بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 22 يونيو 2017

عن الإنتخابات الفرنسية

           
حسن ملاط
كانت التحركات الشعبية الفرنسية في العام 1968 تحمل الطابع الطبقي والوطني في نفس الآن. بينما تحركات ال2005 حملت طابعاً مزدوجاً، أحدهما يحمل سمة الفرنسيين من أصول إسلامية، وطابعاً آخر هو تحركات الضواحي.
ما الذي تغير حتى تغير طابع التحركات، علماً أن التحركات في 1968 كانت في الضواحي أيضاً، ولكنها لم تقتصر عليها؟
1-         ما استُجد هو تأسيس الإتحاد الأوروبي في 1993.
2-         انخراط فرنسا في الجسم الأوروبي.
3-         ترسخ العولمة النيوليبيرالية على المستوى العالمي أكثر من السابق.
4-         ظهور مشكلة الهوية (محلية أو أوروبية)على المستوى الثقافي وعلى المستوى الشعبي.
5-         تمكن الإدارة الأمريكية من ربط مسألة الإرهاب بالإنتماء الإسلامي، ما ترك تأثيراً كبيراً على الساحة الفرنسية وذلك لأن المسلمين في فرنسا عددهم كبير.
6-         الإهمال المتعمد للضواحي بسبب الإنتماء الإتني الغالب.... إلخ
هذه العوامل، بالإضافة إلى عوامل أخرى أدت مجتمعة إلى تفكك المجتمع الفرنسي. وهذا التفكك كانت انعكاساته السلبية على مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمها الأحزاب.
أين الأحزاب الفرنسية؟ أين الحزب الشيوعي الفرنسي الذي قاد المقاومة الفرنسية ضد الغزو النازي لفرنسا؟ أين الحزب الإشتراكي؟ أين الحزب الديغولي، الجمهوريون؟ أين النقابات المهنية؟ كلها تفككت...
تغيرت هوية النضالات، فانفتاح السوق على الفضاء العالمي (منظمة التجارة العالمية)، هيمنة الرأسمال المالي... أدى إلى انتقال الصناعات إلى البلدان ذات الأجور المنخفضة، وهذا بدوره غير مضمون الصراع من طبقي إلى تنافس ما بين العمال على وظيفة بسبب انتقال الوظائف من المركز إلى الأطراف.
تمكن حزب ماكرون من حصد 355 نائباً من أصل 577 نائباً العدد الإجمالي للجمعية الوطنية الفرنسية.
إن مجرد حصوله على هذا العدد يعني أن الإنتماءات السياسية أصبحت واهية. كيف ينتقل الناس من معسكر إلى معسكر آخر لم يعلن حتى عن مفاهيمه السياسية والإقتصادية والتربوية، إنما أعلن عن برنامج انتخابي. يضاف إلى ذلك أنه لم يمض على تأسيس الحزب الوقت الكافي لتعرف الناس عليه.
هذا ما يجعلنا نستنتج أن ما فقده الشعب الفرنسي هو الإنتماء السياسي. ودليلنا على ذلك هو مشاركة 40% فقط في الإنتخابات من مجموع الشعب الفرنسي.
من هنا نرى بأن أغلبية ماكرون تمثل فقط 24% من مجموع الشعب الفرنسي. أما المعارضة فتمثل 16% فقط من مجموع الشعب الفرنسي. وهذا ما يجعلنا نقول أن الشعب الفرنسي هو خارج الجمعية الوطنية. كما ويمكننا التأكيد أن جميع القوانين التي ستصدر لا تحمل طابع الشرعية الشعبية.
خلاصة
العولمة النيوليبيرالية قضت على التضامن الوطني وعلى الهوية الوطنية. كما أنها تشوه مضامين الصراع الحقيقي وتعطيه هوية مزيفة تؤمن لها مصالحها كطبقة.
فرنسا، كما معظم الدول الأوروبية وخاصة في جنوب القارة، هي في مرحلة مخاض، مرحلة إعادة تأسيس الهوية الوطنية.
ماكرون رئيس تحت الإختبار!



الجمعة، 9 يونيو 2017

هل من احتمال لعدوان صهيوني؟

        
حسن ملاط
يبدو أن الحركة القائمة اليوم من قبل الإدارة الأمريكية من أجل فرض حلول معينة على المنطقة سوف يكون لها انعكاسات دراماتيكية على لبنان. فالغايات التي حددتها هذه الإدارة تتلخص بأمن الكيان الصهيوني وبمنع وجود تواصل بري بين إيران ولبنان عبر العراق وسورية.
وهذا الأمر ليس جديداً. فطوال المرحلة السابقة كانت القوات الأمريكية تمنع القوات الحليفة لإيران من تأمين تواصل آمن من حمص إلى ديالى العراقية عبر دير الزور. فقد كانت الطائرات الأمريكية تقصف القوات الموالية للنظام مرة "خطأ" وأحياناً عبر السماح للقوات المعادية للنظام، بمختلف تسمياتها، بالإغارة على قوات النظام في دير الزور.
أما على صعيد كيان العدو، فقد أعلن أنه لن يقبل بتواجد قوات إيرانية أو قوات لحزب الله في المناطق المجاورة للأراضي المحتلة. وهذا الأمر كان يحلو للأمريكين وللروس في نفس الوقت. ولكن التطورات الداخلية الأمريكية والتي منعت من خلالها المؤسسة الحاكمة في أمريكا الرئيس الأمريكي من ترجمة صداقته للروس، هذه الأوضاع أدت بالروسي إلى محاولة خربطة السلوك الأمريكي في جنوب سورية ، وصولاً إلى الحدود المشتركة مع العراق.
دعونا نفصل أكثر.
1-        أمريكا: ما تريده هو أن تكون المنطقة الشمالية من سورية والجنوبية والشرقية خالية من أية قوات إيرانية أو حليفة لإيران. فهي تريد منع التواصل بين سورية وإيران عبر سورية سواء من الشمال عبر الموصل أو من الشرق عبر البوكمال أو التنف.
وإضافة إلى ذلك تريد أمريكا أن لا تتورط مباشرة في هذه الحرب، من أجل ذلك لجأت للأكراد في الشمال، وتريد من الأردن وقوات المعارضة السورية القيام بهذه المهمة في الشرق والجنوب. وبما أنها تعلم أن القوات الأردنية مع قوات المعارضة لا تستطيع القيام بهذه المهمات منفردة، وبما أنها لا تريد توريط قواتها، فهي ستلجأ إلى تحييد القوى الأساسية الفاعلة في المعسكر الموالي لإيران، وهي قوات حزب الله اللبناني، الرافعة الحقيقية لقوات النظام السوري وللميليشيات العراقية والأفغانية الموالية لإيران.
هذا العمل يتطلب سحب قوات حزب الله اللبناني من الساحة السورية وإعادتها إلى لبنان. وعوضاً عن القيام بهذا العمل عبر التفاوض، لجأت الإدارة الأمريكية إلى الضغوط المالية على الحزب والتهديد بتشديدها. أما الحل الثاني فهو بإجبار الحزب على سحب قواته من الأراضي السورية وذلك للدفاع عن الأراضي اللبنانية في حال شن العدو عدواناً على لبنان.
أما على الصعيد الإيراني المباشر، فإن التطورات الدراماتيكية الحاصلة في الخليج سوف تجبر الإيرانيين على التعامل مع الأوضاع المستجدة بالتعاون مع الأتراك وقطر. وهذا ما سيؤدي إلى تجميد جزء من القوى المسلحة الإيرانية خارج بلادها، لأن ما يحصل في الخليج هو على حدودها مباشرة.
2-        الكيان الصهيوني أظهر وبصورة علنية استعداده للتعامل مع الوضع المستجد في جنوب سورية. فقد قال المدير العام لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، حاغاي تسورئيل، في مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، على هامش المعرض السنوي الثامن للدفاع في تل أبيب، إن «القضية النووية الإيرانية ستكون دائماً أولوية عليا. لكن الاحتمالات السلبية التي يتضمنها الاتفاق النووي ستصبح أكثر تهديداً مع مرور الوقت، في حين أن تهديد الهيمنة الإيرانية في المنطقة فوري».
وأضاف تسورئيل، أمام حشد دولي من الخبراء العسكريين في شؤون الدفاع، أن التطورات في سوريا أوجدت «خللاً قوياً في التوازن الإقليمي لمصلحة إيران»، مشدداً على أن «تعزيز حضور إيران في سوريا مسألة يجب معالجتها الآن. وختم تسورئيل بالقول إن «على الغرب وإسرائيل أن يمنعا التهديد الذي تمثله إيران من النضوج. إذا تمكنت إيران وحزب الله من إرساء وجودهما في سوريا، فان ذلك سيكون مصدراً دائماً لعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها. حتى موسكو تفهم هذا».
وهل غير العدوان على لبنان يمكن أن يجبر حزب الله على ترك الساحة السورية؟
3-        لبنان وحزب الله: اقتصر التعامل بين حزب الله والعدو الصهيوني على إرسال التهديدات المتبادلة. فالطرفان يعلمان حق العلم أن الساحتين ستتضرران من إمكانية قيام حرب بينهما. فهما قد أرسيا ما يسمى بتوازن الرعب خلال العشر سنوات التي تلت عدوان تموز الذي مُني فيه العدو بهزيمة نكراء.
الفرق بين عدوان تموز والعدوان المزمع القيام به حالياً، هو أن العدوان الأول قام به العدو تنفيذاً لأجندة داخلية. أما العدوان الحالي، إن حصل، فهو تنفيذاً لأجندة مزدوجة: داخلية وخارجية لصالح الإدارة الأمريكية.
الداخلية هي لإعادة ثقة جندي العدو بنفسه بعد الهزائم المتكررة أمام مقاتل حزب الله، ابتداءً من 1997 حتى 2006 مروراً بأهم المحطات في 25 أيار ال2000.
أما الأجندة الخارجية والمتداخلة مع مصلحة صهيونية هي إبعاد قوات حزب الله والقوات الموالية لإيران عن الجولان السوري المحتل.
هل العدوان حتمي الوقوع؟
لن يقبل الحزب ولن تقبل إيران بتقديم خدمات مجانية للإدارة الأمريكية ولا للعدو الصهيوني. من أجل ذلك، يمكننا القول أن أرجحية قيام العدوان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتطورات الوضع على الساحة السورية.
لا يزال المجتمع الدولي مصراً على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، ولكن لا نعتقد أن الإدارة الأمريكية سوف تشرك قواتها في الحرب السورية حتى تحيد لبنان عن إمكانية وقوع العدوان على شعبه وأرضه.
                                9 حزيران 2017