بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الأربعاء، 4 مايو 2011

حول تصفية ابن لادن

تناقلت وكالات الأنباء العالمية عن رئيس الإدارة الأمريكية أن قوات الإستكبار العالمي الأمريكية قد تمكنت بمعونة عملائها من المخابرات الباكستانية من قتل الشيخ أسامة بن لادن. وأسامة بن لادن رحمه الله، تعتبره الإدارة الأمريكية عدوها الأول منذ ما يزيد على العشر سنوات.

لماذا قتلت الإدارة الأمريكية أسامة بن لادن؟

لقد ساعد أسامة بن لادن في محاربة الإتحاد السوفياتي، العدو الأول لأمريكا، عندما كان يحتل أفغانستان. في ذلك الوقت كانت الإدارة الأمريكية تساعد ابن لادن عن طريق السعودية. وبعد الإنتصار على الإتحاد السوفييتي، تبين لإبن لادن أن الإدارة الأمريكية تود أن تستعمله هو والمجاهدين من أجل مشاريعها الخاصة، فتمرد عليها. وبعد دراسته للأوضاع تبين له أن العدو الأول للشعوب هي الإدارة الأمريكية. عندها وجه نشاطاته لمواجهتها، وبدأ يحاربها. وكذلك فعلت الولايات المتحدة. حتى أن السعودية قد سحبت من ابن لادن هويته السعودية.

بعد كثير من العناء، تمكنت الإدارة الأمريكية من قتل ابن لادن. من هم الذين فرحوا بمقتله؟

طبعاً الإدارة الأمريكية هي على رأس هؤلاء، حتى أن وكالة الأنباء الأمريكية السي ان ان، نقلت أن الأمريكان قد تخلوا عن جثمانه بأن رموه في البحر. فهم يخافونه وهو ميت. جبروتهم وإنسانيتهم سمحت لهم بأن يرموا بجثمانه في البحر. إحتقار لجنس الإنسان!

بريطانيا أصدرت بياناً تعرب فيه عن فرحتها بمقتل ابن لادن. وكذلك فعلت فرنسا. وكذلك أصدر نتنياهو بياناً أشاد فيه بمقتل ابن لادن لأنه مجرم وقاتل. أما هو فهو يقطر إنسانية. أما الملفت للإنتباه هو إصدار أحد ممثلي سلطة عباس بياناً يعرب فيه عن فرحته، وبأن مقتله يقرب فرص السلام. فإبن لادن كان يقف حجر عثرة بين عباس والسلام.

هل علينا أن نفرح بمقتل ابن لادن مثل سلطة عباس وإسرائيل وأمريكا...؟

ما يجمعنا بابن لادن رفضنا المطلق لاغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة، وكذلك عداءنا للإدارة الأمريكية، الشيطان الأكبر كما دعاها الإمام الخميني. وما يفرقنا عنه هو أننا لم نكن نقر أسلوبه بمناهضة الإمبريالية الأمريكية.

هل من شيء يدفعنا إلى الإقرار بتصفية ابن لادن؟

1- كان قتل ابن لادن من قبل الإدارة الأمريكية وعملائها من المخابرات الباكستانية، على شبهة عملية البرجين في نيويورك، وليس الإقرار بالتهمة. فتنفيذ القتل لم يتم بالصيغة القانونية للدول المتحضرة. أما الإدارة الأمريكية فقد قتلت، وليس بالشبهة، قتلت يقيناً مئات الآلاف من الأفغان. وقتلت يقيناً مئات الآلاف من العراقيين، وغيرهم كثير في جميع أنحاء العالم. وجميع هذا القتل لم تُحاسب عليه.

2- إسرائيل قتلت مئات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمصريين، وقتلتهم يقيناً ولم يحاسبها أحد. وهي لا زالت تحتل فلسطين وطردت أهلها ولا تسمح لهم بالعودة مع أن المجتمع الدولي قد أقر بضرورة عودتهم، ولم يحاسبها أحد. لا ليس هذا فحسب، فالإدارة الأمريكية تعتبر المقاومة الفلسطينية إرهاباً، وتعتبر حزب الله منظمة إرهابية. تصوروا أن أكبر إرهابيي الكرة الأرضية يصنف من هو الإرهابي.

3- فرنسا التي فرحت بمقتل ابن لادن قتلت بمظاهرة واحدة خمسين ألف جزائري، وهي ترفض حتى الآن أن تعتذر عن جرائمها في الجزائر. وفرنسا سحلت تحت الدبابات أربعة عشر طفلاً لبنانياً في طرابلس ولم تعتذر عن إجرامها، ولم تطلب حكومتنا منها الإعتذار، إنما تُقام القداديس من أجلها.

4- بريطانيا وزعت إجرامها على جميع الكرة الأرضية وهي تعتبر أن ابن لادن كان مجرماً. أما هي فقد كانت تحضر العالم.

سبحان الله، أليست هذه مفارقة في تقييم الأمور؟ إن من كان يُعتبر متهماً بقتل ثلاثة آلاف أمريكي، ولم تثبت التهمة عليه، يُحاسب على أنه مجرم، أما المجرم الحقيقي فيوزع الشهادات بالخلق الحسن. وما من أحد يعترض. إن أعظم الجهاد هي كلمة حق عند سلطان جائر. أما في العصر الأمريكي فعلينا أن نصفق للمجرم على أنه فاعل للخير.

نحن لم نفرح بمقتل ابن لادن، لأنه مات مظلوماً، لأن الإدارة الأمريكية في جبروتها لم تتمكن من إثبات التهمة عليه. وهو يرتاح من عالم ظالم يأبى الناس فيه من أن يشيروا بأيديهم إلى المجرم.

2 أيار 2011 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: