى يقول في عليائه أن "من اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه" ولكن السيد شريان يعتبر "حزب الله" آثماً لأنه أغاث الشعب الفلسطيني. هل أصبح القانون الاسرائيلي والأمريكي أقوى وأمضى من القانون الالهي؟
ولا يكتفي السيد شريان بالنصيحة بل يوجه تهديداً شديد اللهجة للمقاومة (فهو يخوفها): " وربما وجد الحزب نفسه في مواجهة قرارات دولية تجعله يترحم على القرار 1701." وأنا بدوري أنصح السيد حسن نصر الله بأن يتخفى هو وجميع مقاتلي المقاومة ومؤيديها من القرارات الدولية!.
النموذج الثالث: طارق الحميد
في الحقيقة، عندما بدأت بقراءة هذا المسمى طارق الحميد تذكرت عجز أحد الأبيات الشعرية الذي يقول: "فلا كعباً بلغت ولا كلابا".
يقول: " ما الذي يجمع بين حسن نصر الله وأسامة بن لادن؟ كلاهما لا يؤمن بالدول والحدود والقوانين الدولية، ولا يتحرك رجالهما إلا كخلايا نائمة، حيث وصل رجال أسامة إلى أميركا، ووصل رجال بن نصر الله إلى مصر! ".
يضيف هذا المسمى طارق: "فزعيم حزب الله يفخر بجريمته التي انتهك فيها الحدود المصرية بحجة دعم الفلسطينيين ، متجاهلاً السيادة، ومتجاهلاً أن في مصر حكومةً وأجهزة" ونسي أن يضيف: (مهمتها محاصرة غزة وتجويع الشعب المصري واعتقال كل من يتجرأ على انتقاد محرقة غزة).
ثم يشرّح هذا المسمى طارق "السيد حسن نصر الله" فيقول:"أما عن الطائفية والتشيع، بحسب بن نصر الله، فكلنا يعرف أنه طائفي حتى النخاع، ويكفي ما فعله ورجاله بسُنة بيروت في انقلاب السابع من أيار. وفي محاولة للتنصل من الشبهة الطائفية وقع بن نصر الله في فخ أكبر، حين قال إنه لا يشبه «القاعدة» مضيفاً «مع الاعتذار لتنظيم القاعدة»!" نعم السيد حسن يحترم كل من يقاتل الأمريكان. أما عن سنة بيروت فهو لم يقاتل سنة بيروت انما حمل السلاح حتى يمنع من أراد تقديمه قرباناً على مذبح الاسرائيلي. علماً أنه لم يفعل ذلك مختاراً ورغم ذلك فهو لم يعجبه الدخول الى بيروت. وللدلالة على صحة ما ذهبنا اليه أنه ترك بيروت مختاراً ولم يجبره أحد على تركها.
يضيف هذا المسمى طارق: "خطاب نصر الله لا يعني الكثير لمن يعرف خطورة هذا الحزب، لكنه دليل جديد لمن ظل ينكر خطورة هذا الحزب ويدافع عنه سواء في مصر أو في دولنا العربية". نعم انه خطير وأكبر دليل على ذلك أن من يريد رأس حزب الله هم أمريكا واسرائيل وعملائهما.
ثم يستنكر هذا المسمى طارق أن تصبح دولهم كلبنان، فيقول: "لتصبح دولنا على غرار لبنان". يا بني أنت بحاجة الى كل مضادات التبعية لأمريكا واسرائيل حتى تملك الحق بذكر لبنان على لسانك.
صحيح أنه من لا يستحي يقول ما يشاء.
النموج الرابع والأخير: عبد الرحمن الراشد
هذا "العبد" هو زميل "الطارق". فقد نسي الأخير "حماس"، فجاء "العبد" ليذكره أنه كان عليه أن يهاجم "حماس". فحماس تقاتل اسرائيل أيضاً كما يفعل حزب الله فمن الواجب مهاجمتها على سبيل التسوية. فيقول: "أخطأت السهام طريقها بهجومها الإعلامي الكاسح ضد حزب الله بعد أن اعترف زعيمه السيد حسن نصر الله بأن المقبوض عليه، المسؤول عن إدارة الخلية السرية في مصر، هو بالفعل عضو في الحزب. المذنب الذي يستحق اللوم هو تنظيم حماس". نسي "العبد" أن يقول لنا ان كان اعتراف السيد حسن جاء تحت التعذيب كما تفعل أنظمتنا عادة للحصول على الاعترافات، أم أنه اعترف مختاراً.
ثم يضيف: "وبالتالي لا تثريب على حزب الله، لأنك لا تستطيع أن تنكر على خصم أن يتآمر عليك، فما بالك إذا كان الحزب ليس إلا ذراعاً عسكريةً لطهران". "العبد" صنف نفسه مع اسرائيل لذلك اعتبر حزب الله خصماً.
ويصل أخيراً الى طرح السؤال: "ما هو دور حماس التي تتعامل بشكل ساذج أو متواطئ مع المحور الإيراني؟ فإنكار علاقتها بالخلية لا يكفي، فهي بكل أسف تظل متورطةً سياسياً في استهداف مصر. والمعنيون يرون كيف تجاوزت حماس كل الأصول". لا يكفي "العبد" كل العذابات الذي يقدمها النظام الأمني المصري لحماس ورموزها فهو يحرض هذا النظام عليها. فهو يعتقد أن التحريض الاعلامي الذي تتولاه القناة الصهيونية المسماة "العربية" لا يكفي فيستخدم "الشرق الأوسط" كدعم لما يقوم به في "العربية".
هذه بعض النماذج للدور الذي يقوم به أبواق الأنظمة المستسلمة الذين لا يتوانوا عن التحريض على كل مقاومة أواتجاه مقاوم. ومن يستفيد من هذا هي أمريكا والصهيونية. ولا نرى أياً من هؤلاء يعتبر أن الكيان الصهيوني هو كيان مصطنع قام على اغتصاب الأرض التي باركها الله تبارك وتعالى. فهم يتحدثون عن اسرائيل كما يتحدثون عن مصر أو السعودية. فقد طبعت التبعية لأمريكا عقولهم على القبول بوجود هذا الكيان وكأنه كياناً طبيعياً.
نقول ان الموضوع الذي يريد هؤلاء أن يناقشوه نقاشاً موضوعياً، نقول لهم أن الموضوعية التي يريدونها انما هي المعيارية. فلا وجود للموضوعية. أما مصالح الدول والأنظمة، فجميع القوانين والشرائع التي تصدرها الدول القوية انما تخدمهم هم وحدهم وبالتأكيد يضعون هذه القواعد تحت أكذوبة الموضوعية التي يصدقها أمثال كتابنا السذج.
نضيف أن التحدث عن اسرائيل "ككيان موضوعي" فيه الكثير من الجرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، وان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان" أو كما قال.
اذا جبن هؤلاء عن تغيير المنكر بأيديهم فليصمتوا ولا يؤيدوه، حتى لا يأثموا كرمى لعيون اسرائيل، أللهم الا اذا صنفوا أنفسهم كخدم لها.
12 نيسان – ابريل- 2009 حسن ملاط

نغضب لديننا أم للعصبية؟

نغضب لديننا أم للعصبية؟

أقام النظام المصري الدنيا ولم يقعدها لأن الاستخبارات المصرية تمكنت من القبض على أحد الاخوة البنانيين متلبسا بجريمة مساعدة الاخوة الفلسطينيين ابان "محرقة غزة" التي اقترفتها قوات الاحتلال الاسرائيلي بمساعدة وتبريكات النظام المصري وحلفائه من العرب والفلسطينيين. وحيث أن المعتقل ينتمي الى حزب المقاومة، أعني "حزب الله"، فقد اتهم الأمن المصري السيد "حسن نصر الله" بتكليف هذا المناضل زعزعة الأمن داخل جمهورية مصر العربية. ومن الجدير ذكره أن جميع أفراد الشبكة لا يتعدى عددهم ال49 شخصا.
من حيث المبدأ ان تجنيد الناس لمساعدة الشعب الفلسطيني سواء ابان العدوان أو في الأوقات العادية يعد مفخرة لمن يقوم به. فكيف اذا كانت المساعدة ابان المحرقة؟ دعونا نعود الى الوراء قليلا. فعندما بدأت اسرائيل هجومها المدمر على غزة، قام النظام المصري باغلاق معبر رفح، المعبر الوحيد المتصل ببلد عربي. وحيث أن جميع المعابر كانت مغلقة سابقا، فما قام به النظام المصري هو احكام الطوق على الشعب الفلسطيني داخل غزة ومن ضمنه أولئك الذين يحاربون العدوان دفاعا عن كرامتهم وكرامة الشعوب العربية والاسلامية. سكتت جميع الأنظمة على الممارسة المصرية. (نحن نعلم أن الكثير من الصحف والاذاعات والتلفزيونات راحت تدين النظام المصري على خطواته ، ولكن ما من أحد من هذه الأنظمة قام بخطوات فعلية لاجبار اسرائيل على التوقف عن عدوانها). السيد "حسن نصر الله" الذي ساءه أن يرى الشعب الفلسطيني يذبح من قبل الصهاينة، وبتغطية وبصوت عال من الرئيس حسني مبارك ووزير خارجيته أبو الغيط، عبر عن ردة فعله الذي نؤيده جميعا فيها وهي ادانة اغلاق المتنفس الوحيد للشعب الفلسطيني أي معبر رفح.
أقفل النظام المصري المعبر وراح يغطي على فعلته بالكذب والافتراءات حتى على لسان أعلى المسؤولين فيه، حيث كانوا يصرحون أن المعبر مفتوح وهو مغلق. وقام هذا النظام بالدور المرسوم له.
انتهت الحرب ولا يزال المعبر مقفلا. وبدأت المفاوضات مع العدو الصهيوني والذي كان النظام المصري في هذه المفاوضات يغطي وجهة النظر الاسرائيلية. وبالرغم من ذلك رأينا كيف أن العدو الاسرائيلي وجه أكثر من اهانة الى المصريين حيث جعل مصر تقدم التعهدات للمفاوض الفلسطيني ثم يتراجع الاسرائيلي مستهينا بمصر وبتعهداته ازاءها. وبالرغم من ذلك ظل المصري ملتصقا بالاسرائيلي ويمارس الضغوط على حماس ورموزها.
لم تنجح الجهود المصرية لأنها لم تكن بريئة. تصوروا مفاوضات تديرها مصر وهي تمارس الضغوط على حماس باقفالها معبر رفح. والمفاوض الآخر اسرائيل التي تقفل جميع المعابر. فمن هو المحايد في هذه المفاوضات؟ لا أحد. اثنان ضد واحد!
وصبرت "حماس"، ولم تفجر معركة ضد مصر. ولكن النظام المصري لم يسكت. فهو يريد أن يقدم القرابين للسلطة الاسرائيلية الجديدة بقيادة الثلاثي المجرم (نتن يا هو) و(باراك) و(ليبرمان). وحيث أن هؤلاء هم مجرمون من الطراز الأول فالفدية يجب أن تكون كبيرة. وحيث أنه لم يجد أمامه أكبر من السيد "حسن نصر الله" الذي مرغ جبهة اسرائيل بالوحل مرتين في أقل من عشر سنوات، فقرر أن القربان هو "حزب الله". غاب عن هذا النظام أن من يقاتل اسرائيل يكتسب من القداسة الشعبية التي تجعله محصنا أمام جميع الأعاصير وليس الأنواء.
اختلق النظام المصري موضوعة تجنيد "حزب الله" لعدد من المصريين. لماذا يذهب "الحزب" الى مصر لتجنيد بعض المصريين علما أنه يوجد في لبنان آلاف المصريين. هل المصري الموجود في مصر هو من طينة مختلفة عن المصري الموجود في لبنان؟ سخافة.
ان ما أراده النظام المصري، الذي "شرشحته" محرقة غزة، الانتقام من رمز المقاومة في بلادنا العربية. ولكن أنى له هذا؟
واختلق الى جانب المؤامرة موضوعة التشيع لاثارة النعرات الغريزية المذهبية. وهنا لم يكن بامكانه النجاح لأن الانتماء الديني، الانتماء الى الله ورسوله عند أهل السنة والجماعة أقوى بما لا يقاس عن الانتماء الى العصبية المذهبية. نحن نعلم أن قتال العدو الصهيوني هو من أكبر الطاعات التي تقرب من يقوم بها الى الله تبارك وتعالى.
ان من يتقرب الى العدو الصهيوني لا يمكنه أن يكون قريبا من الله. " فليخط النظام المصري بغير هذه المسلة" كما يقول المثل اللبناني. المقاومة أعلى بكثير من أن ينال منها أقزام النظام الأمني المصري.

الاثنين، 6 أبريل 2009

الفصل الرابع- تعليم القراءة

الفصل الرابع:
سير الدرس
ان سير الدرس المقترح يكاد يكون ملزماً لمن يريد العمل في هذا الكتاب. ولكن هذا لايعني أن امكانية التطوير غير ممكنة، ولكن لا يمكن تطوير الطريقة المقترحة قبل العمل بها ولعدة سنوات. كما وأنني أرى أن يتم تقييم الطريقة في نهاية الصف الأول ونهاية الصف الثاني، لأنني أزعم (علماً أنني أؤكد) أن الطفل سوف يصبح قارئاً جيداً في نهاية الصف الثاني. كما وأنني لم أقترح التقييم في نهاية الروضة الكبرى مع العلم أن البدء في تعليم هذا الكتاب يكون في الروضة الكبرى وينتهي في الصف الأول؛ حيث أنه في نهاية الصف الأول سوف يتوصل الطفل الى قراءة بعض النصوص الصغيرة الحجم لأن كبر الحجم يخيف الطفل ويجعله يعتقد أن النص أكبر من مستواه.

1 – بما أن هذه الطريقة تجعل الكتابة تسير مع القراءة، من هنا وجب أن يقوم الطفل يومياً بتمارين تساعده على التوافق النفس - حركي وهي تمارين يعرفها جميع معلمات الروضات (Exercices de motricité, de latéralisation et de graphisme ). هذه التمارين لا تأخذ من الوقت أكثر من عشر دقائق.

2 – كل درس يبدأ بمراجعة صغيرة للدرس السابق تقوم على كتابة روسم الصوتم (كتابة الحرف) الذي تعلمه الأطفال وحده، وبأشكاله المختلفة. كما وعلينا كتابة عدة كلمات تحوي الصوتم بأشكاله التي تعلمها الأطفال.
ملاحظة: يمنع كتابة أية كلمة لا يعرف الأطفال جميع رواسمها لأنه يتناقض مع آلية عمل الدماغ.

3 – الدرس الجديد يبدأ بكتابة الحرف المنوي تعليمه للأطفال بأشكاله المختلفة. ويستحسن كتابته مسبقاً على اللوح وتغطيته حتى لا يراه الأطفال الا عندما يرى المعلم ان الوقت أصبح مناسباً. مثال ذلك: اذا اردنا أن نعلم الباء المفتوحة، فما علينا الا أن نكتب الباء مسبقاً على اللوح بشكليها ( الطويل والمقطوع) مع الفتحة طبعاً، ونغطي اللوح.
يبدأ الدرس بالاعلان أن درسنا اليوم هو ال(بﹶ) وليس الباء، كما وأنه لا نقول للأطفال (البه) كما يفعل أكثر المعلمات. لا نقول الأولى ولا الثانية لأن الطفل لن يرى الأولى ولا الثانية خلال قراءته. فاذا فعلنا ذلك نكون كمن يقوم بتشويش ذهن الطفل من دون أية ايجابية متوقعة. فالطفل عليه تعلم الحرف كما يلفظ بالتمام والكمال. كما وأنه ليس علينا أن نقول له (باء فتحة = ba كما بالفرنسية)، ولكن نكتب الباء مع الفتحة ونقول للأطفال أن الحرف المكتوب (هوالب= ba)، و نكتبه بشكليه: بَ = ﺒَ. نطلب من الأطفال لفظ الصوت مرات عدة بشكل جماعي. كما وعلينا أن نشير أن المعلمة عليها أن تلفظ الصوت بالشكل المفروض بدون أي خطأ، من حيث مخرج الحرف. فقد ثبت علمياً أن الصوتم يجب أن يتعلمه الطفل، لأن التقدم بالعمر لا يحسن اللفظ، انما يتحسن اللفظ بالتعلم الصحيح. اذن على المعلمة أن تحرص على أن يكون مخرج الحرف صحيحاً بامتياز، وهذه مسؤولية وأمانة.
بعد الاعادة الجماعية من قبل الأطفال، نطلب من كل طفل بمفرده اعادة لفظ الحرف، حتى نطمئن الى أن جميع الأطفال يجيدون لفظه. كما وعلينا التأكيد أنه لا يجوز مطلقاً الانتقال الى صوت جديد قبل أن يجيد جميع الأطفال قراءة الحرف وبالشكل الصحيح. ففي السابق كنا نقول أن معيار نجاح المعلم في الدرس هو تمكن 90 أو 95% من الأطفال من القراءة. ولكن المعيار في طريقتنا في تعليم القراءة قد تغير فقد أصبح المعيار هو تمكن جميع الأطفال من القراءة الصحيحة. وهذا التغير ناتج من انه ثبت علمياً أن الأطفال العاديين، أي غير المتخلفين عقلياً، يمكنهم التعلم بهذه الطريقة. فقد سبق وبينا أن الدماغ يتصرف بنفس الطريقة عند جميع الناس عند تعلمهم القراءة. لذلك علينا التاكيد أنه ممنوع مطلقاً الانتقال الى درس جديد قبل ان يجيد جميع الأطفال الحرف (صوتم وروسم).
ملاحظة: ما ذهبنا اليه لم يثبت علمياً فقط انما ثبت عملياً أيضاً وعبر الممارسة لهذه الطريقة.

4 – ننتقل الآن الى مرحلة جديدة وهي تمييز الصوتم في كلمات مختلفة. وهذا التدريب معقد نسبياً. فالمطلوب هنا تمييز الصوتم في كلمات مختلفة. أما التعقيد فهو بسبب تشابه اللفظ للحرف المطلوب سواء كان الحرف يأخذ هذا الشكل (بَ) أم الشكل الآخر، المقطوع (ﺒ). فاذا مارسنا الخلط بين الكلمات التي تحوي الشكل الكامل مع الكلمات التي تحوي الشكل المقطوع، نكون كمن يساعد الطفل على الاعاقة عندما ينتقل من القراءة الى الكتابة. مثال ذلك: (درب، جدب) و(برد، بقول)، ليس هذا فحسب، فهناك الحرف الطويل الغير متصل والطويل المتصل. مثال: (حسب، نسب) و(درب، جدب). فاذا أعطينا هذه الأمثلة المتصلة فهذا يعني أنها تكتب بنفس الطريقة لأنها تلفظ بالطريقة نفسها. لذلك أرى بأنه علينا كتابة الروسم على اللوح ونعطي الأمثلة حيث تتطابق اللفظة مع الروسم المكتوب على اللوح. مثال ذلك: نكتب (بَ) ونعطي الألفاظ التي تحوي الروسم المكتوب على اللوح. مثال: ( درب، تراب، درب...). وعندما نكتب الروسم للباء المتصلة والطويلة علينا اعطاء أمثلة حيث الباء متصلة وطويلة. مثال ذلك: (حقب، حسب، نسب...). نفس المثال بالنسبة للباء المقطوعة والمتصلة.
لماذا كل هذا الجهد؟ لأنه قد ثبت علمياً أن الطفل يملك ذاكرةً قويةً تمكنه من تذكر الكلمة التي سبق ومرت معه، وبالتالي عنده القدرة على التذكر لكيفية كتابتها. فنكون بهذا الجهد نوفر للطفل امكانية الكتابة الصحيحة عند البدء بها.
فتمارين التمييز الصوتمي تلعب دوراً هاماً بالانتقال السهل الى الكتابة اذا تم تنفيذها بالطريقة التي سبق ايرادها.
أما كيفية اجراء هذا التمرين فتكون بالشكل التالي: نطلب من الأطفال أن يضعوا أيديهم على الطاولات ويستمعوا جيداً الى الكلمات التي سوف تتلفظ بها المعلمة، وعندما يسمعون الصوت المطلوب ( ba ) عليهم أن يصفقوا مرة واحدة، أما اذا لم يسمعوا هذا اللفظ فعليهم أن يتركوا أيديهم حيث هي. وهكذا.
ملاحظة: اذا وجدنا صعوبة باللفظ عند الأطفال، علينا أن نريهم كيف نضع شفاهنا ولساننا اذا كان علينا استعماله باللفظ وندربهم فردياً، ان كان ذلك ضرورياً. فبالنسبة للباء نضع شفتينا على بعضهما البعض ونضغطهما ومن ثم نسمح للهواء بالخروج فنحصل على الباء...

5 – كتابة الروسم: لقد قلنا أن الكتابة تسير مع القراءة، لذلك علينا بعد الانتهاء من التمييز السمعي للصواتم الى تعليم الأطفال كتابة الرواسم التي تعود الى الصوتم الذي تعلموه، وهو الباء في المثال الذي أخذناه.

أ – كتابة الروسم في الفضاء: نبدأ باعادة كتابة الحرف على اللوح أمام الأطفال. ندير ظهرنا للأطفال ونقول لهم ما يلي: نرسم خطاً عمودياً صغيرا، ثم خطاً أفقياً متصلاً به وبعدها نرسم ذنباً صغيراً الى الأعلى، فنحصل على الباء. من دون نسيان وضع الفتحة من دون تسميتها لأنها سوف تظل مرتبطة بالحرف الى حين اجادة الطفل للقراءة. بعد ذلك نقف أمام الأطفال ظهرنا اليهم ثم نكتب في الفضاء الحرف باء بنفس الطريقة التي قمنا بها على اللوح شريطة أن يكون أكبر نسبيا ولكن من دون أن ننسى أننا نكتب على مساحة عمودية. هذه الممارسة نكررها مع الأطفال الى حين التأكد من اجادتهم كتابة الحرف.
ملاحظة: اذا ظهرت صعوبات عند بعض الأطفال، نعود الى التمارين الحركية والخطية، لأن عدم الكتابة من قبل بعض الأطفال هو دلالة على عدم نضوج التحكم في حركة اليد. أما في حال وجود أطفال يكتبون باليد اليسرى علينا القيام بنفس التمارين شريطة استعمالنا للثد اليسرى، سواء على اللوح أو في الهواء أو على الدفتر عندما يأتي دور الكتابة على الدفتر.

ب – استخدام اللمس في تعلم كتابة الحرف: ان طريقة التعلم التي تعتمد على مختلف الحواس هي الطريقة التي تثبت المعلومات في عقل الطفل. فحتى الآن استخدمنا العين والأذن، أما الآن فعلينا استخدام اللمس. أما كيفية اجراء التمرين فهي على الشكل التالي: نصنع أحرف بارزة بواسطة الجص أو نكتب الأحرف بواسطة ورق الزجاج الذي يستخدمه عمال الطلاء (الدهان) أو النجارين أو الحدادين. بعها نطلب من الأطفال تمرير اصبعهم على الحرف وهم يتلفظون به. نكرر هذا التمرين حوالي الخمس مرات على الأقل. نعيد نفس التمرين وأعين الأطفال مغمضة، فقد ثبت علمياً أن الذاكرة اللمسية تكون أقوى عندما تكون الأعين مغمضة.
ج – استخدام بطاقات الحروف المتحركة (lettres mobiles ): يمكن اعطاء الطفل عدة بطاقات لحروف مختلفة ونطلب منه جمع الحروف المتشابهة. وفي مرحلة متقدمة نطلب من الأطفال تأليف كلمات من هذه الحروف الموجودة على البطاقات. فهذا تعليم يحمل طابع اللعب. علينا الاشارة الى أن صناعة هذه البطاقات هو من السهولة بمكان.
ملاحظة: ان تأليف الكلمات من البطاقات هي ممارسة مهمة ولكن علينا أن نشير أنه لا يجوز مطلقاً استخدام أي كلمة من دون اعطاء الأطفال معناها. فنحن في هذه الطريقة نعمل على الانفتاح على المعنى بصورة مباشرة. أما في حال شكل الطفل كلمة من دون معنى وهو يلعب ببطاقات الحروف المتحركة، فعلينا الاشارة أمام الأطفال أن هذه الكلمة لا معنى لها ولا يمكن استخدامها.

د – كتابة الروسم على اللوح من قبل الأطفال: حيث أن الكتابة على مسطح عمودي هو الأسهل، لذلك علينا ان ندرب الطفل على الكتابة على هكذا مسطح. نطلب من الأطفال المجيء الى اللوح للكتابة، كل بمفرده، وبنفس الطريقة التي كتبت بها المعلمة. أي أنه على الطفل أن يعطي ظهره لرفاقه ويمسك القلم أو الطبشورة ويقول سأكتب الba . أرسم خطاً عمودياً صغيراً، وأصله بخط أفقي أطول قليلاً ثم أضيف اليه ذنباً صغيراً في نهايته الى الأعلى. ومن المفيد اعادة المحاولة أكثر من مرة واحدة ودائما تحت اشراف مباشر من المعلمة.

6 - قراءة الطفل في كتابه الخاص: علينا الاشارة الى ملاحظتين ضروريتين في هذا المجال.
الملاحظة الأولى: القراءة الصامتة ليس لها أي معنىً على الصعيد العصبي (neurologique )، لذلك لا نطلب من الأطفال القراءة الصامتة في اي حال من الأحوال. القراءة تكون دوماً بصوت عال.
الملاحظة الثانية: لا يمكن بأي حال من الأحوال اعطاء درس قبل درس آخر. أي علينا الالتزام الدقيق بترتيب الدروس في كتاب الطفل. ان عدم الاستجابة لهذا الطلب له آثار سلبية على الصعيد العصبي بالنسبة للطفل ويؤدي الى اعاقة القراءة.
يبدأ الطفل القراءة في كتابه، علماً أنه لن يجد أي روسم لم يسبق له تعلمه. ويقوم الطفل بتأليف مقاطع من الحرف مع الحروف التي سبق له تعلمها. ولا داعي لتكرار أن كل كلمة يجب ان يعرف معناها. وان الكلمة التي يؤلفها وليس لها معنىً، علينا ان نقول للأطفال أن هذه الكلمة لامعنى لها لذلك علينا التفتيش على غيرها ان وجد.
ان تكرار القراءة من قبل الأطفال وبصوت مرتفع مفيد جداً لهم. ولا بأس من القراءة الجماعية شريطة أن تكون على وتيرة الطفل الأبطأ بالقراءة.
عندما يصبح بامكاننا كتابة الجمل في الدرس تصبح وتيرة العمل وشكله مختلفا. نكتب كل جملة وحدها، اي نرجع الى السطر، وهذه الممارسة تكون مؤقتة ومرتبطة بامكانية الأطفال على تمييز الجملة.
عند قراءة الجملة من قبل الطفل نطلب منه شرح المعنى التي أفادته ونطلب منه صياغتها بلغته الخاصة. فالفهم هو الامكانية على الصياغة باللغة الخاصة. وهذا ما نعنيه بأن هذه الطريقة تساعد الطفل على الانفتاح على المعنى مباشرة.
ان عدم وجود رسوم في كتاب الطفل جاء نتيجة الدراسات النظرية التي قام بها Stanislas DEHAENE والتي أثبتت أن الرسوم والألوان تشتت انتباه الطفل عن القراءة. لذلك نجد ان كتاب الطفل هو أسود وأبيض فقط. فالمتعة يجدها الطفل في الانفتاح على المعنى مباشرة كما أثبتت السيدة Ghislaine Wettstein-Badour من خلال التجارب العملية التي قامت بها والتي تمتد الى أكثر من عقد من الزمن. على كل حال فسوف يتأكد من ذلك كل من يستعمل هذه الطريقة في تدريس الأطفال القراءة.

7 – الكتابة: الكتابة على اللوح مختلفة عن الكتابة على الدفتر، فهي أسهل. ألم نقل ان الكتابة على مساحة عمودية أسهل من الكتابة على مساحة أفقية. دفتر الطفل يجب أن يكون (دفتر حساب) أي مربعات صغيرة. فالأسطر الموجودة تعتبر مؤشرات بالنسبة للأطفال، وكذلك الأسطر العمودية. كما وعلينا الاشارة أن المعلمة عليها وضع نقاط البدء بكتابة الحرف على دفتر الطفل مع السهم الذي يدل الطفل على الاتجاه الذي عليه ان يتجه اليه. أما اذا توقعت بعض الصعوبات فما عليها الا أن تكتب للطفل أحرف منقطة حتى تسهل عليه كتابتها ... الى أن يصبح بامكانه كتابتها من دون التنقيط والأسهم. وفي هذا المجال لابد من الاشارة الى التنبه الى الأمور التالية:
أ - كيفية جلوس الطفل. (جلسته يجب ان تكون صحية بحيث لا تزعج العمود الفقري).
ب - كيفية مسكه القلم. (مسك القلم يكون بثلاثة أصابع وليس بأكثر).
ج - كيفية وضع الدفتر. ( يجب أن يكون مائلاً بحيث يتلاءم مع حركة اليد).
د - يبدأ الطفل بالكتابة دائماً من أعلى الى أسفل.
ﻫ - يبدأ الطفل بالكتابة بقلم الرصاص وليس بقلم الحبر.
و - يجب عدم السماح للطفل بالكتابة على ورقة بيضاء غير مسطرة، فهو بحاجة الى مؤشرات (repère ).
ز - هناك بعض الحركات يقوم بها الطفل وهو يكتب وتكون مؤشرات على عدم الثقة بالنفس وليس لها علاقة باجادته الكتابة أو عدمها؛ ككثرة استعمال الممحاة عند الكتابة مع أن كتابته تكون صحيحة في أكثر الأحيان.
ح - لا بأس من أن تكتب المعلمة نموذجاً للحرف الذي على الطفل كتابته (نموذج على كل سطر). على أن تكون غاية المعلمة هو أن يتوصل الطفل الى الكتابة بالشكل الصحيح سواء أأتم كتابة الكمية المطلوبة أم لا. ( النوعية هي المهمة وليس الكمية).
ملاحظة: يجب أن يكون خط المعلمة ممتازاً. هذه النقطة لا يمكن التهاون به لأن سوء خطها سينتقل الى تلامذتها من غير ذنب اقترفوه.

8 – النسخ: هذا النشاط ضروري جداً للأطفال، ويجب أن يجرى في كل يوم. ولا بد من الاشارة في هذا المقام أن هذه الممارسة ليست سهلة على الأطفال لأنهم ينقلون الحرف أو الكلمات عن مسطح عمودي (اللوح) الى مسطح أفقي (الدفتر).
لماذا نقوم بهذا النشاط؟
أ – حتى يتدرب الطفل على كتابة الأحرف والكلمات، وهذا يسهل الاملاء.
ب – للتدرب على تحسين الخط.
ت – حتى يتدرب على الكتابة السريعة.
ث – ولا يخفى علينا أن نسخ الطفل لما سبق له أن تعلمه يساهم في مراجعة المعلومات وتثبيتها.
ماذا ينسخ الطفل يوميا؟
ينسخ ما أخذه في اليوم نفسه وبعص مما تعلمه في الأيام السابقة.

9 – الاملاء: انها تمثل نشاطاً هاماً سواء للمعلمة أو للطفل. فالاملاء تمكن المعلمة من معرفة ان كان الطفل قد تمثل المعلومات التي أخذها وان كانت قد أصبحت معارف لديه. أما بالنسبة للطفل فهي المدخل له بالنسبة لامكانيته المستقبلية على تدوين مكتسباته.
تصحيح الاملاء يتم افرادياً أي أنه على المعلمة أن تطلع بنفسها على جميع دفاتر الأطفال. عند التصحيح تشجع الطفل على ما كتبه بصورة صحيحة وترشده الى كيفية الكتابة الصحيحة حيث ارتكب الخطا، ولكن من دون أي تعنيف أو استهزاء. كما وان مناقشة المعلمة أخطاء الطفل معه تشعره وكأنه أصبح كبيراً وهذا موقف ايجابي جداً بالنسبة للطفل. أما من يذهب الى أنه على المعلمة أن تشجع الطفل سواء أخطأ أم لا، فهذا لا يعتبر ايجابيا لأن الطفل يعلم أن المعلمة لا تعبر عن حقيقة ما فعله. كما وأن التشجيع يلعب دوره الايجابي ان كان في موقعه الصحيح وليس كما اتفق. اي اذا كان لا بد من التشجيع فما على المعلمة الا أن تطلب من الطفل ممارسةً او نشاطاً تعرف مسبقاً انه بامكانه اتقانه حتى تشجعه على حسن تنفيذه.
عند القيام بهذا النشاط يمكن ادخال بعض مبادىء النحو، حيث أنها تؤثر على كيفية كتابة الكلمة (مؤنث، مذكر، مفرد، مثنى، جمع، فعل، فاعل...)، من غير أن تعتبر المعلمة أنها تدرس الأطفال القواعد العربية. ومن الجلي أن هذا النشاط لا يبدأ الا بعد أن يقرأ الطفل الجمل. فالجملة هي نص يحمل معنى.
ملاحظة: لقد أثبتت التجربة العملية أن الأطفال الذين تعلموا القراءة بواسطة الطريقة التركيبية الصوتمية، كانوا يبدون الانشراح في حصص الاملاء.

10 – الراحة: بعد هذه الجهود المضنية التي بذلها الأطفال لابد لهم من الراحة. نطلب منهم أن يضعوا أمامهم كتب القراءة ويرسموا، أي يعبروا عن درسهم بواسطة الرسم. والرسم يكون حراً، ان لم يكن كذلك فهو لا يعبر عن ذات الذي يرسم. وأما بالنسبة للذين لا يحبون الرسم فيمكن ان يقوموا بأي نشاط ترفيهي هادف توافق عليه المعلمة. ومن المؤكد أن لدى المعلمة الكثير من الأفكار الخلاقة.

حسن ملاط

الأحد، 5 أبريل 2009

محاكم التفتيش

التبشير المبكر بعودة محاكم التفتيش

أجرت جريدة "الحياة" اللندنية حديثاً مع الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية السعودي منذ أمد بعيد في 1 – 4 - 2009. فهو الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب لأنه وحده من بين جميع الوزراء الذي لم يتغير ولم يتبدل. وقد منّ عليه خادم الحرمين الشريفين أخيرا بمنصب النائب الثاني لمجلس الوزراء. وهذا المنصب يعني أنه أصبح "مرشح ملك" لأن ولي العهد الحالي الأمير سلطان يعاني من المرض المزمن. وحيث يعلم أهمية هذا التعيين، فقد بادر الأمير الى التعبير عن خطته المستقبلية ان كان على صعيد المملكة أو على صعيد الوطن العربي. قال الأمير للحياة أن "الدولة تنتهج تطبيق الشريعة والسنة منذ أن تأسست وهو أمر سيستمر – ان شاء الله – ما بقيت الحياة". ان أهم ما يميز العقيدة الاسلامية، حتى بالمفهوم المعتمد في السعودية، أن الانسان المسلم لا يوالي أعداء المسلمين، ومن يفعل ذلك يعتبر مرتدا. وما من أحد الا ويعلم ارتباط النظام السعودي بالولايات المتحدة الأمريكية رغم عداء هذه الأخيرة للعرب والمسلمين من طنجة الى جاكرتا. فتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم تستدعي الجهر بالعداء لمن يحتل أرض المسلمين ظلماً وجوراً، وبمعاونة من النظام السعودي وغيره من الأنظمة المرتبطة بالادارة الأمريكية. يقول تبارك وتعالى: "ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا".
ان ما تقدم يعتبر أقل خطراً على شعوب أمتنا من الاقتراح الآخر "لمرشح ملك" على رأس المملكة العربية السعودية صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم. اسمعوا الى ما يقوله الأمير: "نحن نقول لا بد من وجود أمن فكري وهذا في الحقيقة ما ندعو إليه في المملكة وعندما تم عرضه على طاولة وزراء الداخلية الجميع أجمعوا على ذلك. وهو أنه لا بد من أمن فكري يهتم به اهتماماً لا يقل عن الاهتمام بالأمن العام، وأنا على قناعة كاملة أن الأمن الفكري يأتي بالدرجة الأولى لأنه محاربة الفكر بالفكر وتنقية الأفكار الشاذة من الأذهان، ومنع تأثر كل من يمكن أن يكونوا فريسة لتوجيهات خارجية أن يقابلهم رجال مهتمون بتنقية الأذهان من الشوائب الخاطئة التي لا تتفق مع العقيدة والشريعة الإسلامية ولا تتفق أيضاً مع المصالح الوطنية. ولذلك نحن دعونا الجامعات العربية ورجال الفكر والقلم، وربما يكون للإعلام، دوره البارز في هذا الأمر، وتم هذا أيضاً كما تعرف في لقاء سابق بيننا وبين وزراء الإعلام. ونحن نرى أنه لا بد أن يكون للإعلام دور أكبر في هذا الأمر ليس فقط في تأييد الأمن ولكن حتى بإبداء الملاحظات بالشكل الإيجابي حتى نحقق الأمن الفكري ونغير الأفكار الشاذة التي غزت عقول شبابنا بأشياء لا تتفق في أي حال مع الأحوال مع مصلحة الوطن والمواطن.
وأعتقد أنك سمعت ما صدر عن جامعة الملك سعود ومديرها الدكتور عبدالله العثمان في وقت سابق أنه سيكون هناك مؤتمر للأمن الفكري وسيتشرف المؤتمر برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسينشئ كراسي بحث في ذلك وإيجاد جوائز لأفضل بحث. وما طلبناه نحن من الجامعات هو أن يطلبوا من المفكرين ورجال العلم وأساتذة الجامعات أن يهتموا بتقديم مشاريع أمن فكري تستطيع أن تحقق الأمن وتنقية الأفكار الخاطئة من أذهان المغرر بهم. ما يحز في النفس هو أن أصحاب الفكر الشاذ يخدعون ويؤثرون على بقية الشباب لينخرطوا في عمليات الإرهاب، وأظن الاعترافات التي أدلوا بها من أتوا وعادوا للوطن كانت تعبر عن هذا ولذلك فأننا نصر على ضرورة وجود أمن فكري يقوم به الرجال المؤهلون لهذا العمل".
هذا الكلام أبلغ من أن يعلق عليه. انه دعوة صريحة لانشاء محاكم تفتيش على الطريقة التي قامت في أوروبا على يد الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى، والتي كانت تحاكم عقول البشر. كانت قد بدأت ثورة الأفكار في أوروبا، وكان المسيطرون على الكنيسة متخلفين عن ركب الأفكار الحديثة من جهة، وكانوا الممثلين لسلطة الاقطاع في الوقت التي كانت الثورة البورجوازية تتقدم لازاحة السلطة المتخلفة للاقطاع. من هنا كان عليهم استخدام شتى أنواع القمع للقضاء على بذور المجتمع الجديد.
لقد بينا في مقالة سابقة ان الادارة الأمريكية قد "طلبت"، حتى لا نقول "أمرت" حلفاءها بتغيير المناهج التعليمية التي تأمر بقتال الأعداء، أعداء الناس أي أعداء الله. وكان نشوء تيار الوسطية على أيدي خدم الملك الأردني، الذين يحاولون جاهدين وبمعاونة مختلف الأنظمة العربية والاسلامية على استبدال الاسلام بالوسطية مبشرين بضرورة اقناع أعداء الأمة أن لا يكونوا أعداء. ذلك أنه ليس بامكانهم اعطاء صفة للكيان الصهيوني والغرب الداعم لهذا الكيان غير صفة العداء. ولو فعلوا غير ذلك لانفض الناس من حولهم، ولا يعود بامكانهم تصدير أفكارهم المسمومة. المهم في هذا المقام أنه رغم الجهود الحثيثة، والمدعومة، لم يتمكن هؤلاء من بعث تيار له ثقل سياسي يجعل هذه الأنظمة تستغني عن القمع المباشر وبأشكال متعددة. بل على العكس من ذلك رأينا أن تيار المقاومة قد حقق انتصارات لها ثقلها على صعيد الأمة. ان اضطرار الادارة الأمريكية الى التفتيش عن "هروب مشرف" لها من العراق، هو انتصار بشكل أو بآخر للمقاومة العراقية. والصومال الذي لايوجد فيه مجتمع متماسك، لم يتمكن الأمريكان من الاستقرار فيه، لذلك استخدموا القوات الاثيوبية لتقوم مقامهم. والجميع يعلم أن هذه القوات قد انسحبت تحت ضربات المقاومة. أما في لبنان فان أول انتصار حقيقي على العدو الاسرائيلي حققته مقاومة الشعب اللبناني في الألفين والانتصار الآخر كان في الألفين وستة. هذا اذا لم نعرج على أفغانستان وباكستان. اذن لم يتمكن تيار الوسطية من بث روح التخاذل عند شعوبنا العربية أو الاسلامية، فلا بد اذن من أن تكشف السلطات عن معدنها الحقيقي: "نحن نقول لا بد من وجود أمن فكري". هذا ما قاله الأمير. أي بصيغة أخرى: على جميع الناس أن يفكروا كما تفكر السلطات والا يكون الأمن الفكري مهددا. وهناك الكثير من المرغبات للمسؤولين عن الأفكار، أي المثقفين، "ولذلك نحن دعونا الجامعات العربية ورجال الفكر والقلم"، هكذا يقول الأمير. فالمثقفون مدعوون الى تغطية الاتجاه الى اقامة محاكم التفتيش، ولكل منهم أجره. ونحن نعلم السخاء والكرم عندما يتعلق الأمر باستعباد الناس.
ما تقدم هو التطبيق القمعي لأوامر الادارة الأمريكية بتغيير المناهج التعليمية التي تأمر باستعداء الأعداء. أما الأخطر من ذلك كله أن الأمير يصرح بأن: "هذا في الحقيقة ما ندعو إليه في المملكة وعندما تم عرضه على طاولة وزراء الداخلية الجميع أجمعوا على ذلك". انها بشرى سارة الى جميع الأقلام التي لا تكتب بناءً لأوامر السلطان لتأخذ حذرها أو ليحضر الأحرار أنفسهم لمقاومة محاكم التفتيش المنوي انشاءها.
على جميع المثقفين اثارة هذا الموضوع في جميع المنتديات الثقافية والشعبية حتى لا يأخذوا على حين غرة، ولات ساعة مندم.

حسن ملاط