إنتصار المقاومة
حسن
ملاط
المعركة
الأطول في تاريخ الحروب العربية مع الكيان الصهيوني، والتي دامت أكثر من خمسين
يوماً، والتي بدأها العدو عن تخطيط مسبق، تمكن الشعب الفلسطيني من دحره وتحقيق
انتصار ثمين. صحيح أن الشعب الفلسطيني قد قدم قرباناً غالياً في هذه المعركة، 2100
شهيد وأكثر من 11000 جريح، فضلاً عن الدمار الهائل الذي لحق بالمباني السكنية، حيث
شُرد أكثر من نصف مليون من الأطفال والنساء والشيوخ، ولكنه انتصر!
ظروف
المعركة: جابه الشعب الفلسطيني العدوان عليه في غزة منفرداً. حلفاء العدو من
المجتمع الدولي ومن الأنظمة العربية، كانوا يساندونه في حربه من أجل القضاء على
المقاومة نهائياً وإغلاق ملف الصراع العربي الإسرائيلي. وأما من
"يساندون" الفلسطينيين، فكانوا يساندونهم من أجل الوصول إلى مفاوضات.
أمريكا عوضت إسرائيل عن أسلحتها خلال المعركة. ولكن الحصار على غزة لم يسمح لأحد
بمدها بالسلاح، حتى وإن أراد. فما بالك بالذين وقفوا من العدوان موقف المتفرج!
أمريكا
بعثت بست سفن محملة بآلاف الأطنان من المتفجرات للقضاء على مقاومة الشعب
الفلسطيني، إضافة إلى 225 مليون دولار لتجديد ما يسمى بالقبة الحديدية التي تفجر
صواريخ المقاومة قبل وصولها لأهدافها. ولكن " ويمكرون، ويمكر الله، والله خير
الماكرين".
رغم
هذه الظروف المعادية، انتصر الشعب الفلسطيني، ولم يتبق إلا كيفية الإحتفاظ بالنصر،
حتى لا تذهب هذه الدماء هدراً، وحتى يراكم الشعب انتصاراته للوصول إلى التحرير
الكامل لفلسطين من رجس الصهيونية.
الإحتفاظ
بالنصر يتطلب الإستثمار السياسي لهذا النصر من أجل تغيير ظروف المعركة القادمة
التي ستأتي حتماً.
كيف
تستثمر المقاومة النصر؟
1 –
التحديد الدقيق لقوى الشعب الفلسطيني وتموضعها من المقاومة. القوى التي شاركت
بالمقاومة، القوى التي ساندت المقاومة، القوى التي وقفت على الحياد، وأخيراً القوى
التي تآمرت على المقاومة. هذا في داخل غزة. ولكل من هذه القوى كيفية بالتعامل
تحضيراً لما هو قادم من معارك. ولكن لابد من الفرز. القضاء على العملاء بدأ بعد
أربعة أسابيع على بدء المعركة, وتقديم عدد لا يُستهان به من قادة المقاومة
الميدانيين كشهداء.
2 –
التقييم الدقيق لدور قيادة السلطة "الوطنية" خلال المعركة وما قدمته من
مساهمات على الصعيد الميداني وفي ميدان المفاوضات من أجل وقف العدوان. علماً أن ما
تسرب منه لا يبشر بخير.
3 –
تقييم دقيق لدور مصر والسعودية من جهة، وتقييم دور قطر وتركيا من جهة أخرى، كما
وأن هناك ضرورة لتقييم الدور الإيراني خاصة بعد التغييرات على صعيد التوافقات
المستجدة وتراجع أولوية قتال العدو الصهيوني لصالح قتال "الدولة
الإسلامية" وأعداء هذه الدولة من المجموعات "الإسلامية". والأهم هو
تقييم مواقف "حزب الله" خلال هذه الحرب، ودراسة كيفية تمتين العلاقات بين
المنظمات الشعبية المناهضة والمقاومة للعدو الصهيوني.
4 –
هذه التقييمات يجب أن تقوم بها حماس والجهاد الإسلامي، كل على حدة، ومن ثم
جماعياً. نقول ذلك لأنهما هما المعنيتان مباشرة بالعلاقة مع إيران و"حزب
الله". ومن ثم يتم التقييم على صعيد المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها
المقاتلة.
أما
القرارات التنفيذية التي من الضرورة القيام بها، فهي:
أ –
المسارعة إلى انتخاب قيادة جديدة للشعب الفلسطيني في م.ت.ف. يكون فيها نصيب وازن
للمقاومة المسلحة، وإصلاح الميثاق وإعادة الإعتبار للكفاح المسلح وتحرير فلسطين.
كما لا بد من التأكيد على التمثيل الصحيح لشرائح الشعب الفلسطيني، وخاصة اللاجئين.
أما القيادة، فيجب أن تكون خارج الأرض المحتلة، حتى لا يتمكن الإحتلال من التأثير
على قراراتها، كما يحصل الآن.
ب –
فك ارتباط منظمة التحرير، سياسياً، بأعداء الشعب الفلسطيني.
ج –
الوقف الفوري لكل أشكال التعاون الأمني مع العدو الإسرائيلي والذي أدى إلى إعاقة
كبيرة للمقاومة في الضفة الغربية وتقسيم الشعب الفلسطيني.
د –
منع السلطة من التفاوض باسم الشعب الفلسطيني، وعدم إعطائها أي هامش تفاوضي مهما
كان ضئيلاً، إلا تحت إشراف المقاومة.
ه –
إعادة تمتين العلاقات مع الجانب المصري، من دون تنازلات سياسية تضر بمصالح
المقاومة.
إن
فتح المطار والميناء ليس من الأهمية بشكل يستدعي تقديم أي تنازل سياسي. المهم هو
الحفاظ على المعابر مفتوحة بحيث تؤمن حاجات الشعب الغذائية والطبية وإعادة
الإعمار. وتبقى المعادلة التي فرضتها المقاومة هي الأولوية، وهي التي تحافظ على
كرامة ومصالح الشعب الفلسطيني. إن جذوة المقاومة التي أوقدتها غزة يجب أن تظل
مضاءة حتى التحرير الكامل.
27 آب 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق