يا أيها الذين آمنوا، آمنوا...
حسن ملاط
الوضع في مصر مقلق لأنه مفتوح على
خيارات عديدة، منها العنيف أيضاً. الإنقلاب العسكري لم يستكمل جميع ترتيباته، فهو
لا يزال حتى الساعة يحتمي بغطاء مدني مع أنه غير كاف كورقة توت تغطي المعايب العسكرية.
يهدد العسكريون باتخاذ إجراءات تؤدي إلى الحسم النهائي، مع العلم أن البعض يعتبر
أن إجراء كهذا سيؤدي ربما إلى حرب أهلية لأن الإخوان المسلمين لن يتراجعوا أمام
الذين اغتصبوا سلطتهم.
الستاتيكو القائم الآن يبشر بخسارة
حتمية للإخوان المسلمين. فالجيش أو الحكومة التي تحكم بسلطته تتخذ إجراءات عملية
لا يتمكن الإخوان من معارضتها. اي بصيغة أخرى، ليس هناك سلطتان بل سلطة واحدة بيد
العسكر. من هنا فالخاسر هم الإخوان لأنه ليس بإمكانهم اتخاذ قرارات، ولكن يمكنهم
تعطيل بعض القرارات في أحسن الأحوال. فللعسكر عليهم درجة. لذلك لا بد للإخوان من
التحرك ولكن باتجاهات أخرى.
اولاً: عليهم القيام بعملية تقييم
لتجربتهم في السلطة التي استمرت عاماً كاملاً كان كافياً لتغيير مصر نوعياً. وهذه
العملية هي أبعد ما تكون عن محاولة إيجاد التبريرات لما قاموا به، وادى إلى ما أدى
إليه.
ثانياً: دراسة الإنقلاب العسكري
وتقييم القوى التي شاركت فيه ومدى تماهي هذه القوى مع العسكر ومدى استقلاليتها. ولا
بد من توزيع هذه القوى على أسس طبقية وسياسية.
ثالثاً: إن انعزال القوى المؤيدة
للإخوان في الميادين ماهو في الواقع إلا تشرنق يؤدي إلى إبعاد الإخوان عن الشعب وهذا
ما يؤدي إلى هزيمتهم الحتمية. العسكر يقاتل بقوى منظمة بناء لأوامر. أما الإخوان
فلا يمكنهم المجابهة إلا بالناس الذين يقبلون طوعاً بقيادتهم. من هنا ضرورة
الإنخراط الواسع بين الناس والمحافظة على قاعدتهم الصلبة في الريف المصري الذي
يمكنه تحمل المواجهة لمدة أطول من سكان المدن.
رابعاً: لم يرفع الإنقلابيون حتى
الآن شعارات وطنية يمكن أن توحد الناس عليها. وهذا ما لم يفعله الإخوان أيضاً.
لذلك على الإخوان أن يعدوا برنامجاً سياسياً شعاره مجابهة السلطة الإنقلابية
بمطالب محددة. مطالب اقتصادية، اجتماعية، وطنية وسياسية. منها على سبيل المثال لا
الحصر:
1 – على الصعيد الوطني
أ-
استفتاء شعبي يحدد مستقبل اتفاقية الذل مع العدو
الصهيوني المسماة كامب ديفيد.
ب- عودة الجيش للمرابطة
على الحدود مع العدو الصهيوني في سيناء بمعزل عن انتظار نتائج الإستفتاء.
ت- ترشيد العلاقة مع
الفلسطينيين بحيث لا تكون مصر وسيطاً نزيهاً بين إسرائيل والفلسطينيين، إنما
حليفاً عنيداً للشعب الفلسطيني.
ث- يترافق ذلك مع دعاية
مضادة لما تقوم به الأجهزة العميلة التي تصور الفلسطينيين كأعداء للشعب المصري.
2 – على الصعيد الإقتصادي
أ-
أولوية حماية الشعب المصري من تداعيات سد النهضة الإثيوبي
على نهر النيل. السد التي تؤيده وتدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل، من دون أن نهمل
ما يشكله هذا السد من خطر فعلي على حياة الشعب المصري في المدن المحاذية للنهر.
ب- إصدار قرارات باستعادة
الشعب المصري للمنهوبات التي أعطاها مبارك لزبانيته، وإعادة القطاع العام إلى ما
كان عليه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
ت- الجيش يسيطر على 40%
من الإ قتصاد المصري. ضرورة إصدار قرارات بضم هذه الإستثمارات إلى القطاع العام
بحيث يستفيد منها الشعب المصري بمجموعه. هذا من دون أن ننسى المساعدة الأميركية
التي تعطى للجيش حتى يبقى عميلاً لأمريكا. ضرورة ضم هذه المساعدة للخزينة المصرية
أو إعادة هذه الرشوة لأصحابها في حال عدم الموافقة.
3 – على الصعيد السياسي
أ-
إعادة فتح العلاقات مع مختلف مجموعات الشعب المصري الذين
ساهموا في ثورة 25 يناير، وخاصة أولئك الذين ساهموا بإيصال مرسي إلى الرئاسة.
ب- رفع الشعارات التي
توحد الناس على ضرورة الدفاع عن المكتسبات الديموقراطية نتيجة ثورة يناير. والأهم
هو الإتفاق مع أكبر عدد من القوى الفاعلة على هذه الشعارات.
ت- ضرورة إقناع هذه القوى
أن الإخوان قد تخلوا عن أخطائهم بانفرادهم بالسلطة. وضرورة رفع الشعارات التي تؤكد
على الوحدة الوطنية.
ث- غاية هذه الحوارات هو
الوصول إلى تأسيس جبهة وطنية تدافع عن الحكم المدني وإبعاد العسكر عن السلطة. لذلك
لا بد من النضال من أجل تحديد موعد مبكر للرئاسيات والبرلمان.
ج- ضرورة إنهاء
الإعتصامات التي تعزل المناضلين عن شوارعهم وحاراتهم ومدنهم وقراهم. وضرورة ابتكار
أساليب جديدة للنضال ضد استئثار العسكر بالسلطة.
إن رفع شعار مصر قوية يستدعي إنهاء
عزلة مصر التي فرضتها الولايات المتحدة وإسرائيل. يجب أن تعود مصر إلى محيطها
الإفريقي وإلى محيطها الإسلامي. يجب أن تعود البعثات الأزهرية إلى جميع الدول
الإسلامية وإلى الدول التي تضم جاليات إسلامية. هذه مصر أم الدنيا، ليست مصر كامب
ديفيد المعزولة عن شعبها ومحيطها وناسها.
هذه أفكار تساعد الإخوان على
الإيمان بدورهم الطبيعي.
13/8/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق