د. جوزيف
عبد الله
حسن ملاط
الأوضاع
المعيشية للشريحة المتعاظمة من الشعب اللبناني تمر بأسوأ حالاتها. كما أن القادم
من الأيام لا يبشر بتغيير نحو الأفضل، هذا إن لم نقل أنه من المؤكد أنه يتجه نحو
الأسوأ.
أما الأسباب
المباشرة لهذه الأزمة المعيشية فتعود إلى تحكم الطبقة السياسية المسيطرة، بالمقدرات
المالية للشعب اللبناني. فقد أقرت الحكومة دعم المواد الغذائية والأدوية والمشتقات
النفطية وسلمت التجار والمستوردين مسؤولية الاستيراد عوضاً عن تولي الوزارات
المختصة القيام بهذه المهمة. وكانت النتيجة أن الاستيراد تم بالدولار المدعوم وراح
هؤلاء التجار يصدرون المواد المستوردة الى سورية والعراق ومصر...
ما حصل
نتيجة لذلك هو أن تبخرت دولارات المصرف المركزي ودخلت الى جيوب كبار المستوردين
والتجار. والآن تتحجج هذه الطبقة السياسية بأن المصرف المركزي أصبح فارغاً من
الدولارات ولم يعد بامكانه دعم المواد الأساسية.
من بعثر أموال اللبنانيين ونهبها؟ لا جواب!
أما عن
الحكومة الجديدة، فلا يبدو أن هناك امكانية لتشكيلها. وهذا لا يعود الى الخلافات
بين أطراف الطبقة السياسية ولكن بسبب الخلافات بين مرجعيات الفاعلين من الطبقة
السياسية.
إن تغير
الرئيس الأمريكي نتيجة الانتخابات الأخيرة سيترك انعكاسات على مختلف أنحاء العالم.
أما منطقتنا أو إقليمنا هو الأكثر تأثراً بسبب الكم الكبير من المشاكل العالقة
التي تستوجب حلولاً.
إن تشكيل أي
حكومة لا يمكن أن يحصل من دون الوقوف على رأي القوة الاقليمية الأبرز، عنينا
ايران. ويستتبع ذلك موافقة الولايات المتحدة، حيث يكون الرأي الصهيوني وازناً.
وبما أنه من الغباء المطلق أن يقدم الايراني هدية لادارة أمريكية مغادرة، فتشكيل
الحكومة الجديدة سيكون نتيجة تسوية ما بين الادارتين الأمريكية والايرانية. وهذا
يعني أن الأمر سيتأخر الى أواخر الشهر الأول من السنة الجديدة، على أقل تقدير.
ليس هذا
فحسب، بل أن هذا التأخير سيطال أيضاً المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية بين
لبنان والعدو الصهيوني.
ما علينا التفكير به هو كيف يمكننا الاستمرار في الحياة في ظل هذه الطبقة السياسية
المسيطرة التي تنهب قوت يومنا!
ما هي
الخيارات المطروحة أمام الأكثرية الساحقة من الناس في حال توقف دعم المواد
الغذائية والدواء؟ فالأكثرية الساحقة من المتقاعدين والموظفين المدنيين والعسكريين
(باستثناء كبارهم) على سبيل المثال،
والذين كانوا يعتبرون من الطبقة المتوسطة، لا يكفي راتبهم ثمن للأدوية الدائمة
الاستعمال. فماذا عن الطعام؟
لقد
تحدثنا طويلاً عن اليونانيين أيام الأزمة حيث كان المئات يذهبون الى الكنيسة
للحصول على وجبة أو وجبتين من الطعام. فالمتقاعد لم يكن يكفيه راتبه لشراء الدواء
والغذاء: فإما هذا وإما ذاك!
هل هذا ما تخططه الطبقة السياسية المسيطرة لشعبنا؟
ثم يتحججون بعدم وجود حكومة! وكأننا نحن من يمنع تشكيل حكومة. كما أننا على يقين
أن الحكومة لن "تفلق البعرة"! ولن "تشيل الزير من البير".
لا خيار
أمامنا، أمام الطبقات الكادحة والمسحوقة من شعبنا، الا إعادة تنظيم صفوفها لبعث الانتفاضة من جديد حتى نمنع هذه الطبقة السياسية السائدة (كلن يعني كلن) من تجويعنا.