بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 13 فبراير 2019

توازن الرعب

                
حسن ملاط
ظهر مصطلح "توازن الرعب" إبان الحرب الباردة بين ما كان يُسمى "حلف وارسو" والذي كان يضم الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الاشتراكي سابقاً ودول "حلف الناتو" أو حلف الأطلسي. والحلف الأخير لا يزال قائماً ويتوسع أيضاً بانضمام بعض دول حلف وارسو السابق إليه.
هل صحيح استعارة هذا المصطلح لكل خلاف بين قوتين؟
علينا معرفة أن أمريكا بمفردها قادرة على تدمير الكرة الأرضية مرات عديدة. والأمر نفسه ينطبق على الاتحاد السوفياتي سابقاً وروسيا حالياً. ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الكيان الصهيوني وإيران. كما وأنه لا ينطبق مطلقاً على حزب الله والعدو الصهيوني.
ما يُمكن أن يحصل بين إيران والعدو الصهيوني هو ما نسميه: عدم اعتداء أو هدنة أو لا حرب ولا سلام، ولكنه ليس حتماً توازن رعب.
ماذا يعني استخدام هذا المصطلح؟
إستخدام هذا المصطلح يعني التخلي النهائي عن الحرب مع العدو. فقد استخدمت الدول العربية مصطلح التوازن مع العدو للقول أنها لا تريد أن تحاربه. ولا بد من الإشارة أن جميع الحروب بين العرب والعدو الصهيوني كانت بمبادرة صهيونية. أما حرب ال73 التي أدت إلى جميع المآسي التي يعيشها إقليمنا، فهي الحرب "التحريكية" التي حركت المفاوضات مع العدو للوصول إلى الصلح معه كما فعلت مصر والأردن ومنظمة التحرير ومعظم الأنظمة العربية.
ف"التوازن مع العدو" يتطابق مع عدم الحرب. وحتى لا تضجر شعوبنا أضافوا مصطلحاً جديداً أسموه "التوازن الاستراتيجي". فقد ادعت هذه الأنظمة أنها توصلت إلى التوازن التكتيكي مع العدو، ولكن ينقصها التوازن الاستراتيجي. لذا، فهي ستحارب العدو عندما تصل إلى هذا النوع من التوازن. أما السؤال: ومن قال لكم أن العدو سيسمح لكم بالوصول إلى هذا النوع من التوازن؟
حالياً، الدولة التي تدعي عداءها للكيان الصهيوني تقوم بتكديس الأسلحة لمحاربة العدو. لذلك فهي لا ترد على اعتداءاته المتكررة. ولكن هذا الوضع لم يمنعها من المشاركة في جميع الحروب البينية. أي أن الأسلحة التي تكدسها تستخدمها فقط في الساحة الداخلية لشعوب الإقليم.
توازن الرعب الذي يتساوى مع مصطلح عدم الاعتداء يعني احتفاظ العدو بفلسطين. وتوازن الرعب هذا يعني الوداع للحروب مع العدو.
كيف يتم الانتصار على عدو مدجج بالسلاح ومتفوق استراتيجياً؟
يقول تبارك وتعالى: أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم...
وهناك عديد من الآيات بنفس المدلول تحث من يصله الخطاب إلى دراسة تجارب الآخرين لاستخلاص النتائج منها.
كما وأن منهج العلوم الإنسانية يسير في نفس الاتجاه لأنه لا يمكننا إقامة التجارب على المجتمعات في أي من المختبرات مهما كبرت مساحتها. من هنا لا يبقى أمامنا إلا دراسة التجارب الانسانية.
انتصر الشعب الفيتنامي على الجيوش الفرنسية رغم تفوق الأخيرة. كما وانتصر هذا الشعب على الجيش الأمريكي رغم تفوقه. انتصر لأن العسكري الأمريكي أو الفرنسي لم يتفوق يوماً على إيمان الفيتنامي بحقه بتحرير أرضه من الغزاة.
الأمر نفسه ينطبق على المقاتل الفلسطيني الذي انتصر على العدو الصهيوني في معركة الكرامة، مع بداية المقاومة الفلسطينية.
كما أن إجبار العدو على الانسحاب من مخيم الدهيشة في غزة، تاركاً قتلاه وأسراه، يسير في نفس الاتجاه.
أين كان التوازن بين المقاومة الاسلامية لحزب الله والعدو الصهيوني في انتصار ال97، يوم أجبر العدو على الاعتراف بحق المقاومة بمقاتلة جنوده وضرورة امتناعه عن قصف المدنيين؟
أين كان التوازن في انتصار ال2000 وإجبار العدو على الانسحاب من لبنان مخذولاً مدحوراً؟
أين كان التوازن في انتصار حزب الله على العدو الصهيوني في ال2006 ومجزرة الميركافا في وادي الحجير؟
الدراسة العلمية، غير المؤدلجة، تقول بأن الانتصار على العدو القوي لا يحققها إلا المقاتل المؤمن بحقه. وهذا ما حصل مع الفيتنامي والفلسطيني واللبناني. أما الحديث عن التوازن فقد سئمته شعوبنا لكثر ترداده من الأنظمة المتخاذلة.
في النهاية،
لا بديل لمصالحة المقاومة مع شعوبها حتى تتمكن من تحقيق الانتصارات على العدو الصهيوني.
كما وأنه لا بد من العمل على التكامل الإقليمي بين إيران، تركيا والدول العربية حتى تستقل شعوبنا في مأكلها ومشربها عن تبعيتها للمركز المعولم الذي ينهبها.
لا يمكن الانتصار على العدو عبر التقاتل البيني وكذلك عبر انتظار المصانع لانتاج الأسلحة لقتال الشعوب، شعوب إقليمنا.
                             13 شباط 2019




هناك تعليق واحد:

assalihoun يقول...


لا بديل لمصالحة المقاومة مع شعوبها حتى تتمكن من تحقيق الانتصارات على العدو الصهيوني.