الأصعب من الجريمة!
حسن ملاط
تعرض العميد وسام الحسن لعملية إرهابية أودت بحياته وحياة ثمانية مواطنين. كما
وأدت إلى سقوط حوالي مئة جريح. وأدت أيضاً إلى خراب كبير في الممتلكات. والعميد
الحسن هو مسؤول فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وهذا الفرع، تمكن العميد
الشهيد من جعله الجهاز الأكثر مهنية واحترافية في العمل الأمني. وقد تمكن هذا
الفرع تحت قيادته من الكشف عن عشرات الشبكات الإرهابية، أهمها عشرات شبكات التجسس
الإسرائيلية. وكان آخرها الكشف عن شبكة ميشال سماحة الإرهابية التي كانت ستؤدي،
لولا الكشف عنها، إلى فتنة طائفية مسيحية إسلامية، تبعاً للإعترافات الأولية.
ويعتقد اللواء ريفي، مدير عام الأمن الداخلي أن هذه العملية الأخيرة ربما تكون
السبب باغتيال العميد الحسن، حيث أنهما قد تلقيا الكثير من التهديدات على إثر
الكشف عنها. هذا من دون أن يغفل العامل الإسرائيلي في هذا الموضوع.
أدى هذا الحدث إلى الكثير من ردود الأفعال المحلية والدولية. والمعروف أن
فرع المعلومات كان مغضوباً عليه من قبل قوى الثامن من آذار ومن حلفاء النظام السوري
في لبنان. ورغم ذلك، فهذا لم يمنع بعض أطراف الثامن من آذار من الإشادة بالعميد
الحسن، بعد كشفه عن العشرات من الشبكات الإجرامية الإسرائيلية. ورغم ذلك ظل العميد
الحسن المسؤول الذي تعرض إلى الكثير من الظلم رغم إنجازاته الأمنية الكثيرة.
على إثر الإغتيال الإجرامي، تنادت أطراف الرابع عشر من آذار إلى اجتماع
ليلي، صدر على أثره بيان انفعالي يُحمل الرئيس ميقاتي مسؤولية العملية الإجرامية،
وتدعوه هذه القوى للإستقالة.
من المعروف للقاصي والداني أن الرئيس ميقاتي قد تعرض إلى الكثير من الحملات
من قبل حلفائه الحكوميين، يحثونه فيها على إقصاء أربعة شخصيات معروفة من قربها من
الرئيس الحريري ومن أطراف الرابع عشرمن آذار. وهذه الشخصيات هي الشهيد وسام الحسن
واللواء أشرف ريفي والقاضي سعيد ميرزا وآخرهم سهيل بوجي أمين عام مجلس الوزراء.
وهذه الشخصيات ظلت في مراكزها بتغطية شخصية من الرئيس نجيب ميقاتي. وأكثر العارفين
بهذا الأمر هم قوى الرابع عشر من آذار.
فلماذا هذا الطلب إذن؟
المسؤول هو ذلك الذي يتحمل المسؤولية ويعرف قدرها، ويتصرف لحماية بلده.
وتظهر معادن الناس في الملمات. إن اغتيال العميد الحسن حدث كبير بحجمه وبتداعياته،
لذلك على المسؤولين أن يتداعوا لمناقشة كيفية حماية البلد واللبنانيين، لا أن
يستغلوا الحدث من أجل مصالحهم السياسية. والأسوأ من ذلك أن ينطلقوا من حجج واهية،
لاأقول لا برهان عليها لأنها لا تصمد أمام أية مناقشة. على قوى الرابع عشر من
آذار، إذا كانت تهتم فعلاً بمستقبل هذا البلد، عليها أن تسارع إلى الطلب من رئيس
الحكومة مناقشة الأوضاع معها، حتى يتمكن جميع المسؤولين من التوصل إلى القرارات
التي تؤمن الإستقرار للبنان في هذه الأوضاع الإستثنائية.
إن المطلع على الخارطة السياسية اللبنانية يعلم بأنه لا إمكانية لتشكيل
حكومة جديدة في هذه الظروف. وأطراف الرابع عشر من آذار يعرفون أنه ليس بإمكانهم
تأمين أكثرية من أجل تشكيل حكومة جديدة. فالنائب وليد جنبلاط عندما اجتمع بالرئيس
سعد الحريري ناقشوا الموضوع الحكومي وقد رأيا أنه لا إمكانية لتغيير حكومي. فلماذا
تحميل الميقاتي مسؤولية لا يحملها، وأطراف الرابع عشر من آذار على يقين أن الرئيس
ميقاتي لا يحملها.
الظروف الحاضرة أخطر مما كانت عليه في 2005 غداة مقتل الرئيس رفيق الحريري.
فالأوضاع في سوريا مفتوحة على جميع الإحتمالات من حيث خطورة ارتداداتها على
الأوضاع في لبنان. إن على قوى الرابع عشر من آذار أن تتصرف بمسؤولية، لأن عليها
كما على قوى الثامن من آذار حماية هذا البلد. وعلى الجميع أن يتصرف بمسؤولية
كبيرة. فعوضاً عن أن تطرح هذه القوى حكومة إتحاد وطني لحماية البلد، نراها تطرح
استقالة الحكومة من دون تأمين بديل لهذه الحكومة. هل تريدون حكومة تصريف أعمال حتى
الإنتخابات، أي حكومة تحكم من دون أن تتحمل تبعة تصرفاتها؟ هذه العدمية لا تميز
تصرفات من أخذ على عاتقه قيادة البلد.
المطلوب أن تتداعى جميع القوى إلى اجتماع يدعو إليه رئيس البلاد، ينتج عنه
قرارات تحمي بلدنا من تداعيات هذه العملية الإجرامية، ومن تداعيات الجوار المتفجر.
كما والمطلوب من جميع القوى أن لا تصب الزيت على الى نار الفتنة التي تطل برأسها
على بلدنا الحبيب.
20 تشرين الأول 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق