بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الاثنين، 9 مايو 2016

عن حلب


نحن نعتقد أن التوافق بين الإدارة الأمريكية وروسيا لا يزال قائماً على الحل في منطقتنا. هذا الحل الذي يقوم على تحويل جميع دول المنطقة إلى أقليات متجاورة. مجتمعات كهذه لا يمكن أن تتمكن من إيجاد لحمة داخلية فيما بين مكوناتها. فهي تقوم على التنافس، على نهب الآخر بحجة الحق بذلك، وتنتفي إمكانية وجود المواطنة. 
الوصول إلى هذه التشكيلة المجتمعية يتطلب حروباً داخلية لا تنتهي إلا بفرض السلم من خارجها، أي بالإلزام. وهذا ما حصل في لبنان بعد حرب السنتين. فقد ظلت الحروب مستمرة لمدة أكثر من 15 سنة، تهدأ حيناً وتتفجر أحياناً، إلى أن فرضت القوات السورية الأمن وفرضت معه الإنقسام الذي لا شفاء منه حتى اللحظة بين اللبنانيين. فالظاهرة الأكثر نقاء في تاريخنا الحديث، نعني المقاومة، أخذت الصفة المذهبية التي لا تزال تترسخ أكثر فأكثر.
ففي سوريا والعراق واليمن، لم يترسخ الخلاف بين مختلف مكونات الشعب بشكل يمنع إمكانية التعايش فيما بين مكوناته، لذلك يجب عدم الوصول إلى السلام الناجز حتى الآن. 
أما عن سوريا، فلا يمكن القول أن الأقليات متقاربة العدد. لذلك فإن حرباً أهلية يمكن أن ينتج عنها انتصار فريق على فريق آخر. وتحويل المجتمع إلى أقليات متجاورة يستدعي تهجير أو قتل الأعداد الزائدة من الأكثرية!!
في التقديرات الأميركية: 72 % من السكان مسلمون سنة، و10% علويون ومرشدون، 3% دروز وإسماعيليون وشيعة اثني عشرية، و8% من السكان مسيحيون من طوائف مختلفة، وتوجد أيضا أقلية أيزيدية في منطقة جبل سنجارعلى الحدود مع العراق. والاكراد بنسبة 5%.
هذه الأرقام تبين أن هناك أكثرية سنية بينة، أما المطلوب فهو خلاف ذلك. فالمجتمع الأردني يتألف من أقليتين أردنية وفلسطينية متساويتين من حيث العدد تقريباً. وقد أضيفت إليهما أقلية سورية وعراقية تكاد تتساوى معهما. في العراق كذلك، الأكثرية شيعية ولكن ليس كما في سوريا... 
من هنا ضرورة تغيير البنية السكانية للمجتمع السوري وبصورة قسرية. وهذا ما يتم حالياً. أمريكا لا تريد مناطق آمنة ضمن الأراضي السورية لإيواء النازحين، وكذلك روسيا وإيران. ما يريده هؤلاء هو مغادرة السكان الأراضي السورية نهائياً من أجل تغيير البنية السكانية. 
تقول تقديرات معهد واشنطن للدراسات أن عدد النازحين السوريين هو 11مليون. الأرقام التي أذيعت تقول أن عددهم 7ملايين. إذا كان أي من الأرقام صحيحة فهذا يعني أن الأكثرية التي كانت مميزة لم تعد كذلك. وأصبحت سوريا تتألف من أقليات متجاورة. ولكن لا يزال ينقصها عنصر عدم الإمكانية على التعايش. وهذا يستدعي القتل من أجل القتل. وهذا ما يحصل في حلب. النظام وحلفاءه يقصفون السكان في المنطقة الشرقية والمعارضة تقصف سكان المنطقة الغربية. ووسائل الإعلام قالت أن الموتى هم من المدنيين. أما معسكرات النازحين في جوار الحدود التركية فقد قصفت بالطيران. النظام أنكر قيامه بذلك وروسيا بدورها أنكرت قيامها بالقصف أيضاً. وبما أنه ليس هناك طرف ثالث يمكنه القيام بذلك، فقد أحب الروس المزاح باتهامهم النصرة بقصف مخيم النازحين.
هذا القصف هو للقتل العمد من أجل إثارة وتعميق الأحقاد بين مكونات الشعب السوري. لذلك لا زالت الحرب (آلة قتل المدنيين) مستمرة. وستستمر إلى أن يطمئن الطواغيت (أمريكا وروسيا) أن الشعب السوري أصبح متنافراً.
الحلول السلمية ستأتي عندما يتمكن الأمريكان والروس من إيجاد معارضين وموالين يتبنون طروحاتهما كما يريدانها تماماً. أما الثمن الذي يجب أن يدفعه الشعب السوري فهو الموت المجاني لقسم منه، والقسم الآخر يعيش مهجراً ما تبقى من حياته، وتقاتل دوري لمن يتبقى منه داخل أراضيه.
هل هناك بديل عن هذه السوداوية؟ نعم! إذا توافق الواعون من الشعب السوري على نبذ التبعية لأي من المحاور المختلفة فيما بينها على الوفاء أكثر للخضوع للإملاءات الأمريكية، ثم توافقوا فيما بينهم على متابعة النضال من أجل بناء المجتمع الذي تتكافأ فيه الفرص لجميع مكوناته من دون التطلع إلى الطائفة أو المذهب أو الإتنية.
7
أيار 2016

ليست هناك تعليقات: