حسن ملاط
تمر منطقتنا بظروف استثنائية تتطلب الكثير
من التبصر والحذر. فالحرب ضد القوات الأمريكية الغازية في العراق تحولت إلى حرب
بين مختلف مكونات الشعب العراقي. والحرب ضد الكيان الصهيوني تحولت بين ليلة وضحاها
إلى حرب بينية مدمرة. لا نقول مدمرة للأبنية فقط بل إنها مدمرة للنفوس أيضاً!
1-
إذا كانت البيئة المؤيدة لحزب الله والمحور الإيراني تحرض مذهبياً،
فهل يحق للبيئة المخاصمة أن تحرض مذهبياً أيضاً؟ والعكس بالعكس. بالطبع لا!
فالمطلوب من جميع الأطراف أن تكون عادلة في قولها. "ولا يجرمنكم شنآن قوم على
أن لا تعدلوا، إعدلوا هو أقرب للتقوى".
2-
إذا تمعنا قليلاً في الصورة العامة لما يحصل في الإقليم يظهر لنا مدى
الظلم الكبير الذي تقترفه مختلف القوى المتقاتلة بحق شعوبنا. إيران تخطط سوياً مع
تركيا وروسيا وروسيا تخطط سوياً مع الأمريكان، وهؤلاء يخططون سوياً مع تركيا
والسعودية وقطر. والمجموعات المحلية والمستقدمة من الخارج تتذابح فيما بينها.
3-
أما الأمر المهم والمفصلي فهو موضوع العدو الصهيوني الذي يتهيأ للقيام
بعدوان على لبنان وعلى حزب الله. والمعتقد أن هذا الأمر حتمي، والمرجح أن لا يكون
حالياً، كما صرح رئيس أركان جيش العدو أنه ليس غبياً حتى يشن عدواناً وأعداؤه
يتقاتلون فيما بينهم. ولكن، لنتصور العدوان في ظل ظروف التحريض القائمة حالياً،
كيف يمكن التعامل مع النتائج المباشرة لهذه الحرب التي سوف تؤدي إلى نزوح جزء كبير
نسبياً من سكان المنطقة الحدودية. أليس خدمة مجانية للعدو عدم استقبال أهلنا النازحين
من الجنوب أو البقاع إلى الأماكن الآمنة نسبياً (أي البعيدة عن جبهة القتال)؟ وهل
يمكن التعامل بأخوية في ظل التحريض القائم اليوم؟
4-
حزب الله حارب العدو وانتصر عليه في عدة محطات. ففي 98 تمكن من إجبار
العدو على الإعتراف بحق المقاومة بإجراء عمليات ضد جنود العدو في الأراضي
اللبنانية، وبالمقابل لا يحق للعدو قصف المدنيين اللبنانيين. وفي ال2000 أجبر
العدو على الإنسحاب خائباً من معظم الأراضي اللبنانية. وفي ال2006 كبد العدو خسائر
فادحة كان لها تأثير مدمر على الكيان الغاصب بمجموعه: البنية السياسية والإقتصادية
والعسكرية...
أليس من الواجب على
الجميع أن لا يسمحوا للعدو بالتفرد بمهاجمة مكون رئيسي من مكونات المجتمع
اللبناني؟
5-
أما التذرع بمشاركة الحزب في الحرب السورية إلى جانب النظام ضد الشعب
السوري، فهذا ليس دقيقاً. منذ عسكرة الإنتفاضة التي لجأ إليها النظام، أصبحت الحرب
على الشعب السوري من قبل المجموعات التي تأتمر بمختلف محاور الصراع. لم يعد الشعب
السوري في الميدان، بل أصبح ضحية تقاتل هذه المجموعات المسلحة فيما بينها وعلى
اختلافها.
إذا نظرنا إلى الأمور من هذا المنظار، أصبح لزاماً علينا أن نحكم على
ما يجري بحقيقته دون تحيز إلى جانب ضد آخر. "وإذا قلتم، فاعدلوا". للحزب
ميزة على جميع القوى الأخرى وهي محاربة العدو الصهيوني. علينا تعبيد الطريق للحزب
من أجل العودة لمحاربة العدو وجر بقية القوى للتآلف معه على هذا الهدف الرباني!
في 19 آب
2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق