ماذا يريد
السعوديون من الميقاتي؟
حسن ملاط
بعد عدة زيارات للملكة السعودية تميزت بالتجاهل
التام للرئيس ميقاتي، بادر ولي العهد السعودي إلى استقباله بكل مظاهر الإهتمام.
حيث أن الحضور لم يقتصر على ولي العهد، إنما شارك فيه حسب رواية جريدة عكاظ: استقبل سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع
بالرياض البارحة دولة رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي. وجرى خلال الاستقبال استعراض
تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى بحث العلاقات الثنائية بين
البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات كافة.. حضر الاستقبال صاحب
السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن
سلمان بن عبدالعزيز المستشار الخاص المشرف على المكتب والشؤون الخاصة لسمو ولي
العهد، وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى
لبنان علي عسيري.
مما تقدم نرى أن جميع
الأركان كانوا من بين الحضور،(من دون أن نغفل الإجتماع مع سعود الفيصل، والإجتماع
مع عبد العزيز بن عبد الله) وهذا يعني أن هناك أموراً هامة كانت قيد المناقشة.
لأنه لا يمكننا الركون إلى أن الأمور التي نوقشت قد استجدت فجأة. ولكن الذي استجد
هو أن الإدارة السعودية قد تبين لها حاجتها للرئيس ميقاتي في لبنان كمشارك رئيس مع
غيره بتمثيل السنة في لبنان. وحيث أن السعودية تعتبر نفسها مرجعية لسنة لبنان،
لذلك بدا لها أنها مقصرة بأمر ما يؤثر على مكانة السنة في لبنان. وما شجعها على
هذا الأمر هو ثبات الرئيس ميقاتي على نهج محدد لم يمكَن جميع "أعدائه"
أن يوجهوا له نقداً فعلياً.
فبالنسبة لتمويل المحكمة
الدولية، قام الميقاتي بما لم يتمكن من القيام به من يعتبر نفسه معنياً بهذا
الموضوع، عندما كان على رأس السلطة التنفيذية.
والأمر نفسه كان بالنسبة
للتجديد لهذه المحكمة، رغم السلبيات التي تحوم حول هذه المحكمة.
الحفاظ على جميع الشخصيات
التي أوهم تيار المستقبل السنة في لبنان أنهم دليل على مشاركتهم في السلطة. عنينا
سهيل بوجي واللواء ريفي والمدعي العام التمييزي الذي أحيل على التقاعد والمرحوم
اللواء الحسن. وهؤلاء لم يكونوا أكثر ارتياحاً إبان رئاسة الحريري.
الموقف من الأحداث في
سوريا، فقد كان الموقف بالنأي بالنفس هو الموقف التي وافقت عليه مختلف الدول
العربية ودول المجتمع الدولي المؤثرة. ونعتقد أن الموقف من سوريا هو أحد العوامل
التي دفعت الإدارة السعودية للتقرب من الرئيس ميقاتي. فالمعروف أن الرئيس الحريري
متورط بموقف من النظام السوري لا يقف عند شخصه إنما يتعداه إلى من يغطي الرئيس
الحريري بهذا الموقف، وهو ليس بخاف على أحد: الأمير بندر بن سلطان. والمعروف أن
الملك السعودي لا يغطي هذا الإتجاه البندري. فالملك مع نأي المملكة بنفسها عن
الأحداث في سوريا لما يمكن أن تسببه للمملكة، خاصة أن الملك قد أخذ موقفاً
متعارضاً مع الإتجاه الذي يسير عليه الإخوان المسلمون. وهذا الموقف يشاركه فيه معظم
حكام الخليج. والأموال التي يدفعها بندر والقطريون تذهب إلى المجموعات الإخوانية
أوالقريبة منهم. هذا الإتجاه هو الذي يريح بندر وهونفسه المتورط فيه الرئيس
الحريري، وهذه ليس تهمة، إنما هو من أقر بذلك.
إلى ما تقدم، تشير
الأحداث الجارية في لبنان إلى أن عودة الرئيس الحريري تبدو صعبة أو مستبعدة إن لم
تكن واردة إطلاقاً. فهل يمكن للمملكة أن تراهن على شخصية غائبة عن الساحة لقيادة
هذه الساحة.
والموقف الأخير الذي
اتخذه الميقاتي من المشروع الأرثوذكسي والذي عارض فيه الأكثرية التي يمثلها، حتى
لا يقسم الساحة السنية من هذا القانون، كان مميزاً.
كل هذه المواقف جعلت
السعودية تراجع حساباتها في موقفها من الساحة اللبنانية. ووجدت نفسها بالتالي
مضطرة للتعامل مع الرئيس ميقاتي.
إن ما جعل الساحة السنية
متعددة الأقطاب هي عوامل موضوعية لايمكن لأحد، مهما علا شأنه، أن يتجاوزها. من هنا
فاستقبال الميقاتي على أعلى مستوى في السعودية هو تعبير عن واقع قائم، وليس خلقاً
لواقع يريدونه.
هذا من حيث العوامل
الموضوعية، أما من حيث التوقعات، فلا وجود لكثير من الوقائع تجعلنا نتوقع تخلي
السعودية عن سعد الحريري والربط مع الميقاتي، مع العلم أن العامل السوري مهم في
هذا المقام، وكذلك الموقف من "الربيع العربي".
إن الأمر الذي كان يدخل
في خانة المستحيل، اصبح مكانه في خانة الممكن.
22/1/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق