بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الخميس، 24 مايو 2012

حكومة اتحاد وطني؟


                               حكومة اتحاد وطني؟
حسناً فعل الرئيس نجيب ميقاتي، عندما رد على أوساط المستقبل بنبرة مرتفعة، عندما حملته المسؤولية عما قامت به المجموعات التابعة لها سواء في طرابلس أو بيروت أو عكار أو البقاع. يريد المستقبل تحميله مسؤولية عدم قمع مجموعاته؟ هذا نوع من السوريالية؟ ولكن النبرة العالية محقة لأن للرئيس ميقاتي دين في ذمة المستقبل، حيث أنه مول المحكمة الدولية وجدد لها في الوقت الذي لم يكن بإمكان المستقبل القيام بذلك. أما المستقبل فلم يقدم للرئيس ميقاتي مقابل ذلك سوى الأفخاخ. ومنها على سبيل المثال استعداده لتسهيل صرف ال 4900 مليار ليرة. وهذا فخ لأنه كان الطريق لتشريع ال 11 مليار دولار التي في ذمة الحكومات منذ 2005 حتى 2010. علماً أن الميقاتي لم يكن ضد تشريع هذا المبلغ.
كما أن هذه النبرة ضرورية للقادم من الأيام الحبلى بالتسويات والضغوطات ومحاولات تأمين مصالح كل طرف على حساب الأطراف الأخرى.
دعونا نرسم صورة الواقع القائم اليوم بعد الجلاء النسبي لغبار المعارك التي حصلت في بلدنا العزيز.
ففي طرابلس، تمكنت المجموعات السلفية من الإيحاء بأنه بإمكانها أن تسيطر على الساحة. فقد تمكنت هذه المجموعات بقيادة الشيخ سالم الرافعي أن تقود معركة الضغوط على الحكومة للحصول على مطالب معينة بالنسبة للموقوفين الإسلاميين والإفراج عن المولوي. صحيح أن الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي قد شاركوا هذه المجموعات بفرحة الإفراج عن المولوي. ولكن هذه الخطوة لم تكن موفقة لا من الميقاتي ولا من الصفدي. حيث أن من يمثل السلطة السياسية عليه أن يدافع عن أجهزتها لا أن يساهم بجلدها.
وحيث أن لكل ظاهرة جوانب إيجابية وسلبية، لذلك علينا أن نتنبه أن الضغوطات سوف تتضاعف على السلفيين حتى يتخلوا عن الإنتصار الذي حققوه في معركتهم الأخيرة في طرابلس. ونحن نعتبر أن مبادرة الملك السعودي تأتي بهذا الإطار، أي تجيير هذا (الإنتصار) للسلطة السياسية اللبنانية من حيث اقتراح الملك ضرورة انعقاد طاولة الحوار بين القوى السياسية التي لا تملك الحركة السلفية مقعداً بينها. وكل انتصار لا يجير في الحركة السياسية لا معنى له. لذلك سوف ترتد هذه القوى إلى خلافاتها المعهودة، لأن حركتها لا تملك أفقاً معلناً.
ليس السلفيون وحدهم يمارسون على هذا المنوال، فحركة التوحيد الإسلامي هي من كانت تهتم بالموقوفين الإسلاميين وقد تمكنت من الإفراج عن العديد منهم. ولكنها كانت تعمل في هذا الملف من دون أفق سياسي فقد كادت تدفع ثمناً غالياً قي الحوادث الأخيرة لولا فضل الله. والسلفيون هم من كان سيجبرها على دفع الثمن على حد بعض التسريبات التي لا نعلم حجم صدقيتها.
أما الخاسر الأكبر في أحداث طرابلس فهو حزب المستقبل الذي كان يعتقد بتبعية التيار السلفي له. فقد تبين للجميع أن السلفيين لا يلتزمون بأجندة المستقبل، وقد أصبحوا قوة مستقلة خرجت من تحت خيمة المستقبل وعباءته. أما الرئيس ميقاتي فيمكنه العودة إلى قواعده بعد إعادة ترميمها. وكذلك الصفدي الذي خسر شيئاً من رصيده عندما فتح معركة عبثية مع الرئيس ميقاتي.
هذا على صعيد طرابلس، أما على صعيد لبنان فالمشهد هو على الشكل التالي.
جاءت مبادرة الملك السعودي في وقت بدت جميع المعارك القائمة وكأنها من دون سقف. فمطلب المستقبل لإسقاط الحكومة لا حظ له في النجاح. فهل في مصلحة المستقبل أن تصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال حتى موعد الإنتخابات في 2013؟ بالطبع لا. لأن بإمكان هذه الحكومة أن تأخذ قراراتها من دون أن تعرض نفسها للمحاسبة. وكذلك فالمعركة التي وقعت في طرابلس كانت من دون تغطية سياسية من أي طرف. لذلك كان لابد من توقف جميع هذه المعارك حتى لا تخسر الدولة وسلطاتها لصالح التفلت الأمني الذي لايستفيد منه أي طرف.
نعود إلى المبادرة السعودية التي لاقت الترحيب من جميع الأطراف وخاصة حزب الله وأمل. ولن تكون نهاية هذه المبادرة التي تركز على الحوار بين جميع أطراف الصراع اللبناني إلا انعقاد طاولة الحوار. وسوف تكون نهاية هذا الحوار حكومة تجمع جميع الأطراف، حكومة إتحاد وطني.
هل للمستقبل حظ في تولي رئاسة هكذا حكومة؟
نقول لا! لأن قبول أطراف الثامن من آذار تولي المستقبل رئاسة هذه الحكومة كمن يقر بخسارته معركة لم يخضها أي طرف. ونحن نعلم أن المعارك السياسية تقوم على الأحجام وموازين القوى. وحيث أنه لا حظ لميزان القوى القائم اليوم في التغير، بالرغم من بعض الملاحظات على أداء الرئيس ميقاتي من حزب الله وعون والرئيس بري، ولكن يبقى الرئيس ميقاتي (الوسطي) هو المؤهل لقيادة هذه الحكومة. فقيادته هذه الحكومة لا يشكل انتصاراً لأي طرف كما وأنه لا يعتبر هزيمة لأي طرف من الأطراف. كما أن تولي رئاسة الحكومة من قبل ميقاتي لن يكون جائزة ترضية له، إنما مرتبط بحسن أدائه خلال هذا المخاض الذي ربما يطول أو يقصر. ولكن الرئيس الحريري قد قدم أوراق اعتماده للطرف الآخر عندما استنكر عملية اختطاف الزوار اللبنانيين من قبل ما يسمى الجيش السوري الحر، وأبدى استعداده لبذل كل الجهد من أجل الإفراج عنهم.
24 أيار 2012                                                                 حسن ملاط

ليست هناك تعليقات: