مؤتمر تونس ومؤشرات الوضع السوري
لقد كانت الحماسة كبيرة من عدد من الدول العربية لانعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس. ولكن لم نعلم لم هذه الحماسة، لاسيما وأن جميع المجتمعين لا يملكون حرية القرار في أي أمر سواء كان يخص سوريا، ونكاد نقول دولهم. ألقوا خطاباتهم قبل أن يعرفوا مضمون التعليمات الأمريكية الجديدة. لذلك جاءت خطاباتهم غير متطابقة مع المزمع القيام به من قبل الأمريكان. وكان اللافت محاولة انسحاب وزير الخارجية السعودي لأنه يريد قرارات عملية. فكان انسحابه هزلياً أكثر من كونه جاداً. فهو مجبر على الإلتزام بتعليمات المايسترو (كلينتون). من هنا كانت المقررات التي صدرت عن هذا المؤتمر لا تختلف عن تلك التي خرجت عن مؤتمر الأمم المتحدة.
"وعقد وزير الخارجية التونسي بعد ذلك مؤتمرا صحفيا إستعرض فيه نتائج هذا المؤتمر ، حيث أكد أن هذا المؤتمر وجه رسالة قوية للتضامن مع الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية".
"وشدد على ضرورة معالجة الأوضاع الإنسانية في سوريا التي وصفها بالخطيرة،ولكنه أكد في المقابل رفضه لإعادة تجارب فاشلة إرتكزت على التدخل العسكري".
وقال " إننا نريد ضمان إنتقال ديمقراطي سلس في سوريا،وحماية السيادة السورية،ووحدة آراضيها،ولا ندعو إلى التدخل العسكري".
ولكن الفرق بين المؤتمرين أن مؤتمر الأمم المتحدة كان بأكثرية 137 دولة، بينما مؤتمر تونس كان ممثلاً ب70 دولة. إذن يمكننا الإستنتاج أن مؤتمر تونس هو لزوم ما لا يلزم. فمسيرة التأييد بدلاً من أخذها منحىً تصاعدياً أخذت منحىً تنازلياً. أضف إلى ذلك أن الإعتراف ب"المجلس الوطني السوري" لم يكن قيمة مضافة، حيث أن هذا المجلس ليس الأكثر تمثيلاً للمعارضة السورية، خاصة تلك الفاعلة على أرض الواقع، اي في الداخل السوري. من أجل ذلك استنتج البعض أن هذا الإعتراف كان بسبب من تشكيل هذا المجلس، حيث أن تشكيله كان بموافقات غربية عربية، وكذلك المؤتمر.
أما ما هو أهم من المؤتمر هو تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية بعد نهايته. "ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، في تصريحات أدلت بها في مؤتمر صحفي عقب مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في تونس مساء الجمعة، ذكرت أن الرئيس السوري بشار الأسد "ما زال قادراً على الاختيار بين إنقاذ بلده وشعبه وبين الانزلاق نحو الدمار". و"استبعدت أي عمل عسكري ضد النظام السوري، وقالت إن المؤتمر اتفق على تعزيز الضغط على الحكومة السورية، وفرض مزيد من العقوبات على دمشق لوضع نهاية لسفك الدماء".
"وأعربت وزيرة الخارجية الأمريكية عن ثقتها في "انهيار النظام السوري من الداخل نتيجة لانقلاب عسكري"، مشيرة إلى أن العام الماضي "شهد تدخل قادة عسكريين لإزاحة زعماء غير مرغوب فيهم بالمنطقة كما حدث في تونس ومصر".
ما الذي تعنيه هذه التصريحات؟ وما الذي يعنيه توقيتها؟
أما من حيث التوقيت، أي في نهاية المؤتمر التصعيدي، من حيث التحضير لانعقاده، فهذا يعني أن التصعيد أو عدمه مرهون بالموقف الأمريكي وحده.
أما التصريحات فهي تعني أن هناك مفاوضات تجري تحت الطاولة بمعزل عن جميع المؤتمرين، حيث أن المؤتمر في مكان والقرارات في مكان آخر. واعتقادنا أن هذه المفاوضات تتم بين الولايات المتحدة وروسيا، كما أن النظام السوري طرفاً فيها، وربما إيران. كما وأن تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية يعني أن هذه المفاوضات تتقدم. من أجل ذلك نرى بأن الحل في سوريا بات قريباً.
أما عن الربح والخسارة، فمن الحتمي أن القوى التي أفاضت في تأييد أحد الطرفين سوف تكون الخاسر الأكبر. أما استمرار النظام السوري فلن يكون بالشكل الذي هو عليه الآن.
26 شباط 2012 حسن ملاط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق