بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 13 أغسطس 2015

الزيارة المميزة

                           الزيارة المميزة
حسن ملاط
تعهد الرئيس روحاني عندما تقدم للإنتخابات الإيرانية بتنمية الإقتصاد وبإعادة إيران إلى المجتمع الدولي. وتسلم ظريف وزارة الخارجية كمسؤولة عن إعادة إيران دولة طبيعية، وكانت الوسيلة التي استخدمها هي حل الملف النووي الإيراني مع الدول الخمس الكبرى مضافاً إليها ألمانيا. ونجح ظريف في مسعاه، ونال بركة المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم المرشد.
إيران بعد الإتفاق مع المجتمع الدولي هي غير إيران ما قبل الإتفاق. إيران كانت دولة مارقة تفعل ما تريد لا تخاف من عقوبات، فالعقوبات مفروضة عليها. أما الآن فقد أصبحت دولة "مسؤولة" أمام المجتمع الدولي، جميع خطواتها يجب أن تكون مدروسة بشكل يتناسب مع مقتضيات الإنتماء إلى هذا المجتمع من دون إشكالات.
ضمن هذه الظروف المستجدة جاءت زيارة ظريف إلى لبنان. وكان التجاوب من قبل االمضيفين على نفس الإيقاع الذي أراده ظريف. استقبله وزير في الحكومة اللبنانية كممثل للأمين العام لحزب الله، واستقبله عضوان في البرلمان كممثلين للحزب. إذن الشخصيات التي استقبلته كانت شخصيات رسمية تنتمي إلى أجهزة الدولة اللبنانية وهي وازنة أيضاً. من أجل ذلك يمكن إضافة صفة على هذه الزيارة وهي صفة زيارة دولة.
كانت زيارته للرئيس سلام مميزة أيضاً. نحن نعلم أن هناك خلافاً ما بين الرئيس سلام وكتلة العماد ميشال عون، الشخصية التي يحالفها حزب الله. رغم ذلك، رأينا إشادة مميزة بالرئيس سلام وبممارسته في رئاسة الوزراء وفي أدائه. وكأنه يقول، نحن كدولة لنا موقفنا وللحزب موقفه الخاص، انسجم هذا الموقف مع موقفنا أم لم ينسجم، وهذا لا يفسد للود قضية طبعاً. نضيف أنه إعلان للجميع أن من يعبر عن الموقف الإيراني هم الرسميون الإيرانيون وليس غيرهم.
زيارته للرئيس بري لم تخرج عن هذا الإطار. نحن نعلم التباين بين موقف الرئيس بري وموقف الحزب من العماد عون، ورغم ذلك أشاد ظريف بحكمة الرئيس بري وبتأييده للمقاومة. موقف يتضمن إعلاناً من ظريف، بالتزام الرئيس بري بالثوابت التي تعني الجانب الإيراني وهي تأييد المقاومة. أما موقف الرئيس في الصراع الداخلي فهذا لا يعني الجانب الرسمي الإيراني بشيء.
ثم زار الوزير الإيراني وزير الخارجية جبران باسيل وهذا ما يحصل بروتوكولياً في العادة. ولكن حتى لا تُفسر هذه الزيارة خارج إطارها البروتوكولي ولا تُعطى تفسيراً سياسياً داخلياً، حرص ظريف على زيارة الوزير مقبل الذي مدد للقادة الأمنيين، والمتموضع على الطرف المقابل لحليف حزب الله العماد ميشال عون.
أما الزيارة الأهم، فكانت زيارة الوزير الإيراني لسماحة الأمين العام لحزب الله، والتي لم يحضرها سوى الرسميين الإيرانيين. وفي هذا دلالة على أن الأمور التي نوقشت خلال هذا الإجتماع لم تكن شؤوناً لبنانية، إنما أمور تنتمي إلى المنطقة التي يلعب فيها الحزب دوراً هاماً بالتنسيق مع الجانب الإيراني، نعني الوضع السوري. إذا أضفنا أن ظريف عقب هذه الزيارة لسماحة الأمين العام كانت زيارته للرئيس السوري.
تغيير الإتجاهات هنا يعني الشيء الكثير. كانت الزيارة تبدأ من دمشق وتصل إلى الضاحية. حالياً بدأت من الضاحية وأكملت طريقها إلى دمشق. هذا يعني وبشكل جلي أن رأي حزب الله في القضية السورية هام ومقرر. أي أنه ليس استشارياً فقط. ولو لم يكن كذلك كانت الزيارة سلكت طريقها التقليدي طهران- دمشق- الضاحية الجنوبية.
اللافت أيضاً أن ظريف يناقش الموضوع السوري مع سماحة الأمين العام كوزير للخارجية الإيرانية، أي بصفته الرسمية. أي أن رأي الحزب بالنسبة للوضع السوري سيناقش مع جميع الرسميين الذين يهتمون بإيجاد الحلول للوضع السوري الموضوع على طاولة التفتيش عن حلول له. وإعطاء هذا الأمر أبعاده يصل بنا إلى السؤال: ما معنى أن يكون الحزب على لائحة الإرهاب وهو يساعد في إيجاد الحلول السلمية للحروب الإقليمية القائمة؟
أما الأهم من جميع ما تقدم هو السؤال التالي: هل قرر الحزب فصل الشؤون اللبنانية عن اللأمور الخارجية التي تشكل مجال اهتمام يومي؟
هل عدم حضور الرسميين الحزبيين لاجتماع ظريف مع سماحة الأمين العام تسير في هذا الإتجاه؟ إن كان ذلك كذلك فهذا يعني تغييراً جوهرياً سيكون له انعكاسات هامة جداً على الوضع الداخلي اللبناني. وسيكون لها تأثيرات إيجابية على الحزب بالنسبة لممارسته الداخلية، بحيث لا تضغط سياساته الإقليمية على سياسته المحلية. وهذا سيكون تطوراً ثورياً واعداً.

                                                         13 آب 2015

ليست هناك تعليقات: