العصبية العشائرية أو القبلية تُورّث من الآباء إلى الأولاد
منذ الصغر. فالولد يُربى على هذا الإنتماء الذي يزرعه الآباء عند أولادهم بأن لهم
ميزات على غيرهم.
العصبية الطائفية أو المذهبية لا تختلف عن تلك القبائلية
أو العشائرية.
وجميع هذه العصبيات تدخل في نطاق الآية الكريمة: "بَلْ
قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ
مُهْتَدُونَ".
وعندما نعلم بأن الله تبارك وتعالى قد رفض هذه المعادلة،
بقوله: "وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا
أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ
آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"، فما الذي يمكننا قوله عن
انتماءاتنا الحالية؟
في بعض الدول الأجنبية يسألون الشاب المولود في البلد من
أبوين أجنبيين إن كان يريد هوية البلد الذي وُلد فيه، ولكن عند وصوله إلى سن معينة
تسمح له بالإختيار.
هل جددنا إيماننا بانتمائنا الديني عندما وصلنا إلى سن
معينة؟
إذا كان الأبوان يعتقدان بصحة ما هما عليه من القيم، فهل
هذه الصحة مطلقة حتى يُحَمّلوها لأولادهم غصباً ومن غير اختيار الأولاد؟
حتى لا يكون الأهل "آبائيين"، وحتى يكون
الأولاد متوازنين عاطفياً وفكرياً، على الأهل أن يربوا الأولاد على القيم التي
توافق المجتمع على صحتها في الوقت الذي يكبرون فيه. وكما عليهم أن يربوهم على إمكانية
التمييز بين السيء والحسن، كما وبين الحسن والأحسن... إلخ
أما أن يستعبد الأهل عقول أولادهم، فإن أفضل ما يمكن
الوصول إليه هو ما نراه أمامنا: حروب طائفية، مذهبية، إتنية...إلخ
هل من فرق بين الطفل الكردي والعربي والسني والشيعي
والأرثوذكسي والماروني؟ لماذا يكبرون ويجدون التقاتل فيما بينهم طبيعياً؟ بسبب
تربيتهم المشوهة! أليس كذلك؟
جاء طفل يُحادث طفلاً آخر، قال له: هل تعلم أن فلاناً
اغتصب السلطة من فلان (منذ 1400 سنة)؟
رد الطفل الآخر: وما يعنيني؟ فكان جواب الأول أن والده
(الدكتور) قال له ذلك.
لن أكمل القصة حتى لا أعود إلى ما كنت عليه من الإشمئزاز
عند سماعي الكلام من الأطفال أنفسهم.
ما هو واضح أن التربية المشوهة هي التي تقضي على المجتمع.
وذلك بتشويهها للصراعات الحقيقية التي تقوم في جميع المجتمعات الطبقية، المجتمعات
التي يوجد فيها الظلم أو في البلدان المستعمرة.
بالطبع، هذا موضوع بحاجة ماسة إلى معالجة يُشارك فيها كل
مهتم ببناء جيل واع يُدرك أهمية دوره في بناء الإنسان المتوازن والأوطان الآمنة
والمستقرة والحرة!
6 كانون الأول 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق