بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 13 أغسطس 2015

الزيارة المميزة

                           الزيارة المميزة
حسن ملاط
تعهد الرئيس روحاني عندما تقدم للإنتخابات الإيرانية بتنمية الإقتصاد وبإعادة إيران إلى المجتمع الدولي. وتسلم ظريف وزارة الخارجية كمسؤولة عن إعادة إيران دولة طبيعية، وكانت الوسيلة التي استخدمها هي حل الملف النووي الإيراني مع الدول الخمس الكبرى مضافاً إليها ألمانيا. ونجح ظريف في مسعاه، ونال بركة المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم المرشد.
إيران بعد الإتفاق مع المجتمع الدولي هي غير إيران ما قبل الإتفاق. إيران كانت دولة مارقة تفعل ما تريد لا تخاف من عقوبات، فالعقوبات مفروضة عليها. أما الآن فقد أصبحت دولة "مسؤولة" أمام المجتمع الدولي، جميع خطواتها يجب أن تكون مدروسة بشكل يتناسب مع مقتضيات الإنتماء إلى هذا المجتمع من دون إشكالات.
ضمن هذه الظروف المستجدة جاءت زيارة ظريف إلى لبنان. وكان التجاوب من قبل االمضيفين على نفس الإيقاع الذي أراده ظريف. استقبله وزير في الحكومة اللبنانية كممثل للأمين العام لحزب الله، واستقبله عضوان في البرلمان كممثلين للحزب. إذن الشخصيات التي استقبلته كانت شخصيات رسمية تنتمي إلى أجهزة الدولة اللبنانية وهي وازنة أيضاً. من أجل ذلك يمكن إضافة صفة على هذه الزيارة وهي صفة زيارة دولة.
كانت زيارته للرئيس سلام مميزة أيضاً. نحن نعلم أن هناك خلافاً ما بين الرئيس سلام وكتلة العماد ميشال عون، الشخصية التي يحالفها حزب الله. رغم ذلك، رأينا إشادة مميزة بالرئيس سلام وبممارسته في رئاسة الوزراء وفي أدائه. وكأنه يقول، نحن كدولة لنا موقفنا وللحزب موقفه الخاص، انسجم هذا الموقف مع موقفنا أم لم ينسجم، وهذا لا يفسد للود قضية طبعاً. نضيف أنه إعلان للجميع أن من يعبر عن الموقف الإيراني هم الرسميون الإيرانيون وليس غيرهم.
زيارته للرئيس بري لم تخرج عن هذا الإطار. نحن نعلم التباين بين موقف الرئيس بري وموقف الحزب من العماد عون، ورغم ذلك أشاد ظريف بحكمة الرئيس بري وبتأييده للمقاومة. موقف يتضمن إعلاناً من ظريف، بالتزام الرئيس بري بالثوابت التي تعني الجانب الإيراني وهي تأييد المقاومة. أما موقف الرئيس في الصراع الداخلي فهذا لا يعني الجانب الرسمي الإيراني بشيء.
ثم زار الوزير الإيراني وزير الخارجية جبران باسيل وهذا ما يحصل بروتوكولياً في العادة. ولكن حتى لا تُفسر هذه الزيارة خارج إطارها البروتوكولي ولا تُعطى تفسيراً سياسياً داخلياً، حرص ظريف على زيارة الوزير مقبل الذي مدد للقادة الأمنيين، والمتموضع على الطرف المقابل لحليف حزب الله العماد ميشال عون.
أما الزيارة الأهم، فكانت زيارة الوزير الإيراني لسماحة الأمين العام لحزب الله، والتي لم يحضرها سوى الرسميين الإيرانيين. وفي هذا دلالة على أن الأمور التي نوقشت خلال هذا الإجتماع لم تكن شؤوناً لبنانية، إنما أمور تنتمي إلى المنطقة التي يلعب فيها الحزب دوراً هاماً بالتنسيق مع الجانب الإيراني، نعني الوضع السوري. إذا أضفنا أن ظريف عقب هذه الزيارة لسماحة الأمين العام كانت زيارته للرئيس السوري.
تغيير الإتجاهات هنا يعني الشيء الكثير. كانت الزيارة تبدأ من دمشق وتصل إلى الضاحية. حالياً بدأت من الضاحية وأكملت طريقها إلى دمشق. هذا يعني وبشكل جلي أن رأي حزب الله في القضية السورية هام ومقرر. أي أنه ليس استشارياً فقط. ولو لم يكن كذلك كانت الزيارة سلكت طريقها التقليدي طهران- دمشق- الضاحية الجنوبية.
اللافت أيضاً أن ظريف يناقش الموضوع السوري مع سماحة الأمين العام كوزير للخارجية الإيرانية، أي بصفته الرسمية. أي أن رأي الحزب بالنسبة للوضع السوري سيناقش مع جميع الرسميين الذين يهتمون بإيجاد الحلول للوضع السوري الموضوع على طاولة التفتيش عن حلول له. وإعطاء هذا الأمر أبعاده يصل بنا إلى السؤال: ما معنى أن يكون الحزب على لائحة الإرهاب وهو يساعد في إيجاد الحلول السلمية للحروب الإقليمية القائمة؟
أما الأهم من جميع ما تقدم هو السؤال التالي: هل قرر الحزب فصل الشؤون اللبنانية عن اللأمور الخارجية التي تشكل مجال اهتمام يومي؟
هل عدم حضور الرسميين الحزبيين لاجتماع ظريف مع سماحة الأمين العام تسير في هذا الإتجاه؟ إن كان ذلك كذلك فهذا يعني تغييراً جوهرياً سيكون له انعكاسات هامة جداً على الوضع الداخلي اللبناني. وسيكون لها تأثيرات إيجابية على الحزب بالنسبة لممارسته الداخلية، بحيث لا تضغط سياساته الإقليمية على سياسته المحلية. وهذا سيكون تطوراً ثورياً واعداً.

                                                         13 آب 2015

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الصراع الدولي

                                     الصراع الدولي
حسن ملاط
كانت الحرب العالمية الأولى والثانية، كانتا تنافساً دامياً على اقتسام العالم بين الرأسماليات الأكثر تقدماً في أوروبا. وحيث أن الرأسمالية الأميركية هي التي كانت مؤهلة أكثر من غيرها لتعميم نمطها، كان الإنتصار لهذه الرأسمالية والتي حملت على عاتقها قيادة النظام الرأسمالي العالمي.
وحيث أن هذا النظام لا يمكن إلا أن يكون شاملاً، وحيث أن الرأسمالية لم تُهمل يوماً تطوير نفسها وآلياتها، تمكنت من الإستمرار، رغم قيامها على الظلم والنهب ومعاداة الأكثرية الساحقة من الشعوب. وأصبحنا نعيش في عصر العولمة النيوليبيرالية، آخر تحولات النظام الرأسمالي حتى الآن.
وماذا عن الإتحاد السوفياتي السابق ودول الكوميكون؟
النظام الإشتراكي هو نظام عالمي كما النظام الرأسمالي. لذلك، فالصراع بين النظامين لا يمكن إلا أن يكون عالمياً ويشمل حتى الدول المشاركة في هذا الصراع. أي أن الصراع ضد النظام الرأسمالي سيشمل الداخل في الدول التي تدافع عن هذا النظام وتقود معركته.
ما الذي جعل النظام الإشتراكي ينهار من دون تدخل عنيف من الدول المعادية لهذا النظام؟
عندما تحدث لينين عن نظام ديكتاتورية البروليتاريا، أوضح أن هذا النظام في حقيقته لا يختلف عن رأسمالية الدولة. ولكن الفرق بين النظامين هو أولاً ملكية وسائل الإنتاج وتكون للدولة ويجب أن تصبح للطبقة العاملة. أما الثاني فهو دور الحزب في تحويل هذه الملكية من خلال تنظيم الطبقة العاملة والسماح لها بلعب دورها القيادي.
بعد موت لينين، بدأ التخلي عن العمل باتجاه ديكتاتورية البروليتاريا، وتمتع كبار شخصيات الحزب وكبار البيروقراط في الدولة وفي الجيش بجميع ما كان يتمتع به أفراد الطبقة الرأسمالية. وكانت الخطوة الأولى والحاسمة بالتخلي النهائي عن الإشتراكية هو الشعار الذي رفعه الإتحاد السوفياتي ببناء الإشتراكية في بلد واحد. هذا الشعار الذي يتناقض مع طبيعة النظام الإشتراكي الذي يملك طابع العالمية. أضف إلى ذلك الشعار الذي لا يقل سوءاً عن الشعار الأول وهو المباراة السلمية بين النظام الإشتراكي والنظام الرأسمالي.
عندما رُفع شعار الإشتراكية في بلد واحد تحول النظام في الإتحاد السوفياتي إلى نظام أمني في جميع تشكيلاته الجماهيرية (الحزب ومنظمات الشبيبة...) وفي أجهزة الدولة والجيش. وقام ستالين بتصفية الحزب وقتل وسجن مئات الآلاف. وقُضي نهائياً على العامل الإيديولوجي الذي يُعتمد عليه لتحويل رأسمالية الدولة إلى ديكتاتورية البروليتاريا. مما اضطر السوفيات إلى رفع شعار رأسمالي الشكل والمضمون لتنشيط الإقتصاد المتعثر أو المنهار، وهو الشعار المشهور بالحافز المادي واطلقت عليه تسمية مخترعه ليبيرمان. حتى العمل بهذا لشعار لم يُجد نفعاً. وخسر السوفيات المباراة السلمية، وخسر السوفيات دولتهم التي لم تصبح يوماً اشتراكية، إنما ظلت رأسمالية. والمتتبع يرى أن رجالات الدولة الإشتراكية العظمى تحولوا أنفسهم إلى رجالات الدولة في الدولة الرأسمالية المعولمة روسيا الإتحادية.
إذا أحببنا أن نشير إلى السبب الرئيسي في انهيار التجربة السوفياتية نقول بأن بناء دولة رأسمالية يتطلب آليات تنسجم مع النظام الذي نقوم ببنائه. القمع والإرهاب والصناعة العسكرية فقط وبيع المواد الأولية (إقتصاد ريعي)، لا يبني اقتصاداً يمكنه أن يصمد أمام المنافسة. لذلك كان من الطبيعي أن تربح أميركا. وكان من الطبيعي أيضاً أن تلجأ روسيا للغرب لبناء اقتصاد رأسمالي يملك إمكانية الإستمرار. ولازالت هذه الخطوة متعثرة لأن القيادة الروسية تصر على بناء اقتصاد متطور بآليات القمع التي كانت سائدة في الإتحاد السوفياتي. وتستمر هذه القيادة بتطوير الصناعة العسكرية التي لا تمكن المستهلك الروسي من أكلها.
بكلمة واحدة، القيادة الروسية ستظل خاضعة اقتصادياً للعولمة النيوليبيرالية لأنها لن تتمكن من منافسة أو مجابهة العولمة بنفس آليات هذه العولمة.
ما ينطبق على روسيا، ينطبق أيضاً على الصين مع التنويه أن القيادة الصينية استفادت كثيراً من التجربة السوفياتية وأقامت نظام شراكة مع الرأسمالية الفردية، من دون التخلي عن آليات القمع السائدة في روسيا سابقاً وحالياً. وهذا ما يجعلها تتخبط حتى الآن مع أنها الإقتصاد الثاني في العالم.
هل هناك إمكانية لحرب باردة جديدة؟
للإجابة على هذا السؤال، دعونا نتحدث عن الحرب الباردة التي انتهت بانتهاء الإتحاد السوفياتي. كانت تلك الحرب الباردة بين دول حلف شمال الأطلسي وبين دول حلف وارسو. والحديث هو على قاعدة "أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلهم".
1 – كانت أحلام المواطن الذي يعيش في هذه الدول (الإشتراكية) أن يعيش على الطريقة الغربية. أي أن هذا المعسكر مهزوم قيمياً.
2 – القوة العسكرية في المعسكر الغربي كانت متقدمة على تلك التي في المعسكر المضاد. وعلينا أن لا ننسى أن أحد أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي يعزوها البعض إلى ما سمي "حرب النجوم".
3 – الإقتصاد الغربي كان ولا يزال الأقوى لأنه اقتصاد انتاجي يرعى عشرات مراكز الأبحاث، بينما الإقتصاد السوفياتي كان اقتصاداً ريعياً.
....
والآن لم يتغير الوضع. عندما كانت الإيديولوجيا موجودة لم يتمكن الروس من المنافسة بسبب انعدام الحريات. أما الآن لا ايديولوجيا ولا اقتصاد انتاجي. فتسعير الحروب هي لإلهاء الشعب الروسي عن مشاكله الحقيقة واحياء الروح القومية الشوفينية من أجل الإستمرار بنهب خيرات الشعوب الروسية.
لا يريد الروس ولا الصينيون ولا دول البريكس أو دول معاهدة شنغهاي منافسة العولمة النيوليبيرالية لأنهم يتبنون قيمها وآلياتها، فكيف يمكن أن تقوم حرب باردة أو غير باردة.
رب قائل، ألا تتنافس الرأسماليات؟ وكيف قامت الحرب العالمية الأولى والثانية؟
عندما قامت تلك الحروب، كان هناك وجود لرأسمالية فرنسية وانكليزية وألمانية و... أما في هذه الأيام يوجد رأسمال معولم، مصالحه مشتركة أينما وجد، حيث لا حدود تفرق بين الدول أو في أماكن الإنتاج أو الإستهلاك. الصيني يخفض سعر اليوان بالنسبة للدولار حتى يتمكن من البيع في السوق العالمية، ولا بأس من أن يزداد عدد الجياع في الصين حماية للرأسمالية الصينية... عندما بدأت أزمة 2008 في الولايات المتحدة عمت الخسائر جميع البلدان، علماً أن الأزمة في الولايات المتحدة. تعميم الخسارة هو بسبب أن جميع العملات العالمية والتي تقيم بالدولار هي، حتى إشعار آخر، مجرد تحويلات للدولار. وقوة الدولار ناتجة عن الخضوع الطوعي لجميع المستثمرين لسلطة الدولار من القوة العسكرية والمادية من حيث الإنتاج وتطويره باستمرار.
لنتساءل أيضاً ما علاقة تنمية وتطوير الإقتصاد بتعميم ماكدونالد في البلاد التي تطور علاقاتها الإقتصادية مع الولايات المتحدة؟ إنعدام البراديغم الآخر يجعل مرجعية نمط الحياة الأميركية هو الوحيد القابل للتعميم. وهذا يعني أنه لا وجود لنظام قيم حقيقي غير نظام القيم الأمريكي. علينا التفكير بهذا الخبر: ما أن وقع على الإتفاق النووي حتى تلقى مطعم ماكدونالد عروضاً عديدة لفتح فروع له في إيران. هذا ما حصل في الصين سابقاً وربما سيحصل في كوبا أيضاً. لقد تمكن الأمريكي من خلق نموذجه الخاص، وهو الإنسان الإستهلاكي (أومواستهلاك). ولم يتمكن أي نظام آخر من خلق نموذجه الخاص. لذلك، لا يمكن الإنتصار على هذا النموذج قبل إبداع وخلق نموذج آخر.
إن الكلام الإستهلاكي في الإعلام عن البريكس ودول معاهدة شنغهاي والميركاسور وغيرها، لا يساوي ثمن الحبر الذي يكتب فيه. هل يحاربون النموذج الأمريكي باعتماد الدولار في جميع تعاملاتهم؟ وإن لم يعتمد مباشرة فهو يعتمد بالتقييم. أي أنه هو الذي لا يمكن الإستغناء عنه. وقبل الكلام عن موضوع استقلال البريكس أو غيرها، السؤال هو إن كانت هذه الدول تريد الإستغناء عن شكل وآليات التقييم السائدة اليوم.
إذا كان ذلك كذلك، كيف يمكن تفسير الصراعات القائمة بين الدول اليوم؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى حروب أو حرب باردة على الأقل؟
لم يصل العالم إلى عولمة مطلقة. لاتزال هناك صناعة ألمانية وفرنسية وأمريكية وصينية... ولكن مالكي هذه الصناعات ليسوا ألماناً أو فرنسيين..إلخ لأن جميع هذه الشركات مساهمة ويحق لأي كان حمل هذه الأسهم. وحيث أن هذه الدول لا تزال موجودة في بنيتها القديمة، عليها أن تدافع عن مجالها الاستراتيجي، كما يقال. التدخل في أوكرانيا لا يمكن لروسيا أن تستسيغه. فأوكرانيا هي في مجالها الحيوي. وكذلك جورجيا. تضغط أمريكا على روسيا ولكن ضغطاً يمكن لروسيا أن تتحمله. بمعنى أنه لا يمكن أن يصل إلى حرب باردة بين البلدين. ففي قمة المنافسة على أوكرانيا تتعاون أمريكا مع روسيا بشكل يكاد يكون مطلقاً في الموضوع السوري وموضوع الإرهاب الإسلامي. أمريكا تريد اللعب في المجال الاستراتيجي الروسي وروسيا لا تقبل. وأمريكا تعرف أن روسيا لن تقبل ولكنها تظل تضغط عليها لكي تعلم الأخيرة أن الريادة لها.
هذا ما تفعله أوروبا مع اليونان. الإتحاد الأوروبي وعلى رأسه ألمانيا يريدون أن تكون اليونان على نمطهم في جميع قراراتها، لذلك يساعدونها. تسيبراس تراجع عن مجمل الإصلاحات التي وعد بها، واستمر اليونانيون بأخذ وجبتين مجانيتين من الكنائس.
هل طُبع على قلوبنا أننا عبيد للعولمة النيوليبيرالية بنسختها الأمريكية؟
القرار هو الذي يجيب على السؤال.. هناك إمكانات عديدة للتحرر من العولمة، ولكن هذا يتطلب بنية مادية مؤاتية وإرادة تحرر. فدول معاهدة شنغهاي يمكنهم، في حال أرادوا، تكوين كتلة متجانسة ومتجاورة وتملك من الإمكانات المادية ما يمكنها من التحرر من سطوة الإدارة الأمريكية ومؤسساتها من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. هذه الدول تملك الطاقة والقوة العسكرية والماء والأرض الزراعية... الإتحاد الأوروبي مع روسيا يمكنهما أن يشكلا كتلة تنافس الولايات المتحدة. إقليمنا، الدول العربية مع إيران وتركيا، يمكنهم أن يشكلوا كتلة يمكنها التحرر من الهيمنة الأمريكية.
يقول تعالى "وإذا عزمت فتوكل على الله". التحرر مرهون بإرادة شعبنا. أما التبعية للأنظمة القمعية الطائفية والمذهبية فلا تخلق إلا الإستعباد. حرية الفرد والمجتمع هي الشرط الأول للتحرر والتنمية الإقتصادية والإجتماعية والسياسية..
                                                                      21 آب 2015


الاثنين، 10 أغسطس 2015

مدلولات الإرهاب الصهيوني

                    مدلولات الإرهاب الصهيوني
حسن ملاط
قام الكيان الصهيوني على الإرهاب. وهذا يعني أن الإرهاب الصهيوني ليس مستجداً. فما نراه اليوم في فلسطين جميعها هو الإرهاب المستمر منذ أن سمح الإستعمار البريطاني للمستعمرين الصهاينة بالدخول إلى أرض فلسطين والتحضير لتأسيس كيانهم العدواني على الأرض التي طردوا أهلها ومالكيها منها.
ولكن لماذا نتحدث عن مدلولات هذا الإرهاب في هذا الوقت بالذات؟
ما يقوم به الصهاينة في فلسطين المحتلة حالياً هو نوعان من الإرهاب من حيث طبيعتهما. ولكل منهما مدلولات تختلف عن الآخر. فالإرهاب في حالة الضعف له مدلول يختلف عن ذلك التي تستعمله الجماعات في حال القوة.
استخدمت العصابات الصهيونية الكثير من الإرهاب الوحشي عند إنشاء الكيان، وذلك من أجل إجبار الفلسطينيين على ترك أرضهم. فالمجتمع الدولي لم يعط الصهاينة، في قرار التقسيم، ما كانوا يحلمون به. لذلك أجبروا الفلسطينيين على ترك أرضهم واحتلها الصهاينة وأقاموا فيها مستعمراتهم.
يمكننا القول أن الإرهاب الذي استخدمه الصهاينة هو في لحظة الضعف لأن الكيان لم يكن قد استقر وأخذ شكله النهائي، أي دولة طبيعية مثلها مثل باقي الدول. من هنا يمكن القول أن هذا الإرهاب في هذه الظروف له تبرير "قيمي"، أي من أجل تأسيس كيان لشعب اضطهده الأوروبيون على مدى قرون.
ولكن في حال القوة، ماهو المبرر "الأخلاقي" للإرهاب الوحشي؟ وهنا نتحدث عن الأوضاع الحالية في الكيان الصهيوني، حيث يقوم الصهاينة بالإعتداء شبه اليومي على أصحاب الأرض ويقتلون ويحرقون من دون أي رادع من أخلاق أو ضمير، ومن دون أي وازع يمكن أن يفرضه المجتمع الدولي على هذه الجرائم.
نعتقد أن النوع الأول الدافع للإرهاب هو المبرر الإيديولوجي، والذي يقوم على أن اليهود هم شعب الله المختار وكل آخر هو خدم لهم ولا يملك أي حقوق. لذلك يحق لليهودي الإستيلاء على أرضه وطرده منها وقتله حتى هو وأطفاله، لأن هناك فتاوى عديدة تجيز ما أتينا على ذكره أفتى بها حاخامات يلعبون دوراً هاماً في الكيان الصهيوني وخاصة في تربية الأطفال على الجريمة وتقدير الجريمة إيجابياً وأخلاقياً ودينياً على أن فيه إرضاء لإله اليهود!
أما النوع الثاني، فهو ذلك الذي يعشش في داخل الصهاينة الذين يعيشون في أرض فلسطين والذين لا يرون مستقبلاً لليهود في هذه الأرض من دون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم. أغلب هؤلاء يعتقدون في قرارة أنفسهم أن الأرض الفلسطينية هي للفلسطينيين وأن الصهاينة اغتصبوها. من أجل ذلك لا يمكنهم أن يعيشوا على هذه الأرض في سلام إلا إذا قبل ملاك الأرض الحقيقيين بتسوية ما تمكنهم من البقاء على هذه الأرض برضىً من أصحابها.
إذن العامل الأساس في العنف هنا هو الخوف الكامن، رغم فائض القوة الذي يملكونه ويقابله من الجانب الفلسطيني أن العودة لا بد آتية مهما طال الزمن. وهذا ما يجعل المطالبين بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم هم من الأكاديميين والمفكرين والأدباء والسياسيين المتقاعدين، أي أولئك الذين خبروا الحياة والفكر.
الإرهاب المتفلت من أي ضوابط، كما يحصل في فلسطين التاريخية، لا يسببه إلا خوف عميق غير متجوهر، أو شوفينية مطلقة. وكلاهما لا يمكن أن يخلق مجتمعاً متماسكاً.
الدلالات العميقة لهذا الإرهاب الصهيوني واليهودي ينم عن ضعف بنيوي على الصعيد النفسي يعطي مؤشرات على أن الكيان الصهيوني إلى انهيار. ولكن الشرط الموضوعي لهذا الإنهيار هو بناء مقاومة ترتدي أشكالاً متنوعة تغطي جميع مناحي حياة الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات، يواكبها حركة تضامنية من المجتمعات المحلية المتنوعة.
                                                                    10 آب 2015


الخميس، 6 أغسطس 2015

المخيمات الفلسطينية

                      المخيمات الفلسطينية
حسن ملاط
 ليست المجابهة المسلحة هي الحل لجميع المشكلات. والعنف المسلح يكون عادة مع الأعداء وليس مع الخصوم، مهما كانت هذه الخصومة. النبي صلى الله عليه وسلم كان يوادع المشركين في كثير من الأحيان. أما العدو الرئيسي فعاهده في إحدى المرات (صلح الحديبية). ولكن الأسلوب الذي استخدمه مع المنحرفين، كان أسلوباً يمكن التأسي به، إن لم يكن من الواجب على الجميع استخدامه. هذا الأسلوب هو العزل، أي إعتزال المخالفين.
الخصوم هم أصدقاء محتملين في أكثر الأحيان. من أجل ذلك طلب النبي عليه السلام مقاطعة الذين لم يشاركوا في حرب العسرة والذين سماهم القرآن الكريم (الذين خُلفوا). وبعدها اعتزالهم وأخيراً عفا الله عنهم وعادوا كما كانوا إخوانا.
الأخبار المتناقلة من مخيم عين الحلوة أن أحد التنظيمات يهيء عسكره لاقتحام حي فيه أحد خصومه الذي قتل قائداً من قياداته...
المنظمات، مهما علا شأنها، ليس بإمكانها أن تضبط أمن المخيمات. وذلك لأسباب عديدة أهمها الفساد والمحسوبيات والعشائرية ووو... الطرف الوحيد الذي يمكنه القيام بذلك هم الأهالي. والمتضرر الأساسي من تنافس المنظمات هم الأهالي.
على المتنورين من أبناء وبنات المخيمات الدعوة الجدية لعزل كل من يهدد أمن الأهالي في المخيمات. هذه الممارسة لا تستدعي لا حمل السلاح ولا الإحتماء بالسلاح. العزل يعني قيام أهل الحي وأهل المخيم بمقاطعة كل عنصر يهدد أمن المخيم سواء بالسلاح أو بالمخدرات أو بالرذيلة أو بالقمار...إلخ. وهذه الممارسة يمكن أن تتطور إلى طرده من المخيم...
أن يقوم الأهالي بدورهم بحماية أنفسهم وأطفالهم من الفلتان هو أقل الواجب. فطريق فلسطين لا تمر من الحي الفلاني أو الحي الفلاني أو مقتل فلان أو استشهاد آخر فهذا لايصيب الصهاينة بأي مقتل. إن من يجد نفسه غير قادر على ضبط نفسه فليفتش عن مكان يؤيه خارج المخيم، يقبل بفساده.
جميع المعالجات استنفدت من قبل "المسؤولين". جاء دور الأهالي، أصحاب المصلحة بالأمن والإستقرار.
أخيراً، حتى لا تلعنكم فلسطين، إحتفظوا بسلاحكم لقتال الصهاينة...
                                                      1 آب 2015



السبت، 1 أغسطس 2015

التدخل العسكري التركي

                        التدخل العسكري التركي
حسن ملاط
منذ أيام بدأت الطائرات التركية بقصف قواعد حزب العمال الكردستاني في العراق وتلك التابعة للدولة الإسلامية في سوريا، مع التركيز على الأولى. كما قيل أنها قصفت الأكراد السوريين المسلحين التابعين لصالح مسلم.
كيف يمكن قراءة هذه التطورات؟
1 – الأسباب الداخلية: كانت الإنتخابات الأخيرة التي جرت في حزيران الفائت نكسة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي لم يتمكن من الحصول على الأكثرية المطلقة في البرلمان، حتى يشكل الحكومة منفرداً، كما جرت العادة. كما وأن هذه الإنتخابات كانت نكسة كبيرة للرئيس أردوغان الذي كان يمني النفس بالحصول على ثلثي المقاعد حتى يتمكن من تغيير الدستور التركي، ويصبح رئيساً حاكماً. أما بالنسبة إلى الرئيس أوغلو، فهي كانت كذلك أيضاً، لأن تجربته الإنتخابية الأولى، كرئيس للحزب الحاكم ورئيس للحكومة، كانت انتكاسة له ولحزبه، للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان.
لم يتمكن الرئيس التركي من "هضم" هذه النتيجة. فمنذ انتهاء الإنتخابات، بدأ التحضير للرد على هذه الإنتكاسة، والتي لن تكون إلا بانتخابات مبكرة تُعيد حزبه إلى الحكم منفرداً.
حزب الشعب الجمهوري لعب الإنتخابات بشكل احترافي وذكي. فقد أعطى 3،5% من أصواته لحزب الشعوب الديموقراطي، حتى يحرم حزب العدالة والتنمية من حوالي 8% من الأصوات الكردية والتي ذهبت إلى دميرطاش. خلاف هذا التكتيك كان بإمكان حزب العدالة والتنمية أن يحكم منفرداً لأن أصواته تصبح حوالي 50%.
الرابح الأكبر في الإنتخابات كان حزب الشعوب الديموقراطي، هذا الحزب الذي لم يعرف استثمار نصره لصالح القضية الكردية التي رفعته ليكون نجم الساحة السياسية التركية. والأيام القادمة ستُظهر كيف سيتحول هذا الحزب إلى الخاسر الأكبر لأنه لم يقرأ الأوضاع السياسية التركية بشكل جيد.
لن نتحدث عن محاولات أردوغان زج دميرطاش بأمور قضائية لها علاقة بالإرهاب، ولكن سنتحدث عن القضية الكردية. حكم تركيا حزب الشعب الجمهوري وكذلك حزب الحركة القومية. الحزب الوحيد الذي حاول أن يجد حلاً للقضية الكردية هو حزب العدالة والتنمية. فديميرطاش، لو فكر كردياً، كان عليه أن يسهل مهمة حزب العدالة بالحكم، لا أن يفرح بانتصاراته الفارغة. ديميرطاش يعلم حق العلم أنه لن يتمكن من أن يشارك يوماً في جنة الحكم إلا مع حزب العدالة والتنمية. كما أن الحزبين الآخرين غير مستعدين للتباحث معه، في مطلق الظروف، بأي أمر، بسبب انتمائه للأكراد. فماذا أراد حزب الشعوب الديموقراطي في موقفه هذا؟ أصبح بإمكان الحزب الحاكم أن يوحد الشعب التركي حول المسألة القومية في حربه مع حزب العمال الكردستاني. أي أن حزب الشعوب الديموقراطي قد فتح الطريق واسعاً للرئيس أردوغان للحصول على الأغلبية التي تمكنه من العودة إلى الحكم منفرداً وذلك بحيازته على أصوات حزب الشعوب الديموقراطي الذي لن يتمكن من الحصول على ال10% الضرورية لدخوله البرلمان. فحزب الشعب الجمهوري لن يعطيه ال3،5% التي أعطاها إياه بسبب الحرب على حزب العمال الكردستاني.
أما بالنسبة لحزب الحركة القومية، فمن الصعب أن يخوض معركة قوية ضد حزب العدالة والتنمية في ظل الحرب التي يؤيدها.
هذه هي الأسباب الداخلية التي جعلت الحكومة التركية تستعجل قتال الأكراد، داخلياً. انتخابات مبكرة مضمونة الفوز لحزب العدالة والتنمية بسبب القراءة الخاطئة للأوضاع من قبل حزب الشعوب الديموقراطي.
2 – الأسباب الخارجية: وهي لا تقل أهمية عن الأسباب الداخلية، لأنها تتعلق بمستقبل الإقليم، خاصة بعد الإتفاق الإيراني الأمريكي. الوضع العراقي والسوري أيضاً، لا يمكن لأي حكومة تركية أن لا تأخذه بعين الإعتبار. فإقليم نينوى، طالبت به تركيا منذ تأسيسها بعد القضاء الأوروبي على الدولة العثمانية. هذا الإقليم تحكمه الدولة الإسلامية حالياً، ولا يمكن لأي حكومة تركية أن تقبل بتحديد مستقبل هذا الإقليم بمعزل عن مصالحها. أما سوريا فتجاور تركيا على طول 950 كيلومتراً. هذا إذا لم نتحدث عن النية بإقامة إقليم كردي مجاور لتركيا ضمن الأراضي السورية. وهذا بدا واضحاً من رد فعل صالح مسلم على ضرب الطائرات التركية للأكراد، حيث طالب الجيش النظامي السوري بالعودة إلى المدن الكردية الثلاث القامشلي وكوباني وعفرين، حيث كان يريد أن يقيم إقليمه.
مشاركة تركيا بالحرب هي لأسباب تركية أولاً. علماً بأنها تساهم بتحسين العلاقات المتوترة مع الإدارة الأمريكية منذ زمن بعيد. كما أننا لا نعتقد بأنها ستؤثر سلباً على العلاقات التركية الإيرانية، رغم مسارعة الإعلام المؤيد لإيران بمهاجمة التدخل التركي ضد الأكراد والدولة الإسلامية، مع مزيد من التشكيك بنوايا النظام التركي. تركيا تريد شمال سوريا لها وليس للأكراد وتريد نينوى لها وليس للدولة الإسلامية. لا نعني تغيير خارطة سايكس بيكو، إنما نتحدث عن النفوذ.

                                                                       1 آب 2015