حسن
ملاط
بعد أن تم القضاء على الإحتجاجات الشعبية في إيران، على
ما قال الحرس الثوري الإيراني
"أن قوات الأمن قضت على اضطرابات استمرت أسبوعا غذاها من وصفهم بأعداء
خارجيين". أصبح بالإمكان التحدث عما جرى.
أولاً: بدأت الاحتجاجات
في مدينة مشهد المعروفة بتأييدها للمرشد الأعلى. وكانت الهتافات التي رفعها
المتظاهرون: الموت لروحاني بالإضافة إلى شعار ضرورة الإنتباه إلى الداخل الإيراني
وترك غزة وسورية ولبنان.
ولكن، ما لبثت أن تغيرت
الهتافات وأضيف إليها "الموت للدكتاتور". وبقي هذا الشعار غائماً، بمعنى
من هو المقصود بالدكتاتور: هل هو المرشد أم الرئيس.
ثانياً: توسعت
الإحتجاجات وعمت مدناً كثيرة، وتغير معها مضمون الهتافات، بحيث طالت مباشرة
المرشد. وقد تغير المضمون من إقتصادي- إجتماعي إلى مضمون سياسي.
عندها بدأت محاولات قمع
هذه التظاهرات. كما أن الحرس الثوري أعلن أن الإحتجاجات موجهة ضد الحكومة وليس ضد
النظام.
ثالثاً: سرب الرئيس
محتوى الميزانية السنوية التي تحوي زيادات كثيرة للحرس الثوري والمؤسسات الدينية
التابعة للمرشد، كما وأنها تحوي رفعاً لأسعار المحروقات ووقف المساعدة الشهرية
للمعوزين الإيرانيين.
هذا التسريب ساعد في
تحويل أنظار المتظاهرين إلى الذين يتمتعون بالخيرات الإيرانية التي لا تصل إلى
مستحقيها.
إن عدم تمكن الأجهزة من
تحويل احتجاجات الناس ضد الحكومة وحدها، إضافة إلى مطالبة الأقليات العرقية
والمذهبية بحقوقها، أدى إلى ضرورة التعجيل بوقف هذه التحركات.
كان لافتاً سرعة وقف
هذه المظاهرات، مما يدل على أن هناك كلمة سر كانت تحرك العديد من المتظاهرين. ولكن
الضغط الإقتصادي الإجتماعي إضافة إلى القمع السياسي، أدى إلى رفع شعارات مختلفة عن
المخطط لها مسبقاً. وخوفاً من انقلاب
السحر على السحر، قامت الأجهزة الأمنية بوقف هذه الإحتجاجات.
ما قاله المرشد، بعد انتهاء المظاهرات يكشف الكثير مما كان غائماً.
فقدعلّق بشكل تفصيلي على الاحتجاجات الأخيرة
التي خرجت في بلاده، متهماً كلاً من أميركا وإسرائيل بالتخطيط لما حدث، ودولة خليجية بتمويل المخطط. ودعا إلى "الفصل بين المطالب المعيشية الحقيقية والأعمال التخريبية"، معتبراً أن "الكل مسؤول أمام حقوق الشارع، ما يعني ضرورة تلبيتها"، مضيفاً أن "التجمعات الاعتراضية التي كانت تخرج أمام المؤسسات المالية، وحتى بعض البلديات ومجالس المدن، مشروعة ولا يجب الوقوف بوجهها، بل يجب الاستماع لشعاراتها".
1-
المطالب التي تطال النظام (السياسية والتي تصوب
على المرشد والحرس الثوري) هي من تدبير أمريكا والكيان الصهيوني، لذلك يجب قمعها. (هنا
لا بد من الإشارة إلى أن أحد المسؤولين الإيرانيين أشار إلى أن بعض العقوبات قد
تصل للإعدام).
2- المطالب الموجهة للحكومة يجب النظر فيها. وبما
أن الحكومة لا تحكم، من هنا ضرورة تصفية الحساب مع روحاني لأنه يريد الحد من سلطان
الحرس الثوري على مختلف مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والأمنية والعسكرية
الإيرانية.
الخلاصة
كانت التحركات الشعبية مبرمجة من الحرس الثوري باتجاه استثمار
الإنتصار الذي حققه في العراق وسورية بالتعاون مع أمريكا وروسيا، حتى يُحكم سيطرته
على الحياة السياسية في إيران كما سيطرته على الحياة الإقتصادية. ولكن الضيق
الإقتصادي وقمع الحريات الذي يعيشه المواطن الإيراني أدى إلى فشل المخطط. كما وأن
نشر مضمون الموازنة من قبل روحاني سلط الضوء على الذين يستولون على أموال المواطن
الإيراني. كذلك قام بتسليط الضوء على حق المواطن بالإحتجاج والمطالبة بحقوقه
المسلوبة والذي أظهر نشر الموازنة الجهات التي تستولي عليها.
المتوقع أن ينشط القمع أكثر حتى القضاء على أي أفق للعمل
السياسي. وهذا يتطلب تقديم بعض الفتات للطبقات المحرومة كما فعل الملك السعودي.
لا أفق لحلول جذرية؟
النظام الإيراني، كما الأنظمة المجاورة، يقوم على اقتسام الريع.
ولكن يتميز عن جيرانه بانتاج الأسلحة وإقامة التنظيمات الشعبية المساندة، على غرار
الإتحاد السوفياتي السابق.
وبما أنه في ظل سيطرة الرأسمال المعولم لا يمكن إلا للكتل
الكبرى أن تتمتع بإمكانية الإستقلال عن المركز، من هنا فإن حل مشاكل الشعب
الإيراني مرتبطة عضوياً بحل مشاكل شعوب الإقليم الذي ينتمي إليه. لذلك، لا بد
لشعوبنا أن تضغط على حكوماتها من أجل وقف الحروب البينية وأن تفرض عليها التنسيق
الإقتصادي الجماعي حتى يتحرر المواطن إقتصادياً واجتماعياً باتجاه تحرره السياسي!
9
كانون الثاني 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق