التغييرات في المملكة السعودية
الموضوع الذي كان حديث الأوساط المختلفة التي تهتم بالأمور السياسية، ومنذ
سنوات عدة، هو مستقبل السلطة السياسية في المملكة العربية السعودية الأغنى من حيث
انتاج النفط. وهذا الإهتمام كان سببه أن جميع أبناء الملك المؤسس أصبحوا في العقد
الثامن من أعمارهم.
وهذا الأمر كان موضع اهتمام الإدارة الأمريكية بسبب العلاقات الخاصة التي
تربط السعودية بها من جهة، وبسبب تأثير الأوضاع الداخلية في المملكة على استقرار
أسواق الطاقة، من جهة أخرى. وزاد هذا الإهتمام بعد اندلاع ما اصطلح على تسميته في
الإعلام بالربيع العربي. لاسيما بعد أن دقت هذه الإنتفاضات باب الإتحاد الخليجي من
بوابة البحرين وعُمان. فانتفاضة البحرين، الجارة الأقرب للملكة، وذات الأغلبية
الشيعية، والمحاذية للمنطقة الشرقية في المملكة، ذات الغالبية الشيعية أيضاً،
والغنية بالنفط، هي التي دفعت السعودية للتدخل العسكري في هذه الجزيرة الصغيرة رغم
عدم رضى الولايات المتحدة عن هذا التدخل. ذلك أن مصطلح الشيعية أصبح موازياً
للنفوذ الإيراني، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به السلطة السعودية بأي شكل من الأشكال.
إضافة إلى عدم استقرار الوضع البحريني، جاءت أحداث اليمن لتزيد الأمور
حساسية. اليمن هي الجارة الجنوبية للمملكة التي تضم جالية يمنية كبيرة العدد. كما
وأن السعوديين من أصل يمني يتواجدون في مختلف أطياف المجتمع السعودي. واليمني
يمكنه الدخول إلى السعودية ساعة يشاء حيث أن الحدود يستحيل ضبطها لطولها من جهة ولتداخل
المجتمعين اليمني والسعودي من جهة ثانية. إذا أضفنا إلى ما تقدم عاملين أساسيين
هما مسألة جازان وعسير وخلاف السعودية واليمن على ملكيتهما ومسألة الإرتباط الجديد
للحوثيين بإيران كبديل عن ارتباطهما السابق بالمملكة السعودية، عندها تصبح أوضاع
اليمن أكثر أهمية بما لا يقاس من موضوع البحرين.
لم نتحدث عن موضوع التنافس السعودي الإيراني في الساحات الأخرى، العراق،
سوريا ولبنان، لعدم ارتباطه المباشر في الساحة السعودية الداخلية.
الوضع القائم حالياً، هو الوضع المثالي لفرض التغييرات على مستوى السلطة
السياسية في المملكة. فمبرر القيام بهذه "الثورة"
هو الحفاظ على المملكة وعلى العائلة الحاكمة.
ضمن هذا السياق يأتي التدخل السعودي العنيف في اليمن. فالسعودية تخوض معركة
"وطنية"، شعارها الحفاظ على المملكة وعلى أمنها إزاء التدخل الإيراني
السافر في جميع الساحات من دون استثناء. بذلك أصبح من المستحيل معارضة هذه
التغييرات لأن المعارضة تعني انقسام المجتمع السعودي في الوقت الذي يخوض فيه معركة
مصيرية مع أعداء الخارج وأعداء الداخل من الإرهابيين. إذا أضفنا إلى ما تقدم أن
نجمي التغيير هما حامي الأمن الداخلي (محمد بن نايف) وحامي الأمن الخارجي (محمد بن
سلمان)، يصبح لزاماً على جميع الناس حماية هذه التغييرات وإلا يصبح المعارض خائناً
لوطنه لأنه يفتت الساحة الداخلية في وقت الحرب.
وهكذا يكون قد تم الإنتقال من حكم الأولاد إلى حكم الأحفاد من دون أي
انعكاسات سلبية على استقرار المملكة.