هلهلنع
نعم سنستمع للسيد ونحن مرتاحون
سأبدأ من حيث انتهى السيد "الطاهر ابراهيم" الذي استفزني لكتابة هذه المقالة. يقول الكاتب: "البعض يرجع اللهجة التصعيدية في خطاب نصر الله يوم الجمعة 15 أيار الجاري إلى إحساسه بهزيمة انتخابية محققة لحليفه الجنرال "عون" في7 حزيران القادم ما يعني هزيمة لقوى 8 آذار ،كأن نصر الله أراد أن يذكّر اللبنانيين بأن يوم7 أيار منكم ليس ببعيد! فأراد أن يخرج للبنانيين "العصا من تحت العبا"، كما يقول المثل اللبناني". ان ما كتبه السيد ابراهيم ينم عن عدم معرفة بالوضع الداخلي اللبناني. فمن يعتقد أن "حزب الله" بحاجة لكتلة برلمانية حتى يحقق ما يريد تحقيقه يكون مخطئا. فيكفيه أن يشير بما يريده حقيقة حتى تسارع جميع أجهزة الدولة لتحقيقه. وهذه المكانة التي اكتسبها الحزب انما اكتسبها لسبب واحد، يعلمه القاصي والداني، انه قتاله للعدو الاسرائيلي. واذا أحببنا أن نعود قليلا الى الوراء لنتحدث عن عدائية الشعب اللبناني للعدو الصهيوني، فيمكننا القول ما يلي: أرجو المعذرة من القارىء الكريم لأنني سوف أتحدث بالطريقة التي تناسب السيد طاهر ابراهيم.
1 – السنة هم الشريحة الكبرى من الشعب اللبناني التي شاركت المقاومة الفلسطينية قتالها لاسرائيل، كما وأنها شاركت في جميع معارك الدفاع عن وجود المقاومة الفلسطينية على الأرض اللبنانية. ولا يعتقدن أحد أن هذه المشاركة كانت لأسباب مذهبية، انما كانت لأسباب دينية، وطنية وقومية. ونحن من الذين يعتبرون الشعور الديني شعوراً سامياً، على عكس الشعور المذهبي الذي نعتبره شعوراً غريزياً لا يتمتع بأي حظ من العقلانية.
2 – لقد شاركت الشريحة الكبرى من الطائفة الشيعية المقاومة الفلسطينية كفاحها ضد العدو الصهيوني، ولا يفوت القارىء أن القتال بمعظمه كان يحصل في المناطق الشيعية. أي بصيغة أخرى، لو أن الشيعة كانوا ضد المقاومة الفلسطينية، ما كان لهذه المقاومة أن تبقى في الجنوب اللبناني. ومشاركة الشيعة كانت بمعظمها عبر الأحزاب الوطنية والقومية، ثم عبر حركة المحرومين التي قادها السيد موسى الصدر.
اما عن تغير مواقف المواطنين الشيعة من المقاومة الفلسطينية فقد كان بسبب الممارسات الخاطئة لعدد لا بأس به من الرموز الفلسطينية وبعض الممارسات اللاأخلاقية والتي يعرفها الذين كانوا ينخرطون في صفوف المناضلين في تلك الأيام.
3 – اما بالنسبة للطوائف الأخرى فكان معظم الذين شاركوا الفلسطينيين نضالهم، من المنخرطين في العمل الوطني والديموقراطي.
ما تقدم يدلل على أن الذين يعملون اليوم في العمل القتالي ضد العدو الصهيوني هم الذين يحملون جميع تقاليد العمل الوطني عبر السنين الطوال. وأهم الأسباب الذي دفع معظم الوطنيين والماركسيين للانخراط في صفوف المقاومة الاسلامية هو رؤيتهم أن هذه المقاومة تحقق أحلامهم بالرغم من حملها شعارات اسلامية ومذهبية أحيانا.
وقبل أن ننهي هذه الالتفاتة نشير الى أن السنة في لبنان يشعرون بالغصة لأن قادتهم (بين هلالين) لا يشاركون في العمل القتالي والجهادي الى جانب "حزب الله".
فحزب الله ليس بحاجة للعصا للوصول الى ما يريده. كما أن الشعب اللبناني لا يقاد بالعصا. الشعب الذي ينتصر على اسرائيل لا يخيفه الأعداء الصغار. وللتذكير فقط نقول للأستاذ الطاهر أن الجيش الأميركي انسحب من لبنان ليس طوعاً. والجيش الفرنسي انسحب من لبنان لأسباب يعرفها المتابع. والجيش الاسرائيلي انسحب من لبنان على ايقاع السلاح وليس الموسيقى. فالشعب اللبناني لا يمكن تدجينه. وللتذكير فقط سوف نتحدث بالنفس الطائفي الذي يليق بمقالة الأستاذ الطاهر: أن الرئيس الحريري هو الذي اقترح على حزب الله أن يكون له نائب عن مدينة بيروت لأنه من المعيب أن الحزب المقاوم لا يكون له ممثل في عاصمة المقاومة. وأعتقد أن الرئيس الحريري كان يعرف مكانة حزب الله في الأوساط السنية.
يقول الكاتب: "إن إصرار "نصر الله" على أن تكون كلمته هي الكلمة الوحيدة المسموعة في لبنان، إنما تأتت من كونه "معجبا برأيه" أشد العجب".
المطلع على الأوضاع السياسية اللبنانية يعلم أن السيد حسن نصر الله لا يهمه الا شيئاً واحداً وهو كيفية استمرار المقاومة لتحقيق أهدافها المعلنة وهي تحرير جميع الأراضي المحتلة. كما وأنه من الغباوة في مكان أن يثق انسان مؤمن بعدوه، وخاصة اذا كان هذا العدو هو العدو الصهيوني. نحن مسلمون نعلم بأن اليهود لا يصونون العهد الا تحت تهديد السلاح. لذلك لا بد من ان يظل سلاح المقاومة مشهراً ما بقيت اسرائيل كنظام عنصري في بلادنا. هذا ما تعلمنا اياه السياسة وما يعلمنا اياه ديننا الحنيف. يقول ماو تسي تونغ ليس المهم النصر (رغم أهميته) انما المهم الاحتفاظ بالنصر. ان النصر الذي حققته المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله في 25 أيار 2000 كان الانتصار الأول الذي يحققه العرب في تاريخهم الحديث على أحد أعدائهم. وما كانت حرب تموز 2006 الا دلالة على أن حزب الله يعرف حق المعرفة كيف يحتفظ بالنصر.
سوف أطرح هذه الفرضية، مع أني لا أحب الفرضيات. لو أن حزب الله استمع الى الأصوات الغير بريئة التي طلبت منه وضع سلاحه. ألم تكن اسرائيل لتقضي على جميع من يريد ان يفكر في التحرير في يوم من الأيام. ماذا تفعل اسرائيل في الضفة الغربية هي وعباس وفياض. اذا كنت تحب الأمثال اللبنانية، فالمثل يقول:" اذا لم تكن قد مت فانظر الى من مات". حزب الله رأى جيداً ما الذي فعلته اسرائيل بعرفات وخلفائه، لذلك نحن جميعاً نصر على ضرورة احتفاظ الحزب بسلاحه مشهراً الى أن تزول اسرائيل من الوجود.
فيا أيها الكاتب الجليل، السيد حسن غير مصاب بجنون العظمة مثل حكامنا ولكنه يعرف كيف يقاتل اسرئيل.
يقول الكاتب: " وربما لا يدرون أن بلاغة البيان في خطاب "نصر الله" فيها السم الناقع، وقد تجر لبنان –والمصفقين فيه- إلى فتنة مذهبية عمياء لا تبصر، تماما مثلما لا يبصر "نصر الله" ما تفعل كلماته في لبنان وأهل لبنان".
عزيزي، يقول المثل "أعط خبزك للخباز ولو أكل نصفه". تواضع قليلاً. ليس بامكان أحد أن يفجر حرباً مذهبيةً في لبنان. ليس من حسن نواياهم انما لأن حزب الله لا يريد حربا مذهبية. وتأكد يا صاحبي ليس من سبب آخر. يمكنك أن تستريح. لا حرب مذهبية في لبنان. أمريكا واسرائيل ليس بامكانهما أن تفجرا مثل هذه الحرب. ويمكنك أن تتفرج على العراق والصومال وأرض 67 ماذا تفعل أمريكا وحلفاؤها. لبنان محصن ضد الحرب الأهلية لأن من يملك السلاح يريد توجيهه للعدو الصهيوني فقط!
ثم يقول صاحبنا: " لا يستطيع الواحد أن يتوقع ماذا سيقوله سماحة "السيد!" وهل سيكون كلامه بردا وسلاما على لبنان، يخلط فيه الجد في المزاح؟ أم سيكون كقاصف الريح وعاصف البحر، حتى يضع الواحد منهم يده على فؤاده، خوفا أن يكون الذي يطل من الشاشات العملاقة قد أحضر في جعبته "أمر القتال" سيوزعه على "فتوات" حزب الله لينساحوا في زواريب بيروت الغربية فيعيثون فيها فسادا".
ان من يحقق الانتصارات على المجتع الأكثر تقدماً في منطقتنا، لا بد الا أن يكون يتمتع بعقل متقدم على الذين انتصر عليهم. اسرائيل متقدمة تقنيا بسنوات عديدة على مجتمعاتنا العربية، وبالرغم من ذلك فقد تمكنت المقاومة الاسلامية من الانتصار عليها حتى بالتقنية. فقيادة الفتوة والزعران يملكون التقنية التي تمكنهم من قيادة الزعران في بيروت الغربية.
ويقول كاتبنا أيضاً: " تذكرت مشاهد محاصرة "محمد الدرة" وأنا أتابع على إحدى الفضائيات اللبنانية مشاهد الرعب الذي تنطق به ملامح آباء وأمهات، وقد عقروا خوفا على أبنائهم وهم على بعد أمتار منهم فلا يقدرون أن يصلوا إليهم خوفا من رصاص "زعران" حزب الله أن تطالهم، وقد ملأوا شوارع بيروت الغربية يطلقون رصاص بنادقهم على كل متحرك فيها يوم 7 أيار من عام 2008، فلا يختلفون في كثير أو قليل عن سلوك جنود إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة".
أعتقد أن من يجرؤ على الكتابة بهذا الشكل عن المقاومة الاسلامية يحتاج الى اعادة تقييم لكل منظومته القيمية. أقول ذلك مع احترامي الشديد للكاتب. ان من يعزل الظاهرة عن ظروفها لا يكون عادلاً.
1 – الفكر الماركسي (ومن ضمنه الهيجلي) يتحدث عن التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. ثم يتحدث عن اخضاع التناقضات الثانوية لصالح التناقض الرئيسي.
2 – الاسلام يتحدث عن الأولويات، والقرآن الكريم قد تحدث عن هذا الموضوع وهو واضح جداً في موضوع الهجرة.
أصدرت الحكومة اللبنانية قراراً في حال تنفيذه يسلم رأس المقاومة للاسرائيلي من غير بدل. فهل على المقاومة أن تنتظر قدرها. الأولوية هي لامكان استمرار المقاومة وليس لاستقرار الحكومة اللبنانية. هذا ما رأته المقاومة. وقد حذرت الحكومة مراراً لخطورة قرارها. ولم تستجب هذه الحكومة. لذلك قامت بتحركها في السابع من أيار.
أما رأيي بهذا التحرك فهو ما يلي: قرار الحكومة كان خاطئاً وقد تراجعت الحكومة عنه. أما السابع من أيار لم يكن يوماً مجيداً للمقاومة بالرغم من قول السيد حسن أنه يوم مجيد. ان السابع من أيار قد أدى الى تسعير الشعور المذهبي وقد كان له آثار سلبية على المقاومة، لذلك لم يكن مجيداً. ان الطائفة السنية يجب أن تظل كما كانت دائماً الى جانب المقاومة. وعلى المقاومة أن تقوم بالمستحيل من أجل ذلك. هذا ما أراه. ولكن الكتابة ضد المقاومة هو خدمة مجانية للعدو (أنا لا أتهم الطاهر ابراهيم). ان التموضع الى جانب المقاومة يجعل النقد بناءً، وليس تخريبياً.
اليوم هو عيد المقاومة والتحرير 25 أيار 2009 حسن ملاط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق