التعاون المرهق؟
حسن ملاط
يجتمعون، يتناقشون، يختلفون أو يتفقون في
وجهات النظر، أما الإتفاق على التعاون الجدي، فمرهون بمرجعية كل طرف. من أجل ذلك،
يمكننا التأكيد على أن الإتفاق أو الإختلاف فيما بين الحركات والأحزاب والمجموعات
الإسلامية، يتطلب تحقيق العديد من الشروط، سنحاول الإطلالة عليها.
المحازبون: ينتمي معظم محازبي الحركات
الإسلامية إلى الطبقة الوسطى والموظفين والطلاب والحرفيين والمزارعين والعاطلين عن
العمل. ولا يُصنف المحازبون تبعاً لمهنهم ولكن الإنتماء يتم تحديده تبعاً للتعبئة
الدينية، الطائفية أو المذهبية. لذلك نرى نوعاً من الصفاء المذهبي عند كل حركة من
الحركات الإسلامية. علماً أنه يمكن استثناء سرايا المقاومة فقط، وهي جهاز تابع
وليس مستقلاً.
المرجعية: مرجعيات هذه الحركات هي الدول
الإسلامية، وأبرزها إيران، السعودية، قطر وتركيا.
استنتاجات
1 – إن انتماء المحازبين إلى نفس الشرائح
الطبقية يؤدي إلى صعوبة التعاون فيما بين هذه الحركات، لأنها تتنافس على نفس
الجمهور. جميع الحركات إسلامية ومرجعيتها واحدة وهي الموروث الإسلامي. ما من أحد
من هذه الحركات أنتج تديناً ينسجم مع العصر الذي نعيش فيه حتى يكون هناك تمايز
فيما بينها. نفس الخطاب، نفس المرجعيات الفقهية والدولية، مما يؤدي إلى ضرورة
التنافس وليس التعاون.
2 – إن عدم تصنيف المحازبين تبعاً
لانتماءاتهم الطبقية يؤدي إلى تناقض ما بين الشكل والمضمون. مثال ذلك، التنافس بين
المحازبين الذين تجمعهم مصلحة واحدة: كموظفين أو كعمال أوكطلاب. وتقديم الإنتماء
الحزبي على المصلحة العامة يؤدي إلى خواء تنظيمي لأنه يتناقض مع انتماءات الأعضاء.
برز ما نقوله واضحاً في تجربتين نموذجيتين:
التحرك الأول ضد الطائفية والذي ساهم توافق جميع الأحزاب السياسية إلى إنهائه.
وكذلك هيئة التنسيق النقابية، فتعاون مختلف أحزاب السلطة جعلها تابعة لهذه الأحزاب
وخسرت صفتها الإستقلالية والنقابية في آن. أي أن المحازبين تآمروا مع حركاتهم
وأحزابهم ضد مصالحهم كموظفين أو عمال... وذلك بالقضاء على هذه التجربة النقابية
المستقلة نسبياً.
3 – الإنفصال عن قضايا المجتمع جعل هذه الحركات وكأنها تعيش في زمن غير زماننا أو
في بلاد غير بلادنا. إن ما يجعل الخلافات قائمة هو التركيز على القضايا التي لا
تمس الناس بصورة مباشرة. فهذا النوع من القضايا لا يُطرح أبداً، النضالات
الإجتماعية الإقتصادية على سبيل المثال. وإذا تم طرحها تكون بوجهة إفشال الحركات
المطلبية وليس دعمها. الأمثلة على ذلك كثيرة: تفريخ نقابات مذهبية أو روابط مهنية
مذهبية... فبدلاً من مساعدة هذه الفئات تقوم الحركات الإسلامية بضرب نضال هذه
الفئات من المجتمع. وبدلاً من خلق التضامن فيما بينها، تدفع باتجاه قسمتها على أسس
ليس لها علاقة بطبيعة المهنة التي يعملون بها. إنما الإنقسام يكون تبعاً للإنتماء
المذهبي لمن يقوم به.
إن تدخل هذه الحركات بالعمل النقابي الوطني،
جعل هذا العمل خاويا من معانيه النقابية، وأصبح ميداناً للمحاصصة المذهبية
والحزبية.
4 – هذه التصنيفات لا تأتي من فراغ.
فالمرجعيات لهذه الحركات الإسلامية تتمتع بنفس الضبابية. إيران دولة إسلامية
والسعودية دولة إسلامية. إيران دولة ذات اقتصاد ريعي، وكذلك السعودية. كلتاهما
تبيعان النفط وتمولان نشاطاتهما الداخلية والخارجية. صحيح أن إيران تملك بعض الصناعات
الحربية، ولكن هذا لا يجعل منها دولة صناعية، ودليلنا هو حصة الدخل القومي من
الصناعة.
ما تقدم يعني أن الدولتين الراعيتين لمعظم
الحركات الإسلامية تنتمي إلى فضاء النيوليبيرالية التي تقودها أمريكا.
علام الخلاف إذن؟ تتنافسان على نفس الأرض، كل
منهما تريد أن تكون هذه الأرض ومن عليها تحت سلطتها. نجد التنافس حيث يعم الخراب
في اليمن والعراق وسوريا والبحرين ولبنان.
هل من إمكان للتوافق؟
نعم! شريطة التوافق على ما يلي:
-
الشرط الذي لا يمكن تجاوزه مطلقاً، هو تحديد
الأولوية وبشكل موضوعي وليس ذاتياً. القتال ضد إسرائيل هو الأولوية الأولى باعتراف
جميع الأطراف. لماذا لا يتم التعامل مع هذه الأولوية على أنه كذلك على أرض الصراع.
التجارب التي مررنا بها، سواء إبان وجود
المقاومة الفلسطينية أو في عهد المقاومة الإسلامية، أثبتت أنه عند الصراع مع
إسرائيل تختفي جميع التناقضات الأخرى لصالح التناقض الرئيسي والأساسي. إن مجرد
تحول البندقية عن اتجاهها جعل الصراع العنيف ينتقل إلى ساحاتنا المحلية وجعل العدو
يعيش في أحسن حالاته. فالتقاتل يتم بين من يصنفهم أعداءه.
إذن، إن التعاون بين مختلف الفئات لن يكون
ثابتاً إلا إذا استند على قواعد موضوعية.
-
احترام خصوصية الساحة التي يتم العمل فيها،
هو شرط للتعاون. التعاون مع القوى الخارجية ليس ممنوعاً، وربما يكون حاجة، ولكن
شريطة احترام أولوية التناقضات في ساحتنا الداخلية. فالتعاون مع قطر أوالسعودية أو
إيران لا يجعل تصنيف التناقضات المحلية تبعاً لرؤية هذه الأطراف.
ما يحصل الآن هو التزام الأطراف المحلية
برؤية الأطراف الخارجية للتناقضات فيما بينها ونقلها إلى ساحتنا. وهذا يؤذي
التعاون بين مختلف الأطراف في الساحة المحلية وينقل التصارع مع العدو إلى تصارع
داخلي. وهذا ما نراه بوضوح في ساحتنا المحلية. فالخلافات بين مختلف المجموعات
والأحزاب الإسلامية ناتج عن اختلاف مرجعياتها. هذه المرجعيات التي لا يمكنها، وليس
مطلوب منها أن تحدد الأولويات في ساحتنا. ولكن تعاملها مع حلفائها على أنهم تابعون
يجعلها تحدد الأولويات وما على الأطراف إلا الإلتزام بها.
-
التميز يستدعي إعطاء "نكهة"
للإلتزام الديني لهذه الحركات. هل هي معادية لإسرائيل، هل هي معادية للعولمة
النيوليبيرالية... وهذا يجب أن يظهر جلياً في برامجها وفي ممارساتها. الجلي الآن
أن العداء يظهر من خلال الشتائم وليس من خلال البرامج والممارسات.
-
والمهم الذي يجب الإنطلاق منه هو أن يبدأ
الحوار بالتزام مسبق بإتمامه إلى نهايته...
هناك نقاط أخرى ولكن يمكن أن تثار عند
الضرورة.
10 تموز 2015
هناك تعليق واحد:
كلية التجارة بنها
كلية التجارة بنهاكلية التجارة بنهاكلية التجارة بنهاكلية التجارة بنهاكلية التجارة بنها
كلية التجارة بنها
إرسال تعليق