د. جوزيف عبد الله
حسن ملاط
مقدمة
يعتقد البعض أن
بامكانه أن يُحَيّد لبنان عن أزمات الاقليم. وكأن الأزمة اللبنانية ليست نتاجاً
لما يمر به محيطه، إضافة إلى الميزات الخاصة بالمجتمع اللبناني نفسه.
نقصد بالاقليم، بالاضافة الى الدول العربية،
تركيا وإيران. وهذا التعريف ليس تعسفياً إنما يعود الى التاريخ الذي يمتد لمئات
السنين إن لم يكن لآلافها التي تربط هذه المجتمعات بعضها ببعض.
صحيح أن الأتراك لا يربطهم بدولنا تاريخ قديم
كما بلاد فارس، ولكن الشعوب التي كانت تعيش في البلاد التي تسمى تركيا اليوم، كانت
على علاقة تفاعلية مع شعوبنا، أي البيزنطيين، قبل وبعد طرد حكامهم من قبل
العثمانيين.
ليس هذا فحسب، بل أن دولة المركز للرأسمالية
المعولمة، ومن يدور في فلكها من الدول الفاعلة تتعامل مع دولنا كدول تنتمي الى
اقليم واحد. فروسيا على سبيل المثال تدرس مستقبل الوضع السوري مع ايران وتركيا،
بالاضافة الى الكيان الصهيوني.
كما أن دولة المركز، أمريكا، تدرس موضوع الوضع
السوري مع تركيا والدول الخليجية. أما وضع العراق، فتدرسه مع ايران وتركيا ودول
الخليج...الخ
الوضع الدولي
تمر العولمة النيوليبيرالية بأزمة هامة، وخاصة
دولة المركز، أمريكا. مما اضطُرّ الرئيس الأمريكي الى اتخاذ قرارات ضد قوانين
العولمة التي سبق وفرضتها الادارة الأمريكية على العالم. فالحمائية، فرضها الرئيس
الأمريكي. وفرض بالتالي رسوماً على البضائع الصينية ودول الاتحاد الأوروبي. أضف
أنه منع بعض الشركات الصينية من بيع منتجاتها في أمريكا وفرض على أوروبا اتخاذ نفس
القرارات. إضافة إلى إجباره الصين على استيراد بضائع أمريكية بمئتي مليار $، حتى
لا يفرض عليها عقوبات أكثر.
هذه القرارات لا
تتعلق بكمية الأرباح التي يجنيها الرأسمال الأمريكي في العالم، ولكنها تتعلق
بخسارة الأمريكي الأبيض للوظائف داخل الولايات المتحدة نفسها. من أجل ذلك، فرض
الرئيس الأمريكي على العديد من أصحاب الصناعات الثقيلة والتي سبق ونقلوها الى
الخارج، حيث اليد العاملة رخيصة، إلى إعادة إحياء مصانعهم داخل الولايات المتحدة
نفسها.
أما الدول الأخرى
المنافسة للولايات المتحدة من ضمن النظام المعولم، فلم تتمكن حتى الآن من الوصول
الى ما يُمكّنها من التخلص من الهيمنة الأمريكية. لذلك، نراهم يتخاصمون ويتنافسون
وفي النهاية يتفقون، إما على الخضوع الكلي لما يريده الأمريكي البشع أو على تسوية
ما.
أما انعكاس هذا
الأمر على إقليمنا، فيظهر من خلال محاولة الدول المؤثرة في الاقليم (ايران، تركيا
والكيان الصهيوني)، الوصول إلى تسوية ما مع الادارة الأمريكية تُرضي جميع الأطراف.
الوضع الاقليمي
لا تزال الحروب مستمرة في دول الاقليم وصولاً
إلى تخريبها نهائياً، إن على الصعيد الاجتماعي، أو على الصعيد الاقتصادي. وهذا ما
يتم تحت إشراف الولايات المتحدة وبقيادة ايرانية، تركية، سعودية، اماراتية وروسية،
بالاضافة الى تدخلات للقوات الأمريكية عندما يلزم الأمر.
ففي اليمن، لا
تزال الحرب مستمرة بين الحوثيين الذين يتحالفون مع ايران التي تمدهم بالأسلحة
والعتاد والتدريب، من جهة، وبين السعودية والامارات من جهة أخرى. أما المتوقع لهذه
الحرب أن تنتهي بإعادة تقسيم اليمن بين اليمن الجنوبي حيث السنة واليمن الشمالي
حيث الشيعة الذين تخلوا عن زيديتهم، كما تقول أكثر المصادر.
وفي العراق، لا
تزال المناطق التي جرت فيها الحرب ضد ما يُسمى داعش، أي المدن ذات الأكثرية
السنية، شبه خالية من سكانها. كما وأن الميليشيات التابعة لايران لا تسمح لأهلها
بالعودة بحجة أنهم داعشيون. وهم يعيشون حالياً في مخيمات. هذا مع العلم أن داعش
تحركت في العراق بعد أن تراجع تأييد المحافظات الشيعية لايران التي لا يوافق أكثر
العراقيين على ممارساتها، وعلى رأسهم مرجعية النجف. وهذا التحرك الداعشي الموحى به
هو من أجل إعادة تأجيج الاصطفافات المذهبية التي لعبت الانتفاضة العراقية المباركة
دوراً هاماً بتراجعها لصالح الهوية الوطنية العراقية.
وما يُعقد المسألة
العراقية أكثر، هو الصراع الأمريكي الايراني على استغلال خيرات العراق وحرمان
الشعب العراقي منها. وتتجلى هذه الخلافات بالتقاتل الداخلي المستمر والموحى به من
الطرف الايراني حيناً ومن الطرف الأمريكي حيناً آخر. وهذا ما يمنع العراقيين من
استغلال خيراتهم. ومن يعرف وضع العراق أيام صدام حسين وحالياً يعتقد أنه عاد الى
العصر الحجري بعد "تحريره" من قبل الأمريكي بالتواطوء مع الايراني.
أما في سورية،
فالوضع لا يزال يتأرجح كثيراً في تحديد دور كل طرف من أطراف التدخل: ايران، تركيا،
أمريكا وروسيا. أما الحكومة الوطنية، فهي بانتظار اتفاق الأطراف الفاعلة.
هذا لا يعني أن لا
دور لها، ولكن نؤكد أن دورها مرتبط بما تقوم به الدول الفاعلة ومدى تناغم الدور
الذي يريدونه لها ضمن هذه الأمواج المتلاطمة.
ايران تريد الحفاظ على المكتسبات التي حققتها على الأرض وخاصة تمكنها من
"تشييع" العديد من الأحياء والقرى وبعض القبائل في المدن... كما وتريد
أن تحافظ على التواصل البري بينها وبين لبنان عن طريق العراق، سورية فلبنان. ولكن
الأمريكي يقطع هذا الطريق في قاعدة التنف البرية.
أما تركيا، فتريد منع الأكراد من اقامة حكم ذاتي لهم في سورية كما هو حاصل في
العراق، خاصة أن المناطق الكردية متاخمة لتركيا وهذا ما يؤذي حربها المعلنة على
حزب العمال الكردستاني في أراضيها والأراضي العراقية والسورية أيضاً. هذا لا ينفي
طمعها بالتوسع ضمن الأراضي السورية.
وروسيا تريد سورية
قاعدة لها على المتوسط إضافة لامتياز استخراج النفط والغاز التي حصلت على حصريته
في البحر وبعض المناطق الأخرى. كما وأن اعادة الاعمار تريد أن تحوز على حصة الأسد
منها، والتي تطمع بجزء منها ايران أيضاً لتعويض عشرات مليارات الدولارات التي
أنفقتها على حربها في هذا البلد.
أمريكا تضع يدها
على حقول النفط السوري وتترك ادارته لـ"قسد" المنظمة الكردية المسلحة
التي تستخدمها أمريكا كذراع لها في سورية. وتقول الادارة الأمريكية أنه لا أطماع
لها في النفط السوري، ولكن تدخلها هو لاعادة ترتيب أوضاع هذه الدولة بما يتناسب مع
أمن الكيان الصهيوني واستقرار سورية نفسها ومنع التدخل في شؤونها. أي منع تدخل
ايران وتركيا.
الخليج العربي
لم يظهر حتى الآن
مدى التأثير الذي سيتركه تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والبحرين والامارات
على الاستراتيجية الايرانية في الخليج وبالتالي في البحر المتوسط. فالحدود الايرانية
التي كانت متاخمة للعدو هي الحدود اللبنانية مع فلسطين بالاضافة الى هضبة الجولان
المحتلة (جزئياً. وذلك بسبب محافظة النظام السوري وايران على اتفاقية 1974 بين
سورية والعدو). أما حالياً فقد أصبح العدو على تخوم ايران، في الخليج، سواء في
الامارات أو في البحرين. هل سيؤدي هذا التواجد الصهيوني الى انكفاء الايرانيين من
سورية ولبنان، للمحافظة على كيانهم؟ لا يمكن الآن توقع ما سيحصل! ولكن من المؤكد
أن الخليج قد أصبح خطوط تماس بين ايران والكيان الصهيوني!
المغرب العربي
ليبيا أصبحت ساحة
لتصفية الحسابات بين فرنسا وايطاليا من جهة وتركيا من جهة أخرى. كما وأنها ساحة
لتصفية الحساب بين مصر والامارات من جهة وتركيا من جهة أخرى. أما المعنيون
الحقيقيون بالشأن الليبي، مجموعات الشعب الليبي، فلا قرار لهم؟ لأن القرار بيد
الممولين.
وبما أن ليبيا هي احدى الساحات، لذلك تتدخل روسيا بهذه الساحة بامداد جنرال الحرب،
حفتر، بالمرتزقة الروس.
أما أمريكا، فتريد
أن تكون المايسترو الذي يدير اللعبة، لذلك لم تعلن تأييدها لأي من أطراف الصراع.
كما وعلينا
الاشارة إلى أن النفط الليبي هو من أفضل الأنواع الخفيفة!
الوضع الليبي جعل
الوضع المغربي غير مستقر وخاصة تونس والجزائر والمغرب.
فلسطين
فلسطين هي مركز
الصراع في اقليمنا. فالكيان الصهيوني وُجد لقمع أي امكانية للتغيير لصالح الشعوب.
وهو يعلم أن أي تطور لصالح شعوب المنطقة لا يتم الا انطلاقاً من التوحد على ازالة
هذا الكيان الغاصب. لذلك نراه يتآمر على كل بادرة ايجابية تحصل في اقليمنا.
إن الحروب البينية
القائمة حالياً تشكل الخدمة المثلى لاستمرار هذا الكيان الغاصب. لذلك نراه يرقص
على ايقاع الحروب البينية القائمة في الاقليم.
ولا بد من التذكير أن سبب قيام هذه الحروب هو التقاء مصالح أنظمة الاقليم على منع
أي تغيير تقوم به الشعوب.
فدول الخليج عسكرت
الانتفاضة السورية ضد النظام. ورقصت ايران على نفس النغم. ولكن امتداد الانتفاضة
أدى الى نوع جديد من الممارسة لدى أنظمة القمع؟ فقد أطلقوا السجناء من السجون سواء
في سورية أو في العراق الذين ساهموا المساهمة الفعالة في القضاء على الانتفاضات
المباركة، وذلك بتحويلها الى حرب مذهبية.
الزرقاوي المتهم
بحربه على شيعة العراق كان ينتمي الى القاعدة التي كانت قياداتها في ايران. وبعد
موته، انتقلت القيادة الى داعش التي تشكلت بمجملها من المساجين السابقين في السجون
السورية والعراقية والذين كانوا يتناغمون مع ما يخدم مصالح هذه الأنظمة.
إليكم هذه الطرفة
عن "تحرير" الموصل من الجيش العراقي. جاء حوالي ألفي مقاتل من الرقة
السورية الى الموصل لتحريرها. تستغرق المسافة بين المدينتين ما لا يقل عن سبع
ساعات. تصوروا أن هذه المسافة قطعها هؤلاء ولم يرهم أحد. ترك الجيش العراقي أسلحته
التي استولت عليها داعش وتركوا في البنوك أربعة ملايين دولاراً استولت عليها داعش.
بهذه الطريقة تم
تدمير المدن السورية والعراقية ذات لون مذهبي معين من أجل خلق وتعميق الكراهية بين
مكونات الشعب الواحد.
أعقب تدمير سورية
والعراق ضم الكيان الصهيوني الجولان السوري المحتل والاستيلاء على القدس واعتبارها
عاصمته الأبدية واعلان نيته تهويد الضفة الغربية والأغوار. وقد باشر بالخطوات
التنفيذية.
لبنان
يمر لبنان بأزمة
كبرى على جميع المستويات، وهذا ما يُسمى في الأدب السياسي: الوضع الثوري. فالطبقة
السياسية لم يعد بامكانها أن تحكم كما كانت تفعل سابقاً. والفوضى عامة على جميع
المستويات. الفساد معمم ولا من يُحاسب. وهذا يعود، ربما، لأن المنوط به المحاسبة
يجب أن يخضع للمحاسبة هو أيضاً.
أرادت السلطة أن
تقوم بتدقيق محاسبي جنائي، فتعاقدت مع شركة مديرها متهم بالتزوير. هذا أولاً.
وثانياً حافظت على السرية المصرفية بحيث أن هذه الشركة لا يحق لها الاطلاع على
الحسابات الخاصة. فكيف تُجري التحقيق؟
بالمقابل، لم تتمكن الانتفاضة، التي احتفلت بمرور سنة على انطلاقها، لم تتمكن حتى
الآن من الاتفاق على برنامج موحد. كما وأنها لم تتمكن من الخروج من البوتقة التي
وضعت نفسها فيها. كما وأن ارتباط الكثير من القوى المشاركة بالانتفاضة بعلاقات ما
مع الطبقة السياسية يمنع الانتفاضة من القيام بتطوير ايجابي لحركتها بما يجعلها
تشكل خطراً حقيقياً على النظام السياسي المتداعي. محصلة ذلك أن الوضع الثوري في
لبنان بفقدانه الشرط الذاتي لا يؤدي في المدى الراهن إلى ثورة تطيح بالنظام
الفاسد.
إن اضطرار الطبقة
السياسية إلى البدء بمحادثات غير مباشرة مع العدو من أجل ترسيم الحدود البحرية لم
يكن افرازاً سياسياً لبنانياً. إنما أتى من خارج السياق. وكانت الموافقة على
الترسيم رسالة اقليمية الى القوى المهيمنة عالمياً، انطلقت من لبنان. لذلك، لن
يفيد منها لبنان على المدى القريب!
لبنان وفلسطين
يجهد البعض على
اعتبار القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين أو العرب ولا تخص اللبنانيين الا من حيث
التضامن مع هذا الشعب الذي سلب الصهاينة أرضه وشردوه.
يوجد في لبنان
مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين لا يمكن حل قضيتهم الا بالعودة الآ أرضهم
المحتلة. من هنا، عودتهم هي قضية لبنانية بامتياز. هذا اذا لم نتحدث عن الكيان
الصهيوني من حيث الدور المنوط به من الادارة الأمريكية (والمحالفة الامبريالية)
لقمع شعوب المنطقة ومنعها من السيطرة على خيراتها ومنع تطور شعوبها بالقهر.
النظرة الموضوعية
تقتضي من اللبنانيين اعتبار القضية الفلسطينية قضيتهم الوطنية اللبنانية، وعليهم
بالتالي المساهمة العضوية بحلها وذلك بعودة أهلها اليها.
لبنان وسورية
لن يستقر الوضع في
لبنان قبل استقرار الوضع السوري. فأغلبية المهجرين السوريين لن يُسمح لهم بالعودة
الى أرضهم لأنهم لم يُهجروا منها بسبب القتال، إنما هُجروا من أجل مقتضيات
التغييرات الديموغرافية الضرورية لانبثاق النظام الجديد لسورية.
من هنا فاستقرار
الوضع في لبنان مرتبط أيضاً باستقرار الوضع السوري، اي باتفاق القوى الفاعلة في
المسألة السورية على النظام النهائي الذي سيقوم في سورية. وبالتالي، الى أين سيعود
النازحون السوريون!
لماذا نتحدث عن
الاقليم؟ وهل هو حاجة لبنانية؟
بعد التخلص من
الاستعمار الفرنسي والانكليزي والايطالي، وجد أكثر المفكرين ضرورة العودة الى وحدة
ما بين مختلف الدول المتشابهة تاريخياً. فهناك من تحدث بالوحدة السورية: سورية
الحالية بالاضافة الى لبنان، فلسطين الأردن والعراق. وهناك من تحدث بتوحيد دول
الجزيرة العربية: اليمن والسعودية والامارات... ومنهم من تحدث بوحدة وادي النيل
كما وبوحدة بلاد المغرب العربي.
لم تكن هذه
المطالبات في حينها، تشوبها شائبة. ذلك أن الاقتصاد الرأسمالي السائد، في حينه،
وفي مختلف المجتمعات لا يزال يحافظ على نطاقه القومي وفي أحسن الحالات الاقليمي أو
القاري.
بعد انفتاح أمريكا
على أوروبا وعلى العالم، تغير الوضع جذرياً. فقد انتقل الاقتصاد القومي للتوسع
خارج النطاق الاقليمي وتأسست الشركات المتعددة الجنسيات والمتعددة مساحة
الاستثمارات.
حالياً، نحن نعيش
في عصر العولمة النيوليبيرالية، حيث أصبح العالم، كما يحلو للبعض تسميته، قرية
كونية. لا وجود لرأسمال محلي أو وطني أو قومي. فقد أصبح الرأسمال يرتبط بنقطة
مركزية هي وول ستريت في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. الامبريالية أصبحت
عولمة نيوليبيرالية بمواصفات مختلفة وبميزات مختلفة. أي بمعنى آخر، أصبح النضال
للتحرر منها يتخذ أشكالاً مختلفة نوعياً عن تلك التي كانت سائدة.
شعر الرئيس
الفرنسي شارل ديغول بهذا الأمر باكراً، لذلك رأيناه ينفتح على العدو التقليدي
للفرنسيين: ألمانيا. وتحدث مع الألمان بضرورة تحرر أوروبا من الخضوع لأمريكا سواء
اقتصادياً أو عسكرياً. فقد كان، برأي ديغول أن توحد السوق الأوروبي سيمكن أوروبا من
الاستقلال عن الولايات المتحدة الأمريكية. ونشأت السوق الأوروبية المشتركة، تحت
راية الاستقلال عن أمريكا. وتطورت السوق الأوروبية الى الاتحاد الأوروبي والى توحد
العملة المحلية الى عملة قارية هي اليورو.
رغم كل ذلك لم
تتمكن أوروبا من التخلص من السيطرة الأمريكية. هذه التبعية أعادها وزراء الدفاع
الأوروبيون الى تخلفهم عسكرياً.
وكان الشعار،
الرأسمال بحاجة الى حملات طائرات لحمايته. وظلت اوروبا خاضعة للهيمنة الأمريكية.
من هنا، نرى أن
امكانية التمتع بهامش من الاستقلالية عن الخضوع للمركز الرأسمالي يستوجب وجود كتلة
متجانسة تملك امكانية الاستمرار. هذه الامكانية تتعلق بالحجم السكاني وبالامكانيات
الاقتصادية وبالاستعداد للدفاع عن استقلالها.
الاقليم الذي
نتحدث عنه يتمتع بحجم سكاني لا بأس به وبامكانات اقتصادية كامنة تمكنه من
الاستغناء عن الآخر. وهذه الدول تملك تاريخاً مشتركاً يعود الى آلاف السنين.
وعلينا الاشارة أن
التكامل الاقتصادي لا يتطلب مطلقاً التخلي عن الميزات القومية لكل شعب من شعوب
الاقليم: التركي يظل تركيا والفارسي فارسياً والكردي كردياً ...الخ
لماذا يتفتت
الاقليم بالرغم من انفتاح الجميع على الجميع؟
يوجد في اقليمنا
ثلاث دول ينطبق عليها هذا التعريف: تركيا، ايران وكيان العدو الصهيوني. لكل من هذه
الدول مشروعها الخاص وليس مشروعاً لشعوب الاقليم. ايران لها مشروعها التوسعي الذي
تعمل من أجله وليس مشروعاً تكاملياً مع الدول التي تتواجد فيها عسكرياً: العراق، سورية
ولبنان. أما وضع اليمن فيختلف قليلاً.
وكذلك تركيا،
تتوسع في سورية والعراق وتتفاهم مع ايران من دون طرح لايجاد تكامل بين ايران
وتركيا بالاضافة الى سورية والعراق ولبنان وربما الأردن.
ما يحل جميع مشاكل
أهل هذا الاقليم ويخلصهم من المجاعة والعوز والهيمنة للعولمة النيوليبيرالية هو
وضع برنامج تكاملي لا يسلب أي دولة استقلاليتها كما ولا يسمح لها بالتخريب على
المشروع التكاملي.
خلاصة
لا يمكن لأي دولة
من دول الاقليم أن تتحرر الا بالعمل الدؤوب على التكامل، ومنها لبنان.
اقليم، لا عدو فيه
الا الكيان الصهيوني. يُضاف الى هذا العدو التخلف والعوز والتبعية.
التكامل الاقليمي
يعطي كل مجتمع دوره في نطاق الاقليم الذي يؤمن القاعدة المادية للتحرر من
الصهيونية والعولمة النيوليبيرالية.
28/تشرين
الأول/أوكتوبر/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق