الفتنة
مسرعة
حسن ملاط
تدهورت الأوضاع على الحدود اللبنانية السورية نتيجة تسلل
مسلحين من لبنان، لإغارتهم على جنود النظام السوري. وهذا ما دفع الحكومة السورية
إلى بعث رسالة إلى السلطات اللبنانية تلفت نظرها إلى ضرورة منع التسلل من حدودها
إلى الجانب السوري. وممثل الجيش السوري الحر لم ينف هذا الكلام، بل أكده وربطه
بالتدخل الذي يجري في البقاع لصالح النظام. واشترط عدم مشاركة الفئات المؤيدة
للنظام في القتال إلى جانب النظام، حتى يمنع التدخل من شمالي لبنان.
وحيث أن إمكانية بدء المفاوضات في سوريا أصبحت ممكنة،
فهذا يعني أن كل طرف أصبح عليه أن يقاتل من أجل تحسين وضعه على الأرض حتى يكون
مرتاحاً في المفاوضات. وهذا يعني مزيداً من التدخل، إذا ربط اللبنانيون أنفسهم
بالصراع في سوريا. كما وأنه يعني مزيداً من التدهور ينتقل بسهولة من وراء الحدود
إلى داخل الحدود. فالمشاركون في القتال ينتقلون من لبنان إلى سوريا. وربما يخطر
ببال هؤلاء أن شروط التقاتل في لبنان أسهل، سهولة انفجار الحرب الأهلية في لبنان،
الذي ما فتىء الغرب يخطط لها ويغذيها مع مختلف الأطراف التي تتدخل في الصراع في
سوريا.
ما تقدم لا يريده أحد من اللبنانيين، وقد حذر منه السيد
حسن نصرالله في خطابه الأخير. كما وأن مختلف المسؤولين اللبنانيين يحذر منه. ولكن
اللافت أنه لم يصدر عن المسؤولين سوى اقتراح يتيم، وهو الدعوة إلى طاولة الحوار
مجدداً. هذا الإقتراح، على أهميته، ليس جدياً. فالعديد من الموجودين على طاولة
الحوار الرئاسية ليسوا فاعلين في الأوضاع الواجب نقاشها. وقد حدد أحد أهم
المسؤولين أن الخلاف الأساسي القائم الآن والذي يبشر بالكثير من الشرور هو بين
السنة والشيعة. وموضوع الخلاف، حسب نفس المسؤول هو الوضع السوري وقانون
الإنتخابات.
فبالنسبة للوضع السوري، أشار الرئيس سليمان من ساحل العاج
الى "التمسك باعلان بعبدا"، قائلاً: "علينا جميعاً أن نتمسك بهذا
الاعلان وألا نرسل مسلحين الى سوريا ولا نستقبلهم، ويجب علينا أن نلتزم
الحياد". واضاف: "كلفنا الجيش اللبناني قمع وتوقيف أي مسلح موجود بهدف
المحاربة إن كان من المعارضة (السورية) أو من غير المعارضة". وكلنا يعلم أن
ما من أحد سوف يورط نفسه مع المسلحين الذين يتسللون إلى داخل الأراضي السورية، إن
لم يمتنعوا من تلقاء أنفسهم.
كما ان
الرئيس ميقاتي جدد عقب تسلمه نص الرسالة التي وجهتها السلطات السورية الى الحكومة
اللبنانية "دعوة جميع الاطراف الى التزام سياسة النأي بالنفس وتجنيب لبنان أي
انعكاسات خارجية عليه". وعرض مع قائد الجيش العماد جان قهوجي التدابير التي
يتخذها الجيش على الحدود مع سوريا.
أما وليد جنبلاط فتمنى ان "نعمل جميعاً من اجل منع الفتنة ومن اجل الوحدة الوطنية والحوار لأن الايام المقبلة يبدو ان فيها شيئاً من الصعوبة".
أما وليد جنبلاط فتمنى ان "نعمل جميعاً من اجل منع الفتنة ومن اجل الوحدة الوطنية والحوار لأن الايام المقبلة يبدو ان فيها شيئاً من الصعوبة".
أما سمير
جعجع فقد استغرب "تلكؤ الحكومة عن الدعوة الى اجتماع طارئ لمواجهة المخاطر
الكبيرة في طرابلس وعلى الحدود الشرقية الشمالية" ودعاها الى الاستقالة.
وحذر مصدر في تيار "المستقبل" من اي تهاون في انتشار الجيش على الحدود مع سوريا، وقال لـ"النهار" ان على قيادة الجيش "اتخاذ اجراءات حازمة تواجه تورط حزب الله في اكثر من ساحة في سوريا وما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة".
واضح مما تقدم أن الوضع السوري هو الضاغط فعلياً على الأوضاع الداخلية. كما الواضح أيضاً أن المطلب هو النأي بالنفس عما يجري في سوريا.
وحذر مصدر في تيار "المستقبل" من اي تهاون في انتشار الجيش على الحدود مع سوريا، وقال لـ"النهار" ان على قيادة الجيش "اتخاذ اجراءات حازمة تواجه تورط حزب الله في اكثر من ساحة في سوريا وما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة".
واضح مما تقدم أن الوضع السوري هو الضاغط فعلياً على الأوضاع الداخلية. كما الواضح أيضاً أن المطلب هو النأي بالنفس عما يجري في سوريا.
أما ما
يدعو إلى الإستغراب أن الأطراف التي تدعو إلى النأي بالنفس تختلق لنفسها الأعذار
من أجل التدخل في الحرب السورية وتتدخل.
أما على
صعيد قانون الإنتخابات فالحركة التي تجري ليست مباركة، لأن الذين يريدون قانون
اللقاء الأرثوذكسي قد حصلوا على نقطة أفضلية من الذين يريدون قانوناً آخر. ولن
يتنازلوا عنه إذا لم يحصلوا على ما يجعلهم يتنازلون عنه.
الوقت
يمر، والفتنة تنشط في الوصول إلى ديارنا. ولا نجد حركة تتناسب مع فظاعة ما هو آت.
هل تنتظر الأحداث حركة من عليه أن يتحرك. أم أن هذه الفرصة القائمة الآن التي تسبق
الإنفجار يجب أن تضيع من بين أيدي المسؤولين كما تضيع مختلف الفرص؟
أطراف
الصراع لا يمكنهم القيام بمبادرات توافقية. الأطراف المقربة من مختلف الأطراف
بإمكانها المبادرة. المبادرة غير مكلفة، ولكن نتائجها قيمة، فهي تحمي لبنان.
إذا كان
حزب الله وأمل يمثلون الشيعة في لبنان، من دون أن ننسى الرئيس الحسيني، فممثلو
السنة في لبنان هم الحريري والسنيورة وميقاتي وكرامي والحص. من يبادر إلى جمع هؤلاء
حتى يُجنَب لبنان الكأس المرة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق