حسن ملاط
استضافت السيدة ناريمان الجمل غانم في صالونها الثقافي،
السياسي المعروف الدكتور خلدون الشريف، الذي تحدث عن الأوضاع السياسية في لبنان.
ولكن، وقبل التعليق على موضوع التسوية الذي أعلن الدكتور
الشريف تأييده لها، أود أن أعبر عن إعجابي بإصرار السيدة ناريمان على العمل
الثقافي في ظل التصحر ثقافياً في بلدنا والذي يؤدي إلى التصحر الأخلاقي الذي نلمس
نتائجه يومياً.
عن التسوية
أعلن الرئيس الحريري عن اتفاقه مع العماد عون على انجاز
الإنتخابات الرئاسية على أن يُكلف الأول بتشكيل الحكومة العتيدة المكلفة بإنجاز
الإنتخابات النيابية وبإنهاء الجمود على صعيد السلطة الذي ينعكس سلباً على حياة
الناس ويهدد بانكشاف الوضع الأمني.
أعلن حزب الله ترحيبه بهذه التسوية وأعلن أمينه العام
السيد حسن نصر الله أنه لا يُمانع بتكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة. ولكنه لم
يتعهد بتسهيل مهمة التشكيل.
ما معنى التسوية؟
التسوية هي إعادة تشكيل سلطة السياسيين بشكل جديد يتوافق
مع موازين القوى المستجدة والتي لم تكن في السابق على شكلها الحالي. وهذا يؤدي
حتماً إلى توزيع مختلف للمكاسب التي تتصارع عليها القوى السياسية.
أما القوى السياسية التي تتصارع على المكاسب فهي الشيعية
السياسية المتمثلة بحزب الله وحركة أمل والسنية السياسية المتمثلة بالرئيس الحريري
والمسيحية السياسية المتمثلة بالرئيس عون وسمير جعجع. أما القوى الأخرى فهي تدخل
في ظل هذه أو تلك من القوى التي ذكرناها.
والجوهري في هذه التسوية أن بعض رجالات السياسة يكسب أو
يخسر من دون أن يكون مشاركاً في إنتاجها. والمثال الواضح على هذا الكلام هو أن الرئيس
ميقاتي سيربح إذا تحسن وضع الحريري في السلطة لأنه سيرث الموقع الذي يمثله الحريري
اليوم، وهذا ما ينطبق على سائر الأقطاب السياسيين في مختلف الطوائف لأن التسوية
قامت بين الممثلين الفعليين لها في لبنان في هذه المرحلة من تاريخه.
كيف قامت التسوية؟
قامت التسوية كما أخبرنا سماحة الأمين العام لحزب الله
بين الحريري والرئيس عون، حليف حزب الله. وتعهد سماحته بتسهيل مهمة انتخاب حليفه
لرئاسة الجمهورية.
وبما أن هذه التسوية لم تتم مع الطرف ذي الفعالية الأكبر
في الساحة اللبنانية، لذلك فهذه التسوية تُعتبر مبتورة ولن تُنتج الإستقرار الذي
ينشده اللبنانيون.
التسوية، حتى تكون لها صفة الديمومة، يجب أن تكون مع
الطرف الذي يملك القرار. وهذا ما لم يتم. وهذا يبدو واضحاً في التشكيل الحكومي.
نبدأ بعقبة، يلي حلها عقبات. إذا تم حل عقبة بري، تظهر عقبة القوات، تليها عقبة
المردة فالأرثوكس والكاثوليك الذين تستولي على مقاعد طوائفهم القوات والتيار
الوطني. كما وأن المستقبل يستولي على مقاعد سنة معارضة الحريري...إلخ من يحل جميع
هذه المشاكل والعقبات؟ هل الحريري قادر على حلها؟ بالطبع لا! هل الرئيس قادر على
حلها؟ بالطبع لا!
القادر على حل جميع العقبات هو الذي يملك القدرة والقوة،
الطرف الذي لم يفاوضه الحريري على إنتاج التسوية.
ما الذي يُمكن عمله الآن؟
إما أن يُقدم الحريري التنازلات لمنافسيه من الطبقة
السياسية السنية، وإما أن يدع تشكيل الحكومة لغيره بانتظار إعادة إنتاج ميزان قوى
جديد بين المسيطرين على أقوات الشعب اللبناني. أما الإحتمال الأخير أن يترك للقوي
تشكيل الحكومة تحت مسمى الوحدة الوطنية!
الإحتمال الأول مارسته الطبقة السياسية السنية عند تكليف
أمين الحافظ تشكيل الحكومة، حيث رفع الجميع عنه الغطاء (حالياً رفع الغطاء عن أي
سياسي سني يوافق على تشكيل الحكومة في حال اعتذار الحريري). أما الإحتمال الثاني،
فقد مارسه الرئيس رفيق الحريري عندما تمنع عن تشكيل الحكومة. والإحتمال الثالث هو
ما كان يتم إبان سيطرة المارونية السياسية على النظام.
صراع الطوائف يقوم على الغلبة كما يقول الدكتور جوزيف
عبدالله!
أين التسوية التي تؤيدها يا دكتور خلدون الشريف؟
27 تشرين
الثاني 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق