حسن
ملاط
بعد
محاولات حثيثة وفاشلة من العراق وعُمان مع السعوديين والإيرانيين لمصالحتهما، تمكن
الراعي الصيني من التوصل الى اتفاق بين الجانبين.
هذا
الاتفاق كان الحدث الأهم بالنسبة لاقليمنا الذي يضم الى جانب تركيا وايران جميع
الدول العربية. ولكن تأثيره سيكون أولاً على الوضع في اليمن ومن ثم على العراق
فسورية ولبنان.
الاتفاق
ينص الاتفاق على حل الخلافات بينهما من خلال الحوار
والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما بمبادئ
ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية.
تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية
الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما
وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على
احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية
التعاون الأمني بينهما، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة
والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.
كما وأكدا حرصهما على بذل كافة
الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
أسباب الاتفاق
السعودية: تدخلت السعودية في اليمن معتقدة أن الحرب ستكون
نزهة بسبب الانهيارات التي أصابت اليمن بسبب الحروب المستمرة بين الحوثيين وحكومة
علي عبد الله صالح. ولكن صمود الحوثيين والدعم غير المسبوق لإيران وحلفائها لهؤلاء،
جعل إمكانية انهاء الحرب بغالب ومغلوب شبه مستحيلة.
كان تأثير هذه الحرب كارثياً سواء على الاقتصاد الإيراني أو
الاقتصاد السعودي.
فالاقتصاد الإيراني الذي يعاني من العقوبات الأمريكية
وحلفائها جعل من تصدير النفط تجارة غير مربحة بالنسبة لإيران لأنها تضطر الى بيع
النفط والغاز بأقل من السعر العالمي. أضف
الى ذلك، تورطها في العراق وسورية ولبنان ما جعل الاقتصاد الإيراني يئن من كثرة
المصاريف ما أدى الى قيام الاحتجاجات داخل ايران على الوضع المعيشي والحريات وحقوق
الانسان...الخ يُضاف الى ذلك التغيرات التي حصلت في البحرين والامارات العربية
المتحدة من حيث التعاون العسكري بينهما مع العدو الصهيوني ما جعل هذا العدو على
تخوم الحدود الإيرانية. يُضاف الى هذا العامل، الاختراقات الأمنية في الداخل الإيراني
والتي اتُهم بها العدو الصهيوني رسمياً!
أما بالنسبة للسعودية التي أعلن حاكمها عن مشاريع التحديث التي تكلف مئات مليارات
الدولارات كما وأنها تحتاج للأمن، كانت مضطرة للوصول الى اتفاق يؤدي الى وقف
تورطها في حرب اليمن التي تركت انعكاسات أمنية داخل الأراضي السعودية إضافة الى
كلفة الحرب نفسها.
أما بالنسبة للصين، والتي تُعتبر أكبر منتج للبضائع
الاستهلاكية في العالم، فهي تحتاج للأمن والطاقة. والخليج هو أكبر مُصدر للطاقة في
العالم. كما وأن الحرب في أوكرانيا والتي أدت الى فرض عقوبات على روسيا، أصبحت
الأخيرة بحاجة الى التصدير حتى بأسعار زهيدة وهذا ما استفادت منه الصين أكبر
مستورد للطاقة من روسيا.
هذه هي أهم العوامل التي أدت الى قيام هذا الاتفاق. ولكن لا
بد من الإشارة هنا الى أن الاتفاقات بين الدول تُعبر عن موازين القوى فيما بينها
لحظة قيام هذه الاتفاقات. أما تغير ميزان القوى فيجعل هذه الاتفاقات حبراً على
ورق.
مفاعيل هذا الاتفاق خارجياً
سيكون التأثير الأساسي لهذا الاتفاق على اليمن بالدرجة الأولى.
كما وان تأثيره سينسحب على البحرين والعراق. أما بالنسبة لسورية ولبنان فالأمر
مختلف نسبياً.
في سورية، من المعروف بأن الدول المتحالفة والمتخالفة في آن،
تحاول ومنذ مدة طويلة التوصل الى توافق ما على تقاسم النفوذ فيما بينها في الداخل
السوري. هذه الدول هي روسيا، تركيا، أيران، الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
وكل من هذه الدول تحاول قدر الإمكان استبعاد حليفاتها.
أما بالنسبة للبنان، فالأمر يبدو أكثر تعقيداً. فالأمر
الأساسي في الساحة اللبنانية هو التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية.
التراجع النسبي للنفوذ الإيراني بسبب العوامل التي سبق ذكرها،
يُجبر حزب الله على عدم التراجع في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية. فضعف الداعم الإقليمي،
يدفع به الى التشدد الداخلي حتى لا يخسر نفوذه كما حصل اقليمياً. القوى الأخرى
والمدعومة من السعودية والمفككة، تبدو غير قادرة على التصدي لنفوذ حزب الله
وحلفائه، لذا تقوم بتعطيل الانتخاب من غير القدرة على الاتيان بالرئيس الذي تريده.
ما تقدم سوف يُجبر السعودية، حتى ترمم نفوذها في لبنان،
الاستعانة بالنظام السوري لخلق توازن مع حزب الله، حليف ايران. وهذا هو السبب
الرئيسي لمحاولة التقارب السعودي مع النظام السوري.
من هنا مشروعية السؤال، هل يُصبح سليمان فرنجية هو المؤهل
للرئاسة بعد اختياره من قبل الحزب، خاصة أنه معروف من قربه من الرئيس السوري والذي
يُصبح مقبولاً سعودياً في حال قيام التوافق السعودي مع النظام السوري والذي يبدو
مرجحاً؟
القلمون في 30 آذار/مارس 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق