بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 16 مارس 2017

عن جهاد الزين

                
حسن ملاط
يقول جهاد الزين: رجب طيِّب أردوغان اليوم في 2017 ينقل معركته إلى قلب حياة مسلمي أوروبا وليس أتراكَها فقط غير عابىء بمعضلات تصاعد الوعي المتأزم لدى المسيحية الأوروبية والأميركية بعلمانييها ودينييها حيال ضرورة إعادة تنظيم موضوع استيعاب ملايين المسلمين داخل نموذج للحياة الديموقراطية منحهم ومنح مبدعيهم بالنتيجة فرص تكوين وعمل وحياة لا يتمتع بها المسلمون في بلدانهم الأصليّة. هو وعيٌ متأزم يلعب فيه الصعود ولو الأقلوي عدديا لإسلام بأيديولوجيا متوحشة يقودها تكفيريون متوحشون، دورا قاتلا في إثارة ذعر الأوروبيين الأصليين ويدفعهم نحو أحضان اليمين القومي المتطرف في أكثر من بلد غربي. (النهار)
كان جهاد الزين يراهن على أردوغان لأنه اعتقد أن الأخير يبني إسلاماً يتناسب مع توجهات الأستاذ جهاد الفكرية. ولكنه صُعق عندما رأى أن أردوغان لديه مشروعه الخاص. مشروع لا علاقة للإسلام به. مشروع للحكم مدى الحياة. هاجمه الأستاذ جهاد لأنه دكتاتور، وهو محق بذلك. أما أن يبرىء الغرب من كل جرائمه ويضعها في سلة أردوغان، فهذا ليس صحيحاً مطلقاً، حيث أن الوقائع التي يعرفها الأستاذ تُثبت ذلك.
1-        تمكن أردوغان أن يبني مجده بتمثيله للبورجوازية التركية الصاعدة بمعاونة الإتحاد الأوروبي. فقد اشترط الإتحاد دمقرطة القوانين التركية حتى تصبح تركيا مؤهلة لدخول الإتحاد الأوروبي. وهذا ما ساعد أردوغان على كف يد الجيش عن التدخل في السياسة.
2-        تمكن أردوغان من مضاعفة الدخل الفردي للمواطن التركي 300% خلال سنوات محدودة. لذلك كان التأييد لحزبه من مختلف اتجاهات الشعب التركي: اليساري واليميني والكردي والعلوي.
3-        فتح مفاوضات مع أوجلان لإنهاء المسألة الكردية سلمياً. ووقف القتال. وعندما استأنف الأكراد القتال كان أوجلان ضد هذا الإستئناف، ولكن تغير الظروف أدى إلى أن أردوغان أصبح بحاجة إلى هذا القتال من أجل رفع حدة الصراع الإتني من أجل التمكن من تغيير الدستور.
4-        أوروبياً
أ‌-               كان أردوغان يتعاون مع أوروبا من أجل منع الهجرة ولكن أوروبا لم تف بالتزاماتها.
ب‌-      العمليات الإرهابية في فرنسا أو في بلجيكا قام بها فرنسيون وبلاجكة من الجيل الثالث من المهاجرين، إضافة إلى أنهم غير ملتزمين إسلامياً.
ت‌-      إيمانويل ماكرون، المرشح الحالي لرئاسة الجمهورية في فرنسا، والذي كان وزيراً للإقتصاد إبان العمليات الإرهابية في باريس، أعاد السبب ليس إلى إسلام أردوغان، إنما إلى إهمال الحكومات الفرنسية المتعاقبة للضواحي حيث يعشش الفقر والجريمة والمعروفة من قبل السلطات الأمنية.
ث‌-      أما إدغار موران، الفيلسوف الشهير، وزملاء له، يربطون الإرهاب بأسباب فرنسية أو أوروبية داخلية من دون إنكار التأثر (وليس الإلتزام) بالحركات الإرهابية في الشرق الأوسط.
5-        أما عن الإسلام على الطريقة الغربية، فالسيد جهاد الزين يعرف أن الناشط السويسري والأستاذ الجامعي في بريطانيا، طارق رمضان، والذي يدعو إلى "مسلم على النمط الغربي" والذي لا يدعو إلى العنف، ولكنه يدعو إلى قيم إسلامية تتكامل مع القيم الغربية، كان ممنوعاً من دخول فرنسا وأمريكا. (وحركة موران ورفاقه هي التي أجبرت الحكومة الفرنسية على السماح لطارق رمضان الدخول إلى الأراضي الفرنسية). فأوروبا، يا أستاذ جهاد، تريد مسلماً نمطياً يتناسب مع الصورة النمطية التي وضعتها للمسلم والتي تخدم أهدافها.
لو أن أوروبا وأمريكا تريد إسلاماً "غربياً" كانت سمحت للدعاة لهذا النمط من التدين بالنشاط. ولكن على العكس من ذلك فهي منعتهم من الكلام.
حتى لا نسترسل كثيراً، أردوغان دكتاتور، نعم! هاجمه لأنه سجن الآلاف من الشعب التركي ظلماً وعدواناً. هاجمه لأنه استخدم الأساليب الغربية من أجل خدمة طموحاته الشخصية على حساب الشعب التركي.
أما أن تهاجمه لأنه يضر المسلمين في أوروبا، فهذا ليس صحيحاً مطلقاً. علمانية أوروبا أصبحت علمانية داعشية مثل التدين الإسلامي الإرهابي الذي يرفضه معظم المسلمين. العيب موجود في وعي الطبقة الأوروبية المهيمنة والتي تحاول استثماره بتشويه الوعي المسيحي للمواطن الأوروبي وإعطائه الصفة الإلغائية.

                         في 16 آذار 2017