حسن ملاط
كانت التحركات
الشعبية الفرنسية في العام 1968 تحمل الطابع الطبقي والوطني في نفس الآن. بينما
تحركات ال2005 حملت طابعاً مزدوجاً، أحدهما يحمل سمة الفرنسيين من أصول إسلامية،
وطابعاً آخر هو تحركات الضواحي.
ما الذي تغير حتى
تغير طابع التحركات، علماً أن التحركات في 1968 كانت في الضواحي أيضاً، ولكنها لم
تقتصر عليها؟
1-
ما استُجد هو تأسيس الإتحاد الأوروبي في 1993.
2-
انخراط فرنسا في الجسم الأوروبي.
3-
ترسخ العولمة النيوليبيرالية على المستوى العالمي أكثر من السابق.
4-
ظهور مشكلة الهوية (محلية أو أوروبية)على المستوى الثقافي وعلى
المستوى الشعبي.
5-
تمكن الإدارة الأمريكية من ربط مسألة الإرهاب بالإنتماء الإسلامي، ما
ترك تأثيراً كبيراً على الساحة الفرنسية وذلك لأن المسلمين في فرنسا عددهم كبير.
6-
الإهمال المتعمد للضواحي بسبب الإنتماء الإتني الغالب.... إلخ
هذه العوامل، بالإضافة إلى عوامل أخرى أدت مجتمعة إلى تفكك المجتمع
الفرنسي. وهذا التفكك كانت انعكاساته السلبية على مؤسسات المجتمع المدني وفي
مقدمها الأحزاب.
أين الأحزاب الفرنسية؟ أين الحزب الشيوعي الفرنسي الذي قاد المقاومة
الفرنسية ضد الغزو النازي لفرنسا؟ أين الحزب الإشتراكي؟ أين الحزب الديغولي،
الجمهوريون؟ أين النقابات المهنية؟ كلها تفككت...
تغيرت هوية النضالات، فانفتاح السوق على الفضاء العالمي (منظمة
التجارة العالمية)، هيمنة الرأسمال المالي... أدى إلى انتقال الصناعات إلى البلدان
ذات الأجور المنخفضة، وهذا بدوره غير مضمون الصراع من طبقي إلى تنافس ما بين
العمال على وظيفة بسبب انتقال الوظائف من المركز إلى الأطراف.
تمكن حزب ماكرون من حصد 355 نائباً من أصل 577 نائباً العدد الإجمالي
للجمعية الوطنية الفرنسية.
إن مجرد حصوله على هذا العدد يعني أن الإنتماءات السياسية أصبحت
واهية. كيف ينتقل الناس من معسكر إلى معسكر آخر لم يعلن حتى عن مفاهيمه السياسية
والإقتصادية والتربوية، إنما أعلن عن برنامج انتخابي. يضاف إلى ذلك أنه لم يمض على
تأسيس الحزب الوقت الكافي لتعرف الناس عليه.
هذا ما يجعلنا نستنتج أن ما فقده الشعب الفرنسي هو الإنتماء السياسي.
ودليلنا على ذلك هو مشاركة 40% فقط في الإنتخابات من مجموع الشعب الفرنسي.
من هنا نرى بأن أغلبية ماكرون تمثل فقط 24% من مجموع الشعب الفرنسي.
أما المعارضة فتمثل 16% فقط من مجموع الشعب الفرنسي. وهذا ما يجعلنا نقول أن الشعب
الفرنسي هو خارج الجمعية الوطنية. كما ويمكننا التأكيد أن جميع القوانين التي
ستصدر لا تحمل طابع الشرعية الشعبية.
خلاصة
العولمة النيوليبيرالية قضت على التضامن الوطني وعلى الهوية الوطنية.
كما أنها تشوه مضامين الصراع الحقيقي وتعطيه هوية مزيفة تؤمن لها مصالحها كطبقة.
فرنسا، كما معظم الدول الأوروبية وخاصة في جنوب القارة، هي في مرحلة
مخاض، مرحلة إعادة تأسيس الهوية الوطنية.
ماكرون رئيس تحت الإختبار!