الإتفاق عربياً ولبنانياً
اتفاق استمر مخاضه عشر سنوات، لا يمكن أن
يكون قد تم توقيعه حتى لا يُنفذ. كما ونضيف أن أي اتفاق هو تعبير عن موازين قوى
بين أطرافه عند التوقيع. كما وأنه حاجة للأطراف الموقعة عليه. أي أننا لن نبحث إن
كانت ستُنفذ بنود الإتفاق أم لا، لأنها كتبت حتى تنفذ.
أما عن القول أن واشنطن قد تخلت عن حلفائها
كرمى لعيون إيران، فهذا كلام مبالغ فيه. وقد أجاب عن هذا الكلام وليم روس الذي كان
موظفاً في الخارجية الأميركية ولا زال مقرباً من دوائرها. قال: وواشنطن لن تبيع حلفاءها أو تبرم صفقة على
حسابهم». وأضاف: «ما تحاول واشنطن قوله إنها لن تغيّر موقفها من سلوك إيران، بل
تبحث عن تسوية في الملف النووي... وثمة انطباع بأننا سنعود إلى أيام الشاه، لكن
هذا ليس ممكناً إلا إذا قبِلت إيران تغيير سلوكها رأساً على عقب في المنطقة».(الحياة 29/11/13)
عربياً: من المسلم به
أن إيران قبل الإتفاق هي غير إيران بعد الإتفاق. إيران اليوم أصبحت دولة تهيء
نفسها لتكون طبيعية في المجتمع الدولي، وليست منبوذة كما كانت عليه قبل الإتفاق. من
هنا، فإن خطواتها ستكون مدروسة بتأثيرها على دول الإقليم والمحيط. لن نتحدث عن
جميع الدول العربية، إنما سنتحدث عن العراق وسوريا ولبنان والخليج.
في العراق، لن تذهب
إيران نحو التأزيم على صعيد الداخل العراقي كما كان الوضع سابقاً. إيران كانت
تتحالف مع التنظيم التكفيري عصائب أهل الحق الذي أعلن الحرب على أهل السنة منذ عدة
أشهر عندما كان أهل الأنبار وغيرها من المحافظات العراقية يتظاهرون ضد الحكم
الطائفي والمذهبي لنور المالكي. وعندما أعلنت المرجعية الدينية في النجف عدم
تأييدها التجديد للمالكي لأن ممارساته تقسم الشعب العراقي قامت إيران بدعوة جميع
الأحزاب الشيعية وطلبت منهم دعم المالكي.
نعتقد أن إيران سوف تكون
أقل تشدداً وتسمح للعملية السياسية العراقية تسير سيرها الطبيعي، ولتفرز القيادة
الجديدة بمعزل عن تدخلها، خاصة وأن تأثيرها في العراق سيظل وازناً في جميع الظروف.
ولاداعي للإشارة أن تكليف المالكي بعد الإنتخابات الأخيرة جاء بضغط أمريكي إيراني
مشترك.
في سوريا، بالرغم من
حساسية الوضع السوري، فمن المتوقع أن تتعاون إيران تعاوناً جاداً مع الجهود
الأمريكية والروسية من أجل حل سلمي في سوريا. هذا لا يعني التخلي عن حلفائها، ولكن
يعني أن رأيها في مستقبل حلفائها في العملية السياسية سيكون وازناً، من دون الصدام
مع الأطراف الأخرى. ولكن لن يكون موقعها في سوريا كما كان في السابق. أي أن سوريا
لن تكون محطة تواصل لإيران مع حزب الله.
في الخليج، التوتر
القائم سوف يخف كثيراً لأن الولايات المتحدة ستساهم في ترشيد العلاقة السعودية
الإيرانية حتى يُتاح لها المغادرة إلى الهادىء. ومن دون ترشيد هذه العلاقة لن يكون
ذلك متاحاً.
ما نتحدث عنه ليس
أضغاث أحلام، إنما منطق الحدث هو الذي يفرض هذا التحليل والنتائج. أما أولئك الذين
سيتحدثون عن طرف قد كسب المباراة فسوف يريه تطور الأحداث كم كان واهماً.
في لبنان، ستكون
الإنعكاسات إيجابية مهما حاول أطراف الصراع إضفاء صورة سلبية على الحدث. كأن يحتفل
أطراف 8 آذار بالإنتصار على الولايات المتحدة وحلفائها. أو أن يحتفل أطراف 14 آذار
بانتصارهم على إيران وحلفائها.
إن ترشيد العلاقات
الإيرانية السعودية، والتي ستكون سريعة، سوف تنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني.
وسيُصار إلى تشكيل حكومة جديدة يوافق عليها جميع الأطراف. سيتم ذلك بصرف النظر عن
انسحاب حزب الله من سوريا أوعدم انسحابه. ذلك أن انسحابه ليست مسألة لبنانية يمكن
لطرف واحد أن يقرره.