بحث هذه المدونالهجرة النبويةة الإلكترونية

حسن ملاط

صورتي
القلمون, طرابلس, Lebanon
كاتب في الفكر الاجتماعي والسياسي والديني. تربوي ومعد برامج تدريبية ومدرب.

السبت، 19 سبتمبر 2020

مساهمة في النقاش حول مستقبل النضال الفلسطيني

 

        

حسن ملاط

نجح ترامب، الرئيس الأمريكي، بشغل معظم الناس المهتمين، بصفقة القرن. ولم ينس أن "يربحنا جميلة" أنها مكونة من ثمانين صفحة. وهو يريد أن يقول أنها مفصلة تفصيلاً مملاً بحيث أنها وفّت فلسطين حقها من الاهتمام.

أولاً

قراءة بنود الوثيقة تسمح لنا القول أن كل ما يريده كيان العدو قد حصل عليه. فالقدس الموحدة تابعة لكيان العدو، اعترفت بها الادارة الأمريكية. وحق العدو بالمستوطنات حصلت عليه أيضاً، وأضاف لها ترامب الجولان السوري المحتل.

وبما أن الأغوار مهمة لأمن العدو، فسوف تكون تابعة لكيانه.

الصفقة تقول بأن على الفلسطينيين شرعنة استيلاء العدو على أراض فلسطينية جديدة لأنه يحتاجها. كما وعلى الفلسطينيين الاعتراف بأن فلسطين يهودية أولاً وبمنع عودة اللاجئين الى أراضيهم التي طُردوا منها، والتعويض عليهم ثانياً.

أما أخطر بنود الصفقة فهو تخلي العدو عن عدة قرى في الجليل والتي تُسمى المثلث، لأن معظم السكان من الفلسطينيين ولم يتمكن العدو حتى اللحظة من تغيير ديموغرافية هذه القرى وأهمها أم الفحم والطيبة. هذه القرى تضم حوالي ربع السكان الفلسطينيين في فلسطين المحتلة. والتخلي عنها يسمح للعدو بالتحدث عن دولة يهودية.

ثانياً

اهم ما تضمنته الخطة هو استمرار السيطرة الصهيونية على معظم الضفة الغربية، التي احتلها العدو في عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة فيها إلى كيانه، وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الصهيونية.

ثالثاً

ردود الفعل العربية

أ‌-              اتصل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكداً له الوقوف خلف خيارات الشعب الفلسطيني. وقبل ذلك، شجعت المملكة في بيان على دخول الفلسطينيين و"الإسرائيليين" في مفاوضات مباشرة برعاية أمريكية، ومعالجة أي خلافات حول خطة ترامب.

ب‌-        وتلاقى الموقف المصري مع السعودي من حيث استئناف المفاوضات برعاية أمريكية، بعد دراسة "متأنية" للخطة. وقالت الخارجية المصرية إن القاهرة تنظر لأهمية المبادرة الأمريكية من حيث تسوية القضية الفلسطينية وفق الشرعية الدولية ومقرراتها.

ج- ورحبت الإمارات بدورها بالصفقة كنقطة انطلاق للعودة إلى المفاوضات ضمن إطار دولي تقوده واشنطن.

د- بالمقابل، حذر الأردن على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي من "التبعات الخطيرة لأي إجراءات أحادية صهيونية تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض"، وأكد التمسك بحل الدولتين على أساس حدود 1967.

ه- من جهته، أكد الرئيس اللبناني، ميشال عون، لنظيره الفلسطيني تمسك بلاده بالمبادرة العربية، ولا سيما حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

وهناك مخاوف في الأردن ولبنان من توطين اللاجئين الفلسطينيين لديهما بما يحمله ذلك من تبعات اقتصادية وديموغرافية. فمبادرة ترامب ترفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وإسقاط أي مطالب مستقبلية بالتعويض.

و- ودعمت وزارة الخارجية الجزائرية "إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية"، معتبرةً أن إعلان ترامب موجه ضد الفلسطينيين.

ز- وصفت سوريا الخطة بأنها "استسلام" لإسرائيل.

رابعاً

الرد الرسمي الفلسطيني كان على لسان الرئيس حيث أعلن محمود عباس، رفض الصفقة، معتبراً أنها تخدم مصالح إسرائيل.

خامساً

وقد أعقب الاعلان عن صفقة القرن اعلان آخر هو التطبيع الرسمي بين دولة الامارات والبحرين من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى.

وقد توالت ردود الفعل بعد الاحتفال الذي شهده البيت الأبيض بتطبيع العلاقات بين دولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين مع العدو.

1-         في طهران حمّل الرئيس الإيراني حسن روحاني الإمارات والبحرين "عواقب" توقيع اتفاقي تطبيع مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة، محذرا من تأثير ذلك على الأمن في المنطقة. وقال أمير عبد اللهيان مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية إن ما يجري في واشنطن "سيرك يقوده ترامب"، وإن هذه الاتفاقيات تفتح الباب أمام الصهيونية "لاحتلال دول خليجية بطريقة حديثة" على حد تعبيره.

2-         في الرياض، أصدر مجلس الوزراء بياناً الثلاثاء أكد فيه "وقوف السعودية إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم جميع الجهود الرامية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

3-         وفي نيويورك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن يساعد حفل التوقيع في خلق المزيد من الفرص للتعاون الإقليمي، وأن يعود القادة الإسرائيليون والفلسطينيون إلى الانخراط في مفاوضات هادفة من شأنها إنهاء الاحتلال والوصول إلى حل الدولتين.

4-         رحبت سلطنة عمان باتفاقي السلام مع إسرائيل، معربة عن أملها في أن تؤدي إلى سلام "يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

5-         كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد رحب بالاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والبحرين ومن قبلها الإمارات معتبراً أنه من شأنه أن "يدفع جهود عملية السلام وتفتح آفاق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

6-         في أمريكا، يأمل الرئيس الأمريكي أن تحذو دول عربية أخرى حذو الإمارات والبحرين، لكن الفلسطينيين يحثون الدول العربية على عدم القيام بذلك، طالما بقي صراعهم دون حل.                                                    وكان مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن قد أشاد باتفاق دولة الإمارات مع إسرائيل ووصفه بأنه خطوة تاريخية نحو شرق أوسط أكثر استقراراً، مؤكدا في الوقت نفسه على أنه لن يؤيد جهود إسرائيل لضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية في حال وصوله للبيت الأبيض في تشرين الثاني القادم.

7-         إجتمع الأمناء العامون ورئيس السلطة الفلسطينية في بيروت ورام الله وأصدروا بياناً جاء فيه: "في هذه اللحظات المصيرية من تاريخ شعبنا، والتي تتعرّض فيها قضيتكم المركزية لمخاطر التآمر والتصفية ومُحاولات اختزالها في حلول معيشية، وتجريدنا من حقنا في تقرير مصيرنا، وإقامة دولتنا المُستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، والقدس المُحتلّة عاصمتها، كما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وحل قضية اللاجئين وحقّهم في العودة إلى ديارهم، الذين هُجّروا منها على أساس القرار 194، تأتي المُؤامرات والمُخطّطات التي تقوم بها حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية الحالية، من خلال صفقة القرن ومُخطّطات الضم، وتمرير التطبيع الذي رفضه شعبنا بأكمله، وآخرها الاتفاق الثلاثي الأميركي - الإماراتي - الإسرائيلي.     وفي هذا الاجتماع التاريخي المُنعقد، ينطلق الفعل الفلسطيني على قلب رجلٍ واحد تحت مظلة «مُنظّمة التحرير الفلسطينية»، المُمثّل الشرعي والوحيد لشعبنا، بمُبادرة شجاعة ومسؤولية وطنية عالية من الأخ الرئيس «أبو مازن»، رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية لمُنظّمة التحرير الفلسطينية، والأمناء العامّين للفصائل، للشروع في جهدٍ وطني مبارك يستجيب للرغبة الوطنية الصادقة، وينسجم مع أهدافنا ومبادئنا ومُنطلقاتنا التي تحتّم علينا الترجمة الحقيقية لإنهاء الانقسام، وإنجاز المُصالحة، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية.                                                 إنّ الشعب الفلسطيني بمُكوّناته كافة، وفي مُقدّمتها القيادة الفلسطينية المُجتمعة برئاسة الأخ الرئيس «أبو مازن»، تُؤكد رفضها المُطلق لجميع المشاريع الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية، وتجاوز حقوقنا المشروعة، كما تُؤكد رفضها لأي مساسٍ بالقدس ومُقدّساتها المسيحية والإسلامية. وتُدين كل مظاهر التطبيع مع الاحتلال، وتعتبر ذلك طعنةً في ظهر الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وتدعو القيادة الفلسطينية شعوبنا وأحرار العالم للتصدّي بكل ما أوتوا من قوّة لهذه المُخطّطات.                                               كما ناقش اجتماع الأمناء العامّين قواعد الاشتباك مع الاحتلال، بما في ذلك تفعيل العاملين الإقليمي والدولي لمُواجهة تلك المُخطّطات، وتوافق المُجتمعون على وسائل وآليات النضال لمُواجهة الاحتلال على أرضنا المُحتلة، بما في ذلك ما كفلته المواثيق الدولية من حق الشعوب في مُقاومة الاحتلال.

          ونحن كفلسطينيين نرى أنّ من حقّنا ممارسة الأساليب النضالية المشروعة كافة، وفي هذه المرحلة نتوافق على تطوير وتفعيل المُقاومة الشعبية كخيار أنسب للمرحلة، دفاعاً عن حقوقنا المشروعة لمواجهة الاحتلال.

ومن أجل تحقيق أهدافنا الاستراتيجية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلّة، يتوجّب علينا الإسراع في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية.

وفي هذا السياق، وكشعب واحد ومُوحّد، نعيش في وطنٍ حرٍّ واحد، توافقنا على ضرورة أنْ نعيش في ظل نظام سياسي ديمقراطي واحد، وسلطة واحدة، وقانون واحد، في إطار من التعدّدية السياسية والفكرية، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرّة والنزيهة، وفق التمثيل النسبي الكامل في دولةٍ وفق المعايير الدولية.

كما نُؤكد على إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية المُحتلة وعاصمتها القدس، ونُؤكد هنا بأنّه لا دولة في غزّة، ولا دولة من دون غزّة.

ولإدراكنا بوجوب توحيد الموقف، على الرغم من وجود التباينات في الرأي حول بعض القضايا، فقد قرّرنا تشكيل لجنة من شخصيات وطنية وازنة، تحظى بثقتنا جميعاً، تُقدّم رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام والمُصالحة والشراكة في إطار «مُنظّمة التحرير الفلسطينية» المُمثّل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، خلال مُدّة لا تتجاوز خمسة أسابيع، لتقديم توصياتها للجلسة المُرتقبة للمجلس المركزي الفلسطيني وبمُشاركة الأمناء العامُين فيها كي نضمن مُشاركة الجميع تحت مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

كما توافقنا على تشكيل لجنة وطنية مُوحّدة لقيادة المُقاومة الشعبية الشاملة، على أنْ تُوفّر اللجنة التنفيذية لها جميع الاحتياجات اللازمة لاستمرارها.

تحيّة إكبار وإجلال لأهلنا الصامدين الصابرين في القدس المُحتلة، وفي مُخيّمات اللجوء في كل مكان، ونحيي بكل التقدير والاحترام عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، ونقول لهم إنّ الفجر قريب.

وفي الختام، نُعبّر عن تضامننا العميق مع الشعب اللبناني الشقيق في محنته الحالية، ونعرب عن شكرنا وتقديرنا لاستضافة لبنان لهذا الاجتماع التاريخي الوطني الوحدوي الفلسطيني والهام لشعبنا الفلسطيني".

 

سادساً

 

هل هكذا تتم المجابهة؟

لم تأخذ القيادات الفلسطينية التغيرات التي طرأت على وضع الفلسطينيين وعلى تطورات المسألة الفلسطينية ذات الطابع النوعي بعين الاعتبار.

1-          تريد القيادات الفلسطينية مجابهة ما أورثه اتفاق وارسو من نكبات بالشعب الفلسطيني، بمحافظتها على مقررات هذا المؤتمر. قيادة فتح وقيادة حماس وحلفاؤهما من المنظمات الفلسطينية ومن يغطيهما من دول الاقليم، لا تزالان متمسكتان بالسلطة الفلسطينية سواء في الضفة أو في غزة، مع أنهما يخضعان في التمويل لسلطة الاحتلال. في الضفة، العدو هو من يمول السلطة بواسطة أموال الضرائب. وقطر تمول حماس عبر الكيان الصهيوني. فهل ستحاربان الكيان الصهيوني بتمويل منه؟!

2-          لم تحاول المنظمات تحديد مهام الشعب الفلسطيني في الشتات تبعاً للامكانات التي يملكها.

3-          لم تدرس الوضع الجديد للمسألة الفلسطينية بعد التطبيع مع العدو.

4-          هل بامكان الفلسطينيين مجابهة العدو عبر حدود دول الطوق؟ التجربة الأردنية والتجربة اللبنانية حاضرة في الأذهان.

5-          ما هو دور المخيمات الفلسطينية في المعركة المفتوحة مع العدو؟

6-          هل من ضرورة لوجود السلطة الفلسطينية سواء في الضفة أو في غزة مع عجزهما عن تأمين متطلبات الحياة للمواطنين؟

7-          هل الصواريخ من غزة على المستوطنات يمكن أن تلعب دوراً في تطوير المقاومة ضد العدو داخل الخط الأخضر؟

8-          أما الأهم والمفصلي على الاطلاق: هل لا تزال الشعارات التي رفعتها المنظمات الفلسطينية عبر تاريخها النضالي لا تزال صالحة راهناً؟

9-          ما هو رأي القيادات الفلسطينية بالمأزق الذي يعيشه الصهيوني في فلسطين من حيث عدم التأقلم وعدم اليقين وهو يعيش أزمة الفلسطيني الذي يطالب بأرضه الذي يدعي أن الصهيوني يحتلها.

10-    لماذا يطالب المتنورون الصهاينة (أقول الصهاينة) بحل المسألة الفلسطينية إذا كان الصهاينة يريدون الاستقرار في فلسطين.

11-    ألا يتطلب ذلك التفكير بإقران المطالبة بحق العودة والتعويض بحق المواطنة الكاملة في فلسطين؟ على سبيل المثال!

12-    هل المقاومة ضد الصهاينة تبعاً لنظرية حرب المواقع مفيدة والفلسطيني يعيش حالياً في أجواء غير ملائمة للتفكير بالمقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني؟

13-    هذا بالاضافة الى العديد من الأسئلة حول دور الفلسطينيين الأوروبيين أو الأمريكيين في المساهمة بالمقاومة ضد العدو الصهيوني.

14-    هل المطالبة بدولة ثنائية القومية في فلسطين تساهم بتحرير الأرض؟

وأخيراً،

لا بد من مؤتمرات يعقدها المتنورون الفلسطينيون للاجابة على العديد من المسائل التي تطرحها تطورات القضية الفلسطينية في الأجواء المحيطة والمعادية. ونتيجة لهذه المؤتمرات تحدد القيادات الفلسطينية أشكال النضال التي سيعمل الفلسطينيون من خلالها لاستعادة أرضهم.

                        20 أيلول/سبتمبر 2020

 

 

ليست هناك تعليقات: