واقع اللغة العربية في المدارس
نظّمت اللجنة الوطنية لليونسكو طاولة مستديرة عن التجارب الجامعية في «قياس كفاءة الطلاب في اللغة العربية»، بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم، بحضور ممثلين عن أقسام اللغة العربية في عدد من الجامعات والثانويات اللبنانية.
وتبيّن من المداخلات أنّ بعض الجامعات يفرض مادة اللغة العربية على جميع الطلاب لنيل أية شهادة في أي اختصاص. من هذه الجامعات الجامعة الأميركية في بيروت التي تعطي مادة «قراءات في الأدب العربي الحديث»، كما قال الأستاذ في الجامعة فواز طوقان. ورأى طوقان أنّ اللغة موقف اجتماعي، ولغتنا العربية تتحوّل إلى لغة ثانية وهامشية عند الطلاب.
وعرض الأستاذ في جامعة القديس يوسف الدكتور هنري عويط تجربة الجامعة في تقويم طلابها عبر اختبار اللغة العربية المتنوع ومحاولة تخطي القوالب الجاهزة لدى الطلاب التي تأتي منها معظم أخطائهم وأبرزها مع كتابة الهمزة، كما لاحظ.
أما الدكتور ربيع أبي فاضل من الجامعة اللبنانية فأحصى خمسين خطأً صرفياً ونحوياً في مسابقة لطالب في السنة الأولى. ولفت فاضل إلى أنّّ الخطأ لا يقع دائماً على عاتق الطالب لأنّ المعلم مسؤول أيضاً. فكرة وافقه عليها الدكتور نادر سراج من الجامعة اللبنانية الذي أكد وجوب قياس كفاءة الأهل والفضاء الإعلامي والبيئة التربوية المحيطة بالطالب لمعالجة أساس المشكلة. وأوضح سراج أنّ هناك مشكلة في نظام القيم لدينا فنفاضل بين الفرنسية والعربية التي نتندر عليها ونسميها المكسيكية.
كذلك أجمع عدد من المشاركين على أهمية المطالعة في تحسين مستوى اللغة العربية. فقالت الأستاذة في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) سمر مجاعص إنّه رغم لحظ المنهجية الجديدة في المدارس مطالعة كتابين في السنة هناك ندرة كبيرة في المطالعة في صفوف الطلاب. ورأت أنّ اكتساب اللغة يكون بالممارسة وممارسة اللغة الفصحى محدودة جداً.
وأشار الأستاذ في جامعة البلمند نعيم أروادي إلى التراجع في مستوى الطلاب الجدد الذين يتزايد عدد من يحصلون على علامات متدنية، عبر اختبارهم بالطريقة نفسها لثلاث سنوات متتالية. وأوضح أنّ الطلاب يفقدون رغبتهم في اللغة العربية ربما لأنّ نوع النصوص المستخدمة في التعليم تنفّرهم. ووافقت الأستاذة في جامعة المنار سمر كرامي على هذه الفكرة، وأكدت أنّ من الأفضل العمل انطلاقاً من نص يجذب الطالب للوصول إلى القواعد.
أما الأستاذ في جامعة الروح القدس ـ الكسليك جوزيف شريم فقال إنّ الجامعة تضع أسئلة اللغة العربية بطريقة إيجابية كي لا ينال أي طالب أقل من 40 % من العلامة.
وذكّر الأستاذ المتقاعد من الجامعة اللبنانية الدكتور أحمد أبو حاقة بقصيدة كتبها الشاعر حافظ إبراهيم عام 1903 بعنوان «اللغة العربية تنعى حظها» التي لا تزال بعد أكثر من قرن شاهدة على تراجع مستوى اللغة العربية بين الطلاب.
لقدسبق لنا التحدث عن واقع اللغة العربية الأليم وضرورة التصدي لاصلاح هذا الواقع، وذلك انطلاقاً مما توصلت اليه الدراسات المستجدة في موضوع التعليم.
لقد أجريت الكثير من الدراسات في الغرب عن واقع اللغة، وبالتحديد القراءة، وقد تبين نتيجة هذه الدراسات أن هناك واقعا مأسويا بالنسبة للقراءة عند نسبة لا يستهان بها عند الطلاب الذين تجاوزوا المرحلة الابتدائية أي الصف السادس أساسي. ومن الجدير ذكره أن هذه الدراسات جرت في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من البلدان. وكان اجماعاً من الخبراء في هذه البلدان بأن حل مشكلة "القراءة" لا يتم في مرحلة التعليم الجامعي كما أجمع عليه جميع من تقدم ذكرهم من الخبراء في الجامعات التي سبق ذكرها. وأضيف بأن الكلام في مقدمة المقال منقول حرفيا عن جريدة الأخبار اللبنانية تاريخ 23 شباط فبراير 2009. لقد أجمع الخبراء أن تعلم القراءة يتم في مرحلة الروضات الى الصف الأول. كما وأثبتت الدراسات أن طريقة التعليم تلعب دوراً أساسياً في تعلم الطفل للقراءة. أي بصيغة أخرى، اذا كانت طريقة التعليم غير مناسبة أو خاطئة فهذا من الممكن أن يؤدي الى ما يسمى الديسلاكسيا الغير مرضية (fausse dyslexie )، وهذه تؤدي الى اعاقة تعلم القراءة عند الطفل. كما وأن هذه الدراسات أدت الى كثير من الحقائق التي لا يمكن تجاوزها ومع ذلك نرى أن من بيدهم القرار لا يولون هذه الحقائق أي اعتبار، وأعني المسؤولين في جميع الدول العربية من دون استثناء. ان الاطلاع على هذه الحقائق سوف يثبت صحة ما ذهبت اليه:
1 – لقد تمكن علماء الأعصاب من تصوير كيفية عمل الدماغ عندما يتعلم المرء القراءة، وذلك بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. وقد تبين أن المنطقة التي تنشط هي الجزء الأيسر من الدماغ والمسؤول عن تحليل المعطيات وأن الدماغ لا يقبل الكلمة ك"صورة" انما يحللها الى عناصرها المكونة لها أي الحروف.
ما أهمية ما تقدم على صعيد تعليم القراءة؟ ان الطريقة المتبعة في تعليم القراءة في جميع الدول العربية بدون استثناء هي الطريقة المجملة أو الكلية أو الطرق ذات الانطلاقة الكلية أو المجملة، وهذه الطرق تعلم الطفل القراءة على أن الكلمة هي صورة وهذا ما لايقبله الدماغ كما مر معنا.
2 – لقد أثبتت الدراسات أن العمر الأمثل لتعلم اللغات بالنسبة للانسان هو من الولادة حتى عمر الست السنوات. ولا نرى الوزارات المسؤولة عن تأمين التعليم لأطفالنا تستغل هذه المرحلة العمرية لتأمين أفضل التعليم لأطفالنا.
3 – لقد أثبتت الدراسات أن تعلم الطفل للفونيمات (الأصوات) الممثلة للأحرف لا يتقدم مع العمر انما يتطور بشكله الصحيح اذا تم تعلمه بشكله الصحيح في الطفولة.
4 – لقد تبين أن الطريقة الوحيدة التي تتآلف مع آلية عمل الدماغ في تعلم القراءة هي الطريقة التركيبية والتي تبدأ من تعلم الأصوات والأشكال التي تمثل هذه الأصوات، على أن لا يتعرض الطفل الى أية كلمة لا يعرف جميع أشكالها لأنها سوف تشكل له اعاقة في هذا الموضوع.
5 – ان موضوعاً على هذا القدر من الأهمية على الصعيد القومي لا يحل بالطرق الدونكيشوتية، انما يحل بطريقة مسؤولة تستدعي الرجوع الى جميع ما استجد من الأبحاث والدراسات على الصعيد العالمي.
وقبل أن ننهي هذه المقالة لا بد أن نرد على ما قالته وزيرة التربية اللبنانية تعليقا على ما قامت به لجنة الأونيسكو "لغتنا بخير وتراثنا موجود لكن نحن لا نعرف كيف نتعامل معهما". لغتنا ليست بخير لأنها لا تجد من يهتم بها حتى وان أكد الجميع أنها بخير. ستصبح بخير عندما يتعامل معها المسؤولون بالشكل الجاد الذي يؤدي الى اعادة احيائها وهذا ما يتمناه كل من أعطاه الله أدنى قدر من الحس القومي و الوطني والاسلامي.
24 شباط 2009 حسن ملاط
بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية
حسن ملاط
- فكر وتربية
- القلمون, طرابلس, Lebanon
- كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.
الثلاثاء، 24 فبراير 2009
السبت، 21 فبراير 2009
تيار الوسطية
بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني للوسطية في طرابلس - لبنان تيار الوسطية - حسن ملاط
2009-02-20
خاص لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية
ظروف نشأة ما يسمى ب"تيار الوسطية"
ان نشوء تيار الوسطية كان لأسباب سياسية بامتياز، ولم يكن لتذكر البعض أن الدين الاسلامي هو دين الوسطية. فهذا "الابتكار أو الابداع والخلق" قد عرفه المتقدمون من العلماء المسلمين، حيث أنهم نالوا حظ قراءة القرآن الكريم وتدبره وقرأوا الآية الكريمة التي تقول بأن الله تبارك وتعالى قد جعلنا أمةً وسطاً، ولم تكن أمتنا بحاجة للانتظار حتى عام 2002 حتى تعلم أن الاسلام هو دين الوسطية. فبدلاً من العمل بمقتضيات الآية الكريمة رأينا البعض يسارع الى انشاء تيار يسمى "بتيار الوسطية" وغايته العمل بما يناقض مقتضيات الآية الكريمة وبما يناقض كل ما أمر به الله عز وجل، أللهم الا الرسوم والأشكال على ما جاء عند شيخ الاسلام ابن القيم الجوزية. فالذين يوالون الشيطان ويقومون بحركات الصلاة أو يمتنعون عن الأكل والشراب لا يمكن تسميتهم بمقيمي الصلاة أو بالصائمين طاعةً لله. لأنه من غير المقبول طاعة الله في أمر ما ومخالفته في أمر آخر مع معرفتك بأنك تخالفه. وبذلك تصبح الصلاة هي أقرب لاقامة الحركات منها لاقامة الصلاة كما أمر بها ربنا تبارك وتعالى، الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وموالاة المستعمرين والمستكبرين هي فحشاء ومنكر. ومن"لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليست بصلاة"
بعد انهيار برجي نيويورك، طلبت أمريكا من الدول الاسلامية تغيير مناهجها التعليمية: أي اقصاء الاسلام عن نفوس الناشئة. وأصبح الارهاب والاسلام لهما نفس الدلالة في الغرب نتيجة الضخ الاعلامي الأمريكي بشكل خاص والغربي بشكل عام. وهذه عينة من الرؤية الغربية لقضايانا العادلة وكيفية تجاوب قادة الغرب معها:
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي ، أعلن الرئيس الأمريكي "بوش الأول" أن عدو الغرب أصبح ”الاسلام“.
انتقد بريجنسكي ، رئيس مجلس الأمن القومي سابقا، الرئيس الأميركي جورج بوش على خلفية تشبيه الأخير الأصولية الاسلامية بالشيوعية. وهذا النقد هو على خلفية الممارسة السياسية السيئة وليس على خلفية احترام المسلمين.
ولا تزال خلفيات الحروب الصليبية أيضا تحرك العديد من الأوساط والجهات في العالم الغربي ضد الإسلام والمسلمين (على حد تعبير أحد المفكرين الذي أشاطره الرأي) ومن ذلك تصريح الرئيس الأمريكي "بوش الثاني" بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 عندما أشار إلى الحروب الصليبية ثم تراجع عن التصريح وليس عن المضمون إضافة إلى تصريح برلسكوني (رئيس وزراء ايطاليا الحالي) الشهير الذي اعتبر أن الحضارة العربية الإسلامية حضارة هجينة وكذلك الإساءة للقرآن الكريم في معتقلات باغرام وغوانتانامو إضافة إلى منع المسلمين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى الأسير...وغيرها كثير.
جاء بوش "الصغير" الى فلسطين لتهنئة الصهاينة باغتصابها.
قال بوش إنّ : ”أسفي الوحيد يكمن في أنّ أحد قادة إسرائيل الكبار ليس هنا لمشاركتنا هذه اللحظة... صلوات الشعب الأميركي لأرييل شارون“.
وأضاف : ”نجتمع للاحتفال بمناسبة مهمة، فقبل ستين عاماً أعلن ديفيد بن غوريون استقلال إسرائيل، مؤسساً بذلك الحق الطبيعي للشعب اليهودي بتقرير مصيره، وكان ذلك التزاماً بالوعد القديم لإبراهيم وموسى وداوود، بمنح الشعب المختار وطناً له“.
ورأى بوش أنّ : ”القاعدة وحزب الله وحماس ستلحق بهم الهزيمة حيث يدرك المسلمون في كل مكان بعدم عدالة قضيتهم“.
وأضاف: ”ستكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة وسينتهي حزب الله وحركة حماس“.
وأكد بوش أنّ : ”التحالف بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية لا يمكن تحطيمه“.
قال «دعوني أكن واضحا... أمن إسرائيل مقدس. هذا أمر غير قابل للتفاوض. الفلسطينيون بحاجة إلى دولة مترابطة وذات تواصل، وهذا سيسمح لهم بالازدهار، ولكن أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يتعين أن يحفظ هوية إسرائيل كدولة يهودية ذات حدود آمنة معترف بها ويمكن الدفاع عنها. وستظل القدس عاصمة لإسرائيل، ويتعين أن تظل موحدة».
أما أوباما عندما جاء الى اسرائيل ليقدم أوراق اعتماده كمرشح للرئاسة الأمريكية فقد قال: إن «إيران تشكل أكبر تهديد لإسرائيل وللسلام والاستقرار في المنطقة. هذا التهديد خطير وحقيقي، وسيكون هدفي هو القضاء على ذلك التهديد». وأضاف «سأفعل كل شيء بوسعي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي... كل شيء». وصفق له الحضور وقوفا.
قال اوباما «هذا ما أتعهد بالقيام به كرئيس للولايات المتحدة. إن التهديدات لإسرائيل قريبة منها، لكنها لا تنتهي هناك. سوريا تواصل دعم الإرهاب والتدخل في لبنان، وقد قامت سوريا بخطوات خطيرة للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ولهذا يمكن تبرير العمل الذي قامت به إسرائيل (الإغارة على سوريا) لإنهاء هذا التهديد».
أما ساركوزي رئيس فرنسا فقد قال: اكتمالاً لوعد تناقلته الأجيال، منذ التشتت، بالعودة إلى مكان ولادة الشعب اليهودي. (احتلال فلسطين وطرد أهلها).
لا توجد أية دولة في العالم أثارت في لحظة ولادتها ذلك الأمل الذي أثارته إسرائيل في صفوف أولئك الذين لم يكلوا عن معارضة البربرية بقوة الروح. (تعظيمه الصهاينة لقتلهم الفلسطينيين أصحاب الأرض، أما دفاع الفلسطينيين عن أرضهم فهو ارهاب).
أريد أن أندد بكل قوة بأسر مواطننا جلعاد شاليت، وأوجه نداءً جديداً لخاطفيه: يجب إطلاق سراح جلعاد. (أسر في حضن أمه).
لم تنجح أمريكا في جميع معاركها الاستئصالية للاسلام: الصومال، أفغانستان، باكستان، لبنان، فلسطين والعراق. فما كان منها الا أن لجأت الى "أصدقائها" (عفواً على التعبير: لأن ليس لها أصدقاء في بلادنا) لاتمام هذه المهمة. فطلبت من هؤلاء المسارعة الى تجفيف كل مصادر المساعدات التي تصل الى المعوزين من المسلمين في جميع أنحاء العالم. وقد تعرض للعقوبات كل من تجرأ وخالف هذا الأمر. وقد تبين لأمريكا وحلفائها أن هذا الاجراء لم يقض على مقاومة الشعوب الاسلامية لها (الارهاب)، فما كان منها الا أن سارعت الى اعطاء الأمر بضرورة تغيير المناهج التعليمية. ونحن نعلم أن القرآن والسنة يحضان على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد المعتدين أي الارهاب حسب التعبير الأمريكي، فما عليها الا أن تمنع هذا التعليم! وحيث أن ما من أحد مهما علا شأنه بامكانه منع تعليم القرآن أو تحريفه فقد لجأ "الأصدقاء" المطيعون الى العمل على تشويه المفاهيم الاسلامية، وكان نشوء "تيار الوسطية" باشراف ودعم من الملك الوسطي عبد الله الثاني. وقد شكل هذا الانجاز فتحاً للمسبحين بحمد أمريكا على امتداد الوطن العربي والبلاد الاسلامية حيث يوجد ما يسمى "الاسلام الجهادي".
هذه هي ظروف نشأة هذا التيار فلنتحدث الآن عن مضمون دعوته.
بعد أن تمكن النظام السعودي من تطويع الشيخ سلمان بن فهد العودة (عارض وجود القوات الأمريكية في السعودية وتأمين ملاذ آمن لها عند غزو العراق) أصبح شيخنا من المؤيدين لتيار الوسطية.يقول في هذا المجال: "والأزمات الحالية تساعد على صناعة المناخ الذي يولد فيه التطرف ويتكاثر، كالأزمات التي يعانيها المسلمون في فلسطين والعراق ولبنان، فهي تشحن النفوس بالغضب والانفعال والشعور بالقهر، مما يجعله أكثر استعداداً للتطرف وأقرب قابلية له".
ثم يردف فيقول: "إن مسؤوليتنا جميعاً أن نشيع الأجواء الهادئة المعتدلة، وننشر القراءة الموضوعية للأشياء، وللعلماء والمصلحين والمؤثرين دورٌ بارزٌ في نشر الوسطية، وصناعة القدوة في التعامل مع الأحداث والأشخاص والأشياء والأفكار، دون تنابز، ولا سخرية، ولا خصام، ولا اتهام".
لقد اعتبر دكتورنا العزيز موضوعة الصدام مع العدو الصهيوني أو الادارة الأمريكية المحتلين تطرفاً كما اعتبر الصدام معهما وكأنه مسألة شخصية، وهذا ما يلجأ اليه البعض حتى يسهل عليه التلفيق. في فلسطين شعب طرده اليهود الصهاينة بمعاونة الغرب من أرضه، عليه أن لا يخاصم وأن يكون وسطياًً. عليه أن يقنع اليهود بالتي هي أحسن اعادة أرضه! وفي العراق حيث الاحتلال الأمريكي يرزح، هل على الشعب العراقي أن لا يحارب الاحتلال حتى لا يكون ارهابيا! وفي لبنان، كذلك رأينا الاحتلال كيف خرج بواسطة الاقناع والوساطة الأمريكية! أليس كذلك؟ لقد اعتبر النبي صلى الله عليه و سلم من يموت دون أرضه شهيداً، وصاحبنا الشيخ يعتبره متطرفاً.
ويجهد "الوسطيون" "الى الدعوة الى قيام شراكة انسانية قويمة، قوامها التبادل العادل للمصالح، والسعي الجاد لخفض أصوات الغلاة من الطرفين". والطرفان اللذان يعنيهما هذا الممثل للوسطية هما اما نحن والغرب، اما نحن واسرائيل أما بالنسبة للغرب فنقول بأن الشراكة القويمة والتبادل العادل للمصالح في عصر العولمة لا تكون الا بين الأقوياء. والمراقب لانعكاسات الأزمة الاقتصادية الحالية يدرك ما نذهب اليه. أما مع العدو الصهيوني فنقول بأن من يقاتل دون أرضه ودون حقه لا يكون مغاليا. انما يقوم بواجبه. ويكون بالتالي وسطياً تبعاً لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وللدلالة على صحة توجههم "الاقناعي" يقول هؤلاء أن الضمير الغربي قد تأثر مما يحصل في فلسطين! جاء كيري عضو الكونغرس الأمريكي الى غزة ورئيس لجنة الشؤون الخارجية ووقف على أطلال هذه المدينة الصامدة يرثي اسرائيل، نعم اسرائيل، وصعوبة ما تتحمله من اعتداء حماس والشعب الفلسطيني عليها. فما تريده الادارة الأمريكية أن تتخلى حماس والمنظمات المقاومة الأخرى عن سلاحها حتى يتسنى لاسرائيل أن تقضم ما تبقى من فلسطين وتساعدنا أمريكا والغرب باقامة مجلس عزاء "ضخم" للبكاء على ضياع فلسطين. وهم مستعدون لذرف الدموع كدلالة على تأثر ضميرهم مما يحصل في فلسطين. ما يسر الغرب والادارة الأمريكية هو ما فعله الملك الأردني بتخليه عن الأرض للعدو الصهيوني في اتفاقية "وادي عربة"، ولا شيء سوى ذلك.
ويتحدث منظرو الوسطية عن الأمن والسلام و الدعوة الى ما يسمونه "التساكن الحضاري". لا أريد أن أتهمهم بأنهم يريدون القول أن من يقاوم المحتل يكون همجياً أو لاحضارياً، انما أريد القول أن التساكن الحضاري لا يمكن أن يكون بين المحتل والمغتصبة أرضه. هؤلاء يكون بينهم القتال وهذه شريعة الهية ودولية. أما عن الأمن والسلام فما من أحد الا ويعمل من أجل الأمن والسلام ولكن شرطهما مع الغرب هو اعادة الحقوق المسلوبة لشعوبنا، الحقوق السياسية والاقتصادية والأخلاقية (باعتذارهم عن جرائمهم) وغيرها. وبذلك نصل الى ما نصبو اليه. أما من يتخلى عن حقوقه فيكون مرذولاً في الدنيا والآخرة.
ويضيف منظرو الوسطية قائلين: "ولعل ظاهرة التعصب والعنف التي تعصف بالمجتمعات البشرية في عصرنا الحديث، ومنها المجتمعات الإسلامية، يحتم علينا الرجوع إلى مفهوم الإسلام الصحيح القائم على وسطية الحق والعدل".
نقول: التعصب والعنف هي الممارسات التي يقوم بها الغرب والصهاينة ضد المجتمعات الاسلامية، سواء في فلسطين أو العراق أو الصومال... ومجابهة هذا العنف يكون كما قال ربنا تبارك وتعالى :“وأعدوا لهم ما استطتم من قوة“.
وشرح ”الخطيب“ (أحد المنظرين) مختتما كلمته:" الوسطية ليست تساهلاً في الحياة ولا تنازلاً، ونحن بأمس الحاجة للمحافظة على قيمنا وأخلاقنا لكي تستمر الحضارة. والإسلام يدعو الى الحلول الوسط مع شرط التمسك بحقوق الإسلام كاملة والتحضّر جيدا للجهاد لمنع الأذى والعدوان عن الأمة".
لولا أننا لا نعلم تمام العلم أنهم يعتبرون من يدافع عن العدو ويتنازل عن حق بلاده لهذا العدو اماماً لهم لما كان بامكاننا القول "هذا كلام حق يراد به باطل".
هذه اطلالة سريعة على ما يدعو اليه هؤلاء، والتي اعتبرتها ضرورية لخطورة التشويه الذي يدخلونه الى المفاهيم الصحيحة. كما وأنه من الضروري ملاحقة طروحاتهم للرد عليها في أوقاتها، لأن هذا التيار هو من التيارات الأكثر نشاطاً على الصعيد التبشيري تبعا ًلخطورة المهمة المنوط به القيام بها.
2009-02-20
خاص لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية
ظروف نشأة ما يسمى ب"تيار الوسطية"
ان نشوء تيار الوسطية كان لأسباب سياسية بامتياز، ولم يكن لتذكر البعض أن الدين الاسلامي هو دين الوسطية. فهذا "الابتكار أو الابداع والخلق" قد عرفه المتقدمون من العلماء المسلمين، حيث أنهم نالوا حظ قراءة القرآن الكريم وتدبره وقرأوا الآية الكريمة التي تقول بأن الله تبارك وتعالى قد جعلنا أمةً وسطاً، ولم تكن أمتنا بحاجة للانتظار حتى عام 2002 حتى تعلم أن الاسلام هو دين الوسطية. فبدلاً من العمل بمقتضيات الآية الكريمة رأينا البعض يسارع الى انشاء تيار يسمى "بتيار الوسطية" وغايته العمل بما يناقض مقتضيات الآية الكريمة وبما يناقض كل ما أمر به الله عز وجل، أللهم الا الرسوم والأشكال على ما جاء عند شيخ الاسلام ابن القيم الجوزية. فالذين يوالون الشيطان ويقومون بحركات الصلاة أو يمتنعون عن الأكل والشراب لا يمكن تسميتهم بمقيمي الصلاة أو بالصائمين طاعةً لله. لأنه من غير المقبول طاعة الله في أمر ما ومخالفته في أمر آخر مع معرفتك بأنك تخالفه. وبذلك تصبح الصلاة هي أقرب لاقامة الحركات منها لاقامة الصلاة كما أمر بها ربنا تبارك وتعالى، الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وموالاة المستعمرين والمستكبرين هي فحشاء ومنكر. ومن"لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليست بصلاة"
بعد انهيار برجي نيويورك، طلبت أمريكا من الدول الاسلامية تغيير مناهجها التعليمية: أي اقصاء الاسلام عن نفوس الناشئة. وأصبح الارهاب والاسلام لهما نفس الدلالة في الغرب نتيجة الضخ الاعلامي الأمريكي بشكل خاص والغربي بشكل عام. وهذه عينة من الرؤية الغربية لقضايانا العادلة وكيفية تجاوب قادة الغرب معها:
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي ، أعلن الرئيس الأمريكي "بوش الأول" أن عدو الغرب أصبح ”الاسلام“.
انتقد بريجنسكي ، رئيس مجلس الأمن القومي سابقا، الرئيس الأميركي جورج بوش على خلفية تشبيه الأخير الأصولية الاسلامية بالشيوعية. وهذا النقد هو على خلفية الممارسة السياسية السيئة وليس على خلفية احترام المسلمين.
ولا تزال خلفيات الحروب الصليبية أيضا تحرك العديد من الأوساط والجهات في العالم الغربي ضد الإسلام والمسلمين (على حد تعبير أحد المفكرين الذي أشاطره الرأي) ومن ذلك تصريح الرئيس الأمريكي "بوش الثاني" بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 عندما أشار إلى الحروب الصليبية ثم تراجع عن التصريح وليس عن المضمون إضافة إلى تصريح برلسكوني (رئيس وزراء ايطاليا الحالي) الشهير الذي اعتبر أن الحضارة العربية الإسلامية حضارة هجينة وكذلك الإساءة للقرآن الكريم في معتقلات باغرام وغوانتانامو إضافة إلى منع المسلمين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى الأسير...وغيرها كثير.
جاء بوش "الصغير" الى فلسطين لتهنئة الصهاينة باغتصابها.
قال بوش إنّ : ”أسفي الوحيد يكمن في أنّ أحد قادة إسرائيل الكبار ليس هنا لمشاركتنا هذه اللحظة... صلوات الشعب الأميركي لأرييل شارون“.
وأضاف : ”نجتمع للاحتفال بمناسبة مهمة، فقبل ستين عاماً أعلن ديفيد بن غوريون استقلال إسرائيل، مؤسساً بذلك الحق الطبيعي للشعب اليهودي بتقرير مصيره، وكان ذلك التزاماً بالوعد القديم لإبراهيم وموسى وداوود، بمنح الشعب المختار وطناً له“.
ورأى بوش أنّ : ”القاعدة وحزب الله وحماس ستلحق بهم الهزيمة حيث يدرك المسلمون في كل مكان بعدم عدالة قضيتهم“.
وأضاف: ”ستكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة وسينتهي حزب الله وحركة حماس“.
وأكد بوش أنّ : ”التحالف بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية لا يمكن تحطيمه“.
قال «دعوني أكن واضحا... أمن إسرائيل مقدس. هذا أمر غير قابل للتفاوض. الفلسطينيون بحاجة إلى دولة مترابطة وذات تواصل، وهذا سيسمح لهم بالازدهار، ولكن أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يتعين أن يحفظ هوية إسرائيل كدولة يهودية ذات حدود آمنة معترف بها ويمكن الدفاع عنها. وستظل القدس عاصمة لإسرائيل، ويتعين أن تظل موحدة».
أما أوباما عندما جاء الى اسرائيل ليقدم أوراق اعتماده كمرشح للرئاسة الأمريكية فقد قال: إن «إيران تشكل أكبر تهديد لإسرائيل وللسلام والاستقرار في المنطقة. هذا التهديد خطير وحقيقي، وسيكون هدفي هو القضاء على ذلك التهديد». وأضاف «سأفعل كل شيء بوسعي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي... كل شيء». وصفق له الحضور وقوفا.
قال اوباما «هذا ما أتعهد بالقيام به كرئيس للولايات المتحدة. إن التهديدات لإسرائيل قريبة منها، لكنها لا تنتهي هناك. سوريا تواصل دعم الإرهاب والتدخل في لبنان، وقد قامت سوريا بخطوات خطيرة للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ولهذا يمكن تبرير العمل الذي قامت به إسرائيل (الإغارة على سوريا) لإنهاء هذا التهديد».
أما ساركوزي رئيس فرنسا فقد قال: اكتمالاً لوعد تناقلته الأجيال، منذ التشتت، بالعودة إلى مكان ولادة الشعب اليهودي. (احتلال فلسطين وطرد أهلها).
لا توجد أية دولة في العالم أثارت في لحظة ولادتها ذلك الأمل الذي أثارته إسرائيل في صفوف أولئك الذين لم يكلوا عن معارضة البربرية بقوة الروح. (تعظيمه الصهاينة لقتلهم الفلسطينيين أصحاب الأرض، أما دفاع الفلسطينيين عن أرضهم فهو ارهاب).
أريد أن أندد بكل قوة بأسر مواطننا جلعاد شاليت، وأوجه نداءً جديداً لخاطفيه: يجب إطلاق سراح جلعاد. (أسر في حضن أمه).
لم تنجح أمريكا في جميع معاركها الاستئصالية للاسلام: الصومال، أفغانستان، باكستان، لبنان، فلسطين والعراق. فما كان منها الا أن لجأت الى "أصدقائها" (عفواً على التعبير: لأن ليس لها أصدقاء في بلادنا) لاتمام هذه المهمة. فطلبت من هؤلاء المسارعة الى تجفيف كل مصادر المساعدات التي تصل الى المعوزين من المسلمين في جميع أنحاء العالم. وقد تعرض للعقوبات كل من تجرأ وخالف هذا الأمر. وقد تبين لأمريكا وحلفائها أن هذا الاجراء لم يقض على مقاومة الشعوب الاسلامية لها (الارهاب)، فما كان منها الا أن سارعت الى اعطاء الأمر بضرورة تغيير المناهج التعليمية. ونحن نعلم أن القرآن والسنة يحضان على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد المعتدين أي الارهاب حسب التعبير الأمريكي، فما عليها الا أن تمنع هذا التعليم! وحيث أن ما من أحد مهما علا شأنه بامكانه منع تعليم القرآن أو تحريفه فقد لجأ "الأصدقاء" المطيعون الى العمل على تشويه المفاهيم الاسلامية، وكان نشوء "تيار الوسطية" باشراف ودعم من الملك الوسطي عبد الله الثاني. وقد شكل هذا الانجاز فتحاً للمسبحين بحمد أمريكا على امتداد الوطن العربي والبلاد الاسلامية حيث يوجد ما يسمى "الاسلام الجهادي".
هذه هي ظروف نشأة هذا التيار فلنتحدث الآن عن مضمون دعوته.
بعد أن تمكن النظام السعودي من تطويع الشيخ سلمان بن فهد العودة (عارض وجود القوات الأمريكية في السعودية وتأمين ملاذ آمن لها عند غزو العراق) أصبح شيخنا من المؤيدين لتيار الوسطية.يقول في هذا المجال: "والأزمات الحالية تساعد على صناعة المناخ الذي يولد فيه التطرف ويتكاثر، كالأزمات التي يعانيها المسلمون في فلسطين والعراق ولبنان، فهي تشحن النفوس بالغضب والانفعال والشعور بالقهر، مما يجعله أكثر استعداداً للتطرف وأقرب قابلية له".
ثم يردف فيقول: "إن مسؤوليتنا جميعاً أن نشيع الأجواء الهادئة المعتدلة، وننشر القراءة الموضوعية للأشياء، وللعلماء والمصلحين والمؤثرين دورٌ بارزٌ في نشر الوسطية، وصناعة القدوة في التعامل مع الأحداث والأشخاص والأشياء والأفكار، دون تنابز، ولا سخرية، ولا خصام، ولا اتهام".
لقد اعتبر دكتورنا العزيز موضوعة الصدام مع العدو الصهيوني أو الادارة الأمريكية المحتلين تطرفاً كما اعتبر الصدام معهما وكأنه مسألة شخصية، وهذا ما يلجأ اليه البعض حتى يسهل عليه التلفيق. في فلسطين شعب طرده اليهود الصهاينة بمعاونة الغرب من أرضه، عليه أن لا يخاصم وأن يكون وسطياًً. عليه أن يقنع اليهود بالتي هي أحسن اعادة أرضه! وفي العراق حيث الاحتلال الأمريكي يرزح، هل على الشعب العراقي أن لا يحارب الاحتلال حتى لا يكون ارهابيا! وفي لبنان، كذلك رأينا الاحتلال كيف خرج بواسطة الاقناع والوساطة الأمريكية! أليس كذلك؟ لقد اعتبر النبي صلى الله عليه و سلم من يموت دون أرضه شهيداً، وصاحبنا الشيخ يعتبره متطرفاً.
ويجهد "الوسطيون" "الى الدعوة الى قيام شراكة انسانية قويمة، قوامها التبادل العادل للمصالح، والسعي الجاد لخفض أصوات الغلاة من الطرفين". والطرفان اللذان يعنيهما هذا الممثل للوسطية هما اما نحن والغرب، اما نحن واسرائيل أما بالنسبة للغرب فنقول بأن الشراكة القويمة والتبادل العادل للمصالح في عصر العولمة لا تكون الا بين الأقوياء. والمراقب لانعكاسات الأزمة الاقتصادية الحالية يدرك ما نذهب اليه. أما مع العدو الصهيوني فنقول بأن من يقاتل دون أرضه ودون حقه لا يكون مغاليا. انما يقوم بواجبه. ويكون بالتالي وسطياً تبعاً لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وللدلالة على صحة توجههم "الاقناعي" يقول هؤلاء أن الضمير الغربي قد تأثر مما يحصل في فلسطين! جاء كيري عضو الكونغرس الأمريكي الى غزة ورئيس لجنة الشؤون الخارجية ووقف على أطلال هذه المدينة الصامدة يرثي اسرائيل، نعم اسرائيل، وصعوبة ما تتحمله من اعتداء حماس والشعب الفلسطيني عليها. فما تريده الادارة الأمريكية أن تتخلى حماس والمنظمات المقاومة الأخرى عن سلاحها حتى يتسنى لاسرائيل أن تقضم ما تبقى من فلسطين وتساعدنا أمريكا والغرب باقامة مجلس عزاء "ضخم" للبكاء على ضياع فلسطين. وهم مستعدون لذرف الدموع كدلالة على تأثر ضميرهم مما يحصل في فلسطين. ما يسر الغرب والادارة الأمريكية هو ما فعله الملك الأردني بتخليه عن الأرض للعدو الصهيوني في اتفاقية "وادي عربة"، ولا شيء سوى ذلك.
ويتحدث منظرو الوسطية عن الأمن والسلام و الدعوة الى ما يسمونه "التساكن الحضاري". لا أريد أن أتهمهم بأنهم يريدون القول أن من يقاوم المحتل يكون همجياً أو لاحضارياً، انما أريد القول أن التساكن الحضاري لا يمكن أن يكون بين المحتل والمغتصبة أرضه. هؤلاء يكون بينهم القتال وهذه شريعة الهية ودولية. أما عن الأمن والسلام فما من أحد الا ويعمل من أجل الأمن والسلام ولكن شرطهما مع الغرب هو اعادة الحقوق المسلوبة لشعوبنا، الحقوق السياسية والاقتصادية والأخلاقية (باعتذارهم عن جرائمهم) وغيرها. وبذلك نصل الى ما نصبو اليه. أما من يتخلى عن حقوقه فيكون مرذولاً في الدنيا والآخرة.
ويضيف منظرو الوسطية قائلين: "ولعل ظاهرة التعصب والعنف التي تعصف بالمجتمعات البشرية في عصرنا الحديث، ومنها المجتمعات الإسلامية، يحتم علينا الرجوع إلى مفهوم الإسلام الصحيح القائم على وسطية الحق والعدل".
نقول: التعصب والعنف هي الممارسات التي يقوم بها الغرب والصهاينة ضد المجتمعات الاسلامية، سواء في فلسطين أو العراق أو الصومال... ومجابهة هذا العنف يكون كما قال ربنا تبارك وتعالى :“وأعدوا لهم ما استطتم من قوة“.
وشرح ”الخطيب“ (أحد المنظرين) مختتما كلمته:" الوسطية ليست تساهلاً في الحياة ولا تنازلاً، ونحن بأمس الحاجة للمحافظة على قيمنا وأخلاقنا لكي تستمر الحضارة. والإسلام يدعو الى الحلول الوسط مع شرط التمسك بحقوق الإسلام كاملة والتحضّر جيدا للجهاد لمنع الأذى والعدوان عن الأمة".
لولا أننا لا نعلم تمام العلم أنهم يعتبرون من يدافع عن العدو ويتنازل عن حق بلاده لهذا العدو اماماً لهم لما كان بامكاننا القول "هذا كلام حق يراد به باطل".
هذه اطلالة سريعة على ما يدعو اليه هؤلاء، والتي اعتبرتها ضرورية لخطورة التشويه الذي يدخلونه الى المفاهيم الصحيحة. كما وأنه من الضروري ملاحقة طروحاتهم للرد عليها في أوقاتها، لأن هذا التيار هو من التيارات الأكثر نشاطاً على الصعيد التبشيري تبعا ًلخطورة المهمة المنوط به القيام بها.
الخميس، 12 فبراير 2009
الانتخابات الاسرائيلية في فلسطين المحتلة
الانتخابات الاسرائيلية في فلسطين المحتلة
كنت أود التحدث عن الانتخابات الاسرائيلية قبل حصولها لأنني لا أرى كبير فرق بين أن نتحدث عنها قبل حصولها أو بعد حصولها. ولكن المثير في الأمر أن أكثر التعليقات في الصحافة العربية قد اتفقت أن اسرائيل قد اتجهت نحو اليمين! أين كانت قبل ذلك؟ شارون كان يساريا؟ اولمرت كان يساريا؟ ليفني يسارية أيضا؟ يقولون في الوسط ! وما هو المعيار؟
اذا كان المعيار هو البرامج الانتخابية فنظرة الى برامج الأحزاب "الكبرى"، أعني "كاديما" و"الليكود" و"العمل" تظهر أن البرامج تكاد تكون متطابقة لا متشابهة. فبالنسبة لقضية القدس الشريف مثلاً نتنياهو لا يقبل بتقسيم القدس مجدداً، أما ليفني فهي لا تقبل بتقسيم القدس ولكنها تفاوض (أي تتسلى مع محمود عباس) وحزب العمل لا يقبل بتقسيم القدس. أما "حماس" فهي ارهابية ولا يقبلون التفاوض معها وهي (أي حماس) عدو استراتيجي لاسرائيل. والقضية الهامة الثالثة فهي حق العودة فجميعهم لا يقبلون بحق العودة. علينا أن نعلم اذن ما هو تقييم اليمينية والوسطية واليسارية بالنسبة للأحزاب الاسرائيلية حتى نقبل أن اسرائيل تتجه نحو اليمين.
ربما نجاح ليبرمان وحزبه "اسرائيل بيتنا" بأربعة عشر مقعداً متقدماً على حزب العمل بمقعد واحد هو الدافع لهذا التقييم؟ فليبرمان هذا يريد أن يطرد الفلسطينيين الذين لا يزالون في فلسطين من أرضهم لأنهم أصل البلاء بالنسبة لاسرائيل. (مهزلة العالم المتمدن: روسي يريد أن يطرد الفلسطيني من أرضه ليأخذ مكانه، ولا من يعترض). بم صرحت ليفني منذ عدة أسابيع؟ ألم تقل أنه يجب مبادلة فلسطينيي الثامن والأربعين حتى تصبح اسرائيل دولة يهودية صافية؟ أليس هذا ما يريده ليبرمان؟ أما اذا تحجج البعض بوجود مرشحين من عرب الداخل على قوائم "كاديما" فيوجد من هؤلاء على قوائم "اسرائيل بيتنا" أيضاً. وقد فاز أحدهم في شفاعمرو.
ما تقدم يظهر وبوضوح أن التحدث عن المجتمع الاسرائيلي كما التحدث عن المجتمعات الطبيعية أمر خاطىء. لذلك لا معنى للتحدث عن اليمين واليسار وما شابه.
ان التجارب التي مر فيها الكيان الصهيوني في السنوات القليلة الماضية، وبالتحديد في تجربته مع المقاومة الاسلامية في لبنان، والتي أدت الى هزيمته الأولى في أيار ال2000 ومن ثم هزيمته الثانية في حرب تموز ال2006 قد غيرت الكثير من الثوابت التي وجدت في اسرائيل خلال العقود الماضية. كان المجتمع الدولي يتحدث عن الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويعني اسرائيل. أما الآن فيتحدث عن المجازر التي يرتكبها هذا الكيان، عن الجرائم ضد الانسانية. وهل أن هذه التصرفات قد أتت من سراب؟ لا أعتقد ذلك.
ان الهزائم التي ألحقتها المقاومة اللبنانية بالجيش الاسرائيلي قد أدت الى نتائج هامة:
1 – لقد أفضت الى ضرب الطبقة السياسية الاسرائيلية، فباتت هذه الطبقة عقيمة، وأشدد على تعبير عقيمة. فالمواطن الاسرائيلي (بين هلالين) بات لا يصدق طبقته السياسية. وأصبح هناك نوع من الغربة بين الاسرائيلي وقيادته السياسية. وقد بذلت هذه الطبقة الكثير لاعادة التوازن الى العلاقة ما بين المواطنين (بين هلالين) والطبقة السياسية ولكنها لم تفلح. من كان يتخيل، وخاصة الاسرائيليين، أن يرى الجنود الاسرائيليين يفرون بأسلحتهم أمام المواطنين اللبنانيين، ومنهم من لم يكن يحمل السلاح، على شاشات التلفاز؟ كلنا يعلم أن اللحمة في "المجتمع" الاسرائيلي قد أوجدها الجيش. وحيث أن الاسرائيليين قد رأوا جيشهم يفر أمام المقاومة، فلم يعد من بد من وجود من يعيد هذه اللحمة للمجتمع. وهذا ما لما تتمكن الطبقة السياسية في الكيان الصهيوني من ايجاده. وهذا ما قصدته بتعبير العقم.
2 – قامت القيادة الصهيونية بترتيب حرب تموز ال2006 حتى تعيد ثقة الاسرائيليين بجيشهم وحتى تعود اللحمة الى "المجتمع"، فكانت الكارثة. معركة مخطط لها ومنذ مدة وقد قامت القيادة العسكرية بتدريب الجنود على هذا الهجوم وكانت النتيجة الهزيمة الشنعاء؟ أصبحت شعبية رئيس الوزراء لا تتعدى 2% وبالرغم من ذلك بقي في الحكم ولم يجرؤ أحد من السياسيين على التقدم للحلول مكان أولمرت. أما لماذا فالجواب لأنه ما من أحد من السياسيين الاسرائيليين يملك الامكانية على اعادة اللحمة الى هذا المجتمع نتيجة العقم في هذه الطبقة. أين كان نتنياهو في تلك الأيام؟ نتنياهو الذي يريد أن يتبوأ مركز الرئاسة الآن؟
3 – ان القضية المركزية الموجودة الآن، ودعونا نقول الكامنة، عند الاسرائيليين هي قضية "وجودية". أي هل بامكان الدولة اليهودية أن تستمر في الوجود في هذا الشرق بعد أن تبين أن سر بقائها وتماسكها، أعني الجيش، اصبح مشكوكاً بصلاحيته. ان التقارب في عدد الأصوات بين مختلف الأحزاب ان دل على شيء فانه يدل على الارتباك عند الناخب الاسرائيلي. فهو يريد أن ينقذ "مجتمعه" ولكن لا وجود لمن يقنعه بامكانيته على انقاذ هذا المجتمع، وهذا سر التقارب في عدد الأصوات.
4 – على من يريد أن يكتشف الاختلاف بين برامج الأحزاب التي تقدمت الى الانتخابات أن يمتلك مجهراً عملاقاً، ولن يتمكن. وهذا عائد الى أن الاشكال الذي تعيشه اسرائيل هو "الوجود"، لذلك تحدثت جميع البرامج عن الأمن، أي الوجود الآمن.
5 – حرب غزة كان لها مكان بارز في الانتخابات الاسرائيلية. فهي التي أظهرت وهن الجيش الاسرائيلي وعدم امكانيته الحالية ولا المستقبلية على تحقيق أي انتصار على المقاومة مهما كانت الظروف غير مؤاتية. فالقضية عند جميع الأحزاب واحدة: "أمن المجتمع الاسرائيلي". ومن الطبيعي الحديث عن حكومة ائتلافية، تجمع جميع الأطياف السياسية. وعلينا أن نطمئن: العقيم مع العقيم لا ينجب.
6 – حرب غزة هي التي قصمت ظهر البعير. نقول وبالفم الملآن أن أمن الكيان الصهيوني قد أصبح بعد مجزرة غزة من مهمات النظام الرسمي العربي.
ان التهريج الذي تفرجنا عليه في نصرة غزة يظهر أن المنوط بهم حماية الكيان الصهيوني يعرفون المطلوب منهم جيدا. لذلك رأينا البعض يتحدث عن انتظاره لمعرفة نتيجة الانتخابات الاسرائيلية حتى يستأنف المفاوضات، والبعض الآخر يقول أنها عدة أيام وتعود المياه الى مجاريها، في تعليقه على اقفال المكاتب و... أما اعادة الاعمار فيريدها النظام الرسمي العربي مسيرة اذلال للذين مرغوا جبين العدو بالذل والهزيمة، والمراقب لما يقوم به النظام المصري وحلفاؤه العرب يتأكد مما ذهبنا اليه.
الانتخابات الاسرائيلية هي شهادة جديدة على هزيمة الجيش الاسرائيلي من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة البطلة بالرغم من كل الصراخ والعويل والانكار من قبل المستكبرين ومن قبل الذين لا يحسنون قراءة الوقائع. ان من يقتل بوحشية يدلل على خوفه الكامن، وهذا ما قام به الجيش الاسرائيلي.
حسن ملاط
11 شباط 2009
كنت أود التحدث عن الانتخابات الاسرائيلية قبل حصولها لأنني لا أرى كبير فرق بين أن نتحدث عنها قبل حصولها أو بعد حصولها. ولكن المثير في الأمر أن أكثر التعليقات في الصحافة العربية قد اتفقت أن اسرائيل قد اتجهت نحو اليمين! أين كانت قبل ذلك؟ شارون كان يساريا؟ اولمرت كان يساريا؟ ليفني يسارية أيضا؟ يقولون في الوسط ! وما هو المعيار؟
اذا كان المعيار هو البرامج الانتخابية فنظرة الى برامج الأحزاب "الكبرى"، أعني "كاديما" و"الليكود" و"العمل" تظهر أن البرامج تكاد تكون متطابقة لا متشابهة. فبالنسبة لقضية القدس الشريف مثلاً نتنياهو لا يقبل بتقسيم القدس مجدداً، أما ليفني فهي لا تقبل بتقسيم القدس ولكنها تفاوض (أي تتسلى مع محمود عباس) وحزب العمل لا يقبل بتقسيم القدس. أما "حماس" فهي ارهابية ولا يقبلون التفاوض معها وهي (أي حماس) عدو استراتيجي لاسرائيل. والقضية الهامة الثالثة فهي حق العودة فجميعهم لا يقبلون بحق العودة. علينا أن نعلم اذن ما هو تقييم اليمينية والوسطية واليسارية بالنسبة للأحزاب الاسرائيلية حتى نقبل أن اسرائيل تتجه نحو اليمين.
ربما نجاح ليبرمان وحزبه "اسرائيل بيتنا" بأربعة عشر مقعداً متقدماً على حزب العمل بمقعد واحد هو الدافع لهذا التقييم؟ فليبرمان هذا يريد أن يطرد الفلسطينيين الذين لا يزالون في فلسطين من أرضهم لأنهم أصل البلاء بالنسبة لاسرائيل. (مهزلة العالم المتمدن: روسي يريد أن يطرد الفلسطيني من أرضه ليأخذ مكانه، ولا من يعترض). بم صرحت ليفني منذ عدة أسابيع؟ ألم تقل أنه يجب مبادلة فلسطينيي الثامن والأربعين حتى تصبح اسرائيل دولة يهودية صافية؟ أليس هذا ما يريده ليبرمان؟ أما اذا تحجج البعض بوجود مرشحين من عرب الداخل على قوائم "كاديما" فيوجد من هؤلاء على قوائم "اسرائيل بيتنا" أيضاً. وقد فاز أحدهم في شفاعمرو.
ما تقدم يظهر وبوضوح أن التحدث عن المجتمع الاسرائيلي كما التحدث عن المجتمعات الطبيعية أمر خاطىء. لذلك لا معنى للتحدث عن اليمين واليسار وما شابه.
ان التجارب التي مر فيها الكيان الصهيوني في السنوات القليلة الماضية، وبالتحديد في تجربته مع المقاومة الاسلامية في لبنان، والتي أدت الى هزيمته الأولى في أيار ال2000 ومن ثم هزيمته الثانية في حرب تموز ال2006 قد غيرت الكثير من الثوابت التي وجدت في اسرائيل خلال العقود الماضية. كان المجتمع الدولي يتحدث عن الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويعني اسرائيل. أما الآن فيتحدث عن المجازر التي يرتكبها هذا الكيان، عن الجرائم ضد الانسانية. وهل أن هذه التصرفات قد أتت من سراب؟ لا أعتقد ذلك.
ان الهزائم التي ألحقتها المقاومة اللبنانية بالجيش الاسرائيلي قد أدت الى نتائج هامة:
1 – لقد أفضت الى ضرب الطبقة السياسية الاسرائيلية، فباتت هذه الطبقة عقيمة، وأشدد على تعبير عقيمة. فالمواطن الاسرائيلي (بين هلالين) بات لا يصدق طبقته السياسية. وأصبح هناك نوع من الغربة بين الاسرائيلي وقيادته السياسية. وقد بذلت هذه الطبقة الكثير لاعادة التوازن الى العلاقة ما بين المواطنين (بين هلالين) والطبقة السياسية ولكنها لم تفلح. من كان يتخيل، وخاصة الاسرائيليين، أن يرى الجنود الاسرائيليين يفرون بأسلحتهم أمام المواطنين اللبنانيين، ومنهم من لم يكن يحمل السلاح، على شاشات التلفاز؟ كلنا يعلم أن اللحمة في "المجتمع" الاسرائيلي قد أوجدها الجيش. وحيث أن الاسرائيليين قد رأوا جيشهم يفر أمام المقاومة، فلم يعد من بد من وجود من يعيد هذه اللحمة للمجتمع. وهذا ما لما تتمكن الطبقة السياسية في الكيان الصهيوني من ايجاده. وهذا ما قصدته بتعبير العقم.
2 – قامت القيادة الصهيونية بترتيب حرب تموز ال2006 حتى تعيد ثقة الاسرائيليين بجيشهم وحتى تعود اللحمة الى "المجتمع"، فكانت الكارثة. معركة مخطط لها ومنذ مدة وقد قامت القيادة العسكرية بتدريب الجنود على هذا الهجوم وكانت النتيجة الهزيمة الشنعاء؟ أصبحت شعبية رئيس الوزراء لا تتعدى 2% وبالرغم من ذلك بقي في الحكم ولم يجرؤ أحد من السياسيين على التقدم للحلول مكان أولمرت. أما لماذا فالجواب لأنه ما من أحد من السياسيين الاسرائيليين يملك الامكانية على اعادة اللحمة الى هذا المجتمع نتيجة العقم في هذه الطبقة. أين كان نتنياهو في تلك الأيام؟ نتنياهو الذي يريد أن يتبوأ مركز الرئاسة الآن؟
3 – ان القضية المركزية الموجودة الآن، ودعونا نقول الكامنة، عند الاسرائيليين هي قضية "وجودية". أي هل بامكان الدولة اليهودية أن تستمر في الوجود في هذا الشرق بعد أن تبين أن سر بقائها وتماسكها، أعني الجيش، اصبح مشكوكاً بصلاحيته. ان التقارب في عدد الأصوات بين مختلف الأحزاب ان دل على شيء فانه يدل على الارتباك عند الناخب الاسرائيلي. فهو يريد أن ينقذ "مجتمعه" ولكن لا وجود لمن يقنعه بامكانيته على انقاذ هذا المجتمع، وهذا سر التقارب في عدد الأصوات.
4 – على من يريد أن يكتشف الاختلاف بين برامج الأحزاب التي تقدمت الى الانتخابات أن يمتلك مجهراً عملاقاً، ولن يتمكن. وهذا عائد الى أن الاشكال الذي تعيشه اسرائيل هو "الوجود"، لذلك تحدثت جميع البرامج عن الأمن، أي الوجود الآمن.
5 – حرب غزة كان لها مكان بارز في الانتخابات الاسرائيلية. فهي التي أظهرت وهن الجيش الاسرائيلي وعدم امكانيته الحالية ولا المستقبلية على تحقيق أي انتصار على المقاومة مهما كانت الظروف غير مؤاتية. فالقضية عند جميع الأحزاب واحدة: "أمن المجتمع الاسرائيلي". ومن الطبيعي الحديث عن حكومة ائتلافية، تجمع جميع الأطياف السياسية. وعلينا أن نطمئن: العقيم مع العقيم لا ينجب.
6 – حرب غزة هي التي قصمت ظهر البعير. نقول وبالفم الملآن أن أمن الكيان الصهيوني قد أصبح بعد مجزرة غزة من مهمات النظام الرسمي العربي.
ان التهريج الذي تفرجنا عليه في نصرة غزة يظهر أن المنوط بهم حماية الكيان الصهيوني يعرفون المطلوب منهم جيدا. لذلك رأينا البعض يتحدث عن انتظاره لمعرفة نتيجة الانتخابات الاسرائيلية حتى يستأنف المفاوضات، والبعض الآخر يقول أنها عدة أيام وتعود المياه الى مجاريها، في تعليقه على اقفال المكاتب و... أما اعادة الاعمار فيريدها النظام الرسمي العربي مسيرة اذلال للذين مرغوا جبين العدو بالذل والهزيمة، والمراقب لما يقوم به النظام المصري وحلفاؤه العرب يتأكد مما ذهبنا اليه.
الانتخابات الاسرائيلية هي شهادة جديدة على هزيمة الجيش الاسرائيلي من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة البطلة بالرغم من كل الصراخ والعويل والانكار من قبل المستكبرين ومن قبل الذين لا يحسنون قراءة الوقائع. ان من يقتل بوحشية يدلل على خوفه الكامن، وهذا ما قام به الجيش الاسرائيلي.
حسن ملاط
11 شباط 2009
الخميس، 5 فبراير 2009
استثمار الصمود والانتصار في غزة
"استثمار" الصمود و"النصر" في غزة - حسن ملاط
2009-02-05
خاص لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية
الوضع الفلسطيني الحالي يتسم بكثير من الضبابية. وهذا الوصف أعتقد أنه يناسب ما هو قائم ولا يظلم أحدا من أطراف الصراع. الخوف، كل الخوف هو أن يتحول الصراع الحالي من صراع مع العدو الصهيوني الى صراع ما بين المنظمات الفلسطينية بسبب اصطفاف هذه المنظمات في محاور مختلفة. والنتيجة الحتمية للصراع البيني هي الاستفادة المطلقة للعدو الصهيوني. هل من الممكن تجاوز الخلافات البينية؟ الجواب هو بالايجاب وهذا ليس على سبيل التمني انما على سبيل الامكانية العملية.
ان استعراض الحرب الوحشية التي قام بها العدو الاسرائيلي على غزة تساعد القيادة الوطنية الفلسطينية على امكانية الوصول الى الخيار الأسلم في تحركها المستقبلي لما فيه مصلحة قضية الشعب الفلسطيني الوطنية ولما فيه المصلحة الآنية لهذا الشعب من فتح للمعابر واعادة البناء والحصول غير المذل على المواد الغذائية الى آخر القائمة التي لا تنتهي.
أولا: ان من تحمل النتائج الايجابية والسلبية للحرب الظالمة على غزة هو المواطن الغزاوي في المقدمة ومن بعده الشعب الفلسطيني سواء في الداخل أو في الشتات. فالقتل والتدمير والجوع أصاب الغزاوي وهو الذي تحمل وزر هذه الحرب وهذا يستتبع بالتالي معرفة المواطنين الغزاويين بما يمكن أن تؤول اليه الخطوة التالية. وهذه الممارسة لا تقلل من شأن القيادة السياسية في غزة انما تؤكد أواصر الصلة بين الجماهير والقيادة وتسمح للقيادة بخوض المعارك الأكثر شراسة وهي مطمئنة لقبول الناس بما تقوم به لأنها تعبر عن مصالحهم بسبب ممارستها "الشوروية". هنا لا بد من الاشارة أن ما تقوم به بعض الفصائل يبتعد كثيرا عن هذا الخيار. ولكن على خلاف ذلك فقد تحدث البعض عن القيام بحملة اضطهاد لمن يخالف الرأي القيادة السياسية القائمة اليوم. وهذا الأمر يعتبر خطيرا وخاصة اذا أضفنا أن من تحدث عن الاضطهاد ليس من المعادين لحماس ولا لخطها الجهادي.
أما الايجابيات فهي اعادة تموضع القضية الفلسطينية في المكان الصحيح كمسألة تحرر وطني و ليس اغاثة الملهوف.
ثانيا: ان مسارعة أحد المسؤولين في الخط الجهادي الى التحدث عن ايجاد بديل للقيادة الحالية للشعب الفلسطيني، وكان يقصد منظمة التحرير الفلسطينية، يعتبر موقفا لا يتسم بالمسؤولية لأنه أتاح لمن لفظه الشعب الفلسطيني بسبب مواقفه المؤيدة للعدوان على غزة، أن يقوم بهجوم مضاد بتأييد من أكثرية الفلسطينيين، منظمات وأفرادا. في هذه الأزمة الكبيرة على القيادات الوطنية، الواعية لمصالح شعبها، أن توحد صفوفها وتعمل على عزل من خان قضية الشعب الفلسطيني من ضمن الأطر القانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ان المنظمة كاطار جامع يجب اعادة تشكيل أطرها وذلك لكي يعمل الوطنيون والجهاديون فيها حتى تعود الى تمثيلها الحقيقي لآمال ومصالح الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. ومن الأكيد أنه لم يفت الوقت على ذلك وانما يجب المسارعة الى هذا العمل.
ثالثا: يكثر الحديث في هذه الأيام عن ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية أو اتحاد وطني. وهناك الكثير من المتحدثين في هذا الموضوع يتمتعون بالصدق والانتماء الى خط المقاومة. ان زلزال غزة يجب أن يدفع أولئك الذين منّ الله عليهم بسعة العلم والثقافة أن يعيدوا النظر بما يرونه من الثوابت وهو ليس كذلك. فالسلطة الوطنية الفلسطينية التي يجب أن نضعها بين هلالين، والقائمة اليوم، هل بامكانها أن تمارس دورا سياديا في الضفة والقطاع المحتلين؟ الجواب سيكون بالنفي طبعا. أضيف اذا لم يكن بامكان قائد مثل ياسر عرفات أن يمارس هذا الدور فهل بامكان أي قائد آخر أن يلعب هذا الدور؟ الجواب بالنفي أيضا. أضيف بأن هذا الأمر لا يتعلق بشخصية القائد فقط انما، وهذا هو الأهم، يتعلق بالظروف الموضوعية المحيطة بالسلطة وبالقائد على السواء. ان سلطة قائمة في ظل الاحتلال، أي غير حرة، لا يمكنها تأمين الحرية لشعبها. من هنا ضرورة أن تنتقل الممارسة السياسية للقيادة الفلسطينية في أراضي ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية الى خارج الأراضي المحتلة حتى لا يتمكن الاحتلال من ممارسة أ ية ضغوط على القيادة السياسية كما يحصل اليوم مع محمود عباس. نذكر أنه عندما عجز الاحتلال عن اجبار عرفات على الاذعان لشروطه قتله. أي أن القائد لم يتمكن من القيادة.
ان تحول السلطة الوطنية الفلسطينية الى رعاية الشؤون التربوية والاجتماعية والاقتصادية .... الخ من دون التطرق الى الشؤون السياسية التي يجب أن تكون من اختصاص منظمة التحرير بعد اصلاحها سوف يخفف كثيرا من الخلافات القائمة بين مختلف المنظمات. وبذلك يصبح الحديث عن حكومة تكنوقراط كلاما مفيدا. أي حكومة مهمتها تأمين مستلزمات الشعب الفلسطيني الحياتية مع اعادة الاعمار في غزة، وتستمر المنظمات المقاومة بتأمين مستلزمات التمكن من الاستمرار في المقاومة، والمنظمات التي تؤمن بالمقاومة السلمية باعادة العمل ضد جدار التمييز العنصري والذل الذي يسببه مئات الحواجز العسكرية ما بين القرى والمدن في الضفة.
أما الكلام عن حكومة وحدة وطنية في مثل الظروف الحالية وفي نفس الشروط القائمة، أي حكومة سياسية في ظل الاحتلال، فهذا يعني اعادة انتاج الفرقة بين مكونات الشعب الفلسطيني والخضوع لمتطلبات الصراع ما بين الأحزاب الاسرائيلية بما يفيد المعركة الانتخابية لهذه الأحزاب.
رابعا: ان عودة الحديث عن امكانية التصادم ما بين مختلف المنظمات في مخيمات اللجوء في لبنان هو دليل على أن هذه المنظمات لا تعمل من أجل مصالح الشعب الذي تدعي تمثيله، وانما تعمل من أجل مصالح القابضين على السلطة سواء في المخيمات أو في المنظمات أو في الضفة والقطاع. أما الاحتمال الأسوأ فهو أن تكون هذه الصدامات هي لخدمة أحد طرفي صراع المحاور على صعيد الأنظمة العربية.
خامسا: ان ابتعاد قيادة المنظمات المجاهدة عن المحاور المتصارعة هي سياسة تحتمها مصالح الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات. ان مهاجمة القيادة المصرية من قبل القيادات الفلسطينية الممثلة للمجاهدين في غزة، لم ينتج عنها الا تغطية هذه القيادة مع حلفائها في الأنظمة العربية لقيادة السلطة الفلسطينية المتواطئة مع العدوان الاسرائيلي. لقد أصدر وزراء الخارجية العرب المجتمعون في دولة الامارات بيانا يؤيدون فيه قيادة عباس رغم انتهاء ولايته. كما وأن عباس هذا لا يزال حتى الآن يبرر العدوان الاسرائيلي الذي تسبب بتدمير غزة وباستشهاد أكثر من ألف وثلاثماية فلسطيني و جرح عدة آلاف منهم. اضافة الى جميع ما تقدم هل بامكان قيادة المقاومة في غزة التخلي عن التعامل مع القيادة المصرية؟ بالطبع لا! فلماذا اذن اعطاء قيادات هذا النظام المبرر لأخذ مواقف تسيء للمقاومة؟ ان اقامة علاقة طيبة مع الجانب المصري هي حاجة ملحة للجانب الفلسطيني. فبالرغم من بشاعة الموقف الرسمي المصري لم تتوقف حركة الأنفاق عن العمل وبتغطية من الرسميين المصريين. ولا يزال الرئيس المصري يجابه جميع الضغوط الدولية لوجود قوات مراقبة دولية لخنق غزة. أليست هذه المواقف تستأهل التنويه؟
ان "استثمار" الصمود و"النصر" في غزة يستدعي القيام بالخطوات التالية:
1- الدعوة الفورية لاجتماع القيادات الفلسطينية من أجل وضع الأسس التي سوف يتم من خلالها اعادة احياء "منظمة التحرير الفلسطينية" كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات.
2- تفعيل جميع الأطر التنظيمية للمنظمة بحيث يعيد النشاط الى فلسطينيي الشتات لأخذ دورهم الطبيعي في النضال من أجل وضع حق العودة موضع التنفيذ.
3- الفصل الفوري بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
4- الاعلان الفوري عن عدم صلاحية السلطة الوطنية الفلسطينية للقيام بأي دور في شأن المفاوضات السياسية مع العدو الاسرائيلي. ان التفاوض السياسي مع العدو هو من صلاحيات قيادة منظمة التحرير الموجودة خارج أرض فلسطين.
5- المسارعة الى تشكيل حكومة لتأمين مستلزمات الحياة الكريمة للفلسطينيين في الضفة والقطاع والاشراف على اعادة الاعمار مع الاعلان المسبق أن هذه الحكومة لا تملك سلطة مفاوضة العدو في شؤون ذات طابع سياسي.
6- أما في حال عدم قبول العدو بما تقدم، فما على قيادة منظمة التحرير الا أن تعلن أن أراضي الضفة والقطاع هي أراض تحت الاحتلال ومهمة العدو الاسرائيلي ادارتها (وهذا هو واقع الحال الآن) وتحمل مسؤولية الأهالي الموجودين فيها (وهذا ما يناى العدو بنفسه عنه).
7- ضرورة اعادة النظر بشعار الدولتين الذي يعطي المبرر للعدو الاسرائيلي في التحدث عن دولة يهودية (أي طرد فلسطينيي الثامن والأربعين)، بالاضافة الى أن العدو قد قضم معظم أراضي الضفة. فأين ستقام هذه الدولة الحلم؟ هذا ان وجد المبرر لرفع شعار الدولتين.
8- ابتعاد "منظمة التحرير الفلسطينية" عن الاصطفاف في أي محور من محاور الصراع العربي.
ان استمرار الوضع الراهن سوف يكون له انعكاسات سلبية جدا على الوضع الفلسطيني، أقلها استمرار القيادة الحالية للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير، ووجود أكثر من "كيان" فلسطيني. وعدم ابتكار حلول للوضع الحالي، حلول تدفع الوضع الفلسطيني في الاتجاه الايجابي سوف يذهب بجميع التضحيات التي قدمها أهلنا في غزة وبالصمود الأسطوري لمجاهدينا الأبطال في مهب الريح وفي طاحونة الأنظمة العربية والأحزاب الاسرائيلية المتنافسة.
ان الاحتفاظ بالنصر هي من مميزات القيادات التاريخية للشعوب.
2009-02-05
خاص لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية
الوضع الفلسطيني الحالي يتسم بكثير من الضبابية. وهذا الوصف أعتقد أنه يناسب ما هو قائم ولا يظلم أحدا من أطراف الصراع. الخوف، كل الخوف هو أن يتحول الصراع الحالي من صراع مع العدو الصهيوني الى صراع ما بين المنظمات الفلسطينية بسبب اصطفاف هذه المنظمات في محاور مختلفة. والنتيجة الحتمية للصراع البيني هي الاستفادة المطلقة للعدو الصهيوني. هل من الممكن تجاوز الخلافات البينية؟ الجواب هو بالايجاب وهذا ليس على سبيل التمني انما على سبيل الامكانية العملية.
ان استعراض الحرب الوحشية التي قام بها العدو الاسرائيلي على غزة تساعد القيادة الوطنية الفلسطينية على امكانية الوصول الى الخيار الأسلم في تحركها المستقبلي لما فيه مصلحة قضية الشعب الفلسطيني الوطنية ولما فيه المصلحة الآنية لهذا الشعب من فتح للمعابر واعادة البناء والحصول غير المذل على المواد الغذائية الى آخر القائمة التي لا تنتهي.
أولا: ان من تحمل النتائج الايجابية والسلبية للحرب الظالمة على غزة هو المواطن الغزاوي في المقدمة ومن بعده الشعب الفلسطيني سواء في الداخل أو في الشتات. فالقتل والتدمير والجوع أصاب الغزاوي وهو الذي تحمل وزر هذه الحرب وهذا يستتبع بالتالي معرفة المواطنين الغزاويين بما يمكن أن تؤول اليه الخطوة التالية. وهذه الممارسة لا تقلل من شأن القيادة السياسية في غزة انما تؤكد أواصر الصلة بين الجماهير والقيادة وتسمح للقيادة بخوض المعارك الأكثر شراسة وهي مطمئنة لقبول الناس بما تقوم به لأنها تعبر عن مصالحهم بسبب ممارستها "الشوروية". هنا لا بد من الاشارة أن ما تقوم به بعض الفصائل يبتعد كثيرا عن هذا الخيار. ولكن على خلاف ذلك فقد تحدث البعض عن القيام بحملة اضطهاد لمن يخالف الرأي القيادة السياسية القائمة اليوم. وهذا الأمر يعتبر خطيرا وخاصة اذا أضفنا أن من تحدث عن الاضطهاد ليس من المعادين لحماس ولا لخطها الجهادي.
أما الايجابيات فهي اعادة تموضع القضية الفلسطينية في المكان الصحيح كمسألة تحرر وطني و ليس اغاثة الملهوف.
ثانيا: ان مسارعة أحد المسؤولين في الخط الجهادي الى التحدث عن ايجاد بديل للقيادة الحالية للشعب الفلسطيني، وكان يقصد منظمة التحرير الفلسطينية، يعتبر موقفا لا يتسم بالمسؤولية لأنه أتاح لمن لفظه الشعب الفلسطيني بسبب مواقفه المؤيدة للعدوان على غزة، أن يقوم بهجوم مضاد بتأييد من أكثرية الفلسطينيين، منظمات وأفرادا. في هذه الأزمة الكبيرة على القيادات الوطنية، الواعية لمصالح شعبها، أن توحد صفوفها وتعمل على عزل من خان قضية الشعب الفلسطيني من ضمن الأطر القانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ان المنظمة كاطار جامع يجب اعادة تشكيل أطرها وذلك لكي يعمل الوطنيون والجهاديون فيها حتى تعود الى تمثيلها الحقيقي لآمال ومصالح الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. ومن الأكيد أنه لم يفت الوقت على ذلك وانما يجب المسارعة الى هذا العمل.
ثالثا: يكثر الحديث في هذه الأيام عن ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية أو اتحاد وطني. وهناك الكثير من المتحدثين في هذا الموضوع يتمتعون بالصدق والانتماء الى خط المقاومة. ان زلزال غزة يجب أن يدفع أولئك الذين منّ الله عليهم بسعة العلم والثقافة أن يعيدوا النظر بما يرونه من الثوابت وهو ليس كذلك. فالسلطة الوطنية الفلسطينية التي يجب أن نضعها بين هلالين، والقائمة اليوم، هل بامكانها أن تمارس دورا سياديا في الضفة والقطاع المحتلين؟ الجواب سيكون بالنفي طبعا. أضيف اذا لم يكن بامكان قائد مثل ياسر عرفات أن يمارس هذا الدور فهل بامكان أي قائد آخر أن يلعب هذا الدور؟ الجواب بالنفي أيضا. أضيف بأن هذا الأمر لا يتعلق بشخصية القائد فقط انما، وهذا هو الأهم، يتعلق بالظروف الموضوعية المحيطة بالسلطة وبالقائد على السواء. ان سلطة قائمة في ظل الاحتلال، أي غير حرة، لا يمكنها تأمين الحرية لشعبها. من هنا ضرورة أن تنتقل الممارسة السياسية للقيادة الفلسطينية في أراضي ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية الى خارج الأراضي المحتلة حتى لا يتمكن الاحتلال من ممارسة أ ية ضغوط على القيادة السياسية كما يحصل اليوم مع محمود عباس. نذكر أنه عندما عجز الاحتلال عن اجبار عرفات على الاذعان لشروطه قتله. أي أن القائد لم يتمكن من القيادة.
ان تحول السلطة الوطنية الفلسطينية الى رعاية الشؤون التربوية والاجتماعية والاقتصادية .... الخ من دون التطرق الى الشؤون السياسية التي يجب أن تكون من اختصاص منظمة التحرير بعد اصلاحها سوف يخفف كثيرا من الخلافات القائمة بين مختلف المنظمات. وبذلك يصبح الحديث عن حكومة تكنوقراط كلاما مفيدا. أي حكومة مهمتها تأمين مستلزمات الشعب الفلسطيني الحياتية مع اعادة الاعمار في غزة، وتستمر المنظمات المقاومة بتأمين مستلزمات التمكن من الاستمرار في المقاومة، والمنظمات التي تؤمن بالمقاومة السلمية باعادة العمل ضد جدار التمييز العنصري والذل الذي يسببه مئات الحواجز العسكرية ما بين القرى والمدن في الضفة.
أما الكلام عن حكومة وحدة وطنية في مثل الظروف الحالية وفي نفس الشروط القائمة، أي حكومة سياسية في ظل الاحتلال، فهذا يعني اعادة انتاج الفرقة بين مكونات الشعب الفلسطيني والخضوع لمتطلبات الصراع ما بين الأحزاب الاسرائيلية بما يفيد المعركة الانتخابية لهذه الأحزاب.
رابعا: ان عودة الحديث عن امكانية التصادم ما بين مختلف المنظمات في مخيمات اللجوء في لبنان هو دليل على أن هذه المنظمات لا تعمل من أجل مصالح الشعب الذي تدعي تمثيله، وانما تعمل من أجل مصالح القابضين على السلطة سواء في المخيمات أو في المنظمات أو في الضفة والقطاع. أما الاحتمال الأسوأ فهو أن تكون هذه الصدامات هي لخدمة أحد طرفي صراع المحاور على صعيد الأنظمة العربية.
خامسا: ان ابتعاد قيادة المنظمات المجاهدة عن المحاور المتصارعة هي سياسة تحتمها مصالح الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات. ان مهاجمة القيادة المصرية من قبل القيادات الفلسطينية الممثلة للمجاهدين في غزة، لم ينتج عنها الا تغطية هذه القيادة مع حلفائها في الأنظمة العربية لقيادة السلطة الفلسطينية المتواطئة مع العدوان الاسرائيلي. لقد أصدر وزراء الخارجية العرب المجتمعون في دولة الامارات بيانا يؤيدون فيه قيادة عباس رغم انتهاء ولايته. كما وأن عباس هذا لا يزال حتى الآن يبرر العدوان الاسرائيلي الذي تسبب بتدمير غزة وباستشهاد أكثر من ألف وثلاثماية فلسطيني و جرح عدة آلاف منهم. اضافة الى جميع ما تقدم هل بامكان قيادة المقاومة في غزة التخلي عن التعامل مع القيادة المصرية؟ بالطبع لا! فلماذا اذن اعطاء قيادات هذا النظام المبرر لأخذ مواقف تسيء للمقاومة؟ ان اقامة علاقة طيبة مع الجانب المصري هي حاجة ملحة للجانب الفلسطيني. فبالرغم من بشاعة الموقف الرسمي المصري لم تتوقف حركة الأنفاق عن العمل وبتغطية من الرسميين المصريين. ولا يزال الرئيس المصري يجابه جميع الضغوط الدولية لوجود قوات مراقبة دولية لخنق غزة. أليست هذه المواقف تستأهل التنويه؟
ان "استثمار" الصمود و"النصر" في غزة يستدعي القيام بالخطوات التالية:
1- الدعوة الفورية لاجتماع القيادات الفلسطينية من أجل وضع الأسس التي سوف يتم من خلالها اعادة احياء "منظمة التحرير الفلسطينية" كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات.
2- تفعيل جميع الأطر التنظيمية للمنظمة بحيث يعيد النشاط الى فلسطينيي الشتات لأخذ دورهم الطبيعي في النضال من أجل وضع حق العودة موضع التنفيذ.
3- الفصل الفوري بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
4- الاعلان الفوري عن عدم صلاحية السلطة الوطنية الفلسطينية للقيام بأي دور في شأن المفاوضات السياسية مع العدو الاسرائيلي. ان التفاوض السياسي مع العدو هو من صلاحيات قيادة منظمة التحرير الموجودة خارج أرض فلسطين.
5- المسارعة الى تشكيل حكومة لتأمين مستلزمات الحياة الكريمة للفلسطينيين في الضفة والقطاع والاشراف على اعادة الاعمار مع الاعلان المسبق أن هذه الحكومة لا تملك سلطة مفاوضة العدو في شؤون ذات طابع سياسي.
6- أما في حال عدم قبول العدو بما تقدم، فما على قيادة منظمة التحرير الا أن تعلن أن أراضي الضفة والقطاع هي أراض تحت الاحتلال ومهمة العدو الاسرائيلي ادارتها (وهذا هو واقع الحال الآن) وتحمل مسؤولية الأهالي الموجودين فيها (وهذا ما يناى العدو بنفسه عنه).
7- ضرورة اعادة النظر بشعار الدولتين الذي يعطي المبرر للعدو الاسرائيلي في التحدث عن دولة يهودية (أي طرد فلسطينيي الثامن والأربعين)، بالاضافة الى أن العدو قد قضم معظم أراضي الضفة. فأين ستقام هذه الدولة الحلم؟ هذا ان وجد المبرر لرفع شعار الدولتين.
8- ابتعاد "منظمة التحرير الفلسطينية" عن الاصطفاف في أي محور من محاور الصراع العربي.
ان استمرار الوضع الراهن سوف يكون له انعكاسات سلبية جدا على الوضع الفلسطيني، أقلها استمرار القيادة الحالية للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير، ووجود أكثر من "كيان" فلسطيني. وعدم ابتكار حلول للوضع الحالي، حلول تدفع الوضع الفلسطيني في الاتجاه الايجابي سوف يذهب بجميع التضحيات التي قدمها أهلنا في غزة وبالصمود الأسطوري لمجاهدينا الأبطال في مهب الريح وفي طاحونة الأنظمة العربية والأحزاب الاسرائيلية المتنافسة.
ان الاحتفاظ بالنصر هي من مميزات القيادات التاريخية للشعوب.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)