كيف ينتصر؟
مقدمة
إذا سلمنا جدلاً بأن المحور الذي تقوده إيران والذي يضم العراق وسورية وحزب
الله اللبناني والحوثيين اليمنيين وغزة، قائم فعلاً، يصبح السؤال عن كيفية انتصاره
جائزاً.
1- منذ انتصار أمريكا على العراق
الموحد الذي كان يرأسه الرئيس صدام حسين، تحول هذا البلد إلى بلد مفكك يتألف من
تآلف طوائف تقوده رجالات جعلت منه البلد الأكثر فساداً. العراق من البلدان الغنية
بموارده، ورغم ذلك يعيش شعبه حياة الكفاف. هذا ما أدى إلى الثورة القائمة اليوم بالرغم
من عظم الشحن المذهبي. فقد اعتبر معظم شيعة العراق أن من يقود الدولة من الشيعة
المرتبطين بإيران، هم المسؤولون عن الفساد القائم. وقد مارس النظام أسوأ أنواع
القمع مع شعبه، ما أدى إلى سقوط أكثر من 250 قتيلاً بسبب استخدام القوى الأمنية
الرصاص الحي. أما إيران فقد أيدت علناً هذا القمع. فقد استَعدت ايران جميع مكونات
الشعب العراقي من غير الشيعة وهاهي الآن تستعدي معظم الشيعة العراقيين أيضاً.
2- سورية لا يختلف وضعها عن جارها
العراقي. غير أن عدة ملايين من شعبها أصبحوا خارج البلاد. وبما أنها تحت وصايات
مختلفة ومتناقضة، لا يمكنها حالياً لعب أي دور ايجابي في المحالفة القائمة.
فالمحالفة تقوم على محاربة الإيرانيين وحلفائهم دفاعاً عن النظام الطائفي القائم.
أما عن اتهام النظام القائم بأنه مقاوم فهذا لا يحمل من الجدية قيد أنملة. فهو لم
يطلق رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني.
3- حزب الله هو الوحيد من غير الفلسطينيين، في
محالفة "المقاومة والممانعة" الذي حارب العدو فعلاً. ولكن هذا الحلف منع
الحزب من قتال العدو وأصبح يقاتل دفاعاً عن الأنظمة القائمة بسبب محالفة إيران
لها. وهذا الدفاع عن الأنظمة لا يحمل أي مدلول إيجابي بالنسبة لشعوب هذه البلدان
ولا بالنسبة للتعجيل في القضاء على كيان العدو.
4- حوثيو اليمن يحاربون السعوديين ولا وقت لديهم
لقتال العدو. فالمقاومة والممانعة تبدو نظرية فقط، بالرغم من اتهام العدو لهم
بأنهم يستعدون لقصفه بواسطة الصواريخ الإيرانية.
5- غزة حماس تُعتبر من الحلف لأن إيران تمدها
بالسلاح.
6- إيران هي التي تُشرف على هذه المحالفة. وهي
أيضاً لم تقاتل العدو مطلقاً بالرغم من قصف العدو لها في سورية عشرات المرات. يبدو
أن همها في مكان آخر!
إعتماداً على هذه الصورة، هل يُمكن لمحور الممانعة الانتصار على العدو؟
إطلالة تاريخية
أ- تشكل الاتحاد السوفياتي من عدة جمهوريات ذات حكم ذاتي. ولكن السياسة التي
فُرضت على هذه الجمهوريات هي تلك التي كانت تخدم جمهورية روسيا، الجمهورية القائدة
للإتحاد السوفياتي. وبما أن مصالح المجتمعات المختلفة لا يمكن أن تتماهى، فقد
انتهى المطاف بانهيار الاتحاد السوفياتي مع أنه كان الأقوى عالمياً بعد الولايات
المتحدة!
ب-
شكل الاتحاد السوفياتي محالفة من عدد من
الدول كانت تُسمى دول المعسكر الاشتراكي، وتُدعى أيضاً دول الكوميكون.
لم يكن تعامل روسيا مع دول الكوميكون يختلف
عن تعامل هذه الجمهورية مع الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفياتي. فقد كان المعيار
في جميع العلاقات هو مصلحة قيادة روسيا وليس مصلحة كل دولة من الدول المشكلة لهذه
المحالفة.
لذلك ما أن انهار الاتحاد السوفياتي، حتى انهار الكوميكون ولحق به حلف وارسو الذي كانت مهمته حماية المعسكر الاشتراكي.
لذلك ما أن انهار الاتحاد السوفياتي، حتى انهار الكوميكون ولحق به حلف وارسو الذي كانت مهمته حماية المعسكر الاشتراكي.
بقي ملاحظة لا بد منها وهي أن روسيا كانت تضع
جالية روسية مهمة في كل جمهورية من الجمهوريات التي تشكل الاتحاد السوفياتي.
حلف الممانعة
تُعتبر إيران القلب النابض
لهذا المحور. لذلك تقوم بتخطيط سياساته تبعاً لما يخدم مصالح نظامها القائم.
ففي العراق، كان النظام الايراني يؤيد الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق
بعد أن أسقط الأمريكي البشع حكم الرئيس صدام حسين. وكانت الميزة المشتركة لهذه
الحكومات الفساد ونهب خيرات الشعب العراقي وتدمير العراق شعباً واقتصاداً. ولا
زالت إيران حتى اللحظة تدافع عن النظام الفاسد في العراق بسبب سيطرة "شيعتها"
على الحكم. وعندما ثارت جماهير الشيعة على الحكومة القائمة، أصبح الثائرون متهمين
بانتمائهم الشيعي حسب صحيفة كيهان، كما وأنهم متهمون بأنهم ينفذون أوامر أمريكا
وكيان العدو الصهيوني وبتمويل من السعودية بحسب مختلف المواقع الاخبارية الإيرانية؟
أما في سورية، فقد ثار أهالي درعا على محافظها الذي اضطهد أبناءهم بكل
وحشية، وشكوه إلى الرئيس الذي تجاوب معهم بعزله. ولكن بعض الأطراف التي لم تعد
مجهولة "نصحت" الرئيس بعدم الاذعان للأهالي ووصلت سورية إلى ما هي عليه
حالياً من مدن مدمرة وشعب مدمر. وأصبح السوريون شعوباً وقبائل للتقاتل. وكل ذلك
"بفضل" التدخل الخليجي بضفتيه وبرعاية أمريكية وروسية!
أما في اليمن، فبدلاً من بذل الأموال لبنائه، فقد كان بذل الأموال لهدمه.
وذلك من قبل السعودية والإمارات وإيران. من بإمكانه أن يُسعِّر الحرب، بإمكانه أن
يطفئها أيضاً.
في غزة، الأفق مسدود أمام الشعب الفلسطيني لأن قياداته مشغولة بتسجيل
النقاط على بعضها البعض. وذلك لغياب البرنامج السياسي الذي يقود نضال الشعب
الفلسطيني نحو مستقبله. أسلحة وصواريخ ومتفجرات لا تكفي لقيام مقاومة. المقاومة هي
برنامج سياسي باتجاه التحرير. النشاط العسكري هو جزء من الممارسة السياسية في
اتجاه تحقيق الهدف المرحلي المعلن. النشاط العسكري من دون برنامج سياسي واضح
تتبناه الجماهير يصبح مظاهرة صاخبة لتحية من أعطى هذا السلاح. وليس له علاقة
بالتحرير.
أما في لبنان، فقد تطورت الممارسة السياسية للحزب، بعد تدخله في سورية
بناءً للرغبات الإيرانية، باتجاه سلبي مطلق.
عند قتال العدو الصهيوني، كانت الساحة الشعبية اللبنانية موحدة وداعمة
بمجملها للمقاومة. أما بعد التدخل في سورية والذي يراه معظم الشعب اللبناني غير
عادل، فقد أصبح الحزب معزولاً عن الشعب باستثناء بيئته المذهبية.
أما حالياً، وبسبب موقفه من التحركات الشعبية، فقد أصبح الحزب محشوراً حتى
ضمن بيئته.
ما السب في ذلك؟ هو بسبب اعتبار دوره الاقليمي الداعم للنظام الايراني
مقدماً على الدور الداخلي الذي عليه لعبه لتقدم المجتمع اللبناني حتى يبقى مهيئاً،
وباستمرار لمقاومة العدوان الصهيوني، ليس بالسلاح المتطور، إنما بالوعي السياسي
لجماهير شعبنا إلى أي فئة مذهبية انتمى، بحسب رغبة البعض بنسبة اللبناني إلى مذهبه
وليس إلى انتمائه الوطني...
إنطلاقاً من هذه الصورة السوداوية، نطرح السؤال: هل يمكن ل"محور
الممانعة" أن ينتصر؟
الجواب على هذا السؤال هو نعم! إذا التزم المحور بالعداء الفعلي للعولمة
النيوليبيرالية ولكيان العدو الصهيوني.
كيف ذلك؟
إذا اُريد لهذا المحور أن يعيش ويستمر، فعليه الالتزام بالمبادىء التالية:
1- أن يكون مفتوحاً بحيث يُتيح الحرية
لأي دولة من دول الإقليم الانضمام إليه إذا التزمت بالعداء للعولمة النيوليبيرالية
والكيان الصهيوني.
2- الدولة القائدة للمحور لا تفرض سياستها التي
تُعبر عن مصالحها على دول المحور. لا يوجد في هذه الدنيا مصالح متماهية لكيانين
مختلفين. إنما يوجد تقاطع مصالح فقط.
3- التخطيط الاقتصادي المشترك لجميع هذه الدول بحيث
يكون نموها متوازياً. ولا بأس في هذا المجال من التخصص، سواء زراعياً او صناعياً.
فالمشاريع الزراعية والصناعية الكبيرة تمكن من إنتاج سلعة رخيصة توزع الغنى على
أهل هذا المحور وليس المجاعة.
4- السؤال المركزي عند الانسان البسيط سيكون حتماً:
ما الفائدة من الانضمام إلى هذا المحور؟ ولكن عندما يرى مصالحه تتأمن من خلال هذا
المحور سيعمل جهده على حمايته.
5- ...
خلاصة
شعبنا في لبنان، كما شعوب الاقليم، لا يمكنها أن تتحرر من تبعيتها للعولمة
النيوليبيرالية ولا يمكنها أن تحرر فلسطين من العدو الصهيوني الذي تحميه الدول
الكبرى إلا ببناء تكامل اقتصادي يتحول عبر الممارسة الشعبية المشتركة إلى تآلف
سياسي يحول الأهداف المشتركة إلى واقع عملي.
عندما نتحدث عن واقعنا المأساوي بهذه الصراحة الفجة، نتحدث لأن التغيير
يفرض رسم الواقع على حقيقته من دون أية محسنات من ديكور أو غيره.
"إن نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، وما توفيقنا إلا بالله".
هناك تعليق واحد:
هل تسمح لك امريكا بالانضمام والانفتاح على هذا المحور واهذ الهبات منه من سلاح ومال ونفط وغاز ودواء و ....
إرسال تعليق