أفرجوا عن طرابلس
لقد مضى أكثر من ثلاثة عقود على الأحداث التي كانت تحصل في طرابلس ما بين ما اتُفق على تسميته التبانة – بعل محسن. تلك الأحداث التي لم يتمكن من إيقافها حتى الشهيد خليل عكاوي، "أبو عربي" رحمه الله. فهو لم يكن راضياً عنها جملة وتفصيلا. والذين يستغلون الخلاف ما بين هاتين المنطقتين، يجعلون من هذا الخلاف وكأنه أبدي سرمدي. ليس هذا فحسب، بل إن المراقب المحايد يمكنه أن يستنتج أن هناك أكثر من طرف يملك المصلحة بالحفاظ على هذا الخلاف حاضراً باستمرار. والطرف الوحيد الذي يخسر من وجود هذا التأزم هم أهل التبانة وبعل محسن.
لقد حول الحفاظ على هذا التأزم، التبانة إلى مدينة أشباح. فقد هربت جميع المهن والحرف إلى مناطق أخرى في المدينة وخارجها. وهذا ما حول أهلها وأهل بعل محسن إلى عاطلين عن العمل، تمكن المصطادين في الماء العكر، من تحويل هذا الجيش من العاطلين عن العمل إلى وقود لمعاركهم غير النزيهة، كما حصل أمس في طرابلس.
لقد نوه رئيس الوزراء الجديد إلى أن المعارضة يجب أن لا تكون مسلحة، وهذا الكلام يحمل مدلولاً، سمح له به تصريحات سمير جعجع عن شكل مختلف للمعارضة. هل يمكن أن تكون المعارضة الجديدة بصدد الإستثمار في طرابلس حتى تكون قريبة من أكبر تكتل وزاري (خمسة وزراء من طرابلس)، حتى تضرب في عرين الأسد. إن تحقيقاً جاداً في الأحداث التي حصلت بالأمس يجب أن يحدد المسؤوليات بكل شفافية وجدية. إن أهل طرابلس لا تقبل من أحد أن يستثمرها في معاركه السياسية الغير نزيهة.
ليس هذا فحسب، بل إن هناك أكثر من طرف يريد أن ينقل الخلافات أو الأحداث الحاصلة في الجارة سوريا إلى لبنان. إن خراب لبنان يتم من أهله فقط للمصالح الضيقة لبعض السياسيين. وفي هذا إجحاف بحق طرابلس والشمال. نحن لسنا ضد التعبير عن الرأي في جميع الأحداث، لأن هذا حق يصونه الدستور اللبناني. ولكننا ضد أن يشكل التعبير عن الرأي ممراً لفتنة لا تتحملها طرابلس والشمال وخاصة عكار. إن التعبير عن الرأي يمكن أن يتم من دون أن يشكل استفزازاً للآخرين، حيث أنه لا ضرورة للإستفزاز، عندما يؤدي إلى خراب البلد.
حسن ما فعل دولة رئيس مجلس الوزراء عندما طلب من الأجهزة الأمنية أن تتعامل بجدية مطلقة مع هذا الموضوع. فالأمن من أول مطالب المواطنين. ولا يمكن التنازل عن التحقيق الجاد لتحديد المسؤوليات بكل شفافية. فيجب أن يأخذ كل ذي حق حقه.
أما للسياسيين الذين يريدون المتاجرة بطرابلس ودم أهلها، فنقول لهم إرفعوا أيديكم عن طرابلس، فطرابلس أدرى بمصلحتها أين تكون.
حسن ملاط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق