بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأحد، 30 يوليو 2017

التطورات في الوضع اللبناني

          
حسن ملاط
إن أبرز ما تمخض عنه الوضع اللبناني من تطورات كانت زيارة الرئيس الحريري لواشنطن والتي ترافقت مع التطورات العسكرية في جرود عرسال.
هل من انعكاسات لهذين الحدثين على الساحة الداخلية اللبنانية، بمعنى تغيير آلية أخذ القرار أو تغير في موازين القوى الذي كان سائداً قبلهما أو تبدل في التحالفات الداخلية؟
نبدأ من جرود عرسال. قبل بدء الهجوم على النصرة في الجرود، ومنذ خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله والذي أعلن خلاله بأنها المرة الأخيرة التي سيتحدث فيها عن جرود عرسال، كان رأينا أن المسلحين في جرود عرسال، سواء كانوا من النصرة أو من داعش لا يملكون أية فعالية سياسية. فهم يعيشون معزولين في هذه الجرود ولا يمكنهم تأمين حوائجهم إلا عبر الإرهاب، أي عبر توسيع الشرخ بينهم وبين الأهالي في القرى المجاورة أو في مخيمات النزوح. هذه العوامل تجعل من أي معركة يخوضها هؤلاء من دون أية تغطية شعبية ومن دون إيجاد أحد يدافع عنهم أو عن احتلالهم للجرود.
أما عن فعاليتهم في الداخل السوري فهي معدومة وذلك بسبب عزلتهم.
أضف إلى هذه العوامل، عاملاً هاماً وهو تخلي مموليهم عنهم، سواء من القطريين أو من السعوديين أو من غيرهم.
وبذلك أصبحت غاية هؤلاء المسلحين إيجاد ظروف مؤاتية ل"تدبير رأسهم"، أي الخلاص الفردي.
هل هؤلاء بإمكانهم أن يلعبوا دوراً سياسياً؟ بالطبع لا! حتى أنه ليس بإمكانهم أن يكونوا ورقة للمفاوضة بيد أي طرف من أطراف الصراع الداخلي السوري.
كل هذه العوامل جعلت من معركة الجرود مع النصرة معركة يائسة بالنسبة للأخيرة. وهذا ما جعل حزب الله يطلب منهم الإستسلام مساء كل يوم من أيام القتال. وهذا ما جعلنا نقول بأن النصرة في الجرود هي ورقة بيد الحزب يشهرها أمام مناوئيه في الساحة السورية.
لا نعتقد بأن وضع داعش سيكون مختلفاً، باستثناء ورقة الرهائن العسكريين التي يمكن أن تلعب دوراً بتحسين ظروف انسحابهم من الأراضي اللبنانية والسورية المشتركة، لأن المفاوض اللبناني يهمه الحفاظ على أرواح هؤلاء العسكريين.
أما عن انعكاسات هذه التطورات على الساحة اللبنانية، فهي تتعلق بصورة رئيسية بموضوع النازحين السوريين بصورة رئيسية.
إن إجبار النازحين على العودة إلى بلادهم يمتلك وجهاً سياسياً ووجهاً إنسانياً ويمكن أن يمتلك انعكاساً سلبياً أيضاً. فالسلطات السورية لن تسمح للنازحين والذين ينتمون بمعظمهم إلى لون مذهبي معين بالعودة إلى ما اصطُلح على تسميته ب"سورية المفيدة". وبذلك سيرى النازح أنه خسر كل شيء مرة واحدة. إذ سيعود إلى مكان غير آمن وغير مهيأ لاستقباله. وهذا ما يجعله يعترض على "نزوحه" من لبنان إلى سورية. وهذا ما يمكن أن يسبب ردود فعل متهورة، وهذا ما جعل السلطات الأمنية اللبنانية تستعد لهذا الأمر وبجدية مطلقة.
ما تقدم يعني أن انعكاسات معركة الجرود ستكون سورية وليست لبنانية.
تحدث الكثير عن كيفية استثمار الحزب لهذه المعركة داخلياً. نحن نرى بأن الحزب ليس بحاجة لهذا الأمر. ففي الظروف الحالية، مايهم الحزب هو الحفاظ على استقرار الساحة الداخلية حتى لا تشوش على أولوية الدور الإقليمي الذي كلف نفسه به.
أما عن زيارة الرئيس الحريري لواشنطن، فقد ذهب الحريري مزوداً بانتصار على ارهاب النصرة والذي كان له تقييم إيجابي في عهد أوباما، حيث تبين أن ترامب لم يُسر بهذا النصر، بل أصر على مهاجمة الحزب.
تجاوز الحريري هذا الأمر وأعلن بمسؤولية أن الحفاظ على الإستقرار في لبنان يتطلب شراكة مع حزب الله وهو متمسك بهذه الشراكة.
بدوره رد السيد حسن نصرالله على التحية بمثلها وأعلن أنه لن يهاجم الرئيس ترامب بسبب وجود الرئيس الحريري في واشنطن.
هذا الكلام المتبادل يدل دلالة واضحة على أن الشراكة بين الطرفين الأكثر تمثيلاً في مذاهبهما مستمرة إلى أجل بعيد نسبياً.
هذه الشراكة سوف تؤمن استقراراً في الساحة الداخلية لن يتمكن أي طرف أن يعكره باستثناء العدو الصهيوني.
وهل هناك احتمال لعدوان صهيوني على لبنان؟
جوابنا: نعم!
هناك عدوان للكيان الصهيوني، حددهما العدو الصهيوني نفسه: الأول هو "الذاكرة الفلسطينية" الحية دائماً والتي تقول للصهيوني "أنت تغتصب الأرض، أرضي". والعدو الثاني هو حزب الله الذي أذاق الجيش الصهيوني (المحور الوجودي للكيان) الذل أكثر من مرة. ولن تعود ثقة الصهاينة بهذا الجيش حتى ينتصر مجدداً على مقاتلي الحزب. من أجل ذلك، هو بحاجة لهذه الحرب. هذا، مع العلم أن لا معطيات تقول بأن العدو سينتصر في الحرب على الحزب. وهذا ما يجعل الإحتمال الأكبر بأن يقوم العدو بتدمير البيئة التي تحمي الحزب وغيرها من البيئات التي تتعاطف معه. أي أن حرب العدو ستكون انتقامية ضد ذله الذي أذاقه إياه مقاتل الحزب.
هل هذا حتمي الحدوث؟ كلا ولكنه مرجح!
في النهاية نقول بأن الحالة العامة للمجتمع اللبناني اليوم، هي الأكثر استقراراً منذ سنوات عديدات. ولن يحافظ على هذا الإستقرار إلا تطلع فئات المجتمع اللبناني إلى النضال من أجل تحسين ظروف حياتهم على أساس قطاعي وليس على أساس مذهبي أو طائفي.
                         30 تموز 2017




ليست هناك تعليقات: