بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأحد، 30 ديسمبر 2012

الوضع في لبنان


حسن ملاط                                    الوضع في لبنان
يتخوف المراقبون من الحال التي وصل إليها الوضع في لبنان. وأهم ما يثير هذه المخاوف، هو نأي السياسيين بأنفسهم عن الوضع الراهن الذي وصلنا إليه بسبب ممارساتهم التي لا تتسم بحس المسؤولية الوطنية. فالسياسي عليه تحمل المسؤولية عن الوطن والمواطن، لأنه منتدب من المواطنين لهذه المهمة. ومن لا يجد في نفسه القدرة على تمثيل الناس بما يخدمهم ويخدم البلاد، فما عليه إلا أن يعلن أمام الملأ تخليه عن مسؤولية تمثيل الناس.
لقد رفعت الحكومة شعار النأي بالنفس عن الأحداث في سوريا. وقد أيد هذا الشعار إلى جانب شريحة كبيرة من المواطنين، جميع دول المجتمع الدولي. وهذا أحد أهم الأسباب الذي جعلت هذه الدول تنآى بنفسها عن حلفائها التقليديين، قوى 14 آذار، الذين رفعوا شعار إسقاط الحكومة. هذا الشعار الذي عارضته الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى جانب ممثلة الإتحاد الأوروبي في زيارتهم الغير مسبوقة للقصر الجمهوري، والذين حذروا خلالها من الفراغ الحكومي، كما وأيدوا دعوة الرئيس سليمان للحوار الوطني والمحافظة على الإستقرار الحكومي. الإستقرار الذي يعني ضرورة إتفاق جميع القوى على برنامج الحكومة القادمة ومهمتها الرئيسة هي إدارة الإنتخابات النيابية. لذلك رأت معظم القوى التي لا ترفع شعارات عدمية وجوب الإتفاق عل قانون انتخاب جديد ثم استقالة الحكومة والإتيان بحكومة لا تضم مرشحين للإنتخابات النيابية المقبلة. قوى 14 آذار غير موافقة على هذا الطرح وتشترط استقالة الحكومة قبل البحث في قانون الإنتخابات. وهذا ما لا توافق عليه قوى الأكثرية ومن ورائهم الدول التي دعمت الحكومة الميقاتية والرئيس سليمان.
الأزمة التي تعيشها البلاد هي أكثر تعقيداً مما سبق ذكره. فالوضع السوري تضاعف ضغطه على الوضع المحلي من عدة جوانب. فبعض أطراف الأكثرية لا تلتزم بشعار الحكومة التي تبنته قوى الأكثرية بالنأي بالنفس عن الأحداث في سوريا. وقد خلق هذا الوضع شرخاً على الصعيد الوطني يتفاقم ويزداد يوماً بعد يوم. حتى أن بعض المراقبين يصورون الوضع وكأننا على شفير خضة وطنية كبيرة، لأننا لا نريد استخدام تعبير حرب أهلية. وما يزيد من تفاقم هذه الأوضاع بشكل مضاعف هو تدخل أطراف من 14 آذار بالوضع في سوريا كما يفعل بعض أطراف من 8 آذار الشيء نفسه. لقد بات الوضع وكأن هناك عدم إمكانية على التقاطع بين قوى 14 و8 آذار. وهذا يشكل خطراً كبيراً على الوضع الداخلي، كما على الإستقرار الوطني.
في ظل هذه الأزمة، هناك احتمالات تزداد يوماً بعد يوم من عدم الإمكانية على إجراء الإنتخابات النيابية، خاصة إذا ازدادت حركة النزوح من الداخل السوري. فمن الممكن أن يكون عمر هذه الحكومة مديداً. لذلك لا يجوز أن تحافظ المعارضة على هذا الكم الكبير من التحريض المذهبي الذي يساهم بتفكيك اللحمة الداخلية والوطنية. ونفس الكلام يوجه إلى أطراف 8 آذار من أجل بذل الجهود من أجل التقارب مع المعارضة حفاظاً على اللحمة الوطنية.
إزاء هذا الوضع لابد من جهود يقوم بها أطراف المجتمع الأهلي تساهم في تخفيف الإحتقان. كما وتقوم بجهود كبيرة من أجل الضغط على أطراف الأكثرية والأقلية لإجبارهم على النأي بأنفسهم عن أحداث سوريا. يكفي لبنان ما يقوم به من جهود جبارة في إغاثة الإخوة النازحين. لماذا لا تقتصر الجهود اللبنانية على الإغاثة بدلاً من مساعدة المقاتلين من الطرفين على تدمير ممتلكات الشعب السوري.

السبت، 15 ديسمبر 2012

ماذا يجري في الأردن؟


                                  ماذا يجري في الأردن؟
حسن ملاط
الحراك الشعبي الأردني يستمر منذ أكثر من سنة. ولكنها المرة الأولى التي يتدخل فيها الملك على الشكل الذي جرى فيه. فقد اجتمع الملك في يومين متتابعين مع القوى اليسارية والقومية والوطنية. وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها مع هذه التشكيلات. وقد تسرب مضمون هذه الإجتماعات إلى الصحافة. ومن المؤكد أن هذا التسريب مقصود حتى يصل إلى من يعنيهم الأمر، أي الجماعات الإسلامية وفي مقدمهم الإخوان المسلمين.
لقد عبر الملك خلال هذه الإجتماعات عن دعمه للإصلاح، على أن لا يتطرق إلى صلاحيات الملك. كما أنه ضد الإعتقالات التي تمت من قبل الأجهزة الأمنية. كما وأنه أصدر أمراً بالإفراج عن جميع المعتقلين. ومن الجدير ذكره أنه لم يتم الإفراج عنهم، إنما عن بعضهم. كما أنه غمز من قناة جبهة العمل الإسلامي التي رفضت ولا تزال ترفض المشاركة في الإنتخابات بسبب القانون الذي ترفضه. وقد هاجم السعودية وقطر من دون أن يسميهما بسبب الضغط  الذي تمارس هاتي الدولتين على الأردن حتى تكون ممراً للتدخل في شؤون سوريا الداخلية. كما وأنه غمز من قناة تركيا لأنها تسير في نفس الخط مع السعودية وقطر. ولا نغفل في هذا الإطار أن الأردن يتعرض لضغوطات هائلة للإنخراط في الجبهة المضادة للنظام السوري، حتى أن السعودية وقطر قد تمنعتا عن مد يد العون للأردن في المحنة الإقتصادية التي يمر بها، والتي تسبب له بالإضرابات والمظاهرات التي لم تفتر منذ رفع الدعم عن المحروقات التي قامت به الحكومة الجديدة والذي برر لها الملك هذا الإجراء مدعياً بأنه لولا هذا الإجراء لانهار الدينار الأردني.
لماذا يقف الملك ضد التدخل في سوريا؟
الملك لا يثق بالأمريكان، ليس لأنه يساري أو ثوري، ولكنه لأنه رأى بأم العين كيف تخلت أمريكا عن حليفها زين العابدين بن علي لصالح حزب النهضة التونسي، وهو فرع الإخوان المسلمين التونسي. ورأى أيضاً تخلي الإدارة الأميركية عن حليفها الأوثق حسني مبارك لصالح الرئيس مرسي من الأخوان المسلمين. وإذا أضفنا إلى ما تقدم أن الشعار الذي رفعه الإخوان المسلمون في الأردن هو تحويل الملكية في الأردن إلى ملكية دستورية، او بصيغة أخرى نزع جميع الصلاحيات التي يتمتع بها الملك منه، نفهم سبب عدم دخول الملك في الحلف الأمريكي ضد بشار الأسد. الحلف الذي سوف يأتي بالإخوان المسلمين لحكم سوريا. وبذلك يتم الطوق على الملك الذي يصبح من غير حلفاء إن لم يخضع لمشيئة الإخوان المسلمين. أو بصيغة أخرى، التخلي عن صلاحياته لصالح الإخوان المسلمين.
المعروف أن الحزب الأقوى في الأردن هو جبهة العمل الإسلامي. ويهم الملك أن تكون هذه الجبهة حليفته، ولكن بشروطه وليس بشروطها. ماذا يفيده أن يتحالف مع الجبهة إذا كانت ستجبره على التخلي عن صلاحياته. من أجل ذلك لجأ الملك إلى القوى اليسارية والقومية والوطنية. وراح يدغدغ عواطفهم، أي راح يبيعهم الكلام ليس من أجل تحالف حقيقي، إنما من أجل أن يري جبهة العمل الإسلامي أن بإمكانه إيجاد حلفاء في حال رفضت الجبهة الإستجابة لشروطه. فتوجه الملك لهذه الحركات ليس توجهاً جدياً. وكذلك ما طرحه عليهم لا يعطيهم أي مبرر أمام جمهورهم، إن وجد، لأن شرطه الرئيس هو عدم المساس بصلاحيات الملك الدستورية. فإذا قبل هؤلاء هذا الشرط فهذا يعني أن الطروحات الإسلامية هي الأكثر ثورية وطروحات اليسار والقوميين هي الطروحات الرجعية. إذن يتقدم الملك من محاولة التحالف مع هذه القوى شريطة أن تخضع لإملاءات البلاط. وهذا ما يكشفها أمام جمهورها. فلماذا كل هذا الفرح من قبل اليسار بمبادرة الملك بالإجتماع بهم. فهو يقول لهم وبصراحة تامة أريدكم أن تكونوا وقوداً لخلافي مع الإخوان المسلمين. كما وأريدكم أن تكونوا درعاً للدفاع عن عرشي أمام المد الإسلامي الذي يجتاح المنطقة العربية، ومن المتوقع أن يجتاح العرش الأردني أيضاً.
هذا على الصعيد الداخلي، فماذا على الصعيد الخارجي؟
هل يتجه الملك للتحالف مع العراق وإيران؟ وكيف يمكنه أن يخرج من أزمته الإقتصادية الحادة؟ لا إجابات على هذه الأسئلة حتى الآن، علماً أن هذا الإتجاه ليس سهلاً أن يقوم به الملك الأردني. أما الخيار الآخر فهو الخضوع للشروط السعودية القطرية بعد تفاوض على حماية عرشه. من أجل ذلك فهو بحاجة إلى تدعيم قوته الداخلية. هكذا نفهم لجوءه إلى اليسار والقوى الأخرى.
15 كانون أول 2012

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

القراءة واهمية التعليم


                      القراءة وأهمية التعليم
حسن ملاط
بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم ( وايز)، خصصت "الحياة" حيزاً واسعاً يبين اهتمام الصحيفة ومسؤوليها بهذا الحدث الهام.
بعد أن اطلعنا على ما جاء في الأحاديث التي نُقلت عن المسؤولين، والمقالات التي كُتبت رأينا أن ندلي برؤيتنا للموضوع، حيث أننا من الإختصاصيين في الموضوع التربوي.
قالت السيدة إيرينا بوكوفا: " وعلينا بشكلٍ أساسي أن نُحدث تغييراً في طريقة التعليم وغايته". أعتقد أن هذا الكلام هو جوهر الموضوع. أما الأسباب التي جعلتني أميل إلى هذا التحديد هو موضوع مقالتي هذه للأهمية.
ولأهمية ما تذهب إليه السيدة بوكوفا، نقلت هذه الإحصائية الهامة عن الأونسكو: " ووفق حسابات اليونسكو، فإن كلّ دولار أميركي يُنفَق على تعليم طفل يعود على النمو الإقتصادي بمردود يتراوح بين 10 دولارات و15 دولاراً طوال فترة حياته المهنية".
أما رئيس المؤتمر الشيخ عبد الله آل ثاني فيقول: "واعتقد أن التعليم هو السبيل المثالي والاساس ليطرح من خلاله الشباب قدراتهم نحو بناء المستقبل".
أما اليمنية انطلاق المتوكل فتقول كلاماً خطيراً، وربما يرتدي الكثير من الصحة: "التعليم الضعيف أخطر من الجهل والأنظمة الاستبدادية تتغذى منه".
إنطلاقاً مما تقدم نقول أن شرط التعليم الأول هو: معرفة القراءة. وقد بينت الإحصاءات السنوية التي تُجريها الدول الأوروبية سنوياً، أن السبب الرئيسي للتأخر في المجال التربوي هو ضعف القراءة. وقد عزت معظم الدراسات التي أجريت من أجل إيجاد الحلول لهذه المعضلة، إلى الطريقة المتبعة في تعليم القراءة للمبتدئين. ومن المعروف أن الطريقة المتبعة في تعليم القراءة في معظم الدول الأوروبية، وفي بلادنا أيضاً، هي الطريقة المجملة (globale) والتي تنطلق من تحفيظ الطفل لبعض الكلمات ثم تحليلها للوصول إلى تعليم الحرف. ويمكن ممارسة التعليم تبعاً لهذه الطريقة بوسائل مختلفة، ولكنها لا تخرج عن كونها طريقة مجملة.
لماذا نتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل؟
بعد التقدم في وسائل التصوير ( الرنين المغناطيسي و البوزيترون IRM  و PET)، تمكن علماء الأعصاب من تصوير الدماغ عند تعليم الأطفال للقراءة، وتمكنوا من تحديد المناطق الدماغية التي تنشط عند تعلم القراءة. وقد كان أول من قام بهذه الكشوف Sperry وهو حائز على جائزة نوبل. وقد تقدمت هذه الكشوف كثيراً بعده، وكان أن كتب Stanislas Dehaene الحائز على كثير من الجوائز العالمية، كتاباً أسماه "الخلايا العصبية للقراءة" وهذه جرأة علمية كبيرة. ولكن نجد في هذا الكتاب الكثير من الكشوف التي تفيد المهتمين بموضوع القراءة وتعليمها.
ماذا أعطانا علماء الأعصاب في مجال تعليم القراءة؟
لقد أثبت هؤلاء العلماء أن الطريقة المتبعة في تعليم القراءة (المجملة) هي طريقة لا تنسجم مع آلية عمل الدماغ، أو لنقل أنها تعمل بطريقة معاكسة لآلية عمل الدماغ. فالوقت المفترض لقراءة كلمة هو 20 ملليثانية أي عشرين من ألف من الثانية. أما في الطريقة المجملة فيحتاج القارىء إلى 300 ملليثانية أي ثلاث ماية جزء من ألف من الثانية. وبعملية حسابية بسيطة نجد بأن الطفل الذي يتعلم بالطريقة المجملة يخسر من وقته (أو من حياته) 1500% . وهذه الخسارة لا يمكن لأية أمة نامية أن تتحملها. ولكن للأسف هذه حالنا مع طريقة تعليم القراءة.
والمؤسف أن الإصرار على هذه الطريقة في التعليم ناتج عن افتراضات ليس فيها شيء من العلمية، فهي تعتمد على نظرية في علم النفس تسمى الجشتالت وهي لا ترتدي أي طابع علمي. أما ما نتحدث عنه فهو العلم الحقيقي الذي تراه في العين لأن جميع استجابات الدماغ لكيفية القراءة تنتقل من الدماغ أمام ناظرينا على الحاسوب.
ما هي الطريقة التي يجب اتباعها في تعليم القراءة؟
الطريقة التي يجب اتباعها هي الطريقة التركيبية التي تنطلق من تعليم الحروف إلى الكلمات، مع كثير من التفاصيل المرتبطة بالطريقة وكيفية تنفيذها.
وأخيراً نحن على استعداد لتفصيل الموضوع لمن يريد، ولكن لا نعتقد أن الجريدة يمكن أن تستقبل تفصيل هذا الموضوع. أما في حال القبول فسوف نقوم بذلك.


الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

لماذا طرابلس؟


                                                لماذا طرابلس؟
حسن ملاط
   الحياة في المدن تقوم على التجارة والصناعة والوظيفة. وجميع أسباب الإرتزاق التي ذكرنا تستدعي الأمن والإستقرار. طرابلس، العاصمة الثانية، عاصمة الشمال، لم يُسمح لها بأن تعيش الإستقرار منذ زمن لابأس به. فالحركة التجارية لا تزال مجمدة منذ عيد الفطر الماضي. لم يسمح للتجار ببيع بضائعهم في عيد الفطر ولا في عيد الفصح ولن يُسمح لهم بالإرتزاق في الأعياد القادمة، الميلاد ورأس السنة.
   ما هو الذنب الذي اقترفته هذه المدينة حتى يكون ممنوع على سكانها الحياة الطبيعية؟
   جميع المبعوثين الأجانب الذين زاروا لبنان، أكدوا جميعاً على ضرورة الإستقرار في هذا البلد. وهذا ما فعله سفراؤهم المقيمون في بلادنا، عندما زاروا رئيس الجمهورية ودعموا اتجاهه في الحوار وبضرورة الإتفاق على حكومة جديدة قبل استقالة الحكومة الحالية. كل ذلك حتى لا يهتز الإستقرار. وهذا ما أكدوه لرئيس مجلس الوزراء، سواء في زياراته الخارجية أو بلقائه مع المبعوثين.
   وهذا ما حصل فعلاً. فعندما وجدوا أن الأسير يمكن أن يهدد الإستقرار في صيدا، أخذوا قرارات حازمة من تحركه. وهذا ما حصل في طريق الجديدة في بيروت. وخرجت بيروت من هذه التجربة. وكذلك خرجت صيدا من التجربة. هل يمكننا الإستنتاج أن طرابلس لا تخضع للأجندة اللبنانية. أم أن وراء الأكمة ما وراءها.
   يمكننا التقدير بأن سياسيي بيروت وسياسيي صيدا قد قدموا دعمهم الفعلي للخطوات التي قام بها الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحماية الأمن والإستقرار. أو ان القرار الذي يغطي الأراضي اللبنانية لا تدخل ضمنه طرابلس.
   جميع هذه الأسئلة مشروعة. لأنه لا يُعقل أن السلطات اللبنانية ليس بإمكانها تكريس الأمن لهذه المدينة المنكوبة، طرابلس، مدينة العلم والعلماء، التي كادت أن تصبح مدينة القنص والقناصة.
   لقد أكد بعض الأطراف السياسية أن إسقاط الحكومة يجب أن يتم في طرابلس، المدينة الذي ينتمي إليها رئيس الحكومة العتيدة. من أجل ذلك جميع التحركات التي قامت والتي كان يراد منها محاصرة الحكومة والعمل الحكومي قد قامت في طرابلس. ليس من المقبول أن لا تتمكن الحكومة التي تضم خمسة وزراء من طرابلس من تكريس الأمن في المدينة. أما إذا لم يكن ممكناً تأمين الحياة العادية للناس فلا بد من إفهامهم (سكان طرابلس) أن من غير الممكن فرض الأمن في المدينة ولماذا، ومن هي الأطراف المسؤولة عن ذلك. أما أن تخضع الحكومة لأجندات الغير بتكريس القلاقل في المدينة، فهذا غير مقبول قطعاً.
لا بد من خطوة حازمة يقوم بها رئيس الحكومة، إبن طرابلس. وذلك بأن يدعو جميع نواب المدينة ووزرائها وسياسييها والهيئات الإقتصادية والدينية وهيئات المجتمع المدني لمناقشة وضع المدينة ووضع الجميع أمام مسؤلياتهم بضرورة فرض الأمن في هذه المدينة وضرورة تنميتها. ألم تقر الحكومة 100 مليون دولار لهذه المدينة؟ ومن يتخلف عن واجبه إزاء مدينته يجب أن يُعرف من الجميع، أن هذا الطرف أو ذاك رفض خدمة مدينته. أما أن يستمر الوضع على ما هو عليه، فهذا يعني تعليم الناس على الفوضى أو في أحسن الأحوال تهرب من المسؤولية. العمل السياسي لا يكون على حساب الناس، أمنهم واستقرارهم ورزقهم. ولكن العمل السياسي يقوم أصلاً من أجل تأمين الأمن والرزق والإستقرار للناس. والمعارك السياسية تُخاض بالناس من أجلهم وليس من أجل مصالح خاصة. إن السياسي المخلص هو الذي يرفع السقف من أجل تأمين مصالح أبناء المدينة. لا يرفع السقف من أجل حرق المدينة.