حسن
ملاط
في
ظل الظروف التي أحاطت بانتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، يمكننا اعتبار
الإعلان عن أن زيارته الرئاسية الأولى ستكون للسعودية وقطر، هي بمثابة قفزة كبيرة
إلى الأمام باتجاه من كانوا ضد انتخابه لمدة تجاوزت الثلاثين شهراً.
صحيح
أن الرئيس الحريري لعب دوراً إيجابياً وفاعلاً في هذا الإنتخاب، ولكن إصرار حزب
الله على التمسك بعون كان عاملاً حاسماً باضطرار الحريري للوصول إلى تسوية انتخاب
الرئيس عون تحديداً.
منذ
توليه الرئاسة، حاول الرئيس عون أن لا يحسب نفسه على اتجاه معين من الإتجاهات
الداخلية السائدة، مما جعل جميع الأطراف تشعر بالإرتياح في التعامل معه. ولكن هذا
لا ينفي أن كل معسكر، إذا صحت التسمية، حاول يُظهر للآخرين أنه هو المعني الأول
بنجاح العهد (أم الصبي).
الزيارة
عند
تحديد الزيارة، حاولت الأطراف المتضررة منها، العمل على عرقلتها. وكانت زيارة
المسؤول الإيراني للتشويش عليها. فقد كانت تصريحات بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، غير منصفة بالنسبة للمستوى السياسي
المسؤول. فقد تحدث عن تدخل حزب الله العسكري في الحرب السورية معتبراً إياه شرعياً
لأن الحكومة السورية والرئيس السوري هما من طلب مساعدته. ولكن المسؤول الإيراني لم
يتنبه أنه يتحدث من لبنان، وأن من يُعطي شرعية التدخل للحزب هي السلطات اللبنانية
أولاً وقبل كل شيء، أما موافقة السلطات السورية فتأتي لاحقاً.
إن تصريحاً مثل هذا كان
مسيئاً جداً للسلطة التي أعيد تشكيلها بمباركة إيرانية وسورية، فكيف يقوم المسؤول
الإيراني بالإساءة لها ثم يزور الرؤساء الثلاثة؟
أما السؤال فهو ما العلاقة
بين تصريح بروجردي وتعامل السعوديين والقطريين مع الرئيس الضيف؟ إن الإيحاء بأن
السلطة اللبنانية لا تمسك زمام أمورها بأيديها كان هو الدافع، ربما إلى التعامل
بهذه الطريقة مع الرئيس.
الإستقبال
استقبل الرئيس مسؤول واحد من
العائلة المالكة. كان ولي العهد وولي ولي العهد غائبين عن جميع نشاطات الرئيس،
الأول بحجة وجوده في الجزائر، علماً أنه كان بالإمكان تحديد الزيارة في وقت لا يكون فيه ولي العهد غائباً. أو على
أقل تقدير كان من الواجب تبرير الغياب. وهذا لم يحصل بالنسبة للمسؤولين الكبيرين.
اجتمع الرئيس بالملك ولم
يصدر عن اجتماعهما أية مقررات، مع العلم أن مواضيع الخلوة تكون مقررة مسبقاً. هذا
بالإضافة أن صاحب القرار يقول بأنه سيناقش هذه الأمور مع الوزراء المختصين. كلام
يوحي وكأن الزيارة كانت مفاجئة!
الإعلام السعودي تعامل مع
الزيارة بعدم اكتراث. الزيارة، كانت تغطيتها بنبأ واحد في معظم الصحف السعودية.
أما كتاب الرأي، فلم يُكتب إلا تعليق واحد في معظم الصحف. أما جريدة الحياة فلم
تكتب أي تعليق إلا واحداً فقط بعد انتهاء الزيارة.
والأطرف أن هناك صحيفة
سعودية تكتب عن استقبال الملك للرئيس وتضع صورة الملك من دون الرئيس. وهذا تكرر
اليوم في وضع صورة أمير قطر من دون صورة الرئيس اللبناني حيث يتحدث النبأ عن
استقبال الأمير له!
لا داعي لإعادة ما كتبناه عن
تعامل الإعلام القطري مع زيارة الرئيس لقطر، لأنه نسخة مكررة عما حصل مع الصحافة
السعودية. ولكن الفارق أن معظم الذين حضروا الإجتماع مع الرئيس كانوا من العائلة
الأميرية.
خلاصة
إذا كان الرئيس اللبناني قد
بادر إلى العمل على توثيق علاقة لبنان بمحيطه العربي، فهل على هذا المحيط أن
يعامله بالمثل أم يزيد الضغوط عليه؟ هذا مع العلم أن الطرف المنافس (الإيراني) يعرض
المساعدات على الجانب اللبناني بدون أية شروط مسبقة!
لماذا لم تُلحظ دعوة رئيس
مجلس الوزراء مع الرئيس؟ هل من أجل عدم التعرض لما تعرض له رئيس البلاد، أم عقوبة
له لمبادرته بإعادة تأسيس السلطة بالتعاون مع الرئيس عون وحزب الله ومن دون ضوء
أخضر سعودي؟
الروحية القبائلية لا تقود
الدول. القيادة تتطلب وجود مؤسسات لأخذ القرار!
12 كانون الثاني
2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق