لماذا طرابلس؟
حسن ملاط
الحياة في
المدن تقوم على التجارة والصناعة والوظيفة. وجميع أسباب الإرتزاق التي ذكرنا
تستدعي الأمن والإستقرار. طرابلس، العاصمة الثانية، عاصمة الشمال، لم يُسمح لها
بأن تعيش الإستقرار منذ زمن لابأس به. فالحركة التجارية لا تزال مجمدة منذ عيد
الفطر الماضي. لم يسمح للتجار ببيع بضائعهم في عيد الفطر ولا في عيد الفصح ولن
يُسمح لهم بالإرتزاق في الأعياد القادمة، الميلاد ورأس السنة.
ما هو الذنب
الذي اقترفته هذه المدينة حتى يكون ممنوع على سكانها الحياة الطبيعية؟
جميع
المبعوثين الأجانب الذين زاروا لبنان، أكدوا جميعاً على ضرورة الإستقرار في هذا
البلد. وهذا ما فعله سفراؤهم المقيمون في بلادنا، عندما زاروا رئيس الجمهورية
ودعموا اتجاهه في الحوار وبضرورة الإتفاق على حكومة جديدة قبل استقالة الحكومة
الحالية. كل ذلك حتى لا يهتز الإستقرار. وهذا ما أكدوه لرئيس مجلس الوزراء، سواء
في زياراته الخارجية أو بلقائه مع المبعوثين.
وهذا ما حصل
فعلاً. فعندما وجدوا أن الأسير يمكن أن يهدد الإستقرار في صيدا، أخذوا قرارات
حازمة من تحركه. وهذا ما حصل في طريق الجديدة في بيروت. وخرجت بيروت من هذه
التجربة. وكذلك خرجت صيدا من التجربة. هل يمكننا الإستنتاج أن طرابلس لا تخضع
للأجندة اللبنانية. أم أن وراء الأكمة ما وراءها.
يمكننا
التقدير بأن سياسيي بيروت وسياسيي صيدا قد قدموا دعمهم الفعلي للخطوات التي قام
بها الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحماية الأمن والإستقرار. أو ان القرار الذي
يغطي الأراضي اللبنانية لا تدخل ضمنه طرابلس.
جميع هذه
الأسئلة مشروعة. لأنه لا يُعقل أن السلطات اللبنانية ليس بإمكانها تكريس الأمن لهذه
المدينة المنكوبة، طرابلس، مدينة العلم والعلماء، التي كادت أن تصبح مدينة القنص
والقناصة.
لقد أكد بعض
الأطراف السياسية أن إسقاط الحكومة يجب أن يتم في طرابلس، المدينة الذي ينتمي
إليها رئيس الحكومة العتيدة. من أجل ذلك جميع التحركات التي قامت والتي كان يراد
منها محاصرة الحكومة والعمل الحكومي قد قامت في طرابلس. ليس من المقبول أن لا
تتمكن الحكومة التي تضم خمسة وزراء من طرابلس من تكريس الأمن في المدينة. أما إذا
لم يكن ممكناً تأمين الحياة العادية للناس فلا بد من إفهامهم (سكان طرابلس) أن من
غير الممكن فرض الأمن في المدينة ولماذا، ومن هي الأطراف المسؤولة عن ذلك. أما أن
تخضع الحكومة لأجندات الغير بتكريس القلاقل في المدينة، فهذا غير مقبول قطعاً.
لا بد من خطوة حازمة يقوم بها رئيس الحكومة، إبن طرابلس.
وذلك بأن يدعو جميع نواب المدينة ووزرائها وسياسييها والهيئات الإقتصادية والدينية
وهيئات المجتمع المدني لمناقشة وضع المدينة ووضع الجميع أمام مسؤلياتهم بضرورة فرض
الأمن في هذه المدينة وضرورة تنميتها. ألم تقر الحكومة 100 مليون دولار لهذه
المدينة؟ ومن يتخلف عن واجبه إزاء مدينته يجب أن يُعرف من الجميع، أن هذا الطرف أو
ذاك رفض خدمة مدينته. أما أن يستمر الوضع على ما هو عليه، فهذا يعني تعليم الناس
على الفوضى أو في أحسن الأحوال تهرب من المسؤولية. العمل السياسي لا يكون على حساب
الناس، أمنهم واستقرارهم ورزقهم. ولكن العمل السياسي يقوم أصلاً من أجل تأمين الأمن
والرزق والإستقرار للناس. والمعارك السياسية تُخاض بالناس من أجلهم وليس من أجل
مصالح خاصة. إن السياسي المخلص هو الذي يرفع السقف من أجل تأمين مصالح أبناء
المدينة. لا يرفع السقف من أجل حرق المدينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق