جذور
الإنحراف
حسن ملاط
الإرهاب، التكفير، التحلل من القيم، جميع هذه
الأمور تدخل ضمن دائرة الإنحرافات. وسنحاول دراسة جذور هذه الظاهرة، علنا نساهم في
إمكانية إيجاد حلول للأمراض التي تعاني منها أمتنا.
تحليل أي ظاهرة أو رأي يتطلب من المحلل
الإنطلاق من ثوابت معينة للحكم على هذه الظاهرة أو الأمر. والثابت لا يمكن التعامل
معه إلا على هذا الأساس. أما التعامل مع الأمور من دون الإنطلاق من ثوابت معينة،
لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج يمكن الركون إليها في عملية إصلاح النفس أو الأمة، أو
حتى، على الأقل، الإتفاق مع الآخرين على ممارسة معينة ذات طابع جماعي.
وحيث أن الظاهرة المسيطرة في بلادنا هي ما
اصطلح على تسميته الإرهاب الإسلامي، من هنا ضرورة التحدث عن جذور هذه الظاهرة حتى
الوصول إلى ما هو عليه مجتمعنا اليوم.
1 – الثابت بالنسبة لجميع المسلمين هو القرآن
والسنة. ولكن التعامل مع هذين الثابتين بنفس المستوى من الوثوق النقلي هو الإنحراف
الأول عن جادة الصواب. فالقرآن هو الثابت المطلق لأنه وصلنا بالتواتر من مصادر
متعددة. واتفق جميع المسلمين على أن القرآن هو الذي بين يدينا الآن. أما بالنسبة
لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصلنا منها بالتواتر إلا عدد محدود من
الأحاديث. ولكن أكثر الأحاديث هي أحاديث آحاد. صحيح أن علماء الحديث كانوا يقوون
من صحة الحديث بأحاديث أخرى مشابهة، ولكن لا يمكنها أن تصل إلى قوة التواتر التي
يتمتع بها القرآن. من هنا أصبح لزاماً علينا أن نسمي القرآن هو الثابت المطلق،
والسنة هي الثابت النسبي. الثابت المطلق يكون المعيار الذي على أساسه يمكن قياس
صحة الثابت النسبي.
الإنحراف الآخر والذي لايقل خطورة عن
الإنحراف الأول، هو إنكار السنة. فإنكار السنة هو إنكار عملي لما قام به النبي صلى
الله عليه وسلم، والذي يثبت القرآن تفاصيل كثيرة لهذه الممارسة. هذا إذا لم يكن
هناك إنكار فعلي لوجود النبي عليه السلام بالأساس. خطورة هذا الموضوع، بالإضافة
إلى إنكار الرسالة، وهذا يناقض القرآن، يتضمن إمكانية الشخص على فهم القرآن بدون
ضوابط السنة المؤكدة من خلال القرآن أو عدم تناقضها مع القرآن الكريم. والأمثلة
على ذلك كثيرة. يقول تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا
إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون
إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم. (المائدة 73).
عندما لم يتعامل النبي عليه السلام مع المسيحيين على أنهم كفار، هل هذا يعني أنه
خالف الكتاب؟ ليس الأمر كذلك، ولكن علينا الإلتزام بما فعله النبي عليه السلام
إزاء المسيحيين وهو التعامل معهم على أنهم أهل كتاب والتعامل معهم يتم على الأسس
التي تعامل بها النبي. أما من حيث الكفر فيمكننا الكلام عن كفر اعتقادي خاص بكل
فرد وهذا علاقته مع الله تبارك وتعالى، ولا دخل فيه للمؤمنين. فقتل المسيحيين على
أنهم كفار فيه مخالفة صريحة لممارسة أسوة المؤمنين الحسنة بنص الكتاب أي الرسول
صلى الله عليه وسلم.
وهناك انحراف آخر، وهو جعل النسبي ثابتاً.
وهذا ينطبق على النظر إلى اجتهاد العلماء. فأكثر الناس يعتبرون ما جاء بتفسير
الكتاب أو السنة عند االعلماء ثابتاً يجب الإلتزام به. وهذا ينطبق على الفتاوى
التي جاء بها العلماء منذ مئات السنين ولا يزال علماؤنا يلتزمون بها على أنها كتاب
أو سنة، طبعاً من دون قول ذلك! إذا كان هناك ثابت ومتغيران، فكيف تكون الفتوى
ثابتة: الكتاب والسنة كثابت والإنسان والعصر كمتغيرين. هذا لا يعني عدم الإستئناس برأي
العلماء السابقين.
يضاف إلى ما تقدم، الشروط التي يضعها العلماء
للسماح للناس بالنظر إلى القرآن أو الحديث. شروط مؤداها ضرورة وجود إكليروس يسمح
للناس للدخول إلى القرآن أو السنة من خلالهم. يقول تبارك وتعالى: ( وإنه لتنزيل رب العالمين ( 192 ) نزل به الروح الأمين ( 193 ) على قلبك لتكون من المنذرين ( 194 ) بلسان عربي مبين ( 195 ) ) (الشعراء).
وهذا يعني أن معرفة اللسان العربي هي الطريق لفهم القرآن الكريم. وهذا لا يعني
أبداً عدم الإستعانة بما جاء به علماؤنا الأوائل!
وفي هذا المقام، لا بد من الإشارة إلى مسألة
هامة: هل يمكن القبول بفتوى صدرت في عهد الظلم وتطبيقها في العصر الذي يتمتع فيه
الناس بهامش لا بأس به من الحرية؟ بدأ عهد الظلم في بلاد المسلمين منذ تحولت
السلطة إلى ملك عضود. كما أن الفتوى لا يمكن أن يكون حكمها مطلقاً وإلا تحولت إلى
قرآن أو سنة مؤكدة بمعيار القرآن.
2 – ممارسة الإنسان في هذه الحياة تنطلق من
ركائز ثلاث: الثابت، العصر والإنسان. القرآن والسنة لا يتغيران. ولكن العصر
والإنسان يتغيران باستمرار. وعندما لا يؤخذ هذا الأمر بعين الإعتبار نكون قد أسسنا
لانحراف جديد. عند عرض أي قضية مستجدة على الثوابت، لا بد من معرفة أصحاب هذه
القضية معرفة دقيقة (علاقاتهم، وجوه المعاش، موقعهم الإجتماعي، موقعهم السياسي...)
إضافة إلى معرفة ميزات العصر الذي نعيش فيه (النظام الديكتاتوري غير النظام
الديموقراطي، الإشتراكي غير الرأسمالي...). والحكم على قضيتين تبدوان متشابهتين
يكون مختلفاً باختلاف العصور، أو باختلاف أبطال القضية. من هنا لا يمكن أن يحمل
القياس صفة الإطلاق. لذلك نقول أن التسميات لا يمكن أن تُطلق جزافاً (مجتمع جاهلي،
دار كفر، دار إيمان...).
هنا نصل إلى نتيجة هامة وهي أن الأحكام تكون
دائماً نسبية أي تتعلق بالإنسان وبالعصر. الإطلاق يعني نفي وجود الإنسان الحر
المسؤول والمجتمع.
3 – التشدد، والمقصود هو اختيار المرء الصعب
دائماً. وهذا ينطبق على نظرته للأمور الحياتية. فعندما يطلب النبي عليه السلام
مراعاة الأضعف في الصلاة، وعندما يطلب التيسير وليس التعسير، يطلب ذلك لأنه يعرف
حقيقة المجتمع. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطبق هذه الأمور حتى في الغزوات،
فكان يفضل على الأغلب الحلول السلمية. إن الإتجاه المتشدد هو ولادة الخلافات مع
الآخرين وعدم معرفة التعامل مع المختلفين. إن النمط هذا لا يعرف إلا الحسم. يقول
تعالى بحرية الإيمان والكفر ولكن بعض الناس يقتلون كل من يختلف عنهم محملين الله
ورسوله، زوراً، مسؤولية أعمالهم. وهذا الإنحراف هو الذي يؤدي إ لى هذه القرارات
المدمرة.
4 – العزلة عن المجتمع هي التي تؤدي،
بالإضافة إلى عوامل أخرى للإنحراف. عندما لا يقوم المكلفون بالعمل على إيجاد
الحلول للمشاكل التي يعاني منها الناس، لا يمكنهم الدعوة إلى نظام اجتماعي عادل،
وذلك لجهلهم بما هو قائم. إن ملاحقة القضايا اليومية للناس يؤدي إلى نوع من الإلفة
مع الآخرين مما يؤدي إلى استبعاد النفسية الإستئصالية. لذلك يقول تبارك وتعالى:
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم!
5 – رفض الثوابت وهو عامل هام في الإنحراف.
هناك دعوات للتعامل مع ثوابت أمتنا على أنها ذات طابع تاريخي، بمعنى أنها قابلة
للخطأ والتصحيح. أما حجتهم أن الفلسفة الأوروبية ترفض المعطى الذي يحمل صفة
الحقيقة المطلقة. أين المصيبة؟ إذا كان كانط لا يؤمن أو فوكو لا يؤمن أو أن
هابرماس يكفر، فهم أحرار ولا يمكنهم أن يفرضوا علينا أدواتهم لدراسة القرآن أو
السنة. ونحن لسنا معقدين حتى نطلب منهم صكاً بقبولهم إيماننا. ما نقبله أن يحاكموا
برامجنا السياسية بالأدوات المنهجية التي يريدونها ونحن نتقبل هذه النتائج برحابة
صدر وبشكر لهم لأنهم ساهموا بإغناء وعينا ومعرفتنا. ولكن الثوابت الإيمانية فهي
قناعات خاصة ليس للآخرين دخل بها.
الحياة تتسع لكل الناس. وما من أحد مسؤول عن
حياة الآخرين. التعامل بين الناس يتم تبعاً لقواعد معينة. ليس بإمكان أحد أن يُنهي
الآخر. وهذا الإتجاه مرفوض من وجهة نظر إعتقادية. غير مسموح لأحد أن يكفر الآخرين
لأن المؤكد أنه وقع في الكفر. ورفع هذا الشعار يعني حرباً أبدية لصالح أعداء
الأمة. السنة والشيعة موجودون منذ أكثر من 14 قرناً ورغم كل الحروب لم يتمكن أحد
من إنهاء الآخر. الأوروبيون تقاتلوا لأسباب مذهبية أكثر من مئة سنة وتخلوا عن
الحرب وراحوا يجدون حلول مشاكل الأرض على الأرض وليس في السماء. أما المسلمون
يريدون أن تكون حروبهم أبدية وينظرون لهذا الأمر بكل جرأة.
هناك خلافات سياسية يسميها البعض حلف
الممانعة ضد الحلف الأمريكي الصهيوني (!). فليتقاتلوا على هذا الأساس. لأن هذا
النوع من القتال يؤسس لإمكانية تفاهم. هناك من تصالح مع الشيطان. فهل الشيطان
مؤمن؟
حتى تنهض الأمة، لا بديل عن إيجاد دليل عمل
(برنامج سياسي) لإستنهاض الأمة يتخلى عن جميع المصطلحات التي أسست لتفريق الأمة
لصالح أعدائها. هذا العمل لا يتطلب إلا النية الصالحة والتوكل على الله والإنفتاح
على جميع مكونات شعبنا، بصرف النظر عن ديانتهم أو مذهبهم. ولكن بالتزام على حل
مشكلة الإحتلال الصهيوني وجميع الإحتلالات الأخرى وإن كانت بأشكال مختلفة.
2 أيلول 2015
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي تعليق على بعض المسطلحات و ابدا بكلمة المسيحيين فمن العدل ان نسمهم بما اسماهم الله في محكم كتابه و قال عنهم النصارى
وموضوع تكفيرهم و غيرهم من الديانات المبتدعة والنحل الباطلة و تسميتهم بالكفار فهم كذلك حتى يؤمنوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله فلا خوف ولا حياء في الدين
وتكفيرهم لا يعني قتلهم كما يدعي الاغبياء فقد ارانا النبي عليه الصلاة و السلام كيف نتعامل معهم
ففي عصرنا اصبح الدين غريبا لاكثر الناس والسبب في ذلك يعود بنجاح اعداء الدين من النظام الغربي و اذنابه من العملاء العلمانيين و المتملقين من المحسوبين على الاسلام
بدعم المناهج الغربية و زرع فكرطلب العلم الدنيوي لغاية دنوية بحتة من دون التفكيربالاخرة
وهذه هي التهلكة لان مقياس الفلاح اصبح بالتخرج وكسب المال فقط اما مقياس الفلاح
عند الله فهو العلم الشرعي و الجهاد
بالنسبة للانحراف هو الانحراف عن الحق و الصرات السوي الذي امر الله و رسوله به و دون ذلك هو الانحراف
اذا تكلمنا عن الارهاب مثلا فمن الضلال ان نفسره بتفسير اعدائنا و هذا ضلال فالله امرنا و رسولنا من قبل على الاغداد وارهاب من حاد الله و رسالته
ففي ايامنا نسمي من كفر بما دون الله انه مشاكس و ارهابي او متطرف و حتى نصوره انه شرير و هو بالواقع يريد اعلاء كلمة الله وتطبيق شرعه على غباده
بالنسبة الى الفقرة ٢ و تسمية المجتمع فلا يمكن الا ان نحكم على المجتمع كالمجتمع الغربي الا بدار كفر لانهم قوم اباحو ما حرم الله فهم ياتون الفاحشة و المنكر و يعصون الله في كل شئ بماكلهم و ملبسهم و بتعاملاتهم و بكل شئ
اما من كان منهم مسلم فهو كذلك لا يجوز تكفيرهم ولكن الله و الرسول امروا بالهجرة من دار الكفار "ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجرو فيها"
اما بلاد الاسلام المحكومة جبرا بدساتير وضعية فهي بلاد المسلمين ولكن حكامهم كفار مجرمون حاربو الهدي والحق واجلبوا الوضعية و الجور على المسلمين
٣ كان عليه الصلات و السلام يدعوللسهولة في الفرائض و بالشدة في ادئها على وقتها
وهذا من دلالة انه لا ينطق عن الهوى بعدمالمبالغة في قهر النفس في العبادة فقد وعدنا الله الجنة فقط بالفرائض دون السنن فلا داعي للصيام في سفر و يمكن قصر الصلاة عند المسافر كذلك كثير من الامور الاخرى
٤ الرسول و من قبله اعتزلوا قومهم عندما بدى لهم ضلال قومهم فالرسول عليه السلام كان يختلي في غار حراء فكثير من الامور تتكشف اذاما اعتزل الشخص بيئته ولو لفترة قصيرة
اخيرا اقول ن الله سبحانه خلقنا مسلم و كافر , و خلقنا بعضنا لبعض عدو و فرض لينا القتال و لو كان كرها لنا ,و امرنا بقتال اعداء الدين حتى لو كانوا من اصلابنا و مندمناووامرنا بالولاء للمسلم الحق لا الافاك والبراء من الكفار مهما كان سلطانهم
فالله احق ان نخشاه و ما دونه لا يستطيع كشف الضر عن نفسه
فالبرنامج السياسي للمسلم ليس بفلسفة معقدة بل هو الاجتهاد في تطبيق الشريعة و ما امر الله
فلا نؤمن بما علمونا في مناهج الضلال من وطنية و شغبوية و انظمة اقتصاد ركائزها الباطل
نؤمن بما قام به اجدادنا الذين غزوا كسرا و سبوا نسائهو الذين غزوا بظنطة و قهروها و نؤمن باحفادهم من نصر الخلافة و احياها ومن سيفته روما وما خسره المسلمون من قبل
هذا ما وعد الله ورسوله و صدق الله و رسوله
إرسال تعليق