بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

ماذا في السودان؟

 

              

حسن ملاط

لقد أثبت الشعب السوداني أنه شعب حي بجميع المقاييس. فقد أعلن انتفاضته على حكم البشير، الرئيس السوداني السابق، منذ التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر/ من سنة 2018، وتمكن من إطاحته.
تسلم تحالف البرهان – حميدتي الحكم في 12 نيسان/ابريل/ 2019. ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف مظاهرات الشعب السوداني مطالبة باطاحة العسكر من السلطة وتسليمها للمدنيين.

لم يستجب التحالف العسكري للمطالب الشعبية التي لم تفتر يوماً رغم استعمال القمع العنيف وسقوط العديد من الشهداء المدنيين.
بعدما تبين للتحالف العسكري أنه لم يعد بإمكانه إسكات الناس، لم ير بداً من استخدام أسلوب آخر: التصارع على السلطة.
إعتقد حلفاء الأمس، أعداء اليوم، حميدتي والبرهان، أنهم سيتمكنون من قمع الحركة الشعبية باستقطابات ذات طابع فئوي أو قبائلي... الخ. ولكن تبين لهم استحالة ذلك.
وهكذا بدأوا بقصف المدنيين حيث سقط أكثر من 500 شهيد.


من هم حلفاء الطرفين؟


إن أول من قام بالجهود للحفاظ على تحالف البرهان-حميدتي، هو الكيان الصهيوني. فالاتفاقات التي أجراها التحالف الحاكم مع العدو الصهيوني لم تُعجب الشعب السوداني. لذلك رأينا المتظاهرين ضد العسكر يرفعون مطلب قطع أي علاقات مع العدو الصهيوني الى جانب المطالب السياسية والحياتية.


ما هو واضح جداً أن المقصود من اثارة هذه الخلافات الجهوية بين حلفاء الأمس هو القضاء على الحركة الشعبية ذات الحيوية الاستثنائية في السودان. وفي حال عدم تمكنهم من ذلك، فمن الأرجح أن يُصار الى تقسيم السودان مجدداً وذلك باستقلال إقليم دارفور عن الخرطوم... ولا نعلم إذا كان هناك من أقاليم أخرى ستخطو بهذا الاتجاه!
هل تتمكن الحركة الشعبية السودانية من التصدي لجميع هذه المؤامرات؟

                       القلمون في 25 نيسان/ ابريل/ 2023

الأحد، 23 أبريل 2023

الانتخابات الرئاسية في لبنان

 

          

حسن ملاط

 

مقدمة

لقد مضى على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون ستة أشهر ولم يتم حتى الآن انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.
أسباب عدم الانتخاب
إن أهم سبب لعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو عدم امتلاك أي فريق من الأفرقاء السياسيين والطائفيين أكثرية تسمح له بتأمين النصاب لانتخاب الرئيس الذي يريده.
كما وأن التوافق على رئيس غير الذي يريده حزب الله هو أمر متعذر، خاصة وأن الحزب هو القوة التي لا يمكن تجاوزها في أي موضوع داخلي.
أما القوى الأخرى فلم تتمكن من الاتفاق على اسم يُرضيها حتى تطرحه في بازار الانتخاب، علماً أن اتفاقها لا يؤمن لها إمكانية انتخابه.
من هنا، يمكننا التأكيد أن المرشح الجدي الوحيد، مع التأكيد على "الوحيد"، هو سليمان فرنجية الذي يؤيده حزب الله بالإضافة الى الرئيس بري وكتلته.


ما هي الشروط التي يجب تأمينها لانتخاب فرنجية رئيساً؟

علينا التأكيد أن الحزب جاد بترشيح فرنجية ولا يمكنه التنازل عن التمسك به لأسباب عديدة أهمها:
1- تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة والذي نتج عن توتر الوضع الداخلي الذي استمر لأشهر عديدة مع عدم تمكن السلطات من إيقافه بالرغم من استخدام العنف.
2- تمكن العدو الصهيوني من القيام بعدة عمليات عدوانية داخل الأراضي الإيرانية من دون أي رد فعل من السلطات باستثناء  التهديد الكلامي والاشادة بما تملكه من أسلحة متطورة.

3- تغطية ورعاية الترسيم البحري مع العدو الصهيوني والذي يشكل تنازلاً لصالح العدو بالرغم من أن الترسيم بين لبنان وفلسطين الذي قامت به الدولتان المستعمرتان لفلسطين ولبنان، فرنسا والمملكة المتحدة، يعتبر أن الخط 29 هو لبناني، أي أن حقل كاريش الذي وُهب للعدو الصهيوني الذي بدأ تصدير النفط منه هو حقل لبناني.
4- عدم امتلاكه الأكثرية البرلمانية التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق.

5- إضطرار ايران والسعودية للتوافق بينهما وإعادة العلاقات بسبب الخسائر الكبيرة التي سببتها لهما حرب اليمن، مما أثر على الاندفاعة الإيرانية بامتلاكها للقرار سواء في العراق، سورية أو لبنان.
هذه الأسباب جميعها اضطُرت الحزب على التشدد بشأن انتخاب رئيس يُرضيه ومن دون أي شائبة.
هل يمكن تأمين انتخاب فرنجية؟
من المعروف أن القوى المسيحية بمجموعها لا تقبل برئاسة فرنجية، وبما أن الكتلة الأهم مسيحياً، القوات اللبنانية، تتأثر برأي السعودية بانتخاب الرئيس، لذا لا بد من قبول السعودية تغطية انتخاب سليمان فرنجية رئيساً.
كيف تتأمن هذه التغطية؟
من المعروف أن سليمان فرنجية على علاقة تاريخية مع عائلة الرئيس الأسد ومنذ أيام جده. هذه العلاقة لم تنقطع أبداً. من هنا، يمكن تغطية عربية لانتخاب فرنجية عبر رئيس النظام السوري.
هذا الغطاء يتطلب توافقاً سعودياً سورياً ينزع الصفة الإيرانية الصافية عن فرنجية ويُضفي عليه صفة سورية عربية في نفس الآن.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن الرئيس الأسد يُمكنه القيام بهذا الدور بسبب تراجع فعالية الدور الإيراني كما كان في السابق خاصة أن روسيا، الولايات المتحدة، تركيا ودول الخليج تريد جميعها للنفوذ الإيراني أن ينحسر في الداخل السوري.
وهذا بدوره مشروط باستعداد دول الخليج بقيادة السعودية على تأمين الدعم اللازم للرئيس الأسد، وخاصة في موضوع إعادة الإعمار.
وبما أن حزب الله لا يمكنه تجاهل الدور والإرادة السوريتين، فهكذا يُصبح ملزَماً بقبول فرنجية برداء جديد تغلب عليه الصفة العربية والتي يؤمنها رئيس النظام السوري.
أخيراً، يُمكن انتخاب رئيس جديد للبنان يحظى بتوافق داخلي يؤمّنه التوافق الإقليمي بين القوى الفاعلة: ايران والسعودية.

                             القلمون في 23 نيسان/ ابريل/ 2023