فلسطين أيضاً!
حسن ملاط
لم يخطر ببال الكثير أن النصر الذي حققته المقاومة في غزة، سيسفر عن مسيرة،
بخطىً متسارعة نحو هزيمة سياسية، يختارها المقاومون بأنفسهم. صمود أسطوري خلال
واحد وخمسين يوماً أمام قوة من أعتى المجرمين الذين يملكون أحدث آلات التدمير
والقتل. ورغم هذا، لم يصمد العدو الصهيوني ليوم واحد في غزة بعد إيقاف الأعمال
العدوانية.
هذا الصمود لم يُستثمر سياسياً. لقد أعطى المقاومون سلطة عباس حق المفاوضة
على صمودهم، وهم رأوا بأم أعينهم كيف كان عباس وجماعته يبخسون المقاومين حقوقهم،
حتى أنهم اتهموهم أو كادوا بالعدوان على إسرائيل! فكيف يستقيم أن يفاوض هؤلاء مع
العدو على حقوق أهل غزة؟
لقد بينت إسرائيل أنها لا تريد أن تنفذ أي اتفاقية مع الفلسطينيين تعطيهم
شيئاً من حقوقهم، حتى أن اتفاقية أوسلو التي أبرمت في 13 سبتمبر (ايلول) 1993 لم
تقبل إسرائيل بتنفيذها بالرغم من كل التنازلات التي قدمها المفاوض الفلسطيني. وهي
لا تزال حتى الآن تسوف وتستمر بالإستيطان والإستيلاء على الأراضي في الضفة، حتى أن
جريدة هآرتس قالت بأن 99% من أراضي (الدولة) في الضفة خُصصت لمصلحة المستوطنين.
أما التطور الأخطر، فهو بروز اتجاه عند الصهاينة، في الأرض المحتلة، على
اعتبار فلسطينيي 48 من خارج المكونات الشعبية للكيان الصهيوني وضرورة ضمهم
للفلسطينيين وطردهم من الأرض المحتلة. وبذلك يصبح لزاماً على قيادة الشعب
الفلسطيني العمل على الدفاع عن هؤلاء إلى جانب العمل على تنفيذ القرار 194 المسمى
بحق العودة إلى الأرض والتعويض.
ليس هذا فحسب، بل إن جميع الدلائل تشير إلى أن الصهاينة لا يمكن أن ينفذوا
إقامة دولة فلسطينية يكون من ضمن مكوناتها الضفة الغربية والقدس. من هنا نرى بأن
التنافس القائم بين الأطراف السياسية من اليمين الصهيوني، هو على من بإمكانه أن
يسلب الفلسطينيين جميع حقوقهم.
ما هي الممارسة الأساسية للسلطة الفلسطينية؟ تقوم السلطة إزاء هذا الوضع
بمصادرة أي إمكانية لمقاومة الإحتلال. إن سلطة لا تملك القرار السياسي ولا القرار
الأمني ولا القرار الإقتصادي، أين المكسب من وجودها بالنسبة للشعب الفلسطيني؟
ما هو المطلوب إذن؟
هناك خيارات عديدة. ولكن هذه الخيارات من الضروري أن تنطلق من الثوابت التي
سنتحدث عنها.
1 – الفصل بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة
"الوطنية".
2 – ضرورة أن لا يكون للسلطة الفلسطينية أي دور سياسي، بل دورها يكون
خدماتياً فقط للمواطنين الفلسطينيين الموجودين في الضفة والقطاع والقدس.
3 – الشرطة الفلسطينية لها دور أمني ولا تلعب أي دور سياسي. أي ليس لها أن
تلاحق المقاومين لصالح سلطات الإحتلال، بل تفصل في الخلافات التي تحدث بين
المواطنين.
4 – إصلاح منظمة التحرير وتجديد مشروعها النضالي الذي يقوم على حق العودة
وإقامة السلطة على كافة أراضي 67 بما فيها القدس الشريف، أو التفكير الجدي بطرح
الكيان الواحد لقوميتين.
5 – ضرورة إدخال الدفاع عن حقوق فلسطينيي ال48 ضمن ميثاق المنظمة، بعد أن
أصبحوا مهددين بالإبعاد من أرضهم.
6 – ضرورة أن تكون قيادة منظمة التحرير هي القيادة السياسية للشعب
الفلسطيني و ليس السلطة الفلسطينية وهي التي تفاوض العدو وليس السلطة.
7 – ضرورة وجود قيادة المنظمة خارج الأرض الفلسطينية حتى لا تكون خاضعة للعدو
بأي شكل من الأشكال...
أما المشاركة في أجهزة السلطة في الوضع الحالي، فهو يعادل التخلي المجاني
عن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه. ذلك أن المشاركة تأتي من ضمن معادلة أوسلو
وتوابعها، بما فيها الموافقة على جميع التنازلات المجانية التي قدمها عباس للعدو
الصهيوني.
12 كانون الأول 2014