بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الاثنين، 28 مارس 2011

سوريا ورياح التغيير
عندما تحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن الثورات التي تحصل في عالمنا العربي، لم يتوقع أحداثاً في سوريا عازياً السبب لتأييده للمقاومات ومنها المقاومة الفلسطينية واللبنانية. لم يكن الرئيس مخطئاً في توقعاته. فالمظاهرات التي اندلعت في أنحاء مختلفة من سوريا لم ترفع شعار إسقاط النظام، كما أنها لم توجه أي كلام بحق الرئيس بشار الأسد، إنما ركزت على من تعتبرهم رموز الفساد. كما أنها رفعت شعارات ذات طابع سياسي، مثال رفع قانون الطوارىء.
ماذا حدث في سوريا؟ نحن لا نؤرخ للأحداث، إنما نقرأها. فما حدث في سوريا هو تحركات (ليس جميعها، فما حدث في اللاذقية لا يدخل ضمن هذا التوصيف)، ذات طابع سياسي ومطلبي تم التعامل معها بشكل أمني. وهذا ما جعل تطور الأحداث يتم بالشكل الدراماتيكي الذي لم يكن يريده لا الذين تظاهروا ولا المسؤولين السياسيين. دليلنا على ذلك هو الإفراج عن جميع الذين اعتقلوا نتيجة الأحداث في درعا. ونعتقد أن الأحداث خرجت عن النطاق الذي نظن أنه قد حُدد لها. فقد تطورت بشكل أكثر دراماتيكية مما سمح ليد السوء أن تتدخل فيها. وهذا ما حصل في اللاذقية، حيث حاولت يد الشر أن تحرف المطالب ذات الطابع السياسي والمطلبي باتجاه إجرامي يريد أن تتفجر فتنة طائفية لا تبقي ولا تذر. وقد تم التعامل مع ما حصل في اللاذقية بالشكل المطلوب، حيث أن الناس هم الذين طالبوا بتدخل الجيش للقضاء على الفتنة في مهدها.
إن الإستجابة السريعة لتحقيق المطالب كان إيجابياً، مع أننا كنا نميل إلى إقرار ما تم إقراره منذ إعلان الرئيس بشار الأسد عن نيته القيام بإصلاحات. إن ما يحصل في الدول العربية هو خطير بقدر ما يبشر بالخير لشعوب منطقتنا. إن التدخل الغربي في ليبيا بغطاء عربي هو مؤامرة على الشعب الليبي أولاً وعلى الثورة المصرية ثانياً وعلى الثورة التونسية ثالثاً. إن ما أدلى به ساركوزي فرنسا بالنسبة لسوريا خطير. فقد كان التهديد مباشراً. نحن لا نخاف على سوريا من تهديداته. فهو سيقاتل حتى آخر جندي أمريكي، عل الشعب الفرنسي يعيد انتخابه لولاية جديدة. ولكن الخطورة في الأمر هو إدمان الدول الإستعمارية على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في بلادنا. كلينتون كانت أوعى من ساركوزي عندما استبعدت أي تدخل في سوريا. ولكن الأوعى من الجميع كانت القيادة السورية التي سارعت إلى التفاهم مع شعبها وجددت العقد ما بينها وبين الشعب السوري الطيب.
اما الموقف التركي فكان موقفاً صادقاً يبين أن الشراكة التي بدأت ما بين الأتراك والسوريين كانت شراكة صادقة ويُخطط على أن تكون مديدة.
أما في لبنان، فنحن نعتقد أن الإستقرار في سوريا هو مطلب لبناني بقدر ما هو مطلب سوري. فما يصيب سوريا يصيب لبنان آلياً. من هنا كانت بعض الأطراف اللبنانية ساذجة عندما اعتقدت أن التطور الإيجابي في سوريا، من حيث الحريات الديموقراطية، سوف يقرب سوريا من الغرب. لم تعلم أنه بقدر ما يكون الإنسان حراً بقدر ما يلتزم بقضايا شعبه وأمته. إن من عليه أن يتفاءل في لبنان هم الأطراف الملتزمة بالمقاومة اللبنانية والفلسطينية وليس الأطراف المتحالفة مع الغرب. من هنا نرى أن عودة الإستقرار إلى سوريا سوف تكون انعكاساته إيجابية جداً على لبنان. وبقدر ما تتسرع الإصلاحات بقدر ما يتماهى الوضع اللبناني مع الوضع السوري من حيث الإلتزام بقضايا الأمة والشعوب.
صحيح أن ما حصل في سوريا قد أثار أعصاب كل الحريصين على مصالح الشعوب، ولكن لا يمكن للأحداث أن تظل على وتيرة واحدة باستمرار. فالحياة هي حركة وتجدد. وأملنا أن تسير الأمور بالإتجاه الإيجابي الذي يبعد سوريا عن المؤامرات والتي بدت واضحة من خلال الفتاوى المذهبية والتي صدرت من بعض وعاظ السلاطين والتي بدأت في البحرين وعرجت على سوريا ولا نعلم أين ستنتهي.
28 آذار 2011 حسن ملاط

السبت، 26 مارس 2011

ساركوزي... نجم يهوي!
دعا الرئيس نيكولا ساركوزي في بروكسيل سورية إلى وقف العنف حيال المتظاهرين، مؤكداً أن رد فعل الأسرة الدولية "سيكون هو نفسه في كل مرة". (بإشارة إلى التدخل الإستعماري المغطى عربياً في ليبيا).
من هو ساركوزي؟
إنه الرئيس الفرنسي المولود من أب مجري ومن أم يونانية، يهودية من سالونيك. سالونيك هي مركز التآمر على الدولة العثمانية التي آوت اليهود هي والعرب عندما طردهم الأوروبيون العنصريون. وكانت الهدية التي قدمها اليهود للعرب، لأنهم آووهم أن اغتصبوا فلسطين وطردوا أهلها الذين لا يزالون مشردين حتى الآن.
في غفلة من الزمن، أصبح ساركوزي رئيساً لفرنسا. ولعنصرية هذا المهاجر، راح يضطهد المسلمين الفرنسيين من أصول عربية، منذ كان وزيراً للداخلية، إبان ولاية جاك شيراك.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، الموظف في إدارة ساركوزي، إن «فرنسا تدين بأقصى قدر من الحزم أعمال العنف التي أدت في 23 آذار (مارس) إلى مقتل خمسين شخصاً وإصابة الكثير من الجرحى». وجدد المطالبة بـ «تحقيق شفاف في أعمال العنف» في درعا ومناطق سورية أخرى. وتابع ان «في وقت تشهد المنطقة موجة كاسحة من التطلعات إلى الحرية، فإن فرنسا تعيد التذكير بأهمية الإصلاح والحوار والتخلي عن كل شكل من أشكال العنف واحترام حقوق الإنسان، خصوصاً حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر سلمياً". (الحياة اللندنية 26 آذار 2011).
ساركوزي هذا رؤوف ورحيم فهو يحب الليبيين ويحب السوريين. وهذا الحب يحمله بالولادة، فهو من أم يهودية من سالونيك. لذلك يهدد سوريا بالإحتلال كما فعل مع ليبيا، التي باشر هو وحلفاؤه من المستعمرين وبتغطية عربية، بهدمها على رؤوس شعبها بحجة تحريرهم وإضفاء الديموقراطية في ربوع ليبيا. ألم يحرر التحالف الدولي العراق بإعادتها عشرات السنين إلى الوراء، وبقتل ما لا يقل عن مليون عراقي، وهدم جميع البنى التحتية في العراق. حيث أننا لا نعلم إن كان النفط العراقي يكفي لإعادة البناء. هذه هي الخطة المتبعة في ليبيا. هدمها ومن ثم إعادة البناء، بحيث لا يستفيد الشعب الليبي من خيراته، إنما تعود جميعها للشركات الأوروبية والأمريكية.
ساركوزي، ذو الطبع الحنون، هو الذي أثار حرب الضواحي في باريس ومعظم المدن الفرنسية، بسبب من عنصريته.
ساركوزي، الديموقراطي، هو المسؤول عن نزع حجاب المرأة المسلمة في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية التي حذت حذو فرنسا.
غيان، الذي عينه نيكولا ساركوزي وزيراً للداخلية بعد أن كان منذ 2007 ذراعه اليمنى في قصر الاليزيه أعلن: "لحسن الحظ قاد الرئيس الحرب الصليبية لتعبئة مجلس الأمن الدولي ثم الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي. إذن غيان ورئيسه يعتبران الحرب على ليبيا حرباً صليبية يشارك فيها بعض الصليبيين العرب. (طبعاً لا علاقة للمسيحية بالصليبية، فالمسيحية دين توحيدي نُجله ونحترمه، والصليبية حركة إستعمارية).
أما الآن فيريد ساركوزي الإعتداء على سوريا. أما الإعتداء على سوريا فهو يحمل معان أخرى لا يمكن لأي كان السكوت عنها. فأي حركة ضد سوريا تعني خدمة مجانية مدروسة للعدو الإسرائيلي. فالرئيس ساركوزي تذكر صهيونيته.(إسرائيل أصدرت طابعاً بريدياً يحمل صورة ساركوزي، تخليداً لخدماته للكيان الصهيوني). من هنا علينا منذ الآن تحضير أنفسنا لحرب لا هوادة فيها ضد كل من تسول له نفسه الإعتداء على أي دولة عربية. إن ما حصل في العراق وما يحصل الآن في ليبيا يكفي لإعطاء درس لجميع العرب بأن الغرب لا يعطي خدمات مجانية. إنما يقوم بما يقوم به تبعاً لمصالحه.
ساركوزي يريد أن يخوض معركة تجديد ولايته من ليبيا. فقد أظهرت نتائج إستفتاء الرأي في فرنسا أنه لا يمكنه البقاء حتى الدورة الثانية. فمارين لو بان هي التي ستفوز مع مرشحة الحزب الإشتراكي. أما في حزبه فمن يملك الحظوظ فهما فرانسوا فيون وألان جوبيه. لذلك فقد رشده. من هنا يفكر في التدخل في سوريا. هذا التدخل الذي يمكن أن يجعل منه نجماً بين عارضات الأزياء أو بين ... (وضع جان بول سارتر ثلاث نقاط في عنوان إحدى رواياته).
26 آذار 2011 حسن ملاط

الثلاثاء، 22 مارس 2011

البحرين... من يتحمل المسؤولية؟
كشف وزير شؤون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة أن عدد الأجانب في المملكة بلغ 568790 نسمة بفارق 31071 أعلى من المواطنين الذين بلغ عددهم 537719 نسمة ليبلغ إجمالي عدد السكان في المملكة 1.106.509 نسمة. كما وأن ما نسبته حوالي السبعين بالماية يتبعون المذهب الشيعي الإثني عشري. ولكن الملك والأسرة الحاكمة هم من أهل السنة والجماعة.
والبحرين تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 700 كلم مربع، وتبلغ مساحة جزيرة البحرين، أكبر جزرها، أكثر من 500 كلم مربع. وقد كانت الجزيرة مرتبطة بإيران. ولكن استفتاء جرى في 1970 كانت نتيجته أن أغلب السكان اختاروا أن يكونوا دولة مستقلة، مع أن مذهب الألبية في إيران هو المذهب الشيعي.
الأغلبية الشيعية في البحرين تقول بأنها لا تتمثل سياسياً بشكل صحيح. كما وأن الحكم لم يتهم هذه الأكثرية بالكذب. بل إن الحكومة البحرينية هي التي أججت النزعة المذهبية عندما راحت إلى حملة تجنيس للأجانب الذين يتبعون المذاهب السنية بقصد خلق نوع من التوازن من حيث عدد السكان. وقد تنبه البحرينيون الذين يمثلون الأكثرية السكانية إلى ما تقوم به الحكومة البحرينية. لذلك كان التحرك الذي تأثر بالثورة التونسية والثورة المصرية. وقد رفعوا المطالب التالية:
1 - دستور عقدي جديد يكتب أبناء الشعب كل حرف فيه
2 - إنشاء هيئة خاصة مفوضة تفويضاً كاملاً من أبناء الشعب ولها صلاحيات كاملة، هدفها الوصول الى توافق ومصالحة وطنية, عن طريق البت والمحاسبة في التعديات السياسية و الإقتصادية والإجتماعية والأمنية, بما فيها:
- الثروات العامة المنهوبة
- التجنيس السياسي
- الاعتقالات التعسفية و التعذيب و القوانين و المؤسسات الامنية الجازفة
- الفساد الاداري و الاقتصادي.
وقال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان في ختام التظاهرة: "مشكلتنا سياسية، ونحن في حاجة ماسة إلى إصلاح سياسي بحيث يختار الشعب حكومته ولا تبقى حكومة جاثمة فوق صدور هذا الشعب 40 سنة".
وهو كان بدأ كلمته بالطلب من المتظاهرين ان يتلوا الفاتحة "على أرواح شهداء الثورات العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين". وأضاف ان "مطلبنا هو وطن فيه الأمن للسني والشيعي، والكرامة للسني والشيعي... لن نسعى للتخلص من ديكتاتورية آل خليفة لنقع تحت ديكتاتورية شيعية او ديكتاتورية حزبية". وأضاف: "ابعثوا بالهدية والورود والمحبة الى جيرانكم السنة... قولوا لهم إن سلامتهم أمانة في أعناقكم، وانكم تحمون بيوتهم... لا تستجيبوا لأي رسائل تحضكم على التجمع في شجار او ما شابه". وناشد المتظاهرين: "حافظوا على الطابع السلمي لتحركاتكم... لا تستجيبوا لاي استفزاز، فنحن ارقى من ذلك".
مما تقدم نفهم بأن قادة التحرك كانوا حريصين على أن لا يتمكن الحكم القائم من استغلال تحركات الشعب لتحريك الحزازات الطائفية.
ولكن الحكومة لم تتمكن حتى من بدء الحوار مع المعارضة. وأمام وقوف كل من الطرفين عند مطالبه، حيث أن المعارضة لم تقبل البدء بالحوار مع ولي العهد إلا بعد استقالة الحكومة، وولي العهد لم يلب هذا المطلب، فدخلت القوات السعودية وغيرها من قوات درع الجزيرة لمساندة الحكومة البحرينية. وكان تطور الأوضاع بالشكل العنيف الذي أدى إلى إنهاء الإعتصام في دوار اللؤلؤة وهدم هذا الدوار. وكان سقوط عدد من الشهداء من بين المعتصمين وعشرات من المفقودين. ولم تتنازل المعارضة عن مطالبها رغم القمع الذي استمر.
ما كانت مواقف الأطراف المعنية بهذا التحرك، نعني الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن أسطولها الخامس وقيادته توجد في البحرين. وإيران المعنية مباشرة بالوضع الإيراني، لوجود أكثرية شيعية في البحرين ولإرتباط البحرينيين بالإيرانيين تاريخياً.
اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، أن دول الخليج سلكت «المسار الخاطئ» بتدخل قواتها العسكرية في البحرين أما الرئيس باراك اوباما فاتصل بالملكين السعودي عبد الله والبحريني حمد بن عيسى آل خليفة، ليؤكد على «الصداقة» معرباً عن «قلقه» وداعياً إلى «ضبط النفس»، فيما حذرت ايران من أن الحملة على المحتجين البحرينيين تهدد الاستقرار الإقليمي، مجددة موقفها الرافض لهذه الحملة واعتبارها أنه «يتعذر إصلاحها». وفيما أبدت المرجعية الشيعية العليا في النجف آية الله السيد علي السيستاني «قلقه الشديد» حيال أحداث البحرين، دعت كل من بريطانيا وفرنسا إلى إنهاء العنف وبدء الحوار.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مقابلة تلفزيونية إن البحرين وحلفاءها الخليجيين الذين أرسلوا قوات لمساعدتها في إخماد احتجاجات مناهضة للحكومة «يتبعون مساراً خاطئاً». وأضافت في مقابلة مع شبكة «سي بي إس»: «نرى ما يحدث في البحرين مثيراً للقلق. نعتقد أنه لا توجد إجابة أمنية على تطلعات ومطالب المحتجين». ودعت البحرين للتفاوض من أجل حل سياسي مع المحتجين.
وتابعت كلينتون في المقابلة بالقول إنه «كما أوضحنا بشكل تام لشركائنا في الخليج الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذين أرسل أربعة منهم قوات لدعم الحكومة البحرينية، إنهم يتبعون مساراً خاطئاً.» وعارضت الولايات المتحدة «القوة المفرطة والعنف» اللذين استخدما ضد المحتجين في البحرين وقالت إنها أوصلت مخاوفها مباشرة للحكومة البحرينية.
وأضافت وزارة الخارجية الأميركية في رسالة على موقع «تويتر»: «نعارض القوة المفرطة والعنف ضد المحتجين. وأثرنا مخاوفنا مباشرة اليوم مع البحرين». وقالت وزارة الخارجية في رسالة أخرى نشرت في الأصل باللغة العربية «إن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن الحل للأزمة في البحرين هو الإصلاح السياسي الحقيقي لا الإجراءات الأمنية الصارمة التي تهدد بإشعال الموقف». وأضافت أنه «على الرغم من الشائعات المناقضة لذلك ظلت الولايات المتحدة تدعم بوضوح في السر والعلن العملية السياسية السلمية التي تفي بآمال وتطلعات الشعب البحريني".

أما عن الموقف الإيراني فقد ندد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بـ«الغزو العسكري للبحرين» وقال إن «على الإدارة الأميركية أن تدرك أن هذه المجازر ستبقى وصمة عار لا تمحى على جبين أميركا». وأفادت وكالة «مهر» للأنباء بأن نجاد صرح للمراسلين في ختام اجتماع مجلس الوزراء قائلاً إنه «قبل شهر وجهت كلامي إلى بعض زعماء المنطقة الذين لديهم سلوك غير مبرر». وأضاف «اليوم نشاهد في البحرين تشكيل جبهة في مواجهة جماهير الشعب وهذا عمل قبيح جداً». وخاطب حكام البحرين قائلاً «ألا تريدون أن تحكموا؟ عندما تمارسون الضغط على غالبية الشعب، فعلى من تريدون أن تحكموا؟"
وأشار نجاد إلى أن «مثل هذه الممارسات ستلحق ضرراً بالغاً لا يمكن تعويضه»، مضيفاً «على أساس التجارب، فإن هذه التصرفات لن تؤدي الى أية نتيجة ويجب تنفيذ مطالب الشعب البحريني». وأكد «أن التصدي للشعب بالأسلحة على مختلف أنواعها لن يسفر عن أية نتيجة»، مضيفاً «أذكر بعض الذين أدخلوا قوات عسكرية إلى البحرين، في فترة ماضية كان البعض في المنطقة قد شن غزواً على بلد جار، حيث ينبغي أخذ العبرة من مصير (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين». وتابع قائلاً «أن اميركا سلحت صدام بمختلف أنواع الأسلحة ولكن هم أنفسهم وقفوا أمام صدام للمحافظة على مصالحهم».

أما رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان فقد حذر ، قبيل سفره إلى موسكو أمس الأول، من أن «الأوضاع في البحرين تتقدم باتجاه حصول كربلاء جديدة".
وقال أردوغان، رداً على أسئلة الصحافيين حول ما يحصل في البحرين، «لا نريد أن نعيش كربلاءات جديدة. لكن التطورات في البحرين تتقدم في هذا الإتجاه. ولأننا لا نريد أن نشهد مثل هذا التطور فستتواصل لقاءاتنا مع كل الأطراف». وأضاف «نتمنى ألا يخلف دخول الجنود السعوديين تطورات سلبية. وليحل هذا الوضع بطريقة سلمية".
أما الموقف السوري فقد جاء على لسان وزير الخارجية السيد وليد المعلم، والذي اعتبر فيه دخول قوات درع الجزيرة شرعياً.
نحن من جهتنا نعتقد أن الموقف السعودي من أحداث البحرين يتناقض مع الموقف الأمريكي الذي يتماهى مع الموقف الإيراني. فالأمريكي والإيراني لا يريدان أن يتصادما في منطقة حساسة وحيوية بالنسبة لهما، نعني منطقة الخليج. أما السعودي فهو يعتبر أن أي صعود سياسي للشيعة في البحرين سوف ينعكس آلياً على الشيعة في المنطقة الشرقية المتاخمة للبحرين، مما يؤدي بالتالي إلى تحركات شعبية في المنطقة التي تعتبر أكثريتها من المسلمين الشيعة. لذلك كان التدخل السعودي الذي يعتبر أن قمع شيعة البحرين سوف ينعكس إيجابيا على شيعة المنطقة الشرقية، بمعنى قمعهم قبل أن يتحركوا. فقد وزع الملك أكثر من 93 مليار دولاراً لإجهاض أي تحرك في المملكة السعودية. ولكن انتصاراً للتحركات البحرينية، أي حصول شيعة البحرين على حقوقهم السياسية لا بد من أن يترك انعكاساته على السعودية.
من هنا حساسية الموقف السعودي الذي لا يعني الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك نشأ التناقض بين الموقفين السعودي والأمريكي من حيث التدخل العسكري السعودي لقمع انتفاضة أهل البحرين المحقة.
إذا كان تحرك الشعب البحريني سوف يؤجج الشعور المذهبي في دول الخليج أو الدول العربية، فهل على أهل البحرين تحمل الذل والهوان حتى لا تتأجج هذه المشاعر؟
نحن نعتقد أن إعطاء التحركات البحرينية الطابع المذهبي تقع مسؤليته
أولاً: على حكام البحرين الذين بادروا إلى تجنيس الأجانب والعرب الذين يتبعون المذهب السني لخلق نوع من التوازن على الصعيد الشعبي. وهذا كان العامل الأول الذي أيقظ الشيعة البحرينيين على خطورة ما يقوم به حكم آل خليفة.
ثانياً: إن الفتاوى التي صدرت من الفقهاء التابعين للسلاطين، مثال القرضاوي على سبيل المثال، الذي أفتى أن التحركات في البحرين هي تحركات مذهبية، ونحن لا نشك بأنها ليست كذلك. يؤسفنا في هذا المقام أن تكون هذه السقطة للدكتور القرضاوي.
ثالثاً: إن عدم تلبية المطالب المحقة للشعب البحريني وترك الأمور تتطور إلى الوصول إلى القمع الدموي لا تتحمل مسؤوليته إلا الحكومة البحرينية.
إن التصدي للإصطفاف المذهبي تقع مسؤوليته على الذين لا يتعاملون مع شعوبهم التعامل الذي يحتم عليهم احترام هذه الشعوب. فاللازمة الذي يرددها حكام منطقتنا أن الشعوب غير مؤهلة للديموقراطية مردودة على هؤلاء الحكام. فإن كانوا هم غير مؤهلين فليس عليهم اتهام شعوبهم بمرضهم، أعني عجزهم عن الديموقراطية والتمتع بالحرية التي تحدث عنها سيدنا عمر بن الخطاب منذ 1400 سنة، عندما صرخ: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
22 آذار 2011 حسن ملاط

السبت، 19 مارس 2011

قراءة في زيارة الحريري إلى طرابلس
زار الرئيس الحريري مدينة طرابلس، العاصمة الثانية للبنان لمدة ثلاثة أيام، انتهت مساء الجمعة في الثامن عشر من آذار 2011.
في أسباب الزيارة
في المهرجان الحاشد الذي أقامته قوى الرابع عشر من آذار في بيروت تبين للقائمين على هذا المهرجان من تيار الرئيس الحريري، تيار المستقبل، أن المشاركة الطرابلسية كانت متواضعة. كما أن الإعداد الذي قام به أحمد الحريري والذي سبق المهرجان المذكور قد أظهر فتوراً طرابلسياً لافتاً في العلاقة مع هذا التيار. وقد تحدثت أوساط من تيار المستقبل عن زيارة للرئيس الحريري إلى طرابلس تسبق المهرجان المذكور. ولكن الزيارة لم تتم من دون التحدث عن أسباب عدم القيام بها. ولكن المراقبين عزوها إلى أن الزيارة في حال تمت ولم ينتج عنها مشاركة طرابلسية كثيفة سوف تعد نكسة تصيب الشخصية الأولى في الرابع عشر من آذار وفي تيار المستقبل، وفي ذلك إنتكاسة لا يمكن تعويضها. لذلك كان القرار بإرجائها إلى ما بعد المهرجان. وهذا ما حصل فعلاً.
هل حققت الزيارة أهدافها؟
قبل الجواب عن هذا السؤال لا بد لنا من الإشارة إلى أن الرئيس الحريري قد وقع في هفوات عدة في زيارته إلى عاصمة الشمال، حيث الكثافة الكبيرة للطائفة التي يمثلها رئيس الوزراء في التوزيع الطائفي اللبناني. كما أن هناك لياقات يلتزمها السياسيون في العادة عندما يقومون بزيارة من منطقة إلى منطقة أخرى. فالرئيس الحريري عندما جاء إلى طرابلس لم يزر الرئيس عمر كرامي. علماً أن الرئيس كرامي كان حليفه في الإنتخابات البلدية. كما وأنه اتفق وإياه على مناقشة جميع الأمور السياسية منذ الإنتخابات البلدية. كما أن الرئيس الحريري لم يزر الرئيس ميقاتي، علماً أنهما ركبا سيارة واحدة بعد اجتماع دار الفتوى الذي ادعى الحفاظ على مصالح أهل السنة في لبنان. كما وأنه لم يزر الوزير الصفدي حليفه الدائم، ما عدا تأييده للرئيس ميقاتي، إبن مدينته أخيراً. كما أن الرئيس الحريري لم يزر مرجعيات شعبية أمثال الشيخ بلال شعبان والشيخ هاشم منقارة وغيرهم. هذا مع العلم أن البيوت تُدخل من أبوابها.
أما الهفوة الثانية، فهي إعادة الحديث عن توزيع السلاح في الشمال من منطلق تحريضي. ومن المعروف أنه عندما تحدثت إحدى المرجعيات السياسية من أهل المدينة في هذا الحديث المرفوض قطعاً أحدث توتراً في المدينة، كانت المدينة بغنى عنه. فنحن لا نفهم أن يأتي زائر إلى المدينة حل فيها أهلاً وسهلاً يتحدث بحديث يُفهم منه إثارة الفتنة. هذه هي الهفوة الثانية، وهي أشد إيلاماً من الهفوة الأولى من حيث انعكاساتها على الوضع الداخلي في المدينة. علماً أن للسلاح في مختلف مناطق لبنان حديث آخر ومقاربة أخرى تتعلق بالمعركة الوطنية مع العدو الإسرائيلي، والتي طرحها الرئيس الحريري بشكل سؤال: هل أن إسرائيل موجودة في طرابلس وأماكن أخرى من الشمال. نعم يا دولة الرئيس. إسرائيل في اعتداء تموز وزعت إعتداءاتها على مجمل الأراضي البنانية، من بيروت، إلى جونية، إلى عكار. عندما كان سلفك رئيساً لحكومة لبنان، إعتدت إسرائيل على جسر عرقة التاريخي والجسر الجديد، وعلى معظم الجسور في عكار، في عندقت والقبيات ومزرعة بلدة وأكروم والكويخات وجسر قعبرين، كما واعتدت على جسر في منطقة القيطع وكذلك على منابع نهر البارد. كما وأوقعت أكثر من عشرة شهداء من الجيش اللبناني في العبدة. كما وأوقعت حوالي 14 شهيداً من المدنيين في الحيصة. جميع الأماكن التي ذكرناها توجد في عكار وهي أبعد من طرابلس عن الجنوب ودمرتها إسرائيل. ولا نعلم إن كانت الحكومة اللبنانية قد عوضت على الأهالي حتى الآن. فبدلاً من الحديث عن توزيع السلاح على جميع الأهالي حتى يكونوا على استعداد تام للتصدي للعدوان الإسرائيلي أينما وقع، تتحدثون عن نزع سلاح المقاومة بحجج مذهبية ممجوجة لا يستسيغها عاقل، عندما نتحدث عن عدو على شاكلة العدو الإسرائيلي.
أما الهفوة الثالثة، فهي التحدث في طرابلس عن ضرورة ترك إبن المدينة رئاسة الحكومة لأنها حق حصري للرئيس سعد الحريري أو السنيورة. إذا أحب إبن المدينة أن يتحدث في كشف حساب لما قدمته الحكومات المتعاقبة لهذه المدينة المنكوبة من مشاريع إنمائية، أو من فرص عمل، أو من تشجيع الحركة التجارية أو أو... تقارير الأمم المتحدة تقول أن طرابلس والشمال هي من أفقر المناطق اللبنانية، بل أفقرها. نسبة الأمية في طرابلس والشمال هي الأعلى في لبنان. بدأت مباني التبانة بالتساقط على شاغليها ولم يرممها أحد. هل نريد أن نزع من أهل طرابلس والشمال حتى الأمل في إمكانية النظر إلى مطالبهم المزمنة؟ هذه هي الهفوة الثالثة والتي تحمل من التأثيرات السلبية الكثير على أهل هذه المدينة الصابرة.
أما الهفوة الرابعة فهي تلك التي تتعلق ببيان دار الفتوى الشهير والذي حسب ادعاء من أصدروه يهدف إلى الحفاظ على مصالح أهل السنة في نظام التناتش الطائفي القائم في بلدنا. فبدلاً من دعم الرئيس ميقاتي من قبل من يمثلون السنة السياسية في هذا البلد المظلوم، نراهم يشنون حرباً غير مسبوقة على الرئيس المكلف. هذه هي الأساليب التي ندعم من خلالها مطالب أهل السنة في لبنان. ولكن الرئيس ميقاتي يواجه وحده جميع الضغوطات التي تقوم بها الأكثرية الجديدة متمسكاً بصلاحياته كرئيس للحكومة، لا يقبل إلا بأن يشكلها هو وبالتعاون مع رئيس الجمهورية بعد التشاور مع ممثلي الأكثرية النيابية. فالرئيس ميقاتي يرفض أن تُذاع أسماء الوزراء وحقائبهم من الرابية، كما حصل مع رئيس الحكومة الذي يدافع عن المقام الأول للسنة في لبنان.
أما في الجواب على السؤال الذي طرحناه، فنقول أن المراقبين يقولون أن الرئيس الحريري لم يُوفق في زيارته الطرابلسية لأن من أنجح مهرجان طرابلس، الذي كان ناجحاً، من حيث الحشد هم أهل عكار والمنية والقلمون. أما الحضور الطرابلسي فقد كان متواضعاً.
في النهاية، نقول أن على قوى الرابع عشر من آذار، وعلى السنة منهم خاصة، أن يفتشوا عن شعار يمكن أن يجمع الناس لا أن يفتنهم في دينهم ووطنهم، حتى تتمكن هذه الحركة من استعادة ألقها.
20 آذار 2011 حسن ملاط

الخميس، 17 مارس 2011

عباس وهنية
من المتوقع أن يزور رئيس السلطة "الوطنية" الفلسطينية غزة خلال أيام قليلة، ليجتمع إلى رئيس وزراء غزة إسماعيل هنية. ويقال أن الطرفين سيتفقان على خارطة طريق تؤدي بعد حين إلى انتخابات رئاسية ونيابية، وتبدأ بتشكيل حكومة جديدة موحدة للضفة الغربية والقطاع.
لماذا هذه المصالحة الآن؟
لم يتمكن عباس ورئيس حكومته فياض من الحصول على أي دعم من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل استئناف المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية. من هنا أصبح عباس أمام حائط مسدود لا يمكنه تجاوزه. فهو قد حدد ومنذ زمن بعيد أن بديل المفاوضات هو المفاوضات، وحيث لا إمكانية للمفاوضات فأصبح عباس من غير عمل. ماذا عليه أن يفعل؟ هذا مع العلم أنه لم يخالف إتفاقاته مع إسرائيل من حيث ملاحقة المجاهدين أو من له شبهة مقاومة. وقد أعلن أنه لن تحصل إنتفاضة ما دام هو رئيساً للسلطة الفلسطينية. كما وأن سجونه ورئيس وزرائه مليئة بالمقاومين. وقد اشتكت إسرائيل أخيراً من عدم تعاون السلطة معها كما يجب بملاحقة المقاومين، عندما اعتقدت أن عملية المستعمرة هي من تدبير الفلسطينيين. كما وأن لا عباس ولا فياض يستحييان من تعاونهما مع إسرائيل ضد شعبهما.
أما في غزة، فالوضع مختلف نوعاً ما عن الضفة الغربية، ولكن ليس كثيراً. فالشعب الفلسطيني في غزة يعاني أيضاً من العنف السلطوي. فقد تم قمع المظاهرات التي كانت تنادي بضرورة الوحدة ما بين فتح وحماس. جاء في الأنباء: "تواصلت الاحتجاجات الشبابية الفلسطينية في رام الله وغزة وعلى رغم محاولات "حماس" منعها بالقوة. وهاجم أفراد الكتلة الطالبية للحركة بدعم من رجل أمن، المعتصمين الشباب في جامعة الأزهر بغزة بعد حصارها ومطالبة المعتصمين بفك اعتصامهم واتهامهم بـ"الخيانة" و"التخابر مع رام الله".
ورفض رئيس مجلس الجامعة والأعضاء في نداء لهم "لغة التهديد والوعيد لإدارة الجامعة وموظفيها وطلبتها" مؤكدين "قدسية الحرم الجامعي"، وطالبوا بـ"تدخل القوى السياسية الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ومجالس وإدارة الجامعات الفلسطينية، لمنع تفاقم الأمور وخروجها عن الأعراف والقيم الفلسطينية".
كما وقعت مناوشات بين رجال الشرطة وطلاب جامعة القدس المفتوحة لم تسفر عن وقوع إصابات.
وقال «الحراك الشعبي لإنهاء الانقسام» إن الأجهزة الأمنية اعتقلت نحو 20 من دعاة إنهاء الانقسام من المتظاهرين أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المدينة.
وأضاف الحراك في بيان أنه تم في جامعة الأزهر الإعتداء على شباب وفتيات من المتظاهرين والمنددين بحال الإنقسام، واعتقال عدد منهم.
وجاءت هذه الأحداث غداة فض رجال الشرطة بالقوة اعتصاماً نظمه «الحراك الشعبي لإنهاء الانقسام» في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة مساء أول من أمس تحت شعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام».
وبحسب منظمات حقوقية أصيب نحو 50 من النساء والشبان والأطفال والرجال بكسور وجروح ورضوض عندما فرق عشرات من رجال الشرطة مدججين بالسلاح والهراوات وعناصر أمنية يرتدون ملابس مدنية مئات المعتصمين في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة ليل الثلثاء الأربعاء.
كما اعتدوا على نحو 25 صحافياً بالضرب أو تحطيم آلات تصوير أو مصادرة أدوات وأفلام أو تهديد عدد منهم، واحتجاز عدد آخر لساعات.
وعاود رجال الشرطة تهديد الصحافيين أثناء تغطيتهم أمس أحداث جامعة الأزهر.
ودانت المؤسسات والمراكز النسوية الفلسطينية الاعتداء، ودعت الحكومة في غزة الى التوقف عن أسلوب القمع ومصادرة الحريات العامة في التعبير والتجمع السلمي، وطالبتها بمحاسبة أفراد الأمن الذين اعتدوا بالضرب على المواطنين نساء ورجالاً.
هذا ما جرى في غزة، فالتعبير عن الرأي غير مسموح به، وفي حال المخالفة، فالتهمة جاهزة.
ماهي الإجراءات التي اتفق عليها الجانبان الفلسطينيان؟
دعا هنية أول من أمس الرئيس محمود عباس وقادة «فتح» إلى الشروع في حوار وطني في غزة أو في أي مكان آخر لإنهاء الانقسام.
أما عباس فقد قال أن مبادرته هذه تستهدف اللقاء مع رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية وجميع القوى الفلسطينية في القطاع، من أجل إنجاز اتفاق على تأليف حكومة كفايات وطنية محايدة، يكون في مقدم مهماتها الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني خلال ستة أشهر، في إشراف دولي وعربي كامل".
ودعا هنية الى "ترتيب زيارته للقطاع واستقباله في معبر بيت حانون بالتنسيق مع فصائل العمل الوطني والفاعليات الشعبية".
وأكد "ان لا حل ولا دولة ولا انتخابات تشريعية او رئاسية من دون وحدة الوطن"(هذا هو الوطن يا عباس)، مشدداً على "عدم معاودة المفاوضات مع إسرائيل من دون أن يتوقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية". وكرر "أن المنظمة لن تبقى تفاوض إلى الأبد من دون جدوى".
ورحبت حكومة هنية بمبادرة عباس زيارة غزة، وأعلنت أنها "ستدرس الترتيبات اللازمة".وصرح الناطق باسم "حماس" فوزي برهوم: "نرحب بتصريحات عباس واستجابته لمبادرة اسماعيل هنية".وقالت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى لـ"النهار" أن عباس طلب من أوروبا دعم حكومة وحدة وطنية مع "حماس"، وأنه تلقى رداً ليس سلبياً، بل وعدته الممثلة العليا للإتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاثرين آشتون بإقناع دول الاتحاد بألا تقاطعها.
هذا ما أعلنه الطرفان عن ترتيبات الزيارة والغاية منها. ونحن بدورنا نطرح السؤال التالي: ما هي الفائدة التي سيجنيها الشعب الفلسطيني من اتحاد عباس وهنية تحت الأهداف التي بيناها آنفاً؟
هل تحدث الطرفان عن إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بقصد تعديل ميثاقها بحيث لا يستبعد المقاومة المسلحة ولا يمسخ فلسطين بحيث يجعلها تضم ما تبقى من الضفة الغربية وغزة؟
ما هي مصلحة اللاجئين الفلسطينيين من الإتفاق الذي سيحصل بين فتح وحماس إن لم ينص على ضرورة فصل قيادة منظمة التحرير عن قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية بحيث تخضع الأخيرة لرقابة المنظمة.
هل تحدث أحد من الطرفين على ضرورة أن تكون قيادة منظمة التحرير خارج الأراضي الفلسطينية لأنها بمجموعها خاضعة بشكل أو بآخر لسلطة الإحتلال الإسرائيلي (إحتلال مباشر أو مقنع).
هل نفهم أن هذه المصالحة كان الدافع لها أزمة الحكومة في غزة وأزمة الحكم في الضفة الغربية، ونفهم أن الإتفاق هو من أجل هذه الأهداف السخيفة التي لا تغني ولا تسمن الشعب الفلسطيني؟
كيف سيحل هذا الإتفاق مشكلة المقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال؟ هذا إذا كانت المقاومة ممنوعة من الضفة وممنوعة من غزة إلى أن تتمكن حماس من تقوية نفسها بشكل يمكنها من مجابهة العدو الإسرائيلي. أي بصيغة أخرى علينا الإنتظار إلى أن يحصل توازن استراتيجي بين حماس والعدو الإسرائيلي. في الوقت الذي تعتدي فيه إسرائيل يومياً على القطاع وتوقع الشهداء من حماس ومن غير حماس. وفي الوقت الذي تتابع فيه إسرائيل تهويد القدس والضفة الغربية من دون أي تصد لهذه الممارسات الإسرائيلية. ولا داعي للقول أن ما ذهبنا إليه ليس من الأهداف المعلنة للمصالحة ما بين عباس وهنية. نحن لا نريد أن نقول أن الإتفاق هو بقصد تقاسم السلطة ما بين فتح وحماس تحت غطاء توحيدي.
إن الإتفاق ما بين فتح وحماس هو هدف يجب العمل على تحقيقه لأن فيه مصلحة للشعب الفلسطيني. ولكن شريطة أن يكون هذا الإتفاق يهدف إلى إيجاد الحلول لما يعانيه الشعب الفلسطيني على الصعيدين المعيشي من جهة وعلى صعيد خدمة القضية الوطنية من جهة ثانية. أما إن لم يكن الإتفاق من أجل ذلك فلا يكون عندها إلا من أجل استمرار الوضع على ما هو عليه، ما يؤدي بالتالي إلى خسارة فلسطين كل فلسطين.
17 آذار 2011 حسن ملاط

الثلاثاء، 15 مارس 2011

تنازلات عباس: بئر بلا قعر!
لخص نتنياهو، رئيس وزراء العدو الصهيوني ماهية كيانه بجملتين تختصران كيفية التوجه العربي للتعامل مع هذا الكيان. هذا لمن يريد أن يعقل. قال نتنياهو: " اننا مستعدون لكل الاحتمالات لأننا نعرف ان أساس وجودنا وقدرتنا على إقناع جيراننا بالعيش بسلام معنا، قائم على الجيش الاسرائيلي". وشدد أن الجيش الإسرائيلي يشكل "الضمانة الحقيقية لمستقبلنا... مضيفاً: "إننا أقوياء لأن جيشنا قوي". فالأساس الذي يقوم عليه الكيان هو الجيش، فعندما يتمكن العرب أو المسلمون أو الفلسطينيون من شل قدرات هذا الجيش نكون كمن يضع نقطة النهاية لهذا الكيان الغاصب. من هنا لا يبدو الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله مستبعداً، عندما تحدث عن تحرير الجليل في حال تجرأت إسرائيل وشنت عدواناً جديداً على الأراضي اللبنانية. حيث أن التماسك في "المجتمع" الإسرائيلي قائم بسبب وجود جيش فاعل. وهذا يستتبع بالتالي أن شل قدرات هذا الجيش يؤدي حتماً إلى تفكك هذا المجتمع وبالتالي يرتاح الفلسطينيون من إغتصاب الصهيوني لأرضهم.
من المؤكد أن من بإمكانه القيام بهذه المهمة لن يكون عباس- فياض وزبانيتهما. فهذان المسؤولان إنما وُجدا لتسهيل عملية الإستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين من قبل الصهاينة. ولن يرف لهما جفن من هذه العملية. إن الألفاظ التي استخدمها عباس عندما تحدث عن العملية الأخيرة في مستعمرة إيتامار لا يُحسن استخدامها إلا من أشرب في قلبه الصهيونية. قال عباس: إن العملية "لا إنسانية وحقيرة". أما الإستيطان فهو إنساني وشريف. كيف لرئيس السلطة "الوطنية" الفلسطينية التحدث عن عملية في أراض محتلة من دون التعريج أو الإشارة أن هؤلاء قد قُتلوا في أرض محتلة؟ نعم إنه يضفي الشرعية على احتلال هذه المستعمرات عندما لا يشير إلى أن هذه العملية قد تمت في أرض محتلة سواء الذي قام بها عربي أم تايلاندي. وهذا التايلندي أشرف بكثير من الكثير من رموز السلطة عندما لم يتحمل ظلم هذا المستعمر له.
ليس هذا فحسب، بل على عباس أن يستنكر العملية سواء أراد أم لم يرد. فالصهاينة وكذلك الإدارة الأمريكية أجبرته على الإعلان عن استنكاره لهذه العملية ظناً منه أن فلسطينياً قام بهذه العملية. هذا لا ينفي أنه كان مستعداً للإعلان عن استنكاره نظراً لإنسانيته المرهفة، خاصة إذا تعلق الأمر بأحد المستعمرين الصهاينة.
أما عن العملية فقد قالت إسرائيل أن الذين قتلوا "قضوا في منزلهم بمستوطنة إيتامار. ووصفت منفذي الجريمة بأنهم جبناء، قتلوا عائلة بريئة في جنح الظلام". أما بنيامين نتنياهو فقد صرح بأن "إسرائيل لن تمر مرور الكرام على الاعتداء الارهابي"، متوعداً بـ"معاقبة مرتكبيه". وأضاف ان "إسرائيل ستعمل بحزم من أجل الحفاظ على حياة مواطنيها". وطالب السلطة الفلسطينية ورئيسها بـ"تقديم المساعدة لإسرائيل من أجل إلقاء القبض على القتلة". وأكد في كلمة الى الأمة، أن "الإرهاب لن يملي خريطة" الإستيطان اليهودي في الضفة."
أما أنهم ماتوا في منزلهم فهذا ليس صحيحاً لأن المنزل لا يقع في أرض يملكونها، إنما في أرض مغتصبة من أصحابها. أما وأن العائلة بريئة فهي ليست كذلك لأنها تسكن في منزل مغتصب من أصحابه الحقيقيين. من هنا ليس على عباس لا أن يستنكر ولا أن يساعد الإسرائيليين في القبض على الفاعلين لأنه بهذا العمل يكون كمن يعطي شرعية لما تقوم به القوات الإسرائيلية. أما ما يُظهر مدى احتقار نتنياهو لعباس وسلطته فهو تأكيده أنه سيستمر بالإستيطان، ضارباً بالحائط عباس وكرامته.
أما واشنطن فقد وصفته بأنه "عمل إرهابي" داعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إدانته "بشكل لا يقبل اللبس واحالة مرتكبيه على المحاكمة". علماً كما قلنا سابقاً أنه وقع في مستوطنة وواشنطن تدعي أنها ضد الإستيطان. ولكن هل على واشنطن أن تغار على الأرض الفلسطينية أكثر من رئيس السلطة؟

وكذلك ندد وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بالهجوم في مستوطنة إيتامار، واصفاً إياه بأنه "عملية بشعة تنطوي على القساوة التي لا تُصدَّق". خُدش حياءه من العملية ولكن تسليم فلسطين لليهود لم يخدش حياءه. هذا هو المجتمع الدولي الذي يعتمد عليه عباس وفياض لإعادة الأرض الفلسطينية لأصحابها الفلسطينيين.
جميع ما تقدم هو إلى البكاء أقرب منه إلى التحليل السياسي. إن تصريح نتنياهو بما يتعلق بالكيان والجيش الصهيونيين يرتدي أهمية مفصلية. فهو ينطق بالحقيقة المجردة التي تدفع القوى الحية الفلسطينية إلى العمل من أجل:
1 – إعادة إحياء منظمة التحرير بحيث تعبر عن القوى الحية الفلسطينية التي تريد أن تحرر فلسطين من الصهيونية ليس بالإعتماد على من أعطى فلسطين للصهاينة (أمريكا وبريطانيا) إنما بالإعتماد على مقاومة الشعب الفلسطيني.
2 – إعادة الإعتبار إلى المقاومة المسلحة على أنها أحد الأشكال الأساسية للنضال الجماهيري.
3 – إعادة النقاش حول الجدوى من وجود السلطة "الوطنية" الفلسطينية.
4 – إعادة إحياء مخيمات اللاجئين من حيث أنها المصدر الرئيسي للمقاومين.
5 – إطلاق ورشة حوارية كبرى حول الأشكال النضالية التي يجب ممارستها. ورشة تكون بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني من مثقفين وعمال ومهنيين... حتى تشعر هذه الفئات أنها جميعها معنية بالتخطيط للإنتصار على عدو الأمة....إلخ
المقاومة والمقاومة فقط وبجميع أشكالها هي التي ستحرر الأرض. المقاومة التي تعمل على تفكيك المجتمع الصهيوني وذلك بالتركيز على شل قدرات الجيش الصهيوني الحامي الوحيد للحمة في المجتمع الصهيوني. إنها مهمة تعني جميع فئات الشعب الفلسطيني أولاً والأمة العربية أيضاً والإسلامية.

15 آذار 2011 حسن ملاط

الاثنين، 14 مارس 2011

مهمات مطروحة ما بعد 13 آذار

أكثر المصادر التي تحدثت عن حشد 14 آذار قالت أن هذا المهرجان كان ناجحاً. فثلاثة من أربعة من كتاب السفير كان تقييهم للحشد إيجابياً باتجاه صانعيه، وكذلك جريدة الأخبار التي تنطق باسم الشيعية السياسية. أما رويترز فتقول بأن الحشد كان يضم مليوناً، وأن معلومات رسمية لبنانية تقول أنه 800 ألفاً. أما المتخاصمون على الرقم للخصام والنكد فقط، فيبلغ حجم الحشد ما بين عدة آلاف إلى أن يصل إلى 60 أو 70 ألفاً، ومليون. ولكن هذا الكلام ليس جاداً.
لم أكن من الذين توقعوا أن يتمكن تيار المستقبل وتوابعه من حشد هذا الكم من الناس. من هنا بات علينا أن نحلل الأسباب التي مكنت تيار المستقبل ومن يتبعه من النجاح في مهرجانهم في الثالث عشر من آذار 2011 .
لقد تمكنت هذه القوى من استغلال جميع الهفوات التي وقعت فيها رموز المعارضة السابقة، أعني قوى الثامن من آذار، وتوظيفها في معركة الأرقام. رب قائل بقصد التقليل من أهمية الحشد أنه دُفعت الكثير من الأموال من أجل ذلك. ولكن هذا القول لا يقلل من أهمية نجاح قوى الرابع عشر من آذار من تأمين هذا الحشد. إن الطريقة الإستفزازية التي يتحدث بها الجنرال عون، هي من أفضل الأساليب التي تحشد الناس ضده، وخاصة من أهل السنة. فالقول أن الرئيس رفيق الحريري أصبح فقيد عائلته فقط يعني أن العماد عون لا يهمه من كلامه إلا جمهوره، وجمهوره فقط. وهذا التوجه ليس صحيحاً في العمل السياسي. فرجل السياسة الذي لا يملك إمكانية التمدد خارج طائفته يكون فاشلاً. والفشل يصبح أعظم عندما نكون في مجتمع منقسم طائفياً ومذهبياً.
ولا يتوقف الجنرال عند هذا الحد، بل يضيف إلى أن 7 أيار جديد يستأهله من حرض عليه. ومعنى هذا الكلام أن سلاح المقاومة الذي ندافع عنه ليل نهار وسنظل ندافع عنه، هو مخصص لنصرة العماد عون والقضاء على السنة كرمى لعيون الجنرال. هذا النمط من الكلام هو الذي مكن مناصري المستقبل من تجييش الكثير من أهل السنة الذين كانوا غير مستعدين للذهاب إلى هذه الحشود خاصة وأن الشعار المرفوع لهذا الحشد لا يقبله معظم أهل السنة لا جملة ولا تفصيلا. فسلاح المقاومة الذي أرهب العدو الإسرائيلي وانتصر عليه هو سلاح مقدس عند معظم أهل السنة. ولكن مخطىء من يعتقد أن أهل السنة لا يهتمون بالمعارك اليومية القائمة على الأحجام وعلى الحصص، في جو متأزم مذهبياً وطائفياً. من هنا، فأقل هفوة تترك إنعكاسات سلبية جداً، وخاصة على مؤيدي المقاومة العاملين في الساحة السنية وهم كثر. ولكن هؤلاء لا قيمة لعملهم إن لم يكن بين أهلهم. ولا قيمة لعملهم إن لم يؤد إلى فرز في نفس الطائفة يوصل إلى وجود تيارين فعليين يعبر كل منهما عن اتجاه مناقض للآخر على صعيد السياسة الداخلية والخارجية. ولكن ما يقف أمام تبلور مثل هذه التيارات، ممارسات لا تحترم توجهات العناصر الجذرية ضمن مختلف الطوائف، كتلك الأصوات التي تقول على رؤوس الأشهاد أن حزب الله سيدافع عن المفسدين الشيعة وكذلك الجنرال عون سيدافع عن المفسدين التابعين له. ويصبح في هذا الجو السؤال مشروعاً عن الفرق بين القوى الثورية وغيرها من القوى. الدفاع عن المقاومة ليست مهمة هامشية. إنها دفاع عن واقع الأمة ومستقبلها. نحن نربط مستقبل الأمة بهذه المقاومة القائمة في بلدنا ولا نقبل أن يعبر عنها مثل هؤلاء الكتبة، ربما بحجة الواقعية. وهذه واقعية منبوذة لأنها تقف على النقيض من طبيعة المقاومة ضد إسرائيل ومن وراءها(وراء إسرائيل) الذين يقومون على الإفساد في الأرض. ولا يمكن أن يجتمع الفساد في النقيضين نوعياً.
نحن نثق أن هذه الأصوات لا تعبر عن المقاومة. لذلك نحن نثق بهذه المقاومة وسنظل ندافع عن سلاحها الذي يجب أن يقوى ويتطور حتى يجابه العدو الإسرائيلي. ولكن هذا التأييد يتطلب بعض الأمور، منها عل سبيل المثال، لا الحصر:
1 – إن تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي أصبحت ترتدي بعض الحساسية، خاصة إذا أردنا أن تترك أصداءً طيبة وخاصة ضمن الساحة السنية. فإذا لم يتمكن الرئيس ميقاتي من تسمية فريق عمل يمكنه من الحكم وعلى طريقته، نكون كمن أعطى الطرف الآخر سلاحاً للرماية على هذه الحكومة.
2 – التمثيل السني يجب أن يكون نوعياً. إن تمثيل طرابلس بالميقاتي والصفدي وكرامي أمر جيد ولكن لا يكفي. إن الكثافة السنية في عكار التي تمثل الخزان البشري للطرف الآخر، تستدعي وجود وزير سني من عكار أيضاً. وزير يكون همه الأساسي خدمة أهل هذه المنطقة التي يمسكونها بسبب الحرمان المهيمن فيها. ليس وزيراً يريد أن يبني مجداً سياسياً لنفسه، ناسياً المهمة التي من أجلها تم توزيره.
3 – ما يسمى بالثلث الضامن، الذي يمكن الرئيس من الحكم بشكل لا يجبره على التهديد بالإستقالة عند كل كبيرة وصغيرة، هو من موجبات إمكانية الرئيس ميقاتي على الحكم.
4 – إن تشكيل حكومة توحي للناس بأنها فريق عمل متضامن هي من أهم الإيحاءات للناس أنه سوف يجد قسطاً من الراحة مع الحكومة الجديدة وينسى المآسي التي تكبدها مع الحكومة المنتهية ولايتها...
لست بصدد وضع برنامج للحكومة القادمة، إنما الوضع الراهن يتطلب الكثير من التنبه إلى الأخطار الممكنة التي تنتج عن حكومة غير مقنعة.
ولكن ما سبق لا يكفي. فهناك مهمات مطروحة على الطرف المؤيد للمقاومة لا يمكن إهمالها. فإذا تُرك الحبل على غاربه للتجييش المذهبي والطائفي، وإذا لم يضبط بعض السياسيين عواطفهم اتجاه الآخرين، فكل ما تقدم لا ينفع. إن العمل ضمن السنة في لبنان وبشكل جدي هو الذي يمكن أن يعيد الأمور إلى توازنها. كما وأن ضبط الخطاب المذهبي عند أطراف الثامن من آذار هو ضروري وراهن أيضاً. ونعتقد أن جميع السياسيين يعلمون كيف يمارسون عدم التحريض الطائفي والمذهبي، لأنهم يمارسون نقيضه يومياً.
إن نجاح حكومة المقاومة، أو الحزب الواحد، كما يحلو للبعض تسميتها، هي من أهم المهام اليومية المطروحة على كل من يريد حماية المقاومة. وحماية المقاومة هي المهمة الأولى في أيامنا هذه.
14 آذار 2011 حسن ملاط

الجمعة، 11 مارس 2011

العراق.. هل انتهت الصلاحية الأمريكية؟
كان العدوان الأمريكي على العراق هو فاتحة الحروب الطائفية في هذا البلد. ورغم وجود عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين فلم يحاولوا التصدي لمثل هذه الظواهر. ليس هذا فحسب بل إن مسؤولين في المقاومة الإسلامية العراقية، التي بدأت عملياتها غداة الإحتلال الأمريكي للعاصمة العراقية بغداد، أكدوا أن كل العمليات التي كانت تحصل على المدنيين كانت من تدبير القوات الأمريكية. كما وأكدوا أيضاً أن كل العمليات ذات الطابع المذهبي كانت من تدبير الأمريكيين أنفسهم. وقد نجح الأمريكان في تحويل معظم العمليات التي كانت تستهدفهم باتجاه غير صحيح؛ مما ترك آثاراً سلبية على المقاومة العراقية ضد الإحتلال الأمريكي.
أما الصلاحية الأمريكية في حرب العراق فتظهر من خلال إذكاء الحرب الطائفية ما بين المسيحيين والمسلمين، أو بين الكرد والعرب، واخيراً بين السنة والشيعة.
إن طرحنا هذا ناتج عن أن التحركات الأخيرة التي بدأت منذ أسابيع على الساحة العراقية قد اتخذت طابعاً وطنياً. وقد شارك فيها معظم شرائح المجتمع العراقي، مما أوقع القيادة السياسية العراقية، وخاصة المالكي، رئيس الوزراء، بإحباط كبير. ذلك أن المالكي هو من أكثر مسعري الحرب الطائفية، وهذا ما بينته الوثائق التي نشرت والتي بينت أنه كان يشارك في تعذيب السجناء على خلفية مذهبية.
ماذا جرى في العراق؟
اعتدت قوات مكافحة الشغب في البصرة جنوباً وبغداد بالهري على صحفيين عراقيين كانوا يغطون مظاهرات جرت الجمعة (منذ عدة أسابيع) وطالبت بتحسين الخدمات وبالإصلاح فجرح عدد منهم، بينما منع عدد آخر من تغطية مظاهرات مماثلة في محافظتي صلاح الدين وديالى.
فالنظام العراقي لا يريد تغطية هذه المظاهرات لأنها ترتدي طابعاً وطنياً لا طائفياً.
وفي مظاهرة ساحة التحرير اعتدت مجموعة بالزي المدني تحمل أسلحة على حافلة تقلّ صحفيين وبحماية ضابط يرافقهم، حيث أوقفت الحافلة عند عودتها من ساحة التحرير باتجاه ساحة الفردوس مركز تجمع الصحفيين.

ويقول مراسل قناة التغيير الفضائية فراس الدليمي الذي كان أحد الركاب "حاولوا إنزال مصور قناة الحرة، وعندما رفضنا نزوله وقلنا لهم: لماذا تريدون اعتقاله وهو مراسل مجاز من قبل السلطات؟ قاموا بالاعتداء علينا وعلى زميلاتنا اللواتي كن معنا بالسب والشتم، ولم يتدخل الضابط الذي كان برفقتنا مما يؤشر على أن هؤلاء يعودون لجهة عليا".
وهذا ما ذهبنا إليه سابقاً. وفي ديالى شمال شرق بغداد أصدرت السلطات المحلية أوامر بمنع وسائل الإعلام من تغطية المظاهرات.
ولم يصدر رد فعل من نقابة الصحفيين العراقيين على عمليات قمع الصحفيين.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد اجتمع مع نقيب الصحفيين وأعضاء مجلس النقابة. أي أن النقيب والمجلس مرتهنون للمالكي.

وكان عدد من الصحفيين قد اعتقلوا في مظاهرات الجمعة الماضية، وتعرضوا للتعذيب والإهانة والتهديد باغتصابهم إن لم يوقعوا على اعتراف بأنهم بعثيون ومن منظمي المظاهرات.
وحيث أن الشيء بالشيء يُذكر، فقد كتب العديد من كتاب الرأي الأمريكيين أن الحكم القائم في العراق هو حكم ديموقراطي، وبالطبع بسبب دمقرطته من خلال العصابات التي استأجرها الجيش الأمريكي، وهي عصابات من القتلة المحترفين، أمثال بلاك ووتر.
فقد أعلنت السلطات العراقية أن عشرة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم فى المواجهات التى وقعت بين قوات الأمن العراقية والمتظاهرين المناهضين لسياسات الحكومة برئاسة نورى المالكى.

وكانت أنحاء مختلفة من العراق، قد شهدت مواجهات عنيفة الجمعة، أثناء مشاركة الآلاف فى احتجاجات ضد تفشى الفساد، وعدم القدرة الحكومية على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، ونقص الغذاء والماء والكهرباء، وأفادت مصادر أمنية بأن عناصر من الشرطة أطلقت النار على المحتجين.

وفى "تكريت"، قالت مصادر الشرطة إن اثنين من المحتجين قُتلا خلال المواجهات، التى أسفرت أيضاً عن سقوط أكثر من 17 جريحاً آخرين، فيما سقط قتيلان آخران فى "سامراء"، بالإضافة إلى سبعة جرحى، جميعهم من المتظاهرين.
من جهتهم قال مسئولون محليون فى وزارة الصحة ومصادر أمنية فى كردستان إن عشرات المتظاهرين هاجموا مقر الحزب الديمقراطى الكردستاني، الذى يتزعمه رئيس إقليم "كردستان العراق"، مسعود البارزاني، وحطموا محتويات مكاتب الحزب من أثاث وأجهزة كمبيوتر.

ولقي شخص واحد على الأقل مصرعه وأصيب ما يزيد على 55 آخرين، بعدما أقدمت قوات الأمن العراقية بإطلاق الرصاص على مئات المتظاهرين فى مدينة "الكوت" شرقى العراق.
وفي الجمعة التي تلت، تحدى العراقيون، حظراً للتجوال على السيارات والدراجات النارية والإجراءات الأمنية المشددة، وتظاهروا في مدن العراق، وخصوصاً بغداد والموصل والبصرة، مطالبين بإصلاحات ومنددين بالفساد وسوء الخدمات وعدم كفاءة المسؤولين.
ورغم فرض حظر التجوال على السيارات والدراجات والإجراءات الأمنية المشددة، تجمع حوالى ألفي شخص في ساحة التحرير وسط بغداد، تلبية لدعوة أطلقتها مجموعات من الشبان عبر موقع «فيسبوك» على غرار ما يحدث في الانتفاضات التي تشهدها بعض دول العالم العربي.
ورفع بعضهم أعلاماً عراقية، فيما هتف آخرون «كذاب كذاب نوري المالكي»، و«نفط الشعب للشعب مو للحرامية»، و«سلمية سلمية» في إشارة إلى طبيعة التظاهرة. كما حمل بعضهم لافتات كتب على احداها "أين ذهبت أموال الشعب؟".
كما طالبت جماعة موقع «بلا صمت» على «فيسبوك» كذلك بالإصلاح، ونددت «بمجلس محافظة بغداد الباطل»، و«بزرع العبوات ونشر الصبات (حواجز إسمنتية) وبالسرقة والرشوات». كما خرجت تظاهرات صغيرة في مدينة الصدر والمنصور والاعظمية.
إلى ذلك، فرضت السلطات في محافظات نينوى وكركوك والانبار وديالى وصلاح الدين حظراً شاملاً للتجول للسيطرة على الأوضاع عند انطلاق تظاهرات مماثلة. ورغم ذلك، تظاهر نحو 1500 شخص في ساحة الاحتفالات في الموصل وسط إجراءات مشددة فرضتها قوات الأمن العراقية. وأطلق المحتشدون هتافات "يا ساكنين بالخضراء (المنطقة التي يسكنها المسؤولون العراقيون) أين البنزين والكهرباء؟".
وفي البصرة، تجمع آلاف المتظاهرين قرب مبنى المحافظة وسط المدينة، مطالبين بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة والقضاء على الفساد، رغم فرض حظر التجول. وحملوا أعلاماً عراقية ولافتات تطالب «بحل مجلس محافظة البصرة» وسط هتافات «إحنا أهل النفط عطالة بطالة». واستخدمت القوات الأمنية الهراوات وخراطيم المياه في محاولة لتفريق التظاهرة.
وفي النجف، تجمع مئات من منظمات المجتمع المدني، بينهم عدد كبير من النساء، في ساحة الصدرين وسط المدينة، مطالبين بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة ومحاربة الفساد. كما خرجت تظاهرات في الحلة والسماوة والديوانية والعمارة وتكريت والفاو والناصرية.

ولكن حرية التعبير عن الرأي على الطريقة الأمريكية تستدعي القمع من قبل السلطات التي فرضتها هذه الإدارة على الشعب العراقي.
شاركت معظم المدن العراقية في تظاهرات «جمعة الكرامة» منذ أسبوع، تلبية للدعوة التي وجهتها منظمات مجتمع مدني ومواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك وتويتر) بعد أسبوع على تظاهرة «يوم الغضب".
ولم تخل التظاهرات من صدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين أدت الى جرح عدد منهم، ولم يقتحم المحتجون مراكز حكومية كما حصل الجمعة الماضي.
وأدى متظاهرون صلاة جماعية سنية وشيعية على أرواح ضحايا تظاهرة جمعة الغضب الذين سقطوا الأسبوع الماضي.
وهذا ما جعلنا نقول بأن الصلاحية الأمريكية بالإحتلال قد آذنت على الإنتهاء بسبب من عودة اللحمة ولو جزئياً إلى الشعب العراقي. ولكن علينا أن نتنبه أن الجهود "الجبارة" التي يقوم بها المالكي لإعادة التسعير المذهبي، ربما تسفر عن إعادة الإنقسام. ذلك أن الحركة الجماهيرية العراقية لما تتجذر بعد.
في الفلوجة، تظاهر المئات أمس، مطالبين بإقالة المجلس المحلي في المدينة وتوفير الخدمات وإطلاق سراح المعتقلين. ورددوا شعارات مناوئة للحكومة احتجاجاً على سوء الخدمات، مطالبين بـ "الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، وبالوحدة بين مكونات الشعب".
في الضلوعية (محافظة صلاح الدين) تظاهر المئات أمس للمطالبة بحل المجلس البلدي ووقف عمليات الاعتقال العشوائي وخفض أسعار الوقود، مرددين هتافات تدعو إلى نبذ الطائفية، فيما أكد منظم التظاهرة تعرضه للتهديد.
وما صرح به المالكي يدلل على صحة ما ذهبنا إليه آنفاً. "اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قسماً من المتظاهرين المطالبين بتحسين الظروف المعيشية والخدمات بالسعي إلى نسف العملية السياسية والعودة بالبلاد الى "المربع صفر". المربع الصفر حسب المالكي، أي ما قبل الإنقسام الطائفي الذي أججه هو وأولياء نعمته من الأمريكان.
والمنطقة الكردية لا تختلف عن المنطقة العربية من حيث ثقافة الحكام على الطريقة الأمريكية. وتحدث شهود عن ضرب قوات أمنية كردية عشرات المعتصمين داخل ساحة السرايا في وسط السليمانية. وأعلن المجلس الموقت للمتظاهرين تنظيم اعتصام مفتوح في الساحة منذ السبت.
وفي الرابع من الشهر الحالي، خرج أكثر من ألف متظاهر، غالبيتهم من الشباب، في مظاهرات وسط الفلوجة غرب بغداد، للتنديد بسوء الخدمات وتفشي البطالة والفساد الإداري والمالي.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "أين الكهرباء يا دولة القانون؟" و"بالروح بالدم نفديك يا عراق" و"يا شباب سير سير نحن معاك للتحرير" و"لا لحكومة الاحتلال".
وفي العاصمة بغداد خرج نحو مائتي شخص في مظاهرات في ساحة التحرير وسط المدينة للمطالبة بتحسين الخدمات وذلك وسط تدابير أمنية مشددة.
وردد المتظاهرون في ساحة التحرير شعارات للمطالبة بتحسين الخدمات وحل أزمة السكن والبطالة ومحاربة الفساد الإداري.
وأكد النجيفي (رئيس مجلس النواب)، في كلمة له خلال جلسة مجلس النواب أمس الأحد، عزم البرلمان على استضافة المالكي ونوابه للاطلاع على برنامج الحكومة المستقبلي، كما وعد الشعب العراقي بإجراء تحقيق مهني وعادل لمعرفة من ارتكب جرائم قتل المتظاهرين وتقديمهم للعدالة.
وكان نحو عشرين متظاهراً قتلوا خلال مظاهرات حاشدة شهدتها عدة مدن عراقية بينها بغداد خلال الأسبوعين الماضيين مطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وتوفير فرص العمل والخدمات.
اتهم متظاهرون عراقيون قوات الأمن باعتقال وضرب بعضهم بعد مشاركتهم في احتجاجات شهدتها تسع محافظات عراقية اليوم الجمعة في 11 آذار 2011 طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات في البلاد وتشكيل حكومة خالية من المفسدين.
وقد شارك الآلاف من المحتجين في هذه التظاهرات في ساحة التحرير ببغداد اليوم الجمعة التي أطلقوا عليها "جمعة الحق".
ولكن بخلاف أي مكان آخر في العالم العربي، دأب المتظاهرون العراقيون على الخروج إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة في الأسابيع الماضية لا بهدف استبدال النظام، وإنما للمطالبة بإصلاح النظام السياسي وإنهاء الفساد وتحسين مستويات المعيشة.
وكان من آثار هذه المظاهرات تفكك بعض الكتل النيابية. علمت «الحياة» ان اتصالات تجري بين عدد من الشخصيات السياسية لتكوين معارضة برلمانية عابرة للطوائف، تضم إضافة الى الكتلة «البيضاء» المنشقة عن ائتلاف «العراقية»، كتلة «التغيير» الكردية المعارضة ومنشقين عن كتل أخرى.
وكان ثمانية نواب من حركة «الوفاق الوطني» التي يتزعمها رئيس القائمة «العراقية» اياد علاوي اعلنوا انشقاقهم وتشكيل كتلة سياسية جديدة تحت اسم «العراقية البيضاء» يتزعمها النائب حسن العلوي.
وأكد النائب عن الكتلة الجديدة كاظم الشمري لـ «الحياة» انها «ستتبنى العمل البرلماني المعارض لتصحيح المسار الديموقراطي في البلاد».
وأضاف: «تسلمنا طلبات من نواب كتل مختلفة يرغبون في الانضمام الى «العراقية البيضاء» لكننا طلبنا منهم التريث لدراسة الأمر، ونحن على يقين من ان الاسابيع المقبلة ستشهد زيادة حجم هذه الكتل في شكل كبير». وأكد الشمري وجود حوارات أولية للتحالف مع «كتلة برلمانية مهمة تتبني النهج المعارض، واذا حصل ذلك سنشكل كتلة وطنية بامتياز تتخطى الحاجز الطائفي والقومي، وتكون مثالاً وسابقة في العمل السياسي العراقي». لكنه رفض التعليق على ما اذا كانت هذه الكتلة هي «التغيير» الكردية.
وهذه جميعها مبشرات إلى إمكانية لا بأس بها لتغير الوضع العراقي وتطوره في الإتجاه الصحيح. ونحن نعتقد أن تطور الوضع العراقي في تشكيل جماعات عابرة للطوائف والإتنيات هو الذي سوف ينهي الصلاحية الأمريكية التي كلفت الجيش الأمريكي المئات من القتلى وكلفت الإقتصاد الأمريكي الآلاف من بلايين الدولارات.
11 آذار 2011 حسن ملاط

الأحد، 6 مارس 2011

لبنان.. إلى أين؟
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. (قرآن كريم)
كان الأولى بالمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى أن يعلن على الملأ أنه لا يريد الميقاتي رئيساً لمجلس الوزراء في لبنان من أن يطلب من الميقاتي الإلتزام ببيان المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الأول بعد تكليف الميقاتي برئاسة مجلس الوزراء، والذي تمنى فيه المجلس، سراً، على الرئيس الميقاتي رفض التكليف كرمى لعيون الرئيس الحريري. أما في الإجتماع الثاني، فقد دعا المجلس "القيادات السياسية المختلفة الى الرقي في الخطاب السياسي والكف عن التنابذ بالالقاب الغريبة عن تقاليدنا وأخلاقنا، والى احترام الرأي المختلف من دون تشويه أو تخوين. كما دعا الى الامتناع عن أي عمل من شأنه إعاقة عمل المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار، وتعطيل سير العدالة".
اضاف: "يدعو المجلس الشرعي المسؤولين الى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والمعيشية المترتبة عن ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والكسائية، والتي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسرة اللبنانية. وتوقف باهتمام كبير أمام مطالب الشعوب في العديد من الدول العربية، مقدراً عالياً تطلعاتها المشروعة لتحقيق الحكم الرشيد وقطع دابر الفساد واحترام حقوق الانسان، وفي مقدمتها حقه في الحرية والكرامة. وحذر من أي تدخل أجنبي في أي بلد عربي تحت أي ذريعة، مؤكداً أهمية احترام مبدأ تداول السلطة بوسائل دستورية وسلمية، متوجهاً بالدعاء الى الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء الأبرار بواسع رحمته ورضوانه".
هذا ما قاله المجلس، أما نحن فنقول أن ما يفعله هذا المجلس هو كمن يطلب من الرئيس ميقاتي أن يسبح في البحر شريطة أن لا يبتل، علماً أنه لا يحق له استخدام العازل للماء. يريد المجلس من الميقاتي أن يرفض سلاح المقاومة ويؤيد المحكمة الدولية المسيسة على أن لا يدعمه لا المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وعلى أن لا يدعمه النواب السنة في البرلمان اللبناني. ولماذا الإلتزام من قبل الميقاتي إذا لم يكن هناك التزام من المجلس ومن النواب المسلمين بدعم الميقاتي حتى يحافظ على الموقع الأول للمسلمين في لبنان؟
إلى ما تقدم يريدون من الرئيس الميقاتي الإلتزام بما يتناقض مع معتقداتنا الدينية. علينا جميعاً أن نرفض سلاح حزب الله أي سلاح المقاومة لأن حزب الله لا يريد الرئيس سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء. هم يريدون من الميقاتي أن يبيع دينه بدنيا غيره. من ذا الذي يقبل بأن يتاجر هكذا؟
رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة وبعد زيارته الرئيس سليم الحص كان له تصريح لافت ذكّر فيه الرئيس ميقاتي باجتماع دار الفتوى والثوابت التي صدرت عنه في حضور الرئيس المكلف الذي "أصبح ملزماً كما قال بهذه النتائج وعلى اساسها يفترض ان يكون من خلال مواقفه وأيضاً من خلال التصريحات التي يدلي بها أن تكون منسجمة مع هذه الثوابت التي عبّر بصراحة عن التزامه بها".
الرئيس الميقاتي ملزم هو وحده من دون أن يشكل التزامه أي إلزام للآخرين. أين الإنصاف بذلك؟
قال الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري "إننا سننزل في 14 آذار لنقول لا للسلاح غير الشرعي الموجه الى صدورنا، وأي سلاح سيكون في مواجهة العدو الاسرائيلي يجب أن يكون تحت إمرة الجيش اللبناني وبالتنسيق معه»، مضيفاً: "إن معركتنا هي مع سلاح حزب الله والباقي بالنسبة لنا هوامش وملحق، فمعركتنا مع هذا السلاح ومع من يريد قبل معرفة القرار الظني، أن يكذبه". ثم أضاف: "لا يمكن أن نعيش في بلد فيه تفلّت للسلاح غير الشرعي، سواء آكان سلاح حزب الله أم أي سلاح آخر». يريد أحمد الحريري ان يقاتل العدو الإسرائيلي من غير سلاح، مشترطاً أن نقضي على السلاح الذي يقاتل إسرائيل. وعلى اللبيب أن يفهم هذه المعادلة. نحن لا نريد أن نأتي بشواهد من السياسيين الإسرائيليين حتى نقول أن ما يطالب به الحريري الثاني والذي يتشابه به مع الحريري الأول يتطابق مع ما يطالب به الإسرائيلي. لا نريد أن نفعل ذلك حتى لا نُتهم بالتحريض. إنما نقول ما هي الشريعة التي تقول بالتخلي عن السلاح بوجود عدو يتربص بنا الدوائر. الله تبارك وتعالى يقول فلا توليهم الأدبار، أما الحريريان فيريدان أن نسلم السلاح. نحن مع طاعة الله عز وجل، غضب من يغضب ورضي من يرضى.
أما في خطابه الشهير في بيت الوسط فقد حاول الحريري أن يقنعنا بأن العمل السياسي في لبنان يختلف عن غيره في هذه المعمورة. قال: "المشكلة هي انكم عندما ندعوكم بعد خسارتكم الانتخابات لشركة حقيقية في حكومة الوحدة الوطنية، تدخلون سلاحكم معكم الى الحكومة، وتضعونه على طاولة مجلس الوزراء، فيصبح كل قرار، خاضعاً لارادتكم وحدكم، والا فالسلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي انكم توقعون تعهدات في الدوحة بعدم استخدام السلاح وسيلة للعنف السياسي في الداخل، وبعدم تعطيل جلسة لمجلس الوزراء، ويشهد على توقيعكم امير قطر وقادة عرب والجامعة العربية، ثم تستهلكون نصف عمر الحكومة وانتم تعطلون مجلس الوزراء. تماماً كما وقعتم تعهدات في الدوحة، بأنكم لن تستقيلوا من الحكومة ثم استقلتم، متأكدين ان احداً لن يسائلكم، لان السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة انكم تطالبون فور استقالتكم باستشارات نيابية عاجلة وطارئة وعندما تكتشفون ان الاكثرية النيابية، التي نتجت عن انتخابات ديموقراطية حملت تكليفاً واضحاً من الناخبين، ستصوّت في اتجاه لا يعجبكم، تؤجلون الاستشارات تحت تهديد انها ولو لم تؤجل، فالسلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم، ثم تغيّرون الاكثرية تحت تهديد انه لو بقي بعض النواب على رأي ناخبيهم فهذا السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي عندما تشاركون في صياغة اجماع بشأن المحكمة الدولية، على طاولة الحوار الوطني واجماع لحل مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخل المخيمات، ثم تعطلون تنفيذ قرارات التزمتموها، انتم معنا، تصبح مساءلتكم اعتداء عليكم لان السلاح جاهز للاستخدام ضد ابناء بلدكم. المشكلة هي عندما تمنعون مؤتمر المصالحة الشاملة والمسامحة الشاملة بين جميع اللبنانيين عن كل الماضي".
ما من أحد، سواء كان عريقاً في العمل السياسي، أم كان مبتدئاً إلا ويعلم أن الإتفاقات ما بين طرفين اثنين أو أكثر هي تعبير عن ميزان قوى معين في وقت عقد الإتفاق. وهذا الإتفاق يمكن أن يكون بين جماعتين، أو حزبين، أو دولتين...إلخ. إذا كان الحريري لا يعرف هذه الألفباء السياسية، هو وحلفاؤه، يريدون أن يحملوا نتائج جهلهم للآخرين. عند عقد الإتفاق كان يعتقد حزب الله وحلفاؤه أن مصلحة المقاومة تستدعي التحالف مع الحريري وأتباعه، أما الآن فقد تغيرت الظروف، فليسوا بحاجة لهذا التحالف؛ فهل من المصلحة الإصرار عليه؟ بالطبع لا!
حتى النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآى عدم جدوى صلح الحديبية الشهير، لم يقبل بتجديده مع مشركي قريش رغم إلحاح أبي سفيان على ذلك. فالعمل السياسي هو هو، سواء في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل. واللبيب هو من يتعلم من تجارب الآخرين: "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم...".
لا أريد أن أضيف إلا شيئاً واحداً: لو أن حزب الله أراد أن يترجم انتصاره على إسرائيل في 2006 في الداخل اللبناني، لم نكن لنصل إلى أيار 2008 ولا إلى الجدل الحالي، لأن جميع الموازين السياسية كانت اختلفت عما هو قائم الآن.
لبنان إلى أين؟
إذا أراد أطراف 14 آذار، وعلى رأسهم الحريري أن يستقر لبنان، ما عليهم إلا أن يدعموا الرئيس الميقاتي لتشكيل حكومة متوازنة تمكنه من الحكم حتى يحقق مطالب الناس، وأهمها الإنطلاق إلى القضاء على الطائفية السياسية. وما نطلبه من 14 آذار هو نفسه ما نطلبه من الأطراف الأخرى. يكفينا ما اكتوى به الناس من التحريض الطائفي والذي شاركت به أطراف تدعي الحرص على الدين. علماً ان ما من أحد إلا ويعلم أن الطائفية السياسية هي أعدى أعداء الدين. كما وعلى أطراف 14 آذار أن يسحبوا من التداول الحديث عن سلاح المقاومة. فليتقوا الله، وليعلموا أن ممارستهم للسياسة هي بهبة من المقاومة الإسلامية التي حافظت على الكيان اللبناني أمام الهجمة الإسرائيلية الشرسة.
6 آذار 2011 حسن ملاط

السبت، 5 مارس 2011

البطريرك الجديد
يقولون أن البطريرك الماروني أعطي مجد لبنان. وهذا كلام إيجابي لأن فيه اعترافاً أن للبنان مجد، انفرد فيه عن غيره، ألا وهو المقاومة. ففي الدول العربية، لبنان يُعتبر مهد المقاومة التي مرغت أنف إسرائيل، عدوة العرب والمسلمين، هي والإدارة الأمريكية، مرغت أنف إسرائيل في التراب.
ولكن هل البطريرك صفير الذي استقال من سدة البطريركية، يصح فيه هذا الكلام؟
البطريرك صفير كان فريقاً في الخلافات اللبنانية اللبنانية، وكان فريقاً أيضاً في الخلافات المسيحية المسيحية. فهو قد حالف فريق الرابع عشر من آذار ضد فريق الثامن من آذار. وهو قد عادى المقاومة باستمرار. وأيد سمير جعجع وفريقه على العماد عون وفريقه. حتى أن فريقاً لا بأس به من الموارنة رفع شعار أن أحد السياسيين الموارنة هو البطريرك وليس صفير. وما قيامهم بذلك إلا بسبب انحياز البطريرك صفير الفاضح إلى جانب سمير جعجع وفريقه الذي يؤيد السياسة الأمريكية وينحاز إليها بشكل يخالف مصلحة لبنان وشعبه.
ليس هذا فحسب، بل إن البطريرك صفير قد أظهر عداءه للمقاومة، حتى إبان تسجيلها الإنتصار التاريخي على إسرائيل، يوم فر جنودها أمام شعب الجنوب اللبناني المقاوم، جارين وراءهم أذيال الخيبة والهزيمة. في تلك الأيام المجيدة، وقف البطريرك صفير يدافع عن العملاء الذين كانوا يحاربون كرأس حربة مع جيش العدوان الصهيوني. ولم يسجل البطريرك صفير سابقة تهنئة المقاومة بنصرها المؤزر. ولكن انشغل البطريرك وأركان حربه بندائهم الشهير المعادي لسوريا التي كانت تدعم المقاومة.
لن نعدد مآثر البطريرك صفير، فهي أكثر من أن تحصى، فهو من أجل ذلك أعطي مجد لبنان، ولكن أي لبنان؟ أعطي مجد قسم زهيد من اللبنانيين الذين يعادون وطنهم وأمتهم كرمى لعيون الأمريكي وأستحيي من أن أضيف الإسرائيلي، حتى أترك مكاناً للصلح مع هؤلاء، عندما يثوبون إلى رشدهم. ونأمل أن يكون قريباً.
هذا الحديث عن البطرك له مناسبته. فبعد ثلاثة أيام سوف ينتخب المطارنة الموارنة بطريركاً جديداً لأنطاكية وسائر المشرق للموارنة. ونود أن نقول للسادة المطارنة أنكم إن كنتم تريدون أن يحظى البطريرك الجديد على مجد لبنان، فما على هذا البطرك إلا أن يمثل جميع اللبنانيين. فعليه أن يمثل مصالح اللبنانيين، وخاصة المسيحيين منهم. فلا يفعل كما فعل سلفه بإهمال الإرشاد الرسولي، من جهة، وبإهمال مقررات السينودس للكنائس الشرقية، من جهة ثانية. فالإرشاد الرسولي ومقررات السينودس تنص على ضرورة انخراط المسيحيين في محيطهم والتعايش مع شركائهم في الوطن من المسلمين. إن معاداة المقاومة، اللبنانية منها والفلسطينية، ومعاداة العلاقات المميزة مع الجارة الوحيدة، سوريا، هي من العوامل التي تبعد إمكانية التعايش ما بين مختلف فئات المجتمع اللبناني والمجتمع العربي بصورة عامة. وحيث أن الشيء بالشيء يذكر، نسجل بأن البطريرك صفير لم يزر مرة سوريا، علماً ان قسماً كبيراً من رعيته يعيش في سوريا، كما وأن مهد القديس مارون هو سوريا. لذلك نرى المسيحيين المشرقيين الذين يلتزمون بالإرشاد الرسولي وبمقررات السينودس للكنائس الشرقية يحتفلون بذكرى مار مارون في براد في سوريا حيث عاش وخدم رعيته.
ما نريده من البطرك الجديد هو أن يجعل العلاقات اللبنانية اللبنانية أمتن، وأن تكون العلاقات اللبنانية العربية أقوى وذلك بقيادته الحكيمة للطائفة المارونية. إن اللبنانيين، جميع اللبنانيين يريدون تدعيم التواجد المسيحي في الشرق، وهذا هو الهم الذي يحمله بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهذا ما وعاه بطريرك الروم الملكيين، لذلك رأينا البطريرك لحام يصرح بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو سبب هجرة المسيحيين. فإحصاء عدد المسيحيين في الأرض المحتلة هو الذي جعله يستنتج أن إسرائيل هي أصل البلاء بهجرة المسيحيين، وليس لا سوريا ولا المقاومات اللبنانية والفلسطينية.
هذه هي مواصفات البطريرك الذي سوف يحمل مجد لبنان. ونحن نريد بطريركاً يحمل مجد لبنان.
6 آذار 2011 حسن ملاط