بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

عن التأسي برسول الله



         
حسن ملاط
هناك مسائل يتكرر طرحها باستمرار لأسباب لا تبدو واضحة. ومن هذه المسائل، السنة النبوية الشريفة، من حيث وجودها ومن حيث ضرورتها من عدمها بوجود القرآن. والحجة الأساسية التي يوردونها هي أنه بما أن القرآن قد وصلنا بالتواتر، وبما أنه لا يوجد أي شك بصحة الكتاب الذي بين أيدينا، فلم يعد من ضرورة للجوء إلى السنة التي وصلتنا عن طريق آحاد وأنه بدأت كتابتها بعد أكثر من قرن ونصف من موت رسول الله. كما وأن الأهواء السياسية قد لعبت دوراً كبيراً بتحريف الأحاديث الشريفة بما يتناسب مع مصالح الحكام بمختلف أنواع تسمياتهم: ملوك، سلاطين، أمراء ووزراء وخلفاء...
سنناقش بعض هذه المسائل إنطلاقاً من أن جميعها صحيحة.
1-        القرآن هو الصحيح مطلقاً ويحوي جميع ما على المؤمن أن يقوم به حتى يتحقق إيمانه. وقد ورد في القرآن أن رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر. وحيث أن المؤمن هو من يرجو ذلك، فقد أصبح التأسي بالرسول واجباً. وإذا كانت السنة غير مؤكدة فهذا لا يعني أن جميع ما وردنا من أحاديث عن النبي كان كاذباً. وبما أن احتمال الصدق موجود كما هو احتمال الكذب أيضاً، فقد أصبح من الواجب التفتيش عما يجعل إمكانية التأسي بالرسول ممكنة. أي التفتيش عن معيار صحيح مطلقاً نعرض عليه جميع ما ورد من أعمال أو أحاديث قام بها الرسول. هذا المعيار موجود بين أيدينا وليس بإمكان أحد التشكيك بصحته: القرآن.
النية الصادقة تستوجب عرض ما وردنا عن النبي الرسول على المعيار الصادق أي القرآن حتى نتمكن من التأسي برسول الله.
2-        الممارسة العملية للمعتقدات
أن نقول بأن مهمة الرسول هو تبليغ الرسالة فقط، هذا أمر يصح إذا كانت ظرفاً مختوماً لا تعني الرسول الذي يحمل هذه الرسالة. ولكن حيث أن الله تبارك في علاه قد وصف النبي بمعيته لأصحابه (محمد والذين معه)، فهذا يعني أن الجميع معني بالرسالة التي يحملها النبي وعليه تبليغها (بلغ ما أنزل إليك من ربك).
ما تقدم يعني أن المؤهل الأول لمعرفة كيفية تنفيذ مضمون الرسالة هو النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه معني كغيره بمضمون هذه الرسالة. وهذا ما تعنيه الآية التي تتحدث عن الأسوة الحسنة.
هنا يطرح السؤال التالي نفسه: هل كان من الممكن تنفيذ مضمون الرسالة التي حملها النبي من دون النبي نفسه: الجواب هو بلا! لأنه من خلال مضمون الخطاب القرآني يتبين لنا أن القرآن قد ركز على كيفية تعامل النبي مع النص. أضف إلى ذلك، فقد كان أحياناً ينتظر الوحي لأخذ قرار ما، وأحايين عديدة يأخذ القرار من دون انتظار الوحي. وفي هذا دليل أيضاً على أنه لا يمكن الإستغناء عن معرفة ممارسة النبي لإسلامه عندما يريد الناس معرفة كيفية ممارستهم لدينهم في حال أرادوا الإلتزام.
من هنا تلازم القرآن وممارسة النبي، ومن هنا أيضاً تلازم القرآن وممارسة النبي لما جاء به كتاب الله.
3-        التأسي برسول الله وكيفيته
بما أن تأسيس "العلوم الدينية" قد تم في عهود الظلم، فهذا يتطلب أو يوجب إعادة النظر بجميع هذه العلوم وعلى ضوء القرآن الكريم. هذا لا ينتقص من عبقرية العلماء الذين أنتجتهم أمتنا، ولكن تقديرنا لهؤلاء يجب أن لا يجعلنا نقامر برسالة الله تبارك وتعالى للعالمين. من هنا، علينا أن ننطلق أن معيار صحة وصدقية أي نص وصلنا أو سيصلنا هو القرآن. كما وأن معيار صحة أي ممارسة عملية هو بالتأسي بالرسول على ضوء ما جاءنا، ولكن، بعد تفحص معيارية صدقيته من القرآن الكريم.
هذا يقودنا إلى التساؤل عن كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
بما أن التأسي ليس التقليد، فهذا يعني أن المتأسي ملزم بالتفكير بماهية العمليات العقلية التي استخدمها النبي حتى توصل إلى القرار الذي رأى أن عليه تنفيذه بمعية المؤمنين (محمد والذين معه). وهذا يتناقض مع ما جاءنا من قصص وحكايات عن تدخل جبريل بأمور معينة (من دون أن تكون قرآناً موحى به). وهذه القصص تعبر عن مدى سذاجة الناقل لها والتي توحي وكأن النبي عاجز عن أخذ القرار أو كأن النبي ليس عليه أن يفكر بما يجب القيام به. وفي نفس الآن يتحدثون عن كيفية مشاورته أصحابه. حتى الخادمة التي في بيته استشارها في أمر ما يرتدي أهمية كبيرة!
لقد جعلوا من التأسي عملية آلية (ميكانيكية) لا مردود إيجابي لها بما ينمي تجارب الأمة ويراكمها. حتى أن بعض الروايات تضع القارىء أمام نبي لا يمكنه الدفاع عن قراراته، كما في الحديبية أمام اعتراض عمر بن الخطاب على الصلح.
نحن نعتقد بأن هذا النقل كان لتبرير ممارسات الملوك والسلاطين وتسلطهم الغير مبرر أمام الناس. لذلك كانوا يلجأون إلى الروايات للقول للناس: ما يعرفه الخليفة لا يمكنكم إدراكه.
ما تقدم يجعل من الدين تديناً على قياس ملوك كل عصر.
4-        هذا يقودنا للتحدث عن الإجتهاد أو التجديد. التجديد في التفكير الديني أو الإجتهاد في الدين لإيجاد حلول لما يعانيه المجتمع من آفات، يتطلب التطلع إلى النص من خارجه وليس من داخله. الإجتهاد كان على مر العصور الإسلامية ينطلق من براديغم ثابت يتم القياس عليه. وهذا البراديغم ثابت لا يتغير. من أجل ذلك، فالإجتهاد لا يحمل معنى الخلق إنما معنى التزيين.
نحن بحاجة إلى التفكر في القرآن انطلاقاً مما يسر الله لنا من تسخير ما في السماوات والأرض لنا. نحن بحاجة للتفكر في القرآن على ضوء ما أعطانا إياه العلم الحديث. وهذا يتطلب التطلع إلى النص بأدوات حديثة لم تكن معروفة سابقاً. فما الذي يمكن أن توحيه لنا الآية: الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض، هؤلاء يصلون إلى نتيجة تقول: ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ثم يطلبون الوقاية من عذاب النار. ما الذي يجعل الذي تمكن من اكتشاف نجمة ولدت منذ مئات ملايين السنين يقول فقنا عذاب النار. هل يمكن أن يكون تفكير هذا العالم كمثل تفكير إنسان ساذج مثلنا على سبيل المثال. وإلا ما معنى: إنما يخشى الله من عباده العلماء: علماء الفيزياء والإلكترونيات والذرة ووو... وعلماء اللغة وغيرهم.
هذا ما يجعلنا نقول بأن النظر إلى النص الثابت من خارجه على ضوء ما يسر لنا الله من اكتشافات علمية يجعل مقولة أن هذا الدين هو لكل زمان ومكان صحيحة.
إن جل ما فعله ويفعله "الفقهاء" هو العمل على إدخال الناس، كل الناس إلى النفق حيث يوجدون. هذا مع العلم أن كمال حرية الإنسان هي بكمال عبوديته لله. بقدر ما نؤمن بقدرة الله، بقدر ما نكون أحراراً.
ليس الإلتزام بالإسلام هو بالعودة إلى القرن السابع، إنما هو بالتأكيد أن الرسالة التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم في القرن السابع هي صالحة لكل زمان ومكان، ومنها القرن الواحد والعشرون ومنها بلادنا على سبيل المثال لا الحصر.
وللمساهمة تتمات.

                           31تموز 2017

لبنان في أزمات الاقليم

 

                  

د. جوزيف عبد الله

حسن ملاط

مقدمة  

يعتقد البعض أن بامكانه أن يُحَيّد لبنان عن أزمات الاقليم. وكأن الأزمة اللبنانية ليست نتاجاً لما يمر به محيطه، إضافة إلى الميزات الخاصة بالمجتمع اللبناني نفسه.

   نقصد بالاقليم، بالاضافة الى الدول العربية، تركيا وإيران. وهذا التعريف ليس تعسفياً إنما يعود الى التاريخ الذي يمتد لمئات السنين إن لم يكن لآلافها التي تربط هذه المجتمعات بعضها ببعض.

   صحيح أن الأتراك لا يربطهم بدولنا تاريخ قديم كما بلاد فارس، ولكن الشعوب التي كانت تعيش في البلاد التي تسمى تركيا اليوم، كانت على علاقة تفاعلية مع شعوبنا، أي البيزنطيين، قبل وبعد طرد حكامهم من قبل العثمانيين.

   ليس هذا فحسب، بل أن دولة المركز للرأسمالية المعولمة، ومن يدور في فلكها من الدول الفاعلة تتعامل مع دولنا كدول تنتمي الى اقليم واحد. فروسيا على سبيل المثال تدرس مستقبل الوضع السوري مع ايران وتركيا، بالاضافة الى الكيان الصهيوني.

   كما أن دولة المركز، أمريكا، تدرس موضوع الوضع السوري مع تركيا والدول الخليجية. أما وضع العراق، فتدرسه مع ايران وتركيا ودول الخليج...الخ

الوضع الدولي

   تمر العولمة النيوليبيرالية بأزمة هامة، وخاصة دولة المركز، أمريكا. مما اضطُرّ الرئيس الأمريكي الى اتخاذ قرارات ضد قوانين العولمة التي سبق وفرضتها الادارة الأمريكية على العالم. فالحمائية، فرضها الرئيس الأمريكي. وفرض بالتالي رسوماً على البضائع الصينية ودول الاتحاد الأوروبي. أضف أنه منع بعض الشركات الصينية من بيع منتجاتها في أمريكا وفرض على أوروبا اتخاذ نفس القرارات. إضافة إلى إجباره الصين على استيراد بضائع أمريكية بمئتي مليار $، حتى لا يفرض عليها عقوبات أكثر.

هذه القرارات لا تتعلق بكمية الأرباح التي يجنيها الرأسمال الأمريكي في العالم، ولكنها تتعلق بخسارة الأمريكي الأبيض للوظائف داخل الولايات المتحدة نفسها. من أجل ذلك، فرض الرئيس الأمريكي على العديد من أصحاب الصناعات الثقيلة والتي سبق ونقلوها الى الخارج، حيث اليد العاملة رخيصة، إلى إعادة إحياء مصانعهم داخل الولايات المتحدة نفسها.

أما الدول الأخرى المنافسة للولايات المتحدة من ضمن النظام المعولم، فلم تتمكن حتى الآن من الوصول الى ما يُمكّنها من التخلص من الهيمنة الأمريكية. لذلك، نراهم يتخاصمون ويتنافسون وفي النهاية يتفقون، إما على الخضوع الكلي لما يريده الأمريكي البشع أو على تسوية ما.

أما انعكاس هذا الأمر على إقليمنا، فيظهر من خلال محاولة الدول المؤثرة في الاقليم (ايران، تركيا والكيان الصهيوني)، الوصول إلى تسوية ما مع الادارة الأمريكية تُرضي جميع الأطراف.

الوضع الاقليمي

   لا تزال الحروب مستمرة في دول الاقليم وصولاً إلى تخريبها نهائياً، إن على الصعيد الاجتماعي، أو على الصعيد الاقتصادي. وهذا ما يتم تحت إشراف الولايات المتحدة وبقيادة ايرانية، تركية، سعودية، اماراتية وروسية، بالاضافة الى تدخلات للقوات الأمريكية عندما يلزم الأمر.

ففي اليمن، لا تزال الحرب مستمرة بين الحوثيين الذين يتحالفون مع ايران التي تمدهم بالأسلحة والعتاد والتدريب، من جهة، وبين السعودية والامارات من جهة أخرى. أما المتوقع لهذه الحرب أن تنتهي بإعادة تقسيم اليمن بين اليمن الجنوبي حيث السنة واليمن الشمالي حيث الشيعة الذين تخلوا عن زيديتهم، كما تقول أكثر المصادر.

وفي العراق، لا تزال المناطق التي جرت فيها الحرب ضد ما يُسمى داعش، أي المدن ذات الأكثرية السنية، شبه خالية من سكانها. كما وأن الميليشيات التابعة لايران لا تسمح لأهلها بالعودة بحجة أنهم داعشيون. وهم يعيشون حالياً في مخيمات. هذا مع العلم أن داعش تحركت في العراق بعد أن تراجع تأييد المحافظات الشيعية لايران التي لا يوافق أكثر العراقيين على ممارساتها، وعلى رأسهم مرجعية النجف. وهذا التحرك الداعشي الموحى به هو من أجل إعادة تأجيج الاصطفافات المذهبية التي لعبت الانتفاضة العراقية المباركة دوراً هاماً بتراجعها لصالح الهوية الوطنية العراقية.

وما يُعقد المسألة العراقية أكثر، هو الصراع الأمريكي الايراني على استغلال خيرات العراق وحرمان الشعب العراقي منها. وتتجلى هذه الخلافات بالتقاتل الداخلي المستمر والموحى به من الطرف الايراني حيناً ومن الطرف الأمريكي حيناً آخر. وهذا ما يمنع العراقيين من استغلال خيراتهم. ومن يعرف وضع العراق أيام صدام حسين وحالياً يعتقد أنه عاد الى العصر الحجري بعد "تحريره" من قبل الأمريكي بالتواطوء مع الايراني.

أما في سورية، فالوضع لا يزال يتأرجح كثيراً في تحديد دور كل طرف من أطراف التدخل: ايران، تركيا، أمريكا وروسيا. أما الحكومة الوطنية، فهي بانتظار اتفاق الأطراف الفاعلة.

هذا لا يعني أن لا دور لها، ولكن نؤكد أن دورها مرتبط بما تقوم به الدول الفاعلة ومدى تناغم الدور الذي يريدونه لها ضمن هذه الأمواج المتلاطمة.
ايران تريد الحفاظ على المكتسبات التي حققتها على الأرض وخاصة تمكنها من "تشييع" العديد من الأحياء والقرى وبعض القبائل في المدن... كما وتريد أن تحافظ على التواصل البري بينها وبين لبنان عن طريق العراق، سورية فلبنان. ولكن الأمريكي يقطع هذا الطريق في قاعدة التنف البرية.
أما تركيا، فتريد منع الأكراد من اقامة حكم ذاتي لهم في سورية كما هو حاصل في العراق، خاصة أن المناطق الكردية متاخمة لتركيا وهذا ما يؤذي حربها المعلنة على حزب العمال الكردستاني في أراضيها والأراضي العراقية والسورية أيضاً. هذا لا ينفي طمعها بالتوسع ضمن الأراضي السورية.

وروسيا تريد سورية قاعدة لها على المتوسط إضافة لامتياز استخراج النفط والغاز التي حصلت على حصريته في البحر وبعض المناطق الأخرى. كما وأن اعادة الاعمار تريد أن تحوز على حصة الأسد منها، والتي تطمع بجزء منها ايران أيضاً لتعويض عشرات مليارات الدولارات التي أنفقتها على حربها في هذا البلد.

أمريكا تضع يدها على حقول النفط السوري وتترك ادارته لـ"قسد" المنظمة الكردية المسلحة التي تستخدمها أمريكا كذراع لها في سورية. وتقول الادارة الأمريكية أنه لا أطماع لها في النفط السوري، ولكن تدخلها هو لاعادة ترتيب أوضاع هذه الدولة بما يتناسب مع أمن الكيان الصهيوني واستقرار سورية نفسها ومنع التدخل في شؤونها. أي منع تدخل ايران وتركيا.

الخليج العربي

لم يظهر حتى الآن مدى التأثير الذي سيتركه تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والبحرين والامارات على الاستراتيجية الايرانية في الخليج وبالتالي في البحر المتوسط. فالحدود الايرانية التي كانت متاخمة للعدو هي الحدود اللبنانية مع فلسطين بالاضافة الى هضبة الجولان المحتلة (جزئياً. وذلك بسبب محافظة النظام السوري وايران على اتفاقية 1974 بين سورية والعدو). أما حالياً فقد أصبح العدو على تخوم ايران، في الخليج، سواء في الامارات أو في البحرين. هل سيؤدي هذا التواجد الصهيوني الى انكفاء الايرانيين من سورية ولبنان، للمحافظة على كيانهم؟ لا يمكن الآن توقع ما سيحصل! ولكن من المؤكد أن الخليج قد أصبح خطوط تماس بين ايران والكيان الصهيوني!

المغرب العربي

ليبيا أصبحت ساحة لتصفية الحسابات بين فرنسا وايطاليا من جهة وتركيا من جهة أخرى. كما وأنها ساحة لتصفية الحساب بين مصر والامارات من جهة وتركيا من جهة أخرى. أما المعنيون الحقيقيون بالشأن الليبي، مجموعات الشعب الليبي، فلا قرار لهم؟ لأن القرار بيد الممولين.
وبما أن ليبيا هي احدى الساحات، لذلك تتدخل روسيا بهذه الساحة بامداد جنرال الحرب، حفتر، بالمرتزقة الروس.

أما أمريكا، فتريد أن تكون المايسترو الذي يدير اللعبة، لذلك لم تعلن تأييدها لأي من أطراف الصراع.

كما وعلينا الاشارة إلى أن النفط الليبي هو من أفضل الأنواع الخفيفة!

الوضع الليبي جعل الوضع المغربي غير مستقر وخاصة تونس والجزائر والمغرب.

فلسطين

فلسطين هي مركز الصراع في اقليمنا. فالكيان الصهيوني وُجد لقمع أي امكانية للتغيير لصالح الشعوب. وهو يعلم أن أي تطور لصالح شعوب المنطقة لا يتم الا انطلاقاً من التوحد على ازالة هذا الكيان الغاصب. لذلك نراه يتآمر على كل بادرة ايجابية تحصل في اقليمنا.

إن الحروب البينية القائمة حالياً تشكل الخدمة المثلى لاستمرار هذا الكيان الغاصب. لذلك نراه يرقص على ايقاع الحروب البينية القائمة في الاقليم.
ولا بد من التذكير أن سبب قيام هذه الحروب هو التقاء مصالح أنظمة الاقليم على منع أي تغيير تقوم به الشعوب.

فدول الخليج عسكرت الانتفاضة السورية ضد النظام. ورقصت ايران على نفس النغم. ولكن امتداد الانتفاضة أدى الى نوع جديد من الممارسة لدى أنظمة القمع؟ فقد أطلقوا السجناء من السجون سواء في سورية أو في العراق الذين ساهموا المساهمة الفعالة في القضاء على الانتفاضات المباركة، وذلك بتحويلها الى حرب مذهبية.

الزرقاوي المتهم بحربه على شيعة العراق كان ينتمي الى القاعدة التي كانت قياداتها في ايران. وبعد موته، انتقلت القيادة الى داعش التي تشكلت بمجملها من المساجين السابقين في السجون السورية والعراقية والذين كانوا يتناغمون مع ما يخدم مصالح هذه الأنظمة.

إليكم هذه الطرفة عن "تحرير" الموصل من الجيش العراقي. جاء حوالي ألفي مقاتل من الرقة السورية الى الموصل لتحريرها. تستغرق المسافة بين المدينتين ما لا يقل عن سبع ساعات. تصوروا أن هذه المسافة قطعها هؤلاء ولم يرهم أحد. ترك الجيش العراقي أسلحته التي استولت عليها داعش وتركوا في البنوك أربعة ملايين دولاراً استولت عليها داعش.

بهذه الطريقة تم تدمير المدن السورية والعراقية ذات لون مذهبي معين من أجل خلق وتعميق الكراهية بين مكونات الشعب الواحد.

أعقب تدمير سورية والعراق ضم الكيان الصهيوني الجولان السوري المحتل والاستيلاء على القدس واعتبارها عاصمته الأبدية واعلان نيته تهويد الضفة الغربية والأغوار. وقد باشر بالخطوات التنفيذية.

لبنان

يمر لبنان بأزمة كبرى على جميع المستويات، وهذا ما يُسمى في الأدب السياسي: الوضع الثوري. فالطبقة السياسية لم يعد بامكانها أن تحكم كما كانت تفعل سابقاً. والفوضى عامة على جميع المستويات. الفساد معمم ولا من يُحاسب. وهذا يعود، ربما، لأن المنوط به المحاسبة يجب أن يخضع للمحاسبة هو أيضاً.

أرادت السلطة أن تقوم بتدقيق محاسبي جنائي، فتعاقدت مع شركة مديرها متهم بالتزوير. هذا أولاً. وثانياً حافظت على السرية المصرفية بحيث أن هذه الشركة لا يحق لها الاطلاع على الحسابات الخاصة. فكيف تُجري التحقيق؟
بالمقابل، لم تتمكن الانتفاضة، التي احتفلت بمرور سنة على انطلاقها، لم تتمكن حتى الآن من الاتفاق على برنامج موحد. كما وأنها لم تتمكن من الخروج من البوتقة التي وضعت نفسها فيها. كما وأن ارتباط الكثير من القوى المشاركة بالانتفاضة بعلاقات ما مع الطبقة السياسية يمنع الانتفاضة من القيام بتطوير ايجابي لحركتها بما يجعلها تشكل خطراً حقيقياً على النظام السياسي المتداعي. محصلة ذلك أن الوضع الثوري في لبنان بفقدانه الشرط الذاتي لا يؤدي في المدى الراهن إلى ثورة تطيح بالنظام الفاسد.

إن اضطرار الطبقة السياسية إلى البدء بمحادثات غير مباشرة مع العدو من أجل ترسيم الحدود البحرية لم يكن افرازاً سياسياً لبنانياً. إنما أتى من خارج السياق. وكانت الموافقة على الترسيم رسالة اقليمية الى القوى المهيمنة عالمياً، انطلقت من لبنان. لذلك، لن يفيد منها لبنان على المدى القريب!

لبنان وفلسطين

يجهد البعض على اعتبار القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين أو العرب ولا تخص اللبنانيين الا من حيث التضامن مع هذا الشعب الذي سلب الصهاينة أرضه وشردوه.

يوجد في لبنان مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين لا يمكن حل قضيتهم الا بالعودة الآ أرضهم المحتلة. من هنا، عودتهم هي قضية لبنانية بامتياز. هذا اذا لم نتحدث عن الكيان الصهيوني من حيث الدور المنوط به من الادارة الأمريكية (والمحالفة الامبريالية) لقمع شعوب المنطقة ومنعها من السيطرة على خيراتها ومنع تطور شعوبها بالقهر.

النظرة الموضوعية تقتضي من اللبنانيين اعتبار القضية الفلسطينية قضيتهم الوطنية اللبنانية، وعليهم بالتالي المساهمة العضوية بحلها وذلك بعودة أهلها اليها.

لبنان وسورية

لن يستقر الوضع في لبنان قبل استقرار الوضع السوري. فأغلبية المهجرين السوريين لن يُسمح لهم بالعودة الى أرضهم لأنهم لم يُهجروا منها بسبب القتال، إنما هُجروا من أجل مقتضيات التغييرات الديموغرافية الضرورية لانبثاق النظام الجديد لسورية.

من هنا فاستقرار الوضع في لبنان مرتبط أيضاً باستقرار الوضع السوري، اي باتفاق القوى الفاعلة في المسألة السورية على النظام النهائي الذي سيقوم في سورية. وبالتالي، الى أين سيعود النازحون السوريون!

لماذا نتحدث عن الاقليم؟ وهل هو حاجة لبنانية؟

بعد التخلص من الاستعمار الفرنسي والانكليزي والايطالي، وجد أكثر المفكرين ضرورة العودة الى وحدة ما بين مختلف الدول المتشابهة تاريخياً. فهناك من تحدث بالوحدة السورية: سورية الحالية بالاضافة الى لبنان، فلسطين الأردن والعراق. وهناك من تحدث بتوحيد دول الجزيرة العربية: اليمن والسعودية والامارات... ومنهم من تحدث بوحدة وادي النيل كما وبوحدة بلاد المغرب العربي.

لم تكن هذه المطالبات في حينها، تشوبها شائبة. ذلك أن الاقتصاد الرأسمالي السائد، في حينه، وفي مختلف المجتمعات لا يزال يحافظ على نطاقه القومي وفي أحسن الحالات الاقليمي أو القاري.

بعد انفتاح أمريكا على أوروبا وعلى العالم، تغير الوضع جذرياً. فقد انتقل الاقتصاد القومي للتوسع خارج النطاق الاقليمي وتأسست الشركات المتعددة الجنسيات والمتعددة مساحة الاستثمارات.

حالياً، نحن نعيش في عصر العولمة النيوليبيرالية، حيث أصبح العالم، كما يحلو للبعض تسميته، قرية كونية. لا وجود لرأسمال محلي أو وطني أو قومي. فقد أصبح الرأسمال يرتبط بنقطة مركزية هي وول ستريت في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. الامبريالية أصبحت عولمة نيوليبيرالية بمواصفات مختلفة وبميزات مختلفة. أي بمعنى آخر، أصبح النضال للتحرر منها يتخذ أشكالاً مختلفة نوعياً عن تلك التي كانت سائدة.

شعر الرئيس الفرنسي شارل ديغول بهذا الأمر باكراً، لذلك رأيناه ينفتح على العدو التقليدي للفرنسيين: ألمانيا. وتحدث مع الألمان بضرورة تحرر أوروبا من الخضوع لأمريكا سواء اقتصادياً أو عسكرياً. فقد كان، برأي ديغول أن توحد السوق الأوروبي سيمكن أوروبا من الاستقلال عن الولايات المتحدة الأمريكية. ونشأت السوق الأوروبية المشتركة، تحت راية الاستقلال عن أمريكا. وتطورت السوق الأوروبية الى الاتحاد الأوروبي والى توحد العملة المحلية الى عملة قارية هي اليورو.

رغم كل ذلك لم تتمكن أوروبا من التخلص من السيطرة الأمريكية. هذه التبعية أعادها وزراء الدفاع الأوروبيون الى تخلفهم عسكرياً.

وكان الشعار، الرأسمال بحاجة الى حملات طائرات لحمايته. وظلت اوروبا خاضعة للهيمنة الأمريكية.

من هنا، نرى أن امكانية التمتع بهامش من الاستقلالية عن الخضوع للمركز الرأسمالي يستوجب وجود كتلة متجانسة تملك امكانية الاستمرار. هذه الامكانية تتعلق بالحجم السكاني وبالامكانيات الاقتصادية وبالاستعداد للدفاع عن استقلالها.

الاقليم الذي نتحدث عنه يتمتع بحجم سكاني لا بأس به وبامكانات اقتصادية كامنة تمكنه من الاستغناء عن الآخر. وهذه الدول تملك تاريخاً مشتركاً يعود الى آلاف السنين.

وعلينا الاشارة أن التكامل الاقتصادي لا يتطلب مطلقاً التخلي عن الميزات القومية لكل شعب من شعوب الاقليم: التركي يظل تركيا والفارسي فارسياً والكردي كردياً ...الخ

لماذا يتفتت الاقليم بالرغم من انفتاح الجميع على الجميع؟

يوجد في اقليمنا ثلاث دول ينطبق عليها هذا التعريف: تركيا، ايران وكيان العدو الصهيوني. لكل من هذه الدول مشروعها الخاص وليس مشروعاً لشعوب الاقليم. ايران لها مشروعها التوسعي الذي تعمل من أجله وليس مشروعاً تكاملياً مع الدول التي تتواجد فيها عسكرياً: العراق، سورية ولبنان. أما وضع اليمن فيختلف قليلاً.

وكذلك تركيا، تتوسع في سورية والعراق وتتفاهم مع ايران من دون طرح لايجاد تكامل بين ايران وتركيا بالاضافة الى سورية والعراق ولبنان وربما الأردن.

ما يحل جميع مشاكل أهل هذا الاقليم ويخلصهم من المجاعة والعوز والهيمنة للعولمة النيوليبيرالية هو وضع برنامج تكاملي لا يسلب أي دولة استقلاليتها كما ولا يسمح لها بالتخريب على المشروع التكاملي.

خلاصة

لا يمكن لأي دولة من دول الاقليم أن تتحرر الا بالعمل الدؤوب على التكامل، ومنها لبنان.

اقليم، لا عدو فيه الا الكيان الصهيوني. يُضاف الى هذا العدو التخلف والعوز والتبعية.

التكامل الاقليمي يعطي كل مجتمع دوره في نطاق الاقليم الذي يؤمن القاعدة المادية للتحرر من الصهيونية والعولمة النيوليبيرالية.

                               28/تشرين الأول/أوكتوبر/2020

الاثنين، 5 أكتوبر 2020

ترسيم الحدود

 


هناك جانبان لترسيم الحدود، أحدهما مبدئي والآخر سياسي. وهذان الجانبان لا ينفصل أحدهما عن الآخر.

من ناحية المبدأ، لا شيء يمنع من التباحث مع العدو حول مصلحة تهم عامة اللبنانيين، شريطة عدم تقديم أية تنازلات تؤثر على مستقبل العلاقات مع الأصدقاء أو الحلفاء. وقد تباحث النبي عليه الصلاة والسلام مع العدو (قريش) وأقام صلحاً معه هو صلح الحديبية. ومن الجدير ذكره أن كثيراً من الصحابة أنكر على النبي إقامة هذا الصلح ثم تراجعوا عندما تبين لهم أن النبي محق باقامة هذا الصلح.

من الناحية السياسية، إقامة أي صلح مع العدو أو إيجاد حلول لبعض الشؤون البينية التي تهم شعبنا والتي من الممكن أن تكون مناسبة للعدو في نفس الآن، يجب أن تكون في ظرف مناسب لنا، وإلا، فهذا يعني أن المباحثات لن تؤدي إلا إلى تنازلات للعدو. والكيان الصهيوني عدو وليس خصماً.

هل الوقت الحالي مؤات لنا؟

الجواب هو النفي؟ لأن المجتمع اللبناني مشرذم بشكل كارثي من جميع النواحي. وهذا ينطبق على المجتمعات العربية التي نتأثر بها. سورية مجتمعها منقسم وكذلك العراق. الأردن يمر بأزمات لا فكاك منها. وهذا كله يؤثر سلبياً على لبنان، وخاصة إذا أضفنا أن هناك بعض الأطراف اللبنانية تساهم بالحروب البينية القائمة.

كما أن العدو يعرف أنه يفاوض الطرف الذي يشارك في هذه الحروب. وهذا يدل على أن هذا الطرف مأزوم بسبب رفض معظم اللبنانيين لمشاركته هذه. فكيف يمكن مفاوضة العدو في هذه الظروف غير المؤاتية؟

بكلمة واحدة، مفاوضة العدو تتطلب تناغماً كبيراً بين مختلف القوى الفاعلة في المجتمع اللبناني مما يعطي القوة لهذا المفاوض. الانقسام القائم حالياً يمنع المفاوض اللبناني من إبراز عوامل القوة التي يملكها.

لذلك، الغالب هو أن فتح باب التفاوض الآن، كان لعوامل خارجية لا علاقة للداخل اللبناني بها!

الأحد، 4 أكتوبر 2020

ماكرون يصر على تعليم المسلمين دينهم!

 


بعد الهجمات الارهابية التي قام بها فرنسيون من أصول مغاربية، ومتخرجون من مدارس فرنسية ولا يعلمون شيئاً عن الاسلام ومنهم من يحمل سواراً الكترونياً، أي أن الشرطة تعرف مكان وجوده في كل لحظة، ولا يحسنون العربية، هل تذكر يا سيد ماكرون أنك صرحت يومها، بأن لا علاقة للاسلام بهذه الهجمات، إنما سببها الرئيس هو عدم اهتمام السلطات الفرنسية المتعاقبة بالضواحي وبسكان الضواحي؟ وللتأكيد، نضيف بأن جميع التحركات المعادية للسلطات كانت تنطلق من الضواحي. ولم يخطر على بال أحد اتهام المسلمين أو الاسلام بهذه الحركات.

المهم أن السيد ماكرون وعد ناخبيه بأنه سيهتم بالضواحي وأنه سيحل المشاكل المزمنة لسكانها في حال تم انتخابه رئيساً!

اليوم ندعوه الرئيس ماكرون! وهذا الرئيس ماكرون، بعد أن جهد لتعليم المسلمين الفرنسيين دينهم، صرح ومن دون أن يشعر بأي حرج أن أحد أهم الأسباب للارهاب هو إهمال سكان الضواحي.

ولكن، هل تعتقد السيد الرئيس أن سكان الضواحي سينتخبونك كما فعلوا سابقاً وأنت لم توف بوعودك اتجاههم؟

لماذا هذه الحملة على اسلام المسلمين وفي هذا الوقت بالذات؟

بعد أن تبين لمعظم الفرنسيين أن السيد ماكرون هو الخادم الأمين للرأسمال المعولم، وخاصة المالي منه، وبعد أن قامت الحركات الشعبية بالتظاهر ضد سياساته التي تميزت بمحاولات حثيثة على نزع الكثير من الضمانات التي تمكنت الحركة العمالية الفرنسية من الحصول عليها نتيجة عقود من النضالات قدمت خلالها الآلاف من الشهداء، وجد ماكرون نفسه من دون غطاء شعبي. فمظاهرات السترات الصفر استمرت لأكثر من سنة. ناهيك عن اضرابات الكثير من النقابات مثل نقابات النقل العام والقطارات بسبب رفع سن التقاعد من غير وجه حق. فقد رفعت الحكومة سن التقاعد من الستين الى الثلاثة وستين عاماً وسيصبح سبعاً وستين. اضافة الى مد اليد الى بعض الضمانات الأخرى.

من هنا، وبدلاً من أن يحل مشاكله مع الناس، آثر العمل على غرائزهم. فمن المعروف أنه بعد العمليات الارهابية التي قام بها بعض الفرنسيين من الذين ينسبونهم الى الديانة الاسلامية، ارتفعت وتيرة التمييز العنصري عند الفرنسيين المتعصبين أصلاً. وبدلا من العمل على ايجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، آثر ماكرون تفجير العصبيات وخلق انقسام في المجتمع الفرنسي يمكنه بعد ذلك من قيادة اليمين الفرنسي المتطرف والفوز في الانتخابات القادمة التي أصبحت على الأبواب.

إشارة لا بد منها: الإسلام يا سيد ماكرون ليس ديناً جامداً. النص ثابت ولكن الفهم يعود الى المجتمع وتطوره وظروفه. الاسلام يتعامل مع المشاكل العيانية وليس الافتراضية، لذلك ترى الكثير من الاجتهادات... وتراها أحياناً متناقضة. وهذا طبيعي وعلمي في آن. لأن من ينطلق من معطيات واقعية وتحديد أيها الذي يلعب الدور المحوري سيصل الى نتائج ربما لا تُرضي غيره الذي لم ينطلق من نفس الوقائع أو لم يسلم بنفس المعطيات.

خلاصة

سيد ماكرون، لست أهلاً لتطوير الاسلام والمسلمين. هذه مهمة أهملتها منذ تسلمك الرئاسة في فرنسا، ولم يعد لديك ما تخدع به الفرنسيين الا الزعم بتطوير الاسلام أو بلغة واضحة وفصيحة: التضييق على المسلمين وقمعهم بحجج واهية!