بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

السبت، 26 أكتوبر 2013

التمرد السعودي




التمرد السعودي
كان لتصريحات الأمير بندر بن سلطان حول علاقة السعودية بأمريكا وقع الصاعقة على كثير من الأوساط السياسية. هذا إذا استثنينا آراء بعض المهرجين الذين يظهرون على الشاشات التلفزيونية والذين بإمكانهم أن يجعلوا النظام السوري يحرر العالم من الشيطان (سابقاُ) الأمريكي، أو يجعلون قطر تخلص العالم من الدب الروسي وشياطين البريكس.
فقد أبلغ الأمير بندر كما جاء في وكالة رويترز نقلاً عن مصدر مطلع: دبلوماسيين اوروبيين أن واشنطن أخفقت في التحرك بشكل فعال في الازمة السورية وفي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وانها تتقارب مع ايران ولم تدعم تأييد السعودية للبحرين حين شنت المنامة حملة على حركة مناهضة للحكومة عام 2011. وأضاف المصدر ''الامير بندر قال للدبلوماسيين انه يعتزم ان يحدَ التعامل مع الولايات المتحدة. هذا حدث بعد ان اخفقت الولايات المتحدة في اتخاذ اي تحرك فعال في سوريا وفلسطين". وأكد المصدر أن 'العلاقات مع الولايات المتحدة ظلت تتدهور منذ فترة ويشعر السعوديون ان الولايات المتحدة تتقارب أكثر مع ايران كما أخفقت الولايات المتحدة في تأييدهم خلال الانتفاضة في البحرين.''
والملفت أن ما جاء عن رئيس الإستخبارات السعودية قد أكده رئيس الإستخبارات السابق الأمير تركي الفيصل في مؤتمر عربي-أمريكي عقد في أمريكا. فقد وصف سياسة الرئيس أوباما بأنها "تبعث على الأسى"، واعتبر أن اتفاق الكيماوي هو هروب من المواجهة، كما انتقد "فتح الذراعين" لإيران. وأردف الأمير السعودي بالقول: "أما الأمر الثاني الذي يعني السعودية، فهو جهود طهران من أجل التدخل في الدول ذات الغالبية الشيعية، مثل البحرين والعراق، وكذلك في الدول التي فيها أقليات شيعية، مثل الكويت ولبنان واليمن"، مضيفًا أن بلاده ستقف "بحزم ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية لتلك الدول".
وحذر الفيصل من أن لبنان بات على حافة حرب أهلية مع مواصلة "حزب الله" تطبيق أجندته الخاصة "دون أي اعتبار للقانون والنظام وهو مستعد للمجازفة بالأسس التي بني عليها النظام اللبناني برمته من أجل منع انهيار نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ووقف مسار عمل المحكمة الدولية الخاصة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري".
وأكد الفيصل أن السعودية "تؤمن بوجوب فرض القانون في لبنان ودعم كافة الجهود الرامية لوقف تدخل "حزب الله" في سوريا وجلب قادته المشتبه بتورطهم في اغتيال الحريري إلى المحكمة".
إذا أضفنا إلى ما تقدم ما هو معروف عن تشدد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، في الملفات الإقليمية، سواء الإيراني أو السوري، يمكننا عندها القول أن الدائرة التي تنتقد السياسة الخارجية الأمريكية هي بين الإستخبارات السعودية، أي الدولة العميقة، ووزارة الخارجية. لأنه غير معروف إن كان الملك يؤيد ما أدلى به بندر أو تركي. والإنتقاد السعودي موجه إلى السياسة الخارجية الأميركية والتي يؤيدها الرئيس أوباما.
من هنا يمكن القول أن الإنتقادات السعودية موجهة إلى أطراف في الإدارة الأمريكية. وهذا يعني أن هذه الإنتقادات تدخل ضمن التجاذبات القائمة في الصراع الداخلي الأمريكي. لأن من يعتقد أن بإمكان السعودية الإستغناء عن تحالفها مع الأمريكي يكون واهماً. والواهم أيضاً من يعتقد أن أمريكا يمكن أن تضحي بمنجم الذهب الذي تملكه، أي السعودية.
التجاذبات وصلت إلى وزارة الخارجية الأمريكية عن طريق فلتمان الذي ترك الوزارة وذهب إلى الأمم المتحدة، ولكنه هندس للتقارب الإيراني الأميركي بزيارته إلى طهران. فقد سربت عنه جريدة الأخبار اللبنانية كلاماً ينتقد فيه السعودية، ولكنه نفى هذه الأخبار جملة وتفصيلا. ولكن في حديثه للحياة تعامل مع الكلام السعودي بكثير من الحيادية التي لا تعبر عن حميمية العلاقة الأميركية السعودية المفترضة. كما أن كيري وزير الخاجية علق على الإمتعاض السعودي من أمريكا بجملة لا تتجاوز الكلمات الخمس.
هذا ما يؤكد أن الخلافات السعودية الأمريكية تتركز في وزارة الخارجية. وما صرح به الأمراء يدخل ضمن التجاذبات الداخلية الأميركية. أي ما يمكن ترجيحه هو دخول السعودية على خط الضغط على الإدارة الأمريكية من ضمن الدوائر الداخلية الأمريكية التي يمكنها القيام بذلك. ولن تخرج الخلافات الأمريكية السعودية عن هذه الدائرة.
التمرد السعودي هو خلافات ضمن البيت الواحد ولن يكون لها انعكاسات دراماتيكية.





ليست هناك تعليقات: