القراءة وأهمية التعليم
حسن ملاط
بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم ( وايز)،
خصصت "الحياة" حيزاً واسعاً يبين اهتمام الصحيفة ومسؤوليها بهذا الحدث
الهام.
بعد أن اطلعنا على ما جاء في
الأحاديث التي نُقلت عن المسؤولين، والمقالات التي كُتبت رأينا أن ندلي برؤيتنا
للموضوع، حيث أننا من الإختصاصيين في الموضوع التربوي.
قالت السيدة إيرينا بوكوفا:
" وعلينا بشكلٍ أساسي أن نُحدث تغييراً في طريقة التعليم وغايته".
أعتقد أن هذا الكلام هو جوهر الموضوع. أما الأسباب التي جعلتني أميل إلى هذا
التحديد هو موضوع مقالتي هذه للأهمية.
ولأهمية ما تذهب إليه السيدة
بوكوفا، نقلت هذه الإحصائية الهامة عن الأونسكو: " ووفق حسابات اليونسكو، فإن كلّ دولار
أميركي يُنفَق على تعليم طفل يعود على النمو الإقتصادي بمردود يتراوح بين 10
دولارات و15 دولاراً طوال فترة حياته المهنية".
أما رئيس
المؤتمر الشيخ عبد الله آل ثاني فيقول: "واعتقد أن التعليم هو السبيل المثالي
والاساس ليطرح من خلاله الشباب قدراتهم نحو بناء المستقبل".
أما اليمنية
انطلاق المتوكل فتقول كلاماً خطيراً، وربما يرتدي الكثير من الصحة: "التعليم
الضعيف أخطر من الجهل والأنظمة الاستبدادية تتغذى منه".
إنطلاقاً مما تقدم نقول أن شرط
التعليم الأول هو: معرفة القراءة. وقد بينت الإحصاءات السنوية التي تُجريها الدول
الأوروبية سنوياً، أن السبب الرئيسي للتأخر في المجال التربوي هو ضعف القراءة. وقد
عزت معظم الدراسات التي أجريت من أجل إيجاد الحلول لهذه المعضلة، إلى الطريقة
المتبعة في تعليم القراءة للمبتدئين. ومن المعروف أن الطريقة المتبعة في تعليم
القراءة في معظم الدول الأوروبية، وفي بلادنا أيضاً، هي الطريقة المجملة (globale) والتي تنطلق من تحفيظ الطفل لبعض
الكلمات ثم تحليلها للوصول إلى تعليم الحرف. ويمكن ممارسة التعليم تبعاً لهذه
الطريقة بوسائل مختلفة، ولكنها لا تخرج عن كونها طريقة مجملة.
لماذا نتحدث في هذا الموضوع
بالتفصيل؟
بعد التقدم في وسائل التصوير (
الرنين المغناطيسي و البوزيترون IRM و PET)، تمكن علماء الأعصاب من تصوير
الدماغ عند تعليم الأطفال للقراءة، وتمكنوا من تحديد المناطق الدماغية التي تنشط
عند تعلم القراءة. وقد كان أول من قام بهذه الكشوف Sperry وهو حائز على جائزة نوبل. وقد
تقدمت هذه الكشوف كثيراً بعده، وكان أن كتب Stanislas Dehaene الحائز على كثير
من الجوائز العالمية، كتاباً أسماه "الخلايا العصبية للقراءة" وهذه جرأة
علمية كبيرة. ولكن نجد في هذا الكتاب الكثير من الكشوف التي تفيد المهتمين بموضوع
القراءة وتعليمها.
ماذا أعطانا علماء الأعصاب في مجال
تعليم القراءة؟
لقد أثبت هؤلاء العلماء أن الطريقة
المتبعة في تعليم القراءة (المجملة) هي طريقة لا تنسجم مع آلية عمل الدماغ، أو
لنقل أنها تعمل بطريقة معاكسة لآلية عمل الدماغ. فالوقت المفترض لقراءة كلمة هو 20
ملليثانية أي عشرين من ألف من الثانية. أما في الطريقة المجملة فيحتاج القارىء إلى
300 ملليثانية أي ثلاث ماية جزء من ألف من الثانية. وبعملية حسابية بسيطة نجد بأن
الطفل الذي يتعلم بالطريقة المجملة يخسر من وقته (أو من حياته) 1500% . وهذه
الخسارة لا يمكن لأية أمة نامية أن تتحملها. ولكن للأسف هذه حالنا مع طريقة تعليم
القراءة.
والمؤسف أن الإصرار على هذه
الطريقة في التعليم ناتج عن افتراضات ليس فيها شيء من العلمية، فهي تعتمد على
نظرية في علم النفس تسمى الجشتالت وهي لا ترتدي أي طابع علمي. أما ما نتحدث عنه
فهو العلم الحقيقي الذي تراه في العين لأن جميع استجابات الدماغ لكيفية القراءة
تنتقل من الدماغ أمام ناظرينا على الحاسوب.
ما هي الطريقة التي يجب اتباعها في
تعليم القراءة؟
الطريقة التي يجب اتباعها هي
الطريقة التركيبية التي تنطلق من تعليم الحروف إلى الكلمات، مع كثير من التفاصيل
المرتبطة بالطريقة وكيفية تنفيذها.
وأخيراً نحن على استعداد لتفصيل
الموضوع لمن يريد، ولكن لا نعتقد أن الجريدة يمكن أن تستقبل تفصيل هذا الموضوع.
أما في حال القبول فسوف نقوم بذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق