بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الوضع في المنطقة



الوضع في المنطقة
بعد اتفاق الكيماوي في سوريا بين روسيا وأمريكا، دخل الوضع بشكل عام بفترة من الإرتياح. وعم التفاؤل بعض الأوساط، من دون معرفة أسباب هذا التفاؤل.
هناك اتفاق تام بين أمريكا وروسيا على موضوعين يعتبران بالنسبة لهما مفصليان وهما: أمن إسرائيل وضرورة القضاء على الإسلاميين الجهاديين، وفي مقدمتهم القاعدة وأخواتها. ولكل من هاتين الدولتين أسبابها. ولكن ما تريده روسيا في سوريا هو تأمين مصالحها التاريخية وهذا ما لا تعارضه أمريكا.
لا يخفى على أحد الحرب المعلنة من الولايات المتحدة على القاعدة وأخواتها. وقد جاء غزو أفغانستان في سياق هذه الحرب المعلنة. ولا بأس من الإشارة في هذا المقام من أن جميع الهزائم التي منيت بها امريكا كانت على أيدي القاعدة وأخواتها وطالبان، سواء في أفغانستان أو في العراق. ( هذا من دون إغفال عامل آخر ذي أهمية مطلقة وهو انتصار حزب الله على إسرائيل في 2000 و 2006)مما حدا بأمريكا إلى صياغة اتفاق جنتلمان مع إيران سواء في أفغانستان أو العراق، يعطي لإيران حصة في قيادة العملية السياسية في العراق. من هنا لا نرى ما يجري الآن من تحضيرات متسارعة لإعادة العلاقات الأمريكية الإيرانية شيئاً مستغرباً.
عندما كبرت الضغوط على القاعدة في أفغانستان، وعندما لم ترض إيران بحصتها من العملية السياسية في أفغانستان، أمنت إيران للقاعدة ملجأ آمناً فيها. ولكن الحرب في سوريا، والتي أجهدت إيران، أضف إليها العقوبات المرهقة التي فرضتها أمريكا على إيران، جعلت الأخيرة تفكر بضرورة الوصول إلى مخرج من هذا الوضع الذي لا يمكن احتماله. من أجل ذلك أعلنت إيران على لسان مرشدها أن القاعدة وأخواتها، من الذين يحاربون أمريكا، أصبحوا تكفيريين، أي أعداء لإيران. (وإلى الذين يريدون إعادة هذه التسمية إلى عمليات القاعدة ضد الشيعة، فهذه العمليات كانت ناشطة عندما كانت القاعدة آمنة في إيران. علماً أن القاعدة تعيد الأسباب إلى تحالف هؤلاء مع الأمريكان في العراق. ولكن هذا الكلام مردود لأنه ليس صحيحاً أن الشيعة كشيعة متحالفون مع الأمريكان). ونحن نعلم أن قتال القاعدة وأخواته هي أولوية بالنسبة لأمريكا. إعلان إيران هذا يختصر نصف المسافة بينها وبين أمريكا. أما النصف الآخر فهو أمن إسرائيل. هل إيران مستعدة للتخلي عن عدائها المعلن لإسرائيل كرمى لأعين الأمريكان وتخفيف العقوبات الأميركية على إيران باتجاه إلغائها. الإجابة على هذا السؤال نتركها للمفاوضات الإيرانية الأمريكية.
عندما تتفاوض دولتان فهذا يعني أن لكل منهما حاجة أو ضرورة للتفاوض. وهذا المبدأ ينطبق على إيران وأمريكا. فماذا يريد كل من الطرفين؟
أمريكا تريد أمن إسرائيل وتأمين الإستقرار في الشرق الأوسط حتى تتمكن من الإتجاه إلى الهادي كما هو معلن. أما تأمين الإستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتم من دون مشاركة إيران بذلك. من أجل هذا لابد من مفاوضة إيران.
أما إيران فهي تريد الإنتهاء من العقوبات الأمريكية التي ترهقها وتريد أن يكون لها رأي في أوضاع الشيعة في منطقتنا وحيثما وجدوا. وهذا يستدعي قبولاً من الولايات المتحدة.
إتفاق الكيماوي أعطى إسرائيل ورقة رابحة. فالكيماوي كما قال بوتين هو لتأمين التوازن مع النووي الإسرائيلي. وتدمير الكيماوي يعني التفوق الإسرائيلي على سوريا وفي المنطقة. ولكن قبل أن تعترف أمريكا بمصالح إيران في سوريا والمنطقة يبدو من الصعوبة بمكان الإتفاق الأمريكي الايراني. لذلك لا بد من انتظار الإجابة على السؤال التي طرحناه سابقاً حول قبول إيران بالإبتعاد عن المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وهو الطريق إلى الإتفاق مع الأمريكان وقبولهم بالتنازل للإيراني.
الطرف السعودي، لايقبل بدور إقليمي فاعل لإيران. وهذا المطلب لا يمكن تنفيذه لأن إيران تفرض دورها بقوتها وليس من خلال أي طرف ثالث. من هنا ما يمكن إعطاؤه للسعودية هو تعهد إيراني بعدم التدخل في دول الخليج وأن تكون العلاقات الإيرانية السعودية متوازنة. والمعروف أن التوسع الإيراني على الصعيد الشيعي يستدعي تصعيداً متوازياً من السعودية، على أن يكون مدروساً بحيث لا يؤدي إل تفجير الساحات على خلفية التقاتل السني الشيعي.
أما في سوريا، فما أن أعلن اتفاق الكيماوي، حتى بدأت الحرب الإلغائية بين مختلف أطراف المعارضة، والتي بدأتها "داعش". لا أحد يملك المعلومات عن سبب هذه الحرب، ولكنها حتماً ستساعد النظام على إعادة سيطرته على كل أرض متروكة يجد نفسه بحاجة لفرض سيطرته عليها. كما وأن هذه المعارك ستساعد الأمريكان والروس على القضاء على المجموعات "الإسلامية" عندما تتجمع في مكان واحد كما يجري الآن.
ضمن هذا السياق يأتي طرح عقد جينيف2. هل من مصلحة للسوريين في انعقاد هذا الإجتماع، خاصة وأن أمريكا وروسيا حصلتا على الأهم مما يريدونه من سوريا وهو تدمير الكيماوي.
يبدو أن هذا المؤتمر يتجه إلى تقاسم الحصص ما بين روسيا وأمريكا وإرضاء إيران والسعودية وإجبار الأطراف الداخلية المنهكة على تنفيذ ما تمليه عليهم أمريكا وروسيا. والظاهر أن ما يسمى بالمعارضة قد استشعرت ذلك، لذلك أعلنت رفضها لحضور هذا المؤتمر.
ما تقدم لا يعني عدم انعقاد المؤتمر، ولكن يعني إعطاء الفرصة لكل طرف من أجل تقدير إمكاناته. ولكن التقرير في النهاية يكون للأطراف الفاعلة.مأأأأا

ليست هناك تعليقات: