بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

في الوضع اللبناني

مر على انتفاضة الشعب اللبناني أكثر من أربعين يوماً. كما ومر على استقالة الحكومة حوالي الشهر. وكما هو معلوم لم تبدأ الاستشارات الملزمة لاختيار رئيس لمجلس الوزراء، والتي يُجريها رئيس البلاد. ما هي الأسباب الكامنة وراء التسيب القائم في الوضع اللبناني على مستويات متعددة؟ 1- كانت الانتفاضة الشعبية التي قام بها الناس تطرح مطالب عادلة بالنسبة لغالبية الشعب اللبناني، وخاصة الاقتصادية منها. أما المطالب السياسية فلم يكن هناك توافق عليها من جميع الساحات، وخاصة السياسية منها والتي لا بد منها كمدخل للاصلاح الحقيقي على البنية السياسية اللبنانية. 2- هذا الحدث السياسي، كما كل حدث، يمكن أن يفيد منه أطراف مختلفة سياسياً. وليس من الضروري المشاركة فيه حتى يحصل على هذه الاستفادة. فخلاف القوات اللبنانية مع التيار الوطني معروف. والمظاهرات ضد الحكومة، خاصة بعد استقالة وزراء القوات، يُعد إيجابية بالنسبة للقوات. وليس القوات بمفردها إنما أطراف أخرى ايضاً. 3- القوة الأهم في الساحة اللبنانية هو حزب الله. أين هو من هذا الحراك؟ أ‌- إعتبر الحزب على لسان أمينه العام أن المطالب التي يرفعها الحراك هي مطالب مُحقة. ولكن الحزب لم يشارك المنتفضين في حراكهم. إنما وقف مراقباً. ب‌- جاء الموقف الايراني من الحراك القائم في العراق وأضاف إليه الحراك اللبناني مشككاً بدوافعه واعتبر أن هذه الحراكات موجهة ضد الحزب وضد إيران. كما وأضاف بأنه موحى به من الادارة الأمريكية. وأعلن أن تحقيق المطالب المحقة للناس تمر عبر الآليات القانونية. ت‌- بما أن هذا الموقف صدر عن أعلى مرجعية بالنسبة للحزب، رأى الأخير أن عليه التزام هذا الموقف. ث‌- هنا بدأ التشكيك بالانتفاضة وبدوافعها وبدأت المحاولات لشيطنتها. ولكن حيث أنه لا فائدة من الهجوم النهائي عليها قبل وضوح الرؤية بالنسبة للوضع العراقي، بعد أن حُسم الوضع الايراني حسب المصادر الرسمية الايرانية، كانت هناك مناوشات ولا تزال. علماً أنه يُمكن وضع هذه المناوشات ضمن إطار التحضير لمحاولة ضرب الانتفاضة. هل ما حصل على الرنغ هو خارج السياق؟ الجواب هو النفي. فبعد صدور الموقف الايراني الواضح بالنسبة للانتفاضة، أصبح لزاماً على الحزب التحضير للتخلص منها. أما العوامل المستجدة والتي تحمل أهمية خاصة فهي التالية: 1- القوات والكتائب والمستقبل والاشتراكي المشاركون في الحراك لم يطرحوا أية مطالب مستفزة للحزب. فهم لم يتحدثوا أبداً عن سلاح الحزب منعاً لاستفزاز الحزب. 2- تبين من هذا الحراك أن تيار باسيل لا يملك القوة الشعبية التي تُغطي الحزب في البيئة المسيحية والتي يتحجج فيها الحزب في تحالفه مع التيار. 3- كما وتبين أن الساحة الدرزية موكلة عملياً إلى جنبلاط، وأن حلفاء الحزب لا يملكون القوة التي تمكنهم من مؤازرة الحزب في حال احتاج إلى ذلك. 4- أما على الساحة السنية، فالحزب يريد الحريري لأنه الوحيد الذي يمكنه تغطية الحزب وسلاحه سنياً، وهذا صحيح حالياً. 5- لذلك كان لا بد للحزب من الهجوم على الحراك، ليس بنية التخريب ولكن من أجل استدعاء الأطراف إلى طاولة المفاوضات من أجل إنتاج توافق جديد بدلاً من القديم الذي تبين عدم صلاحيته راهناً. ما معنى التمسك بالعهد وبتحالف الحزب مع التيار الوطني؟ الحزب لا تنقصه الدراية في متطلبات المفاوضات مع مختلف الأطراف. فهو لا يمكن أن يذهب لمفاوضة القوات أو استدعائها للمفاوضات إلا وتحالفه مع التيار الوطني في جعبته. كما وأنه يفاوض جنبلاط ومعه أرسلان ووهاب. أما الحريري فيبدو أن التفاهم بينهما لا تشوبه شوائب كبرى سوى تمسك الحريري بحليفيه المسيحي والدرزي. وبما أن الانتفاضة يضعها الحزب في جعبة هذه الأطراف، لذلك يرى أن عليه إخراجها من جعبة المتفاوضين. هل يُمكن للوضع أن يتوتر أكثر مما هو حاصل حالياً؟ نحن نرى أن الاجابة على هذا السؤال مرتبطة بوضع الانتفاضة العراقية ومآلها وبانعكاساتها على الوضع السوري والايراني. لذلك سنبقى في حال الانتظار متأملين بأن تسفر المفاوضات المرتقبة بين الأطراف اللبنانية إلى نتائج إيجابية تُعفي لبنان من التوترات المُحتملة. أين أمريكا من الحراك؟ أمريكا كمؤثرة على الأوضاع في جميع البلاد يُمكنها الاستفادة من الحراك بمحاولة فرض قيود على حركة الحزب، وخاصة الاقليمية. ولكنها ليست فاعلة في الحراك حالياً. كما وأن الحزب يمكنه أن يمنع الادارة الأمريكية من الافادة من الحراك بتأييد المطالب المحقة، المطلبية منها والسياسية وأخذ زمام المبادرة. لا يضير الحزب محاربة الفساد. كما ولا يضير الحزب الانتخابات من دون قيد طائفي. كما ولا يضير الحزب الانتخابات المبكرة... إلخ كما وأن الحزب كأهم قوة فاعلة في الساحة اللبنانية يمكنه حسن اختيار الحلفاء وتحييد غير الحلفاء، وذلك بربط سياسته بمطالب القوى الشعبية: الضمانات الاجتماعية، المباشرة فوراً بالتزريع والتصنيع الزراعي وتصنيف الأراضي حتى لا تتحول الأرض إلى سلعة بدلاً من أن تكون وسيلة إنتاج. إضافة إلى أن من يكون جاداً في قتال العدو، عليه أن لا يربط مأكله ومشربه بالعدو، إنما بالاعتماد على نفسه وعلى شعبه... إلخ 26 تشرين الثاني 2019

ليست هناك تعليقات: