في أزمة العمل الإسلامي في لبنان
حسن ملاط
لقد درج الأستاذ قاسم قصير على الكتابة عن أزمة العمل
الإسلامي، وخاصة بعد ما اصطلح على تسميته "الربيع العربي". وذلك بسبب
التباين في الآراء والممارسات بين العديد من العاملين في الحقل الإسلامي من جهة
وفي الحقل الوطني من جهة ثانية. وهذا ما جعل الأستاذ قصير يشارك في المنتديات
والنشاطات العابرة للطوائف والمذاهب، كل ذلك خوفاً من الصدام في الساحة الوطنية
بين مختلف فئاتها لأنه يخدم أعداء الأمة والوطن.
نحن نشارك الأستاذ العزيز في هواجسه، ما يدفعنا للمساهمة
بالملاحظات التالية:
نقصد بالعمل
الإسلامي ما تقوم به مختلف الجماعات أو الهيئات أو المجموعات أو الحركات والأحزاب،
سواء انتسبوا إلى الساحة السنية أو الشيعية، وسواء كان عمل هذه المجموعات ذا طابع
دعوي أو سياسي.
إن شرط نجاح أي تنسيق أو عمل مشترك، يتطلب تحقيق الشروط
التالية:
1 – عدم اشتراط التماهي أو التطابق في الآراء في رؤية
مختلف الفئات لحل القضايا المطروحة على بساط البحث. إنما يجب الإكتفاء بتفعيل
مايمكن الإتفاق عليه وتوسيع مساحته بعد الإلتزام بتحقيقه من مختلف الفئات التي
توافقت عليه.
2 – فصل جميع الفئات بين عملها على الساحة اللبنانية
وارتباطاتها الخارجية. أو بمعنى أوضح، فإن اختلاف إيران والسعودية وقطر يجب أن لا
يؤثر على العلاقات التي تربط الفئات اللبنانية التي تلتزم بالرؤية الإيرانية أو
تلك التي تلتزم بالرؤى الأخرى.
3 – على "حزب الله" أن يفصل بين عمله داخل الساحة
اللبنانية وعمله خارج هذه الساحة، حتى وإن كان يعتبر أنه يدافع عن لبنان عندما
يتدخل في سوريا، بما أن هناك العديد من الفئات التي لا تريد الصدام مع الحزب لا
توافق على تدخله في سوريا. وهذا لا يخالف ما أعلنه الأمين العام للحزب بضرورة عدم
التصادم في لبنان وليكن التصادم في الساحة السورية.
وهذا الشرط يتطلب من الفئات الأخرى عدم البناء على تدخل
الحزب في سوريا للإختلاف مع الحزب داخل الساحة اللبنانية. أو بصيغة أخرى لبننة
العمل التوافقي بين مختلف فئات العمل الإسلامي بصرف النظر عن انتمائهم المذهبي
وبصرف النظر عن آرائهم بالحروب التي تجري في سوريا والعراق واليمن وبصرف النظر عن
تعاطفهم مع هذا الطرف أو ذاك.
4 – التحديد وبدقة لمساحة العمل الفلسطيني في الساحة
اللبنانية. أي على جميع الفئات والجماعات الإسلامية والأحزاب أن تتفق فيما بينها
على طبيعة الممارسة السياسية الفلسطينية على الساحة اللبنانية بشكل يخدم القضية
الفلسطينية ولا يسيء لها، وكذلك القضاء على المقولة التي أشيعت في الحرب الأهلية
أن الفلسطينيين هم جيش السنة.
هذا الأمر يتطلب بالمقابل عدم اختراق الأحزاب والفئات
اللبنانية للساحة الفلسطينية في تجنيد الشباب الفلسطيني للعمل العسكري في أي من
الساحات: اللبنانية أو السورية أو في المخيمات الفلسطينية.
إن تنفيذ هذه الإشتراطات هو شرط لنجاح أي عمل إسلامي
مشترك على الساحة اللبنانية، كما أنه يؤسس لعمل يتسم بالديمومة لأنه يصلب الثقة
بين مختلف أطراف العمل الإسلامي ولا يؤسس لأي صدام مستقبلي، حيث أنه يقوم على
الوضوح في مساحة الإتفاق وفي مساحة الإختلاف. والإتفاق عادة يكون بين مختلفين.
6 حزيران 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق