الحمد لله على الهداية!
حسن ملاط
قصة الشيوعيين مع المسلمين طويلة جداً ولا تزال
امتداداتها حتى الآن. فالشيوعيون المنتمون إلى الليبيرالية الجديدة في الصين
يمنعون المسلمين في تركستان الشرقية من إقامة شعائرهم وعباداتهم. ولكن يوجد عنوان
دائم في جريدة الشعب الصينية عن المسلمين في الصين، حتى أنك تعتقد أنهم يعيشون في
جنات عدن وليسوا مضطهدين كما جيرانهم في ميانمار.
أما المسلمون في الإتحاد السوفياتي السابق، فقد
بدأت قصتهم بعد انتصار ثورة أوكتوبر البلشفية في 1917 حيث كان إعلان حرية الشعوب
التي كانت تخضع للروسيا. وقد نص إعلان أصدرته الحكومة السوفييتية الجديدة في 24
نوفمبر 1917، وعنوانه “إلى كل العمال المسلمين في روسيا والشرق”، على
الآتي: “يا مسلمي روسيا.. يا أيها الذين دُمرت مساجدهم وبيوت عبادتهم، يا
أيها الذين اضطهدوا بسبب عاداتهم ومعتقداتهم على يد قياصرة ومستبدي روسيا: إن
معتقداتكم وشعائركم ومؤسساتكم الثقافية والقومية لهي في أمان دائم وممنوع
انتهاكها. واعلموا أن حقوقكم، كحقوق كل المواطنين في روسيا، تحت الحماية الجبارة
للثورة.”
وأعلن محمد بركة الله: آه يا آل محمد، أنصتوا إلى
هذه الصيحة المقدسة، وتجاوبوا مع الدعوة إلى الحرية والمساواة والأخوة التي يقدمها
لكم أخوكم لينين وكذا الحكومة السوفيتية في روسيا.”
فقد كان هناك نقاش منتشر بين المسلمين حول التماثل
بين القيم الإسلامية والمبادئ الاشتراكية. وقد دعا أنصار “الاشتراكية الإسلامية”
المسلمين إلى إقامة السوفييتات. وكان من ضمن الشعارات الشعبية آنذاك: “الدين،
الحرية، والاستقلال الوطني!”.. و”تحيا السلطة السوفيتية، تحيا الشريعة!”
وكان مؤتمر باكو الشهير في 1920 حيث سمح للمؤتمرين
من المسلمين بقطع الإجتماع وإقامة صلواتهم. وكانت هذه هي الحرية التي تمتعوا بها
على مدى التاريخ السوفياتي. بعد مؤتمر باكو بسنتين مات لينين وجاء بعده ستالين
الذي نكل بالمسلمين وأباد الآلاف منهم وشرد البقية في مختلف بلدان الإتحاد
السوفياتي.
وورثت روسيا الحديثة الإتحاد السوفياتي.. واستمر
سيل الإضطهاد ولا يزال.
أما في بلادنا، فقد كان الأمر مختلفاً. فالشيوعيون
التزموا بالشعارات الشيوعية تبعاً للتربية التي ورثوها عن قناعة، يُضاف إليها
قناعاتهم بالشعارات التي كان يرفعها الشيوعيون.
ففي السودان على سبيل المثال، كان مؤسس الحزب
الشيوعي، محمد ابراهيم نقد، من المشهورين بالتزامهم الإسلامي. فقد كان يعقد معظم
لقاءاته في المسجد. وكان مشهوراً بالتقى والورع. فلم يتحرج إمام الطائفة المهدية الصادق المهدي ولا
مرشد طائفة الختمية محمد عثمان الميرغني أن يأتما في صلاتهما بالشيوعي نقد
إبان وجودهم جميعا في معتقل كوبر بعد انقلاب عام 1989 بقيادة عمر البشير.
في مشرقنا لم نعرف هذا النموذج.
في لبنان، كان الشيوعيون بمجملهم غير ملتزمين
دينياً. ولكن إبان الحرب الأهلية، حيث انقسم المجتمع عمودياً بين المسلمين
والمسيحيين، انحاز الشيوعيون إلى جانب المسلمين؛ حتى أن أمين عام الحزب الشيوعي
أعلن أنه مع انقسام الطبقة العاملة عموديا، مسلمون ومسيحيون، وهو منحاز لجانب
المسلمين الذين كانت تربط زعاماتهم علاقات طيبة بالإتحاد السوفياتي.
ولكن يمكننا التأكيد أن الأمين العام للحزب
الشيوعي لم ينطق بالشهادتين، ولكن مصالح "القيادة الحزبية" تقتضي أن
يسير في الخط الذي اختاره، خاصة أن اتخاذ القرار من قبل الشيوعيين كان مرتبطاً بما
يقرره السوفيات.
بعد انهيار الإتحاد السوفياتي، تغير الوضع. أصبح
الشيوعيون أحراراً باتخاذ القرار، لذلك بدأ التخبط على جميع المستويات، الفكرية
والتنظيمية والسياسية. وكانت الإنقسامات والإبعاد من الحزب والتخبط التنظيمي.
كان الشيوعيون من أركان 14 آذار، وكان جورج حاوي
من شهداء هذه الفئة. ولكن بعد غياب هذه الشخصية التاريخية تغير الوضع كثيراً. وعاد
الشيوعيون يفتشون عن خيارات مختلفة.
وجاء خالد الثاني، بعد أن لم يحالفه الحظ في عقد
مؤتمر الحزب، واتخذ قراراً بإعلان الجهاد في سبيل الله، من أجل تصحيح معتقدات
الناس ولو بحد السيف. فهو تفاءل خيراً. فخالد بن الوليد لم يخض حرباً إلا وربحها.
ذاك خالد الأول وهو خالد الثاني. وجمع السلاح وأمرنا بأن لا نسأل من أين حصل على
السلاح. المهم أنه سيخوض الحرب الجهادية ويكمل مسيرة أبي بكر ضد
"المرتدين" والإمام ضد الخوارج، وأميركا ضد القاعدة والتحالف الدولي ضد
الكفرة.
خالد الثاني كان مبدعاً. اخترع شعارات لم تعرفها
الحركة الشيوعية طوال تاريخها. هذا هو الإبداع الأول عند جميع الشيوعيين في العالم
بعد نكسة الإنهيار. أصبح الشعار والنضال يتحدد تبعاً للمصالح التي يفرضها الإلتزام
الأمني والإقتصادي للمجموعة التي يمثلها كل تنظيم. إذا كان مطلوبا تغطية ممارسة
ما، لا مانع، ولكن ماهو المقابل. له أن يطلب ما يريد إلا الرئاسة فهي محجوزة. كما
المسيحية أقلية تبعا لأكثر قادة المسيحيين ما عدا المطران مطر الذي يقول أنهم أهل
كتاب وليسوا أقلية، وكذلك الشيوعيون أقلية وعليهم أن يكونوا من ضمن الحلف.
القائد
يستشرف المستقبل. هكذا يحفظ مجموعته، حتى وإن كان الشعار الحزب الشيوعي الإسلامي
الملتزم بالكتاب والسنة والرافض لكل الإتجاهات التكفيرية. فالتكفيرية مثل الطفولة
اليسارية التي حاربها لينين. والشيوعيون عليهم محاربة الطفولية اليسارية المتمثلة
بالتكفيريين. وغداً يصبح ابراهيم نقد رائد الشيوعية اللبنانية مع أنه لم يحارب
التكفيريين في السودان.
لاتعجبوا، فأكثر منظري بوش كانوا من اليساريين،
ومنظرو المستقبل كانوا من اليساريين، والذين حملوا ملك الأردن على أكتافهم ضد
الإخوان المسلمين لأن منهم الكثير من ذوي الأصل الفلسطيني، كانوا من اليساريين.
ومنظرو حلف الأقليات هم من اليساريين. ولكن وحده خالد الثاني حمل السلاح نصرة لهذا
الحلف، مخافة أن يموت على سريره، فهو يريد أن يستشهد في ساحات الجهاد حتى يُحشر مع
الأنبياء والصديقين، وحسُن أولئك رفيقا. والحمد لله رب العالمين.
23 حزيران 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق