بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

الاثنين، 6 يوليو 2015

أتركوا لهم الأمل!

                                 اتركوا لهم الأمل!
حسن ملاط
شاركت حماس للمرة الأولى في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، في أوائل 2006. يومها رفضت حركة الجهاد الإسلامي المشاركة لأنها تأتي تحت سقف اتفاق أوسلو. وكان أن نجحت حماس بتلك الإنتخابات، رغم التدخلات لصالح منافسيها. كان نجاح حماس تعبيراً عن اختيار الشعب الفلسطيني مقاومة الإحتلال. وحيث أنها كانت الوحيدة من المشاركين التي تطرح حل المسألة الفلسطينية عبر المقاومة، لذلك أخذت أصوات جميع الذين يريدون خيار المقاومة.
لم تقبل المنظمات مشاركة حماس بتشكيل الحكومة برئاسة اسماعيل هنية. وكذلك كان رأي الراعي الأمريكي والشريك الصهيوني باتفاق أوسلو. رغم هذا شكلت الحكومة. ومنذ تلك اللحظة، لم تفتر المشاكل والصدامات بين حماس وفتح. نتيجة لهذه الخلافات، تمت إقالة حكومة هنية وتشكيل حكومة برئاسة سلام فياض. وأصبح للشعب الفلسطيني حكومتان، واحدة في غزة بقيادة حماس، وأخرى في الضفة الغربية بقيادة فتح. ومن الطبيعي أن يتعامل المجتمع الدولي مع حكومة فياض وليس مع حكومة هنية، لأن حماس مصنفة إرهابية في القاموس الأمريكي.
كان تأثير الإنقسام سيئاً جداً على الشعب الفلسطيني. وقد استغلت إسرائيل هذا الواقع للقيام بعدة اعتداءات على غزة، دام الأخير منها أكثر من خمسين يوماً. تلاه اتفاق تهدئة لم تلتزم به إسرائيل. ولا يزال أهل غزة يعانون من التشرد بسبب تدمير العدو لآلاف المساكن.
كانت المحاولة الأخيرة للإتفاق بين فتح وحماس، هي حكومة الحمد الله. ولكن يبدو أن عباس يريد أن ينقض الإتفاق وذلك بتغيير الحكومة، علماً أن ما أرادته حماس من الحكومة لم تحصل عليه. لم تتم إعادة الإعمار، ولم تدفع الحكومة الرواتب للموظفين، ولم تفتح المعابر ولم يسمح للصيادين بالتوغل المسافة المتفق عليها...إلخ.
الحالة الراهنة
بدأت السلطة الفلسطينية مفاوضات مع العدو الصهيوني، تمكن خلالها العدو من توسيع الإستيطان (مصادرة الأرض وإقامة المستعمرات عليها)، وتهويد القدس الشريف، ومحاصرة الفلسطينيين في قراهم عبر الحواجز والجدار العازل. ناهيك عن القتل اليومي للشباب الفلسطيني والإعتقالات والإعتداءات على الفلاحين والمزارعين في حقولهم وإحراق المحاصيل واقتلاع الأشجار...
الفلسطينيون في الضفة يعيشون تحت حكم بوليسي إرهابي، سواء من الجيش الصهيوني أو من زبانية السلطة الفلسطينية. وكذلك في غزة حيث الإزدحام السكاني والنسبة العالية من البطالة.
أما في مخيمات الشتات، فحدث ولا حرج. ففي سوريا تم تهجير الفلسطينيين الذين لم يموتوا جوعاً من جراء الحصار الظالم عليهم وخاصة في مخيم اليرموك. أما المخيمات الأخرى فلم يعد لها وجود. وفي لبنان، لا يتمتع الفلسطيني بأية حقوق، وهذا ما يجعل الحياة من الصعوبة بحيث نرى الحوادث اليومية في هذه المخيمات. فيظن المرء أن المخيمات تعيش في حالة تحضيرية ليصيبها ما أصاب مخيم نهر البارد.
أما في الأردن، فالتجارة الرائجة هي إخافة الأردني من الفلسطيني وتصوير الفلسطيني على أنه يستولي على الحقوق الأردنية. وهذا ما يجعل الحذر يسيطر على الساحة السياسية الأردنية، حتى أن الأحزاب المختلطة بدأت بالإنقسام على خلفية الإنتماء، وهذا ما حصل مع الإخوان المسلمين. فالإخوان من أصل أردني انقسموا على الإخوان من أصل فلسطيني وبتشجيع من الدوائر الحاكمة وبتغطية من أطراف سياسية، وخاصة تلك التي تطرح المشرقية...
الفلسطينيون الذين يعيشون حياة شبه مستقرة هم الموجودون في المهاجر الأميركية والأوروبية.
الفلسطينيون والقضية الفلسطينية
كل الدلائل تشير إلى أن أكثرية الشعب الفلسطيني لازالت متمسكة بحقها باستعادة أرضها من المغتصب الصهيوني. أما الدليل على ذلك فهو واضح من مختلف فئات هذا الشعب، حتى أولئك الذين يعيشون حياة مستقرة في المهاجر الأوروبية والأمريكية.
أما المستجد، فهو الإحباط الذي أصاب مختلف فئات الشعب بسبب الإنقسام بين مختلف المنظمات، وبسبب الفساد المستشري عند المشاركين بالسلطة وغيرهم. والأهم أن ليس هناك أفق للمقاومة حالياً. فمختلف المنظمات لا يمكنها تأمين مصاريف كوادرها إلا باللجوء إلى المساعدات من الأنظمة والتي تكون مشروطة بتبعية سياسية.
أما الأسوأ فكان نتيجة الحراك الذي حصل في مختلف البلدان العربية والذي أدى إلى الإنقسام العامودي على أساس مذهبي. هذا الإنقسام كانت نتيجته وضع القضية الفلسطينية في آخر الأولويات بعد أن كان مكانها في الصف الأول.
هذا الأفق المسدود لم يدفع الفلسطينيين إلى التخلي عن قضيتهم، ولكن دفع المتحمسين منهم إلى القيام بممارسات تعبر عن رفضهم لهذا الواقع حتى ولو أدى إلى استشهادهم. العمليات الفردية هي التعبير الجلي عن هذا الواقع. وبدلاً من استثماره من قبل المنظمات المقاومة، نرى هذه المنظمات تهتم بأوضاعها الداخلية نتيجة الظروف التي أشرنا إليها.
ليست هذه نهاية الكون. علينا رفع شعار الحفاظ على الأمل.
وهذا يتطلب
1 – العمل العسكري: هذا النوع من العمل المقاوم يكون أحياناً ضرورياً. وفي المعارك العسكرية، يكون السلاح الفعال أفضل من السلاح الأقل فعالية. ولكن المقاوم هو الذي يختار كيفية مجابهة العدو تبعاً للسلاح الذي يحمله. فالحرب التي يخوضها ليست نظرية، من أجل ذلك يجب أن تكون حساباتها دقيقة. نلخصها بالنقاط التالية:
أ – ضرورة أن يكون السلاح غير مرهون لأي قوى أخرى غير المقاومين. فالإنتصار عندها يكون للممول وليس للمقاوم. وهذا ما نراه واضحاً بما يجري في بلادنا. إذا انتصر الحشد الشعبي في العراق يكون الإنتصار لإيران وأمريكا. أما انتصار الأطراف الأخرى فهو انتصار لتركيا أو السعودية أو قطر وأمريكا. من أجل ذلك، نرى بأن البندقية أكثر فعالية من الطائرة وقاذف الأربي جي أهم من الدبابة والعبوة أهم من الصاروخ الذي يحمل رأساً متفجراً. العبوة تنصر المقاومة والشعب المقاوم، أما الصاروخ فينصر الممول.
ب – هذا يقودنا إلى التأكيد على ضرورة تغيير نظريات الجهاد ضد العدو، وذلك بخوض المعارك التي يمكن خوضها بالسلاح الذي يملكه المقاوم ويمكن تأمينه من دون الإرتهان السياسي.
أما إذا كان ذلك مستحيلاً في الأوضاع الحالية، فيجب عدم خوض صراع عسكري، لأن قتال العدو هو من أجل تأمين تحرير الأرض وليس ثأراً من أحد رغم كل الحقد الذي على المقاتل أن يحمله للعدو.
الواضح أن أفق المقاومة المسلحة مقفل في هذه الأيام، لذلك لا بد من الإتجاه نحو أشكال أخرى من المقاومة.
2 – بناء الأنسان: مما لا شك فيه أن الأوضاع المأسوية التي يعيشها معظم لاجئي المخيمات، تدفعهم إلى الكفر بكل القيم. من هنا ضرورة إهتمام جميع من يهمه أن تبقى جذوة النضال الفلسطيني متقدة أن يوجه اهتمامه إلى هذه الفئة من الناس. فالتجارب السابقة أثبتت أن المخيمات كانت خزان المقاومة ووقودها. لذلك من الضروري التفتيش عن الوسائل التي تربط هؤلاء الناس بوطنهم المغتصب، من خلال النوادي والمنتديات والحركات الكشفية والمدارس ووو... فمن غير بناء الإنسان المسؤول لا يمكن استعادة الأرض السليبة. والإنسان الحر المسؤول هو الذي يبتكر وسائل النضال الملائمة لكل مرحلة من المراحل التي تمر فيها قضية الشعب الفلسطيني.
هذا العمل هو بالدرجة الأولى مهمة الإنتليجانسيا الفلسطينية المنتشرة في جميع أنحاء المعمورة. ولكن المبادرة يجب أن تكون من الذين يعيشون في قلب المأساة.
3 – وضع برنامج نضالي ينسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة وتناقضاتها.
ومن غير نسيان الترابط الضروري ما بين الشكل والمضمون، لابد من التفكير الجدي بجميع الممارسات السائدة من دون استثناء...
الأمل هو العامل الأهم باستعادة الأرض السليبة. فلنحافظ على هذا الأمل حياً في نفوس الشعب الفلسطيني.
                                                                      6 تموز 2015



ليست هناك تعليقات: