بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

عن مشاريع قانون الإنتخاب

           
حسن ملاط
إقرار قانون للإنتخاب في الظروف الراهنة ليس مسألة سهلة على الإطلاق. قانون الإنتخاب هو تعبير عن ميزان قوى واضح لا لبس فيه بين الأطراف المتخاصمة. وهذا الميزان ليس بهذا الوضوح رغم تفوق حزب الله على سائر الأطراف. أما السبب بذلك فيعود إلى أن الصراع القائم ليس بين أحزاب سياسية، إنما هو بين مكونات طائفية يرتدي أحياناً مظاهر سياسية. وهذه المكونات تملك امتدادات خارجية تلعب دوراً في التوازنات الداخلية بالرغم من أنها لا تكون حاسمة. وعليه، نقاشنا للموضوع سيكون نظرياً على أغلب الظن!
تجري الإنتخابات حالياً حسب قانون الستين مع بعض التعديلات التي أصر التيار الوطني الحر على إدخالها في اتفاق الدوحة بعد "غزوة بيروت" أو "اليوم المجيد" تبعاً للقائل!
أما المشاريع المطروحة، فأهمها:
1-        قانون الطائف الذي يطرح انتخابات نسبية من غير قيد طائفي بالنسبة للبرلمان وتأسيس مجلس للشيوخ يضم مختلف ممثلي الطوائف اللبنانية. وهذا القانون يُعتبر متقدماً على القانون القائم حالياً. أما في حال إلغاء مجلس الشيوخ فهو القانون الذي يمكن أن يُنتج مواطنين لبنانيين.
2-        القانون الأرثوذكسي، وهو القانون الذي يقر إنتخاب كل طائفة لممثليها. هذا القانون الذي يقضي على فكرة المواطنة من أساسها.
3-        القانون المختلط على أن يتم انتخاب 68 نائباً بالأكثري و 60 نائباً بالنسبي. هذا القانون الذي يُبقي على القيد الطائفي سيساهم فقط بتوسيع دائرة الطبقة السياسية من دون أي تغيير نوعي على الصعيد السياسي.
جميع هذه المشاريع لا تُنتج مواطناً يؤمن بانتمائه لوطن لأن المقدم على الوطن هو الطائفة.
القانون الوحيد الصالح لإنتاج تغيير على الصعيد السياسي هو اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة. يتم الترشح على أساس الإنتماء الوطني ضمن لوائح مقفلة وعلى أساس نسبي. إن قانوناً كهذا سوف ينتج عنه طبقة سياسية منتمية وطنياً، وهذا ما يحتاجه لبنان في هذه المرحلة التي تهيمن فيها الإنتماءات المذهبية التي تهدم الأوطان.
                          30 تشرين الثاني 2016


الأحد، 27 نوفمبر 2016

التسوية المبتورة

                   
حسن ملاط
استضافت السيدة ناريمان الجمل غانم في صالونها الثقافي، السياسي المعروف الدكتور خلدون الشريف، الذي تحدث عن الأوضاع السياسية في لبنان.
ولكن، وقبل التعليق على موضوع التسوية الذي أعلن الدكتور الشريف تأييده لها، أود أن أعبر عن إعجابي بإصرار السيدة ناريمان على العمل الثقافي في ظل التصحر ثقافياً في بلدنا والذي يؤدي إلى التصحر الأخلاقي الذي نلمس نتائجه يومياً.
عن التسوية
أعلن الرئيس الحريري عن اتفاقه مع العماد عون على انجاز الإنتخابات الرئاسية على أن يُكلف الأول بتشكيل الحكومة العتيدة المكلفة بإنجاز الإنتخابات النيابية وبإنهاء الجمود على صعيد السلطة الذي ينعكس سلباً على حياة الناس ويهدد بانكشاف الوضع الأمني.
أعلن حزب الله ترحيبه بهذه التسوية وأعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله أنه لا يُمانع بتكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة. ولكنه لم يتعهد بتسهيل مهمة التشكيل.
ما معنى التسوية؟
التسوية هي إعادة تشكيل سلطة السياسيين بشكل جديد يتوافق مع موازين القوى المستجدة والتي لم تكن في السابق على شكلها الحالي. وهذا يؤدي حتماً إلى توزيع مختلف للمكاسب التي تتصارع عليها القوى السياسية.
أما القوى السياسية التي تتصارع على المكاسب فهي الشيعية السياسية المتمثلة بحزب الله وحركة أمل والسنية السياسية المتمثلة بالرئيس الحريري والمسيحية السياسية المتمثلة بالرئيس عون وسمير جعجع. أما القوى الأخرى فهي تدخل في ظل هذه أو تلك من القوى التي ذكرناها.
والجوهري في هذه التسوية أن بعض رجالات السياسة يكسب أو يخسر من دون أن يكون مشاركاً في إنتاجها. والمثال الواضح على هذا الكلام هو أن الرئيس ميقاتي سيربح إذا تحسن وضع الحريري في السلطة لأنه سيرث الموقع الذي يمثله الحريري اليوم، وهذا ما ينطبق على سائر الأقطاب السياسيين في مختلف الطوائف لأن التسوية قامت بين الممثلين الفعليين لها في لبنان في هذه المرحلة من تاريخه.
كيف قامت التسوية؟
قامت التسوية كما أخبرنا سماحة الأمين العام لحزب الله بين الحريري والرئيس عون، حليف حزب الله. وتعهد سماحته بتسهيل مهمة انتخاب حليفه لرئاسة الجمهورية.
وبما أن هذه التسوية لم تتم مع الطرف ذي الفعالية الأكبر في الساحة اللبنانية، لذلك فهذه التسوية تُعتبر مبتورة ولن تُنتج الإستقرار الذي ينشده اللبنانيون.
التسوية، حتى تكون لها صفة الديمومة، يجب أن تكون مع الطرف الذي يملك القرار. وهذا ما لم يتم. وهذا يبدو واضحاً في التشكيل الحكومي. نبدأ بعقبة، يلي حلها عقبات. إذا تم حل عقبة بري، تظهر عقبة القوات، تليها عقبة المردة فالأرثوكس والكاثوليك الذين تستولي على مقاعد طوائفهم القوات والتيار الوطني. كما وأن المستقبل يستولي على مقاعد سنة معارضة الحريري...إلخ من يحل جميع هذه المشاكل والعقبات؟ هل الحريري قادر على حلها؟ بالطبع لا! هل الرئيس قادر على حلها؟ بالطبع لا!
القادر على حل جميع العقبات هو الذي يملك القدرة والقوة، الطرف الذي لم يفاوضه الحريري على إنتاج التسوية.
ما الذي يُمكن عمله الآن؟
إما أن يُقدم الحريري التنازلات لمنافسيه من الطبقة السياسية السنية، وإما أن يدع تشكيل الحكومة لغيره بانتظار إعادة إنتاج ميزان قوى جديد بين المسيطرين على أقوات الشعب اللبناني. أما الإحتمال الأخير أن يترك للقوي تشكيل الحكومة تحت مسمى الوحدة الوطنية!
الإحتمال الأول مارسته الطبقة السياسية السنية عند تكليف أمين الحافظ تشكيل الحكومة، حيث رفع الجميع عنه الغطاء (حالياً رفع الغطاء عن أي سياسي سني يوافق على تشكيل الحكومة في حال اعتذار الحريري). أما الإحتمال الثاني، فقد مارسه الرئيس رفيق الحريري عندما تمنع عن تشكيل الحكومة. والإحتمال الثالث هو ما كان يتم إبان سيطرة المارونية السياسية على النظام.
صراع الطوائف يقوم على الغلبة كما يقول الدكتور جوزيف عبدالله!
أين التسوية التي تؤيدها يا دكتور خلدون الشريف؟
                                 27 تشرين الثاني 2016


الخميس، 17 نوفمبر 2016

العرض العسكري في القصير

              
حسن ملاط
منذ أيام عدة، وبمناسبة يوم الشهيد، أقام حزب الله، وعلى غير عادته، عرضاً عسكرياً في مدينة القصير السورية. هذه المدينة التي كانت باكورة تدخله المعلن في الحرب السورية. وتميز هذا العرض بفرقته المدرعة والتي كانت تضم ثلاث آليات أمريكية الصنع، مما أدى إلى إعلان أمريكي بالمباشرة بالتحقيق، خاصة وأن الجيش اللبناني يستخدم هذا النوع من الآليات. ولكن حزب الله سارع للإعلان أن هذه الآليات الثلاثة كان الحزب قد غنمها من حربه ضد جيش العملاء بقيادة انطوان لحد، في الجنوب اللبناني.
ردود الفعل على هذا الحدث كانت عديدة. فقد توقفت كتلة "المستقبل" أمام "العمل المستنكر والمستهجن والمرفوض المتمثل في ما بثته وسائل إعلام متعددة عن عرض عسكري أجراه حزب الله في بلدة القصير الحدودية في سوريا". ورأت فيه "رسائل يرسلها حزب الله في مختلف الاتجاهات أولها انه يؤكد من جديد على انه يقدم مصلحة ايران على المصلحة الوطنية وثانيها انه يوجه رسائل تهديد دولية وإقليمية وأخرى داخلية للدولة اللبنانية خاصة، وأنّ الحزب يقوم بهذه الخطوة التي في حد ذاتها لها دلالة على عدم اكتراثه بمصلحة لبنان واللبنانيين، ولا بانطلاقة العهد الرئاسي الجديد، التي شدّدت على استعادة الدولة لدورها وحضورها وهيبتها كما أكّد عليها خطاب القسم للرئيس ميشال عون".
أما في ما يخص الجيش اللبناني بعد الإعلان الأمريكي عن التحقيق في هذه الحادثة، فقد أوضحت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، تعقيباً على ما تناقله بعض وسائل الإعلام من صور لآليات عسكرية (عرضها "حزب الله" في القصير السورية)، "أن هذه الآليات ليست من مخزون الجيش اللبناني وغير عائدة إليه".
وفي هذا السياق علم ان احتجاجا اميركيا ابلغ الى جهات لبنانية معنية على خلفية ظهور ثلاث ملالات اميركية الصنع ام 113 في العرض العسكري الذي اقامه "حزب الله " في القصير قبل ايام وهي ملالات مماثلة لتلك التي يستعملها الجيش اللبناني.
أما على صعيد الحزب فقد قال الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام، إن «التنسيق بيننا وبين القيادة السورية عال جدا والاستعراض العسكري جزء من الممارسة الميدانية»، مشيراً إلى أنه «أصبح لدينا جيش مدرب (وهذا الكلام ما لبثت أن نفته الوحدة الإعلامية في الحزب)، ولم تعد المقاومة تعتمد على أسلوب حرب العصابات، وأصبحنا أكثر تسلحا وتدريبا وامتلكنا خبرات متطورة، وكل ذلك من أجل حماية لبنان ولمصلحة لبنان".
وأكد أن المقاومة «لا تريد استثمار قوتها العسكرية في الصراع الداخلي اللبناني، وبالرغم من قوتها، فنحن نشارك في العمل السياسي والانتخابي مثل بقية الأطراف فنربح أو نخسر".
وتابع قاسم: نحن جزء من تركيبة الدولة اللبنانية ومعنيون بكل ما يصلح الشأن اللبناني، لكننا وحدنا لا نستطيع تغيير المعادلة ونحن متمسكون بتطبيق اتفاق الطائف كاملا ولا نطرح تغييره أو تعديله حاليا.
نقتصر على ردود الفعل هذه لأن إعادة تشكيل السلطة في لبنان كانت نتيجة للتفاهم السياسي الذي جرى بين ممثلي السنة السياسية والشيعة السياسية.
أما عن قراءتنا لهذا الحدث فهي كالتالي:
وجه الحزب من خلال هذا العرض العسكري المميز رسائل إلى الداخل اللبناني وأخرى إلى الخارج.
رسائل الداخل
1- رسالة إلى جمهور الحزب يُعلمه فيها أنه لم يحن بعد وضع السلاح وأن الحفاظ على المكاسب يتطلب أن تظل جماهير الحزب مستعدة لإمداده بما يحتاجه من الرجال والدعم.
2- رسالة ثانية إلى كافة القوى الداخلية يعلمها فيها بأن الحزب قد قرر أخيراً أن يفصل بين نشاطه المسلح الخارجي ونشاطه الداخلي الذي يحمل طابعاً سياسياً سيما وأن القتال مع العدو الصهيوني مجمد حالياً. من أجل ذلك كان العرض العسكري خارج الأراضي اللبنانية، علماً أن بإمكان الحزب إجراءه حيث يريد.
والإيجابية تكمن بإعلانه عن تسهيل تشكيل الحكومة فهو لا يضع شروطاً على تسلمه الحقائب الوزارية. أما عن اشتراطه عدم تسلم قوات جعجع لوزارة الدفاع، فهو محق بذلك. القوى المسلحة العميلة التي حاربها الحزب طوال عشرين عاماً كانت تحمل الأفكار التي يبشر بها جعجع. فكيف له أن يثق بتسليم القوى العسكرية لهؤلاء. أضف إلى ذلك أن الحزب، ونتيجة ثقته الكبيرة بالعماد قهوجي لم يقبل التنازل لحلفائه من التيار العوني بالتخلي عن قيادة الجيش وآثر بقاءها مع العماد قهوجي. أما خلاف ذلك فلا شروط اشترطها لتشكيل الحكومة.
رسائل الخارج
وهي تتضمن رسائل كثيرة منها للنظام السوري، ومنها للروس والأمريكيين أيضاً، ومنها للعدو من غير شك. وطبيعة هذه الرسائل أنها مشتركة بينه وبين إيران.
أ‌-     رسالته للأمريكي تقول بأنه لن يتخلى عن الساحة السورية ويتركها للإدارة الأمريكية والروسية لتقرير فيها ما تريدان بعد "التضحيات" التي قدمها الحزب وإيران من أجل الحفاظ على النظام السوري. فقصف الأمريكان لدير الزور هي رسالة موجهة للإيراني أنه لن تقبل الإدارة الأمريكية بإعطائهم خطاً برياً ساخناً يمتد من لبنان مروراً بحمص ودير الزور وصولاً إلى ديالى العراقية فالأراضي الإيرانية. من هنا كانت رمزية القصير كباب لولوج هذا الممر.
ب‌-                       رسالة النظام السوري تعبر عن الإمتعاض من قبول النظام السوري بالشروط التي تضعها روسيا والتي تتمثل بالإذعان للإشتراطات الصهيونية بإبعاد إيران والحزب عن الأراضي الفلسطينية. وهذا يعني إبعاد إيران عن دمشق وريفها ودرعا وكامل الجولان السوري المحتل. وهذا ما يبعد إيران عن التماس مع العدو الصهيوني بحيث تنتفي إمكانية الإيراني في الضغط على الأمريكي بخاصرته الموجعة: أمن العدو الصهيوني. وقد تمثل هذا بإعلان النظام السوري عن تصديه للطائرات الصهيونية المعتدية. وهذا الإعلان يتضمن فتح باب التفاوض على ما يقبله ويرفضه العدو الصهيوني. وهذا يعني فتح باب التدخل الصهيوني من بابه الواسع وليس من الباب الروسي أو الأمريكي.
ت‌-                       أما رسالة الروسي فتقول بأننا نحن كما أنت، لا ندافع عنك في ريف حماه وريف اللاذقية وحلب وريفها، وندافع عن النظام لأننا جمعية خيرية. كما أنك أنت لا تدافع عن النظام لأنك جمعية خيرية. أما الفرق بيننا وبينك أنك قد قبضت سلفاً، وذلك بحيازتك على حق التنقيب واستخراج النفط والغاز في الساحل السوري ومحافظة حمص، في الوقت الذي لم تحصل فيه إيران على أي مكسب. كما الإتفاق العسكري بينك وبين النظام والذي يتيح لك البقاء على الأراضي السورية إلى ما شاء الله.
إذن، نحن هنا (الحزب وإيران) حتى الوصول إلى الحل النهائي للصراع السوري.
ث‌-                       أما عن العدو، فهي رسالة بأن ساحة المواجهة أصبحت أكثر اتساعاً وأن الخبرة أصبحت أكبر. هذا بالرغم من أن قادة العدو العسكريين قد أعلنوا عن عدم نيتهم القيام بأي عدوان حالياً، لأنهم ليسوا من الغباء الذي يجعلهم يوحدوا القوى المتقاتلة ضدهم.
أما التحرشات التي يقوم بها النظام من وقت لآخر بجوار القوات التركية المتواجدة داخل الأراضي السورية لم تصبح حتى الآن ذات طابع جدي تفتح لقتال بين إيران وحلفائها من جهة والجانب التركي من جهة ثانية.
هذه أهم النقاط التي رأيناها من خلال حركة حزب الله السورية في القصير. أما التحريض المذهبي، رغم إيجابية حركة الحزب خارج الأراضي اللبنانية، فهي "عدة الشغل" للقوى السياسية اللبنانية التي تتاجر بدم المواطن.
                                       17 تشرين الثاني 2016